– في أول يوليو اللي فات، أحال جهاز الكسب غير المشروع 900 موظف للنيابة العامة، بسبب عدم تقديمهم إقرارات الذمة المالية المفترض تقديمها بحكم القانون. هنتكلم في البوست عن القرار ده، وأهمية إقرارات الذمة المالية، وهل كل المسؤولين بيلتزموا بالقانون في الموضوع ده ولا لأ؟
*****

إيه حصل؟

– وفق قانون الكسب غير المشروع فموظفي الدولة ملزمين بتقديم إقرار الذمة المالية خلال شهرين من بداية خضوعهم للقانون. وكل شهر يناير بعد مرور 5 سنين على تقديم الإقرار السابق.

– القانون كمان بيلزم موظفي الموارد البشرية، وعدد من الجهات المحددة، بحصر أسماء الخاضعين للقانون، وأسماء المتخلفين عن تقديم الإقرارات، وفي حالة عدم إعداد القوائم، يتم تقديمهم لمحكمة الجنح. والمفروض الموظفين اللي مايقدموش إقرارتهم يخضعوا للتحقيق ويحالوا لمحكمة الجنح، وممكن يعاقبوا بالحبس أو غرامة بين 20 و500 جنيه.

– فيه لجان فحص وتحقيق مكونة من 850 مستشار بيراجعوا الإقرارات. واللي يشكوا في تضخم أمواله بيتم إحالته للتحقيق ثم لمحكمة الجنايات.

– اللي بيراجع إقرار الذمة المالية للرئيس وأعضاء البرلمان والوزراء، لجان خماسية بتشكل عن طريق القرعة من مستشاري محكمة النقض. أما باقي الإقرارات، بداية من المسئولين في درجة وزير لحد الموظفين في الدرجة التالتة، بيتم فحص إقراراتهم من لجان مكونة من مستشارين في محكمة الاستئناف، بيصدر وزير العدل قرار باختيارهم.

– ووفق التصريحات الرسمية فالمفترض إن فيه 2 مليون موظف تم فحص إقراراتهم خلال 2019، أما الـ900 المذكورين، فدول تخلفوا عن تقديم الإقرارات، أو موظفين موارد بشرية امتنعوا عن إبلاغ الجهاز بأسماء المتخلفين عن إرسال الإقرارات.

– الجهاز أحال الموظفين دول من العاملين بالجهاز الإداري للدولة، للنيابة العامة عشان تحقق معاهم تمهيدا لإحالتهم للمحاكمة لو ظهرت أدلة، وأمر بفحص ثرواتهم على أرض الواقع عشان يتأكد إن مافيش شبهة كسب غير مشروع، وألزمهم بتقديم الإقرارات.

******
القانون بيقول إيه في التعامل مع الوزراء؟

– المادة 166 من الدستور بتقول بوضوح: ويتعين على رئيس مجلس الوزراء، وأعضاء الحكومة تقديم إقرار ذمة مالية عند توليهم وعند تركهم مناصبهم، وفى نهاية كل عام، وينشر فى الجريدة الرسمية.

– لكن الحقيقة الجريدة الرسمية منشرتش إقرارات الذمة المالية لأي وزير من وقت ما تم إقرار المادة دي في دستور 2014 ولحد النهارده. ودي مخالفة دستورية صريحة، المفروض الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية، وقبلهم مجلس النواب يتحركوا عشانها، ويمارسوا دورهم الرقابي.

*******

رئيس الجمهورية فين من الملف ده؟

– المادة 145 من الدستور المصري بتقول: يتعين على رئيس الجمهورية تقديم إقرار ذمة مالية عند توليه المنصب، وعند تركه، وفي نهاية كل عام، وينشر الإقرار في الجريدة الرسمية. لكن لحد النهارده مفيش ولا إقرار من دول اتنشر، مع إن المستشار محمد أبو شقة المتحدث باسم حملة السيسي لما اتسأل عن الموضوع ده السنة اللي فاتت قال إنها منشورة بالفعل في الجريدة وعلى موقعها الالكتروني.

– ولما صحفية في موقع مدى مصر راحت المطابع الأميرية (مكان طباعة الجريدة الرسمية) قالولها إن محصلش أبدا ونشرنا إقرار ذمة مالية لأي مسؤول. ومنهم إقرار الرئيس السيسي!

– وقتها الصحفية اطلعت الموظف على تصريح المتحدث الرسمي. لكن ولما بحثوا على الكمبيوتر مالقوش حاجة. مدير المطابع قال للصحفية إنهم بينشروا كل الإقرارات اللي بتوصلهم، لكن محدش بعت حاجة. بعدها كلمت المستشار علاء فؤاد المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، فكان رده إن المستند سري ويحظر على الهيئة الإفصاح عنه، رغم ان الدستور صريح تمامًا وبيوجب نشره.

– الأخبار اللي اتنشرت الأيام اللي فاتت عن انتهاء فحص إقرارات الموظفين والوزراء، مقالتش أي معلومة عن إقرار رئيس الجمهورية، ولا أكدت تقديمه الإقرار بتاعه!

*****

إيه أهمية الموضوع؟

– سنة 2017، رئيس جهاز الكسب غير المشروع، قال إن 4 مليون موظف مبعتوش الإقرارات الخاصة بيهم. واضح إن فيه تقدم في تجميعها السنة دي. لكن محتاجين نسأل عن نتيجة ده، هل فيه فساد بيتم كشفه من خلال الإقرارات؟ هل فيه وسيلة للتأكد من إن محتواها مطابق للواقع فعلا؟ خصوصا لما نعرف إن إقرارات قليلة تم ملاحظة وجود بيانات غير صحيحة فيها، وتم الاستعلام عنها من أصحابها وقدموا المعلومات الصحيحة حسب ما بتقول المصادر لليوم السابع.

– اتكلمنا قبل كده عن عدم نشر الإقرار الخاص بالرئيس. وقولنا إن ده إجراء متبع في العالم كله، عشان نكشف استغلال أي موظف لمنصبه، أو حصوله على فلوس مايقدرش يثبت مصدرها.

– المتحدث باسم الرئيس طلع وقال إن الرئيس فعلا استلف الفلوس وسددها سنة 2010 قبل ما يبقي رئيس اصلا. خلص الموضوع على كدا؟ لأ، الناس كانت شايفه إن رغم إنه قرض، واتسدد، لكن هو أخده بشروط ميسرة، وده يعتبر استغلال لمنصبه وعلاقاته، واتهموه بأنه حاول يخوف الصحيفة اللي نشرت القصة، وفي النهاية اضطر للاستقالة!

– إذا كان الرئيس مانشرش الإقرار الخاص بيه، فطبيعي باقي الوزراء يعملوا زيه، حتى لو بعضهم قدموا الإقرار لجهاز الكسب غير المشروع، أو الرئيس قدمه لهيئة الانتخابات. لكن ده مش كفاية لإن الدستور بينص على نشرهم في الجريدة الرسمية.

– مينفعش أبدا نفترض في أي مسؤول الثقة المطلقة، بدون أي مصدر أو إجراءات واضحة من التحقيق والإفصاح. ولما مسؤول يقول إن أيده نظيفة يبقى في وثائق تأكد صحة هذا الكلام من عدمه.
******

بيحصل إيه بره في أمور زي دي؟

– كل العالم عارف إن أوباما في أخر سنة قضاها رئيس لأمريكا، كان دخله بالظبط 503 ألف و183 دولار، منهم 400 ألف راتبه من الرئاسة، والباقي عبارة عن حقوق نشر كتبه “أحلام من أبي” و”جرأة الأمل”، وفايدة رهن عقاري لبيته في شيكاغو. كمان عارفين إن ترامب لما بدأ رئاسته كان يملك 10 مليار دولار. وده شيء لا أساء ولا هيسيء ليهم لأنه العادي والطبيعي وده جزء من واجبات ومهام المسؤول الحكومي.

– في ألمانيا، الرئيس الألماني كريستيان فولف استقال سنة 2012 بسبب فضيحة مالية لأنه خبى بعض التفاصيل في اقرار الذمة المالية اللي نشره. إيه اللي خباه؟ إنه ماكنش قايل إنه سنة 2008 لما كان حاكم ولاية استلف 500 ألف يورو من زوجة رجل أعمال عشان يشتري بيت!

– بنأكد إن مكافحة الفساد مبتحصلش إلا بالمساواة قدام القانون وبالشفافية والعلنية. مكافحة الفساد مش بس بالقبض على رئيس حي مرتشي أو موظف مختلس في البوسطة. مكافحة الفساد بتبقى بتمكين الأجهزة الرقابية من المتابعة والرقابة على كل المؤسسات بما فيهم المؤسسات الأمنية. وبإتاحة المعلومات للمواطنين ولممثليهم (مجلس النواب) اللس أصلا مفروض يكون تم انتخابه بنزاهة واستقلال. وللصحافة اللي بتقوم بالتحقيق والاستقصاء وكشف الفساد والخلل في المجتمع. لكن طول ما في معلومات محجوبة، وأشخاص فوق القانون، فالكلام عن مكافحة الفساد إدعاء صعب التأكد منه.

– هنفضل مؤمنين بأهمية الكلام والفعل لحد ما نشوف أولوية ثقافة المراقبة والمحاسبة لأي شخص يتولى منصب عام، منتشرة والناس مقتنعة بيها بشكل كامل في بلدنا.

*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *