– في خلال الأسبوعين البرلمان كان بيناقش موضوع تطوير الشهر العقاري، وده بعد هجوم رئيس البرلمان علي عبدالعال، على مصلحة الشهر العقاري واتهامها بأنها السبب المباشر في أنه 95 % من الثروة العقارية في مصر غير مسجلة.
– الموضوع خلي الاعلام يتكلم في إصلاح الشهر العقاري، ومنهم عمرو أديب اللي طالب بخصخصة الخدمة، قبل ما ترد وزارة العدل اللي تابع ليها الشهر العقاري ببيان عن التطوير اللي حصل في الفترة الأخيرة.
– النهاردة هنشوف بعض إيه أبعاد مشكلة الشهر العقاري في مصر؟ وليه كل الاهتمام ده دلوقتي؟ وايه خطوات الإصلاح؟ وهل الخصخصة فعلا حل؟
*****
ايه مشكلة الشهر العقاري؟
– بحسب بيان وزارة العدل في سنة 2016 كان الشهر العقاري فيه 7885 موظف، ونتيجة السن القانوني وتوقف التعيينات دلوقتي العدد بقى حوالي 6201 موظف، يعني في خلال 3 سنين انخفاض 1500 موظف، بنسبة حوالي 20% من الموظفين!
– حاجة تانية مهمة أنه عدد مكاتب الشهر العقاري في مصر كلها 858 مكتب يعني تقريبا متوسط المكتب حوالي 7 موظفين، ده طبعا عجز كبير جدا في العمالة، خاصة في مرفق بيتعامل مع ملايين الوثائق اللي محتاجة اشهار وتوثيق كل سنة بداية من تسجيل العقارات وشراء السيارات وكل أنواع العقود حتى الطلاق والزواج، وده سبب رئيسي في سوء الخدمة.
– سبب تاني ان كتير من المقرات قديمة جدا، وبالتالي حالتها سيئة، وضيقة جدا، لإنها مكانتش مخصصة أصلاً لكل العدد ده من المواطنين.
– كمان آلية العمل نفسها اللي فيها مراحل كتير وبتختلف حسب كل شهر عقاري، وممكن تلاقي نفسك بتاخد النموذج من موظف، وتملاه عند موظف تاني، وتروح لموظف تالت “يقدر الرسوم”، وموظف رابع تدفعله في الخزنة، وموظف خامس يوثقلك ويختملك.
– جزء تاني من المشكلة أنه الشهر العقاري والرسوم اللي بيدفعها المواطنين دلوقتي هي أحد أهم مصادر دخل لوزارة العدل، وده شيء يخلي الوزارة تتمسك بتبعية الشهر العقاري ليها.
*****
الوضع السيء ده موجود من زمان، ليه كل الاهتمام ده دلوقتي؟
– في مؤشرات كثيرة بتقول أن السبب هوا الضريبة العقارية، وأنه ظهرت استحالة عملية في تطبيق الضريبة دي في ظل أنه أغلب الثروة العقارية مش متسجلة، ومفيش جمع ضرايب بدون حصر ممتلكات (الوعاء الضريبي).
– ده اللي خلي رئيس البرلمان يقول صراحة ” لو كل عقار تم تسجيله ودفع 500 جنيه مثلا سنكون أمام مبلغ كبير لموارد الدولة بدلا من أننا أمام 95% من العقارات غير مسجلة، والموظف الذي يعقد الأمور يرتكب جريمة “.
– والحقيقة التسجيل بحد ذاته خطوة مهمة جداً، بنشوف مثلاً في دول زي ألمانيا الموضوع بيتحل من المنبع، بمعنى إنه عملية شراء أي عقار لازم العقد يتم كتابته بواسطة كاتب من وزارة العدل، بيتأكد بنفسه من صحة الأوراق وعدم وجود أي مشكلة تخص العقار، وبيكون طرف وسيط بين البائع والمشتري، ومسؤول عن إتمام الإجراءات واستلام الأموال والعقار وكمان توريد مصاريف التسجيل اللي فيها ضريبة نقل ملكية ورسوم أخرى، وبالتالي مفيش عقار مش مسجل.
– عملية إصلاح الشهر العقاري لوحده مش كفاية عشان يلزم الناس بتسجيل العقارات، الموضوع ليه أبعاد تانية قانونية متعلقة بتعديل قوانين التسجيل العقاري واللي مش بتلزم حاليا المالك بتسجيل العقار المملوك.
– ومهم كمان مننساش الخلفية السياسية العامة وهي ان المواطن عشان يبادر ويسجل عقاره ويدفع ضريبته لازم يكون عنده ثقة ان الضريبة دي رايحة لصالحه، وهوا عنده قدرة على الشراكة في أوجه الانفاق والمراقبة عليها
*****
هل الخصخصة فعلا حل؟
– الحقيقة كلام عمرو أديب أو غيره عن خصخصة الشهر العقاري هو كلام غير دقيق، لأنه مش شرط الخصخصة تؤدي لتوفير خدمات جيدة، خاصة وإن الشهر العقاري مورد كبير للرسوم في الدولة وبالتالي خصخصته غير منطقية ومينفعش يتقال “أصله شركة خسرانة” زي ما اتقال في عمليات خصخصة سابقة.
– حاجة تانية أنه الخصخصة بالضرورة معناها زيادة في الرسوم وثمن الخدمات، وبالتالي زيادة في التكاليف والأعباء على المواطنين اللي ليهم معاملات مع الشهر العقاري.
– جزء تاني من مشكلة الخصخصة أنه في تشابك قانوني كبير بين الشهر العقاري والمحاكم في مصر، بمعني أنه وظائف كثير من اللي بيعملها الشهر العقاري هي وظائف بتعملها المحاكم، حاجات زي صحة التوقيع، توثيق العقود المختلفة زي البيع والشراء والطلاق والزواج وغيرها، بالتالي مينفعش أنه يكون في مواطنين مصريين بيعملوا تسجيل ومعاملات قانونية أمام شركة خاصة، وفي نفس الوقت مواطنين تانيين بيعملوا ده قدام المحاكم.
– بالتالي أي خطوة لإصلاح الشهر العقاري لازم تبص على الجزء دا، تقريبا كل أفكار ومشاريع إصلاح الشهر العقاري في السابق كانت بتقول انه الهدف الأكبر من الإصلاح هو إصلاح نظام المحاكم والتقاضي ونقل 50 % من القضايا اللي في المحاكم للشهر العقاري.
– ده يخلينا نفكر أنه اصلاح الشهر العقاري هو جزء وليس الكل من إصلاح منظومة القضاء في مصر واللي بدورها هي جزء من إصلاح إداري أكبر لسه متعملش ومحتاج مجهودات أكبر ونقاشات أكتر مع الفنيين والسياسيين وانفتاح على تجارب الدول المتقدمة في جهازها الإداري وخدماته، وكمان لازم يتم فتح ملف إصلاح وتطوير منظومة القضاء بشكل كامل سواء في السياسات أو التطوير الفني والتقني اللي المحاكم متأخرة فيه جداً.
*****
ايه اللي ممكن يتعمل في ملف زي ده؟
– مبدئياً فلسفة “الإصلاح” نفسها لأي خدمة عامة في مصر، لازم تكون في مصلحة المواطنين المستفيدين من الخدمات، مش بس بيكون هدفة هو أنه يزود حصيلة الضرائب والرسوم.
1- الخطوة الأولي قد تكون زي ما نواب بالبرلمان بيقولو هي تحول الشهر العقاري إلى هيئة مستقلة، لكن مع النص في القانون بتخصيص جزء من حصيلة الرسوم اللي بيخدها الشهر العقاري لتطوير الخدمة نفسها.
2- زيادة عدد الموظفين والمكاتب بما يتناسب مع الزيادة السكانية وحجم متطلبات كل منطقة.
3- “الميكنة” والتحول للأنظمة الالكترونية أولوية، حاليا الجمهورية فيها 28 مكتب فقط “مميكنين”، أكيد ممكن يتعمم على كل المكاتب، ويتصرف على اختيار وتعيين موظفين جداد مدربين عندهم خبرة قانونية كافية.
ده يقلل من الموظفين المطلوبين في كل معاملة، غير إن بعض الخدمات ممكن تتم أصلا الكترونيا من غير ما المواطن يروح أي مكان.
4- ده مكان تقديم خدمة للمواطنين وبالتالي لازم يكون مساحته واسعة، وموجود أماكن مريحة وآدمية للانتظار، وجهاز تكييف، ولوحات إرشادية لتسهيل المعاملات، دي كلها أمور مفيهاش تكلفة إعجازية وتدبيرها أمر ممكن، ومهمة لتقديم خدمة بتحترم المواطن ووقته وكرامته.
5- النائب هيثم الحريري عضو تكتل 25-30 في البرلمان طلع في لقاء تلفزيوني مع عمرو أديب واتكلم عن مشكلة الشهر العقاري، وقال إننا اقترحنا أكتر من مرة إنه يتم انتداب موظفين زيادة من الهيكل الإداري للدولة ومن وزارة العدل تحديداً لمكاتب الشهر العقاري، ، لكن زيادة عدد الموظفين والمكاتب ده حييسر إجراءات التسجيل وأي معاملات للمواطنين في الشهر العقاري، ويقلل فرص الرشوة اللي بيقدمها سماسرة بينتشرو قدام مكاتب الشهر العقاري، والمقترحات دي رغم إن وزير العدل وعدت بالاستجابة ليها أكتر من مرة في 2018 لكن متمش تنفيذها حتى الآن.
6- ممكن توسيع أماكن النشاط والتعاون مع جهات الدولة، وفي الاطار ده المحليات (اللي نتمنى نشوف فيها انتخابات نزيهة!) ليها دور في الموضوع، نخلي في موظف أو اتنين شهر عقاري في كل وحدة محلية، أو حتى نخلي جزء من عمليات التوثيق اللي مش بتتطلب خبراء فنيين ولا خبرة قانونية في مكاتب البريد اللي اتصرف كتير على تطويرها في الفترة الأخيرة، ووزارة العدل قالت إنها بتحاول تقدم بعض خدمات الشهر العقاري في مكاتب البريد.
– ده كله بيرجعنا لفكرة مهمة وهو أننا مينفعش نعمل إصلاحات إدارية محدودة في قطاعات محددة عشان نلم فلوس بس، لازم أي خطة اصلاح اداري تكون شاملة والاهم انها تراعي مصالح المواطنين المصريين وتقدملهم خدمة مميزة محترمة بنفس قدر الاهتمام الحكومي بان المواطن ده يدفع ضرايبه ورسومه.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *