– كلنا سمعنا التصريحات الأخيرة للرئيس التركي أردوغان حول البدء التدريجي في إرسال قوات تابعة لتركيا إلى ليبيا، وشفنا أخبار خطة إرسال مسلحين سوريين، وده بعد أيام من موافقة البرلمان التركي على طلب حكومة الوفاق الليبية إرسال قوات.
– مصر ودول تانية اعترضوا بشدة على الاتفاقات الأخيرة واللي شملت ترسيم حدود بحرية، واعتبروها مخالفة للقانون الدولي، ده غير تهديد الأمن القومي المصري.
– المسألة الليبية معقدة جداً ومفيهاش أحكام سهلة، وأكبر دليل على كده الموقف الرسمي المصري نفسه اللي فيه الرئيس السيسي استقبل السراج في القاهرة أكتر من مرة زي ما استقبل حفتر، وقبل 3 أيام فقط صدر بيان رسمي من الخارجية المصرية إن مصر تقدم “الدعم الكامل” لمؤتمر برلين المرتقب للوصول إلى “حل سياسي” للأزمة الليبية.
إيه اللي بيحصل؟ إيه المخاطر المحتملة؟ ومصلحة مصر فين تحديداً؟
*****
هل دخلت قوات تركية أو مصرية أو سورية إلى ليبيا بالفعل؟ مين اللي بيحارب هناك؟
– حتى الآن أطراف القتال الرئيسية ليبية وكل طرف مدعوم من حلفاؤه سلاح وتدريب لكن بدون ارسال قوات مباشرة.
– أردوغان يوم الأحد قال تصريحات كانت ترجمتها الدقيقة: “جنودنا يبدأون الآن في الذهاب إلى ليبيا تدريجيا، لكن الوجود الكثيف سيكون لاحقاً. كقوات مقاتلة ستكون لنا فرق أخرى هناك، هؤلاء ليسوا من قواتنا المسلحة. قيادة هذه الفرق المقاتلة ستكون بواسطة ضباطنا من رتب رفيعة إلى رتبة فريق”.
– الكلام ده اتفهم انه أول إعلان شبه رسمي عن خطة ارسال مقاتلين سوريين تحت إشراف ضباط أتراك، وده اللي اتنشر في مواقع عالمية موثوقة زي بلومبيرج ورويترز، وكمان مواقع تابعة للمعارضة السورية نشرت عن نفس القصة، إن الأتراك عرضوا على فصائل مسلحة سورية الحرب في ليبيا وبعضهم اعترض وبعضهم فيهم مقاتلين وافقوا خاصة الي كانوا بيحاربوا بالفعل مع الجيش التركي في عمليته ضد الأكراد في سوريا زي مجموعات السلطان مراد والمعتصم، لكن برضه حتى الآن ده محصلش بالفعل، والفيديوهات اللي اتنشرت حكومة السراج أصدرت بيان ينفيها وقالت دي في ادلب مش عندنا.
****
إيه بالظبط أسباب الخلاف المصري التركي في ليبيا؟
1- الإطار العام هوا تحالف تركي قطري بيواجه تحالف مصري إماراتي سعودي. الطرفين دول بيشتغلوا ضد بعض أو على الأقل بيتنافسو في كل ملفات المنطقة، والأسباب كتير سياسية (زي الموقف من الربيع العربي ومن الإخوان)، واقتصادية، وحتى تاريخية ممكن ترجع لحروب الدولة الوهابية بالجزيرة العربية ضد الدولة العثمانية.
2- ملف الغاز بالبحر المتوسط مفجر رئيسي للنزاع الحالي، حيث كل دولة عايزة ترسيم حدودي لصالحها، وكمان عايزة تكون جزء من تحالف اقتصادي يفيدها.
3- كمان ملف الأمن القومي المصري وتأمين الحدود الغربية من الإرهاب حيوي جدا، وكلنا فاكرين تسليم قوات حفر لأخطر إرهابي مطلوب في مصر الظابط السابق هشام عشماوي اللي كان مستخبي في درنة في ليبيا، وطبعا إثارة مسألة إن تركيا تبعت مقاتلين سوريين زودت جداً القلق المصري للجانب ده.
****
مين اللي عنده حق في ترسيم الحدود؟
– الإشكال الرئيسي هنا هوا ان كل طرف عنده مرجع قانوني مختلف أًصلا!
– مصر واليونان وقبرص بيعتمدوا على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وعلى أساسها الجزر التابعة للدولة بتاخد نفس وضع أرض الدولة الأصلية، وبالتالي المياه الاقتصادية تتقسم بالنص من عندها.
– تركيا تاريخياً من قبل أردوغان خالص لم توقع على الاتفاقية دي، لأن تركيا عندها أزمة في ان اليونان باطار تسويات ما بعد الحرب العالمية بقى يتبع ليها جزر بتضيق جدا من المياه التركية لدرجة انها على بعد ميل بحري واحد من تركيا، وتحديدا 3 جزر صغيرة (كاستيلوريزو، رو، ستروغيلي)، فتركيا بتقول احنا نرسم من أرض الدولة مش الجزيرة التابعة ليها.
– وكمان تركيا رافضة الاعتراف بقبرص أساسا، وده يرجع لمشاكل تاريخية معقدة شملت الغزو التركي لقبرص سنة 1974، وتركيا هيا الدولة الوحيدة في العالم المعترفة بدولة اسمها “قبرص التركية” شمال الجزيرة.
– بعض الناس بيبص على خريطة الترسيم التركية ويقول بس دي بتدي مصر مساحة أكبر، ما نطلع من اتفاقية قانون البحار دي أحسنلنا؟ .. غير انه الخروج منها ليه آثار كتيرة سياسية مش سهلة، لكن كمان الحقيقة ان لا يقل أهمية عن المساحة سؤال مين هيكون شريكك الاقتصادي؟ . قبرص واليونان أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهوا ده زبون الغاز أصلا، وقبرص واليونان بينهم توتر تاريخي مع تركيا، عشان كده اقتصاديا كان الجانب ده اختيار مصر، وده اللي جذب شركات زي إيني الإيطالية وشل البريطانية. بينما صعب جدا تلقى شركة تنقيب أو زبون من أوروبا في حدود انتا بس اللي معترف بيها.
– ومهم كمان نعرف ان ترسيم الحدود الأولي مع قبرص حصل في عهد مبارك سنة 2004، وبنفس المعايير ان مصر معترفة بقبرص مش بقبرص التركية، وبخط النصف من الجزر، وبرضه إسرائيل في 2010 إسرائيل عملت ترسيم حدود مع قبرص وتركيا احتجت بشدة.
– يعني خلافات ترسيم الحدود البحرية دي قديمة جدا، الأحداث السياسية بالسنوات الأخيرة زودتها لكن مش هيا السبب، وكان ممكن تفضل متعلقة للأبد ومحدش يحسمها، لكن بعد ما تم اكتشاف الغاز بقى الموضوع يساوي مليارات الدولارات والتعامل اختلف، وكل طرف بيجري يحاول ياخد اقصى استفادة.
****
لكن إحنا شفنا اليونان وقبرص وإسرائيل وقعوا على خط “إيست أميد” كده احنا بره القصة؟
– مبدئياً فيه شكوك قوية ان الخط ده هيتعمل أصلا أو انه هيكتمل في معاده (6-7 سنوات)، لأسباب تقنية متعلقة بالعمق الكبير للمياة، والكلفة الضخمة تصل 7-10 مليار دولار اللي لسه مظهرش مين هيمولها خاصة ان البحث في القطاع الخاص، والأغلب ان نتنياهو بيستخدمها ورقة سياسية داخلية لمواجهة محاولات خصومه عزله بتهم الفساد.
– اللي حصل مش مفاجأة، الخط ده مطروح علنا من الاتحاد الأوروبي من 2013، وتم توقيع اتفاق مبدئي بين إسرائيل وقبرص واليونان نفسهم برضه في 2016، وفي مارس 2019 وزير الطاقة المصري كان صرح ان مصر ستدعم “إيست أميد”. لو الخط اتعمل مصر ممكن تنضب بحقولها القريبة لنفس الخط.
– الغاز بيتنقل بطريقة من اتنين، اما عبر الانابيب مباشرة بصورته الغازية، وإما يتم “تسييله” ويتحمل على سفن ناقلات، ويتم اعادته غاز في بلد العميل، ودي اللي مصر عندها ميزة مهمة فيها لأن المنشآت الوحيدة بحوض البحر المتوسط هيا اللي عندنا في دمياط وادكو (تم افتتاحها 2003، 2006).
– نفس اللي وقعوا اتفاق خط الغاز، هما برضه شركاء مصر في خطة منظومة تسييل الغاز، في سبتمبر 2018 مصر وقعت مع قبرص اتفاق انشاء خط يصل حقل افروديت للغاز بمصر بالغرض ده، وكلفة الخط مليار دولار يستغرق 4 سنوات.
– نفس الوضع مع الغاز الإسرائيلي عبر أنبوب شرق المتوسط، واتكلمنا سابقا عن قصة ان شركة “دولفينوز” المستوردة مش شركة خاصة ولا حاجة لكنها شركة تملكها المخابرات العامة.
– الواقع ان الجدوى الاقتصادية ليها كمان عوامل تانية خالص، زي مسألة الاتفاق المسبق مع عميل لعدد من السنوات، أو منافسة المنتجين الآخرين عالميا، أو مسألة هل موقع الزبون أفضل ليه يتلقى بالأنابيب ولا بالناقلات.
– كمان في حالتنا أهم عامل هيكون عامل سياسي، هوا رغبة أمريكا بالضغط لخفض صادرات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا، لان روسيا استخدمته كسلاح سياسي زي ما حصل وقت عملياتها العسكرية في أوكرانيا.
وعشان كده أمريكا فرضت عقوبات ضدالشركات اللي بتنشيء حاليا الخط الروسي “نورد ستريم 2″، ده مثار خلاف بين ترامب وألمانيا، وفي الكونجرس تم نقاش مسألة ان يكون غاز شرق المتوسط بديل عن الروسي، ولو ده حصل ولو جزئيا مش هيكون فيه أي مشكلة في بيع الكميات المنتجة بالمتوسط.
****
إيه الوضع في ليبيا؟ ليه مقسومة حكومتين؟
القصة معقدة جدا لكن خلينا نعرف باختصار الأحداث اللي أدت للانقسام الليبي:
– في 2011 حصلت الثورة ضد القذافي اللي بيحكم البلد من 42 سنة (انقلاب 1969)، وتحولت من سلمية إلى مسلحة وحرب أهلية.
– في 2012 تم انتخاب المؤتمر الوطني العام، سيطر عليه محسوبين على الإسلاميين والإخوان، كان دوره يكتب الدستور وينظم انتخابات وتنتهي ولايته فبراير 2014، لكنه قرر يمدد لنفسه سنة، وهنا فاجأ اللواء خليفة حفتر الكل بيان بيخاطب قوات “الجيش الليبي” والشعب لرفض الاجراء وتشكيل حكومة انتقالية تشرف على انتخابات.
– حفتر كان معارض قديم للقذافي، بعد انشقاقه بعد أسره في التشاد في الثمانيات، ورجع ليبيا بعد الثورة سنة 2011 وشارك في الحرب ضد القذافي واختفى من وقتها لحد البيان.
– البيان محصلش أي استجابة حقيقة ليه، واثار السخرية، ووصفه رئيس الوزراء علي زيدان بانه “محاولة انقلابية سخيفة”، لكن واقعيا الشهرة دي اتاحت لحفتر يبدأ اتصالات بالقبائل وبقايا الجيش.
– في أغسطس 2014 انعقدت انتخابات البرلمان والمرادي خسر الإسلاميين خسارة كبيرة، حصلوا على 23 كرسي فقط من 200، فانطلقت موجة عنف واغتيالات واشتباكات في بني غازي وطرابلس، وبسببها نواب البرلمان الجديد قرروا نقل مقره إلى مدينة طبرق أقصى الشرق وبرروا الخطوة بالخوف على سلامتهم.
– المحكمة الدستورية في طرابلس حكمت ببطلان البرلمان مادام لم ينعقد بطرابلس، وبناء عليه المؤتمر الوطني رجع للعمل وعين حكومة الحاسي، في المقابل البرلمان اعتبر ان المحكمة تحت تهديد السلاح، وراحو عينوا هما كمان حكومة عبدالله الثني ، وهكذا بدأ الانقسام حكومتين.
– البرلمان عين حفتر قائد للجيش، لكن واقعيا مكانش فيه جيش أصلا، وحفتر مكانش قادر يسيطر على مدينة واحدة هيا بني غازي (اكمال السيطرة عليها اخد 3 سنين!)، وواقعيا البلد مكانتش مقسومة اتنين بس، ده كل مدينة بقت كانها دولة لوحدها بكتائبها واقتصادها.
– بسبب الوضع ده حصل تدخل سياسي دولي انتهى لاتفاق الصخيرات في يوليو 2015 لاقتسام السلطة، وأدى لتشكيل
“حكومة وفاق وطني” برئاسة فايز السراج في فبراير 2016، وحصلت على الاعتراف الدولي وثقة 100 عضو من برلمان طبرق.
– كان مفروض اتفاق الصخيرات ينهي الانقسام وميبقاش فيه إلا حكومة السراج وبرلمان طبرق يرجع كله طرابلس، لكن ده محصلش، وكل طرف عنده أسباب معقدة للوم إن الطرف التاني هوا اللي ملتزمش وانقلب على الاتفاق، والبرلمان اتقسم نواب راحو طرابلس ونواب فضلوا في طبرق.
***
يعني كده مين الطرف اللي معاه “الشرعية”؟
– كل طرف عنده رأيه ليه هوا الشرعي وخصمه لا، لكن الحقيقة ومن الآخر كل حد منحاز لطرف هيفضل معاه ومش هيفرق تغيير وضعه بالقانون الدولي!!
– ده مش مجرد مثال ده حصل بالفعل، زي ما شرحنا انه بفترة 2014 -2015 برلمان طبرق المتحالف مع حفتر كان هوا الجهة “المعترف بها دوليا”، بعدها الوضع اتعكس وبقت حكومة السراج هيا المعترف بيها دوليا، وفي الحالتين ماشفناش حد داخل أو خارج ليبيا غير رأيه يعني!
– طرف السراج بيقول احنا معانا الشرعية الدولية باتفاق الصخيرات، وكمان فترة البرلمان المنتخب انتهت أساسا، فيرد الطرف التاني ان اتفاق الصخيرات ده كمان شرعيته انتهت لانه كان مرتبط بجدول زمني انه تنعقد انتخابات جديدة بعد سنتين يعني في 2017.
– لما السراج وقع مع أردوغان الاتفاق الأخير، برلمان طبرق قال ان التوقيع باطل بنص اتفاق الصخيرات نفسه اللي لا يمنح رئيس الوزراء سلطة الاتفاقات الدولية إلا بعد موافقة البرلمان واحنا رفضناه، فالطرف المقابل راح عامل جلسة برلمان عكسية في طرابلس، وواقعيا الجلستين كل واحدة فيهم حضرها تقريبا ربع عدد النواب فقط!
– وهل أصلا لو حسمنا إن طرف معترف به دوليا ده بينهي النزاع في بلده؟ طيب القذافي أصلا كان معترف بيه دوليا وأكيد فاكرين خطبه في الأمم المتحدة، وبشار الأسد برضه معترف بيه من الأمم المتحدة، وغيرهم.
– وهل أصلا الانقسام أسبابه قانونية وسياسية فعلا؟
ولا واقعيا نقدر نشوف ان قبائل ومدن الشرق في ليبيا بتنافس أو تقاتل قبائل ومدن الغرب، وبعض المحللين يرجعوه لحروب حصلت من 400 سنة، وتاريخيا أصلا ليبيا مكانتش أبدا دولة مركزية بالشكل المصري مثلا، لكن كانت 3 أقاليم: طرابلس وبرقة وفزان.
يعني واقعياً دي حرب أهلية، والطرفين شعب، مينفعش نقول أي حد ضد حفتر “إرهابي” ولا أي حد معاه “إنقلابي”. جزء من الشعب الليبي يدعم حفتر وجزء من الشعب الليبي يدعم السراج، وأي تعامل لازم ينطلق من الحقيقة دي.
***
الأطراف الدولية دورها إيه؟
– للأسف ليبيا بقت ساحة للتنافس الدولي من كل الأطراف.
– مفروض ان ليبيا خاضعة لقرار مجلس الأمن سنة 2011 اللي بيمنع تماما تصدير السلاح ليها، لكن حسب تقرير فريق خبراء مجلس الأمن الأخير الطرفين خالفوا القرار، وحفتر حصل على دعم من مصر والإمارات والأردن سلاح وتدريبات، وقصاده السراج حصل عليه من تركيا.
– نفس التقرير اتهم الطرفين بارتكاب جرائم قصف مناطق مدنية.
– نفس التقرير قال ان الطرفين استعانوا بمرتزقة سودانيين وتشاديين، مثلا حفتر معاه مرتزقة من قوات الدعم السريع السودانية وقصاده السراج مرتزقة من حركة العدل والمساواة السودانية بقيادة عبدالكريم كونتي.
– تقارير دولية اتكلمت عن وجود مرتزقة شركة فاجنر الروسية بصف حفتر، لكن العدد محدود.
– حتى على مستوى الأوروبيين شفنا أخبار ومؤشرات كتير على انحياز فرنسا لحفتر، وانحياز إيطاليا للسراج، ومحللين بيربطوها بانعكاس لمصالح شركات توتال الفرنسية وإيني الإيطالية للغاز.
– على جانب تاني الطرفين حاربوا الإرهاب بالتعاون مع أطراف دولية، حفتر حارب تنظيمات محسوبة على القاعدة، وحكومة السراج حاربت داعش في سرت. (عملية البنيان المرصوص).
*****
هل مصر ممكن تحارب تركيا فعلا؟!
– نرجع نفكركو ان الموقف الرسمي المصري إلى حد كبير “منضبط”، يعني مشفناش ولا تصريح من الجيش ولا أي متحدث رسمي فيها سيرة التلويح بالحرب، فمفيش داعي يكون حد بيزايد على الجيش نفسه!!
– الحرب خيار مدمر جدا، لأن صدامات الجيوش الكبيرة زي مصر وتركيا بتقعد سنين طويلة وبتدمر البلدين زي ما شفنا حرب إيران والعراق بعهد صدام حسين. الدولتين تضرروا جدا، ودخلت اطراف تستفيد بتسليح وتقوية الاتنين على بعض.
– والجيشين المصري والتركي تصنيفاتهم الدولية متقاربة، مثلا تصنيف جلوبال فاير باور بيضع الجيش التركي بالمرتبة التاسعة بينما مصر في المرتبة 12 عالميا، وفي التفاصيل تتفوق مصر في تصنيفات الأسلحة الجوية والبحرية، وتتفوق تركيا في تصنيفات أسلحة المدرعات والدبابات.
– كمان خيار تدخل جيشنا بقوات مباشرة في ليبيا فكرة سيئة، لأن احنا مجربين بالفعل النوع ده من الحروب في سيناء، وبعد كل السنين دي لسه بتحصل عمليات إرهابية فما بالنا بليبيا الصحرا الواسعة جدا، وفي كل ركن كتيبة ومسلحين.
– ومصر الرسمية تعاملت بحذر شديد ضد أي تصعيد عسكري غير محسوب، مثلا شفنا موقف إيجابي جدا برفض إرسال الجيش إلى اليمن ضمن “التحالف العربي” رغم كل المغريات، بينما دولة زي السودان بعهد البشير بعتت جنودها وتلقت مساعدات مالية سخية من السعودية والإمارات.
وشفنا كمان موقف إيجابي تاني برفض إرسال قوات مصرية إلى سوريا ضمن فكرة قوة عربية لمحاربة الإرهاب، وشفنا كمان انسحاب مصر من اجتماعات ما يسمى ب “الناتو العربي” اللي كان مفروض انه حلف عسكري امريكي عربي لمحاربة إيران.
– مصر تقريباً فارضة سيطرتها على البحر للدرجة اللي مخلية تركيا مش قادرة تبعت قوات وسلاح بسهولة نتيجة تطور القدرات القوات البحرية، وشفنا تونس والجزائر بيؤكدوا انحيازهم للحل السياسي ورفضهم التدخل العسكري من أي طرف، يعني السكة دي مقفولة محدش هيستخدمها لا تركيا ولا مصر. (حصلت لخبطة الأيام اللي فاتت بسبب تصريح رشيدة النقر، مسؤولة الاتصال بالرئاسة التونسة، ان تونس رفضت طلب تركي باستخدام أرضها لنقل قوات، بعدها صدر بيان من الرئاسة التونسية يقول لا محصلش تقديم الطلب ده أصلا)
– أكيد لو مفيش أي حل إلا الحرب ضد محتل لبلدنا مثلا كلنا هنلبي نداء الوطن، لكن الأصل هو تجنب الحروب بكل الطرق الممكنة، كلها بشعة ومؤلمة، دي مش لعبة ولا خطبة ولا كوميكس على الفيس بوك.
***
إيه الحل؟ مصر تعمل إيه؟
– بشكل عام مصر عندها خبرة كبيرة في الحفاظ على علاقاتها بأطراف متنافسة حسب مصالحها، ونقدر نشوف نموذج واضح جدا مع فلسطين، مصر علاقتها ممتازة بالسلطة الفلسطينية وأبومازن هي طرف تميل له مؤسسات الدولة، لكن كمان العلاقات مع حماس كان لازم تكون قوية لإنها على حدود سيناء، وعشان كده شفنا التقارب الكبير مؤخرا، وإسماعيل هنية في القاهرة تم استقباله اكتر من مرة، ويعمل حوارات بالاعلام المصري، ويتم ابراز دور حماس في محاربة داعش، وكمان مصر تلعب دور الوسيط بالمصالحة الفلسطينية.
– بنفس الطريقة منطقي على المدى القصير الحفاظ على العلاقة مع حفتر ودعم تماسك قواته بغرض واحد هو حماية حدودنا الغربية اللي بتمتد لأكثر من 1200 كم، وشفنا فعلا أثر توقف العمليات الإرهابية في الصحراء الغربية، عدم تكرار خطف وذبح العمال المصريين الأقباط، تسليم هشام عشماوي، وبنفس الاطار ممكن تقديم دعم جوي لو حصلت فعلا حاجة زي نقل مقاتلين سوريين وظهرت بؤر إرهابية بمعلومات مؤكدة.
– لكن على المدى المتوسط والطويل مفيش إلا “حل سياسي” زي ما قال بيان الخارجية المصرية عن مؤتمر برلين، وزي ما بنشوف النهاردة الأربعاء اجتماع وزراء خارجية مصر وفرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص في القاهرة كتحركات سياسية لاحتواء الموقف.
– وفي الاطار ده بالتأكيد مينفعش أبدأ دعم هجوم حفتر ضد مدن الغرب اللي فعلا أهلها ضده، وتحديدا مصراتة وطرابلس مدن بكثافة سكانية مدنية عالية، وأغلب نوابها المنتخبين منحازين للسراج يعني فعلا دي إرادة الناس، والمدن دي تحميها كتائب قوية جدا، ودي حرب حفتر بقاله سنة عاجز عن الانتصار فيها لكنها تؤخر الحل السياسي، وحتى لو انتصر هيكون الكلفة الإنسانية عالية جدا، قد تؤدي بالعكس لفوضى على حدودنا غير العداء المباشر مع كتلة سكانية ليبية مهمة.
– في مؤتمر برلين اللي معاده النهائي لسه متحددش مفروض يتم التوافق على خطة سياسية لمستقبل ليبيا قد تتضمن “الفيدرالية”، غالبا على نفس نظام الأقاليم الثلاث التاريخي، ونعتقد ان دي فكرة مناسبة لأن بكده سكان الشرق والغرب كل منهم هياخد جزء من الحكم المحلي الخاص لمنطقته.
– مصر يجب أن تدعم عقد انتخابات نزيهة في ليبيا، وكمان تشارك مع المعنيين بالعالم في سيناريو “تمكين” الحكومة الديمقراطية الناتجة أيا كانت مادام ده خيار الشعب الليبي، عشان ميتكررش سيناريو انتخاب برلمان لا يستلم السلطة الكاملة، وممكن وقتها يتم تخصيص قوات من جامعة الدول العربية أو من الأمم المتحدة بشكل مؤقت لتأمين مرحلة الانتخابات وتسليم السلطة من حكومتين الشرق والغرب، ولا مانع من مشاركة قوات مصرية تحت المظلة الدولية دي بالغرض ده فقط.
وبعدها استثمار طويل المدى في دعم انشاء مؤسسات احترافية محايدة وأولها توحيد الكتائب والقوات في جيش واحد.
– وبالطبع في وقت حرج زي ده مهم توحيد جبهتنا الداخلية، خاصة ان الثقة مهزوزة بالفعل باجراءات زي اتفاقية تيران وصنافير أو تعديل الدستور وانتخابات الرئاسة الأخيرة .. أقل ما يمكن هوا اطلاق سراح السجناء السياسيين كأول خطوة لبناء الثقة والشراكة.
– نتمنى بالتأكيد لمصر ضمان مصالحنا الاقتصادية والأمنية، ونتمنى كمان لأنفسنا ولأشقائنا في ليبيا ولكل الدول العربية الوصول لدولة مستقلة ديمقراطية، فيها مؤسسات دولة محايدة واحترام إرادة الشعوب، وده أقل شيء يستحقه الأشقاء في ليبيا والجيل الحالي من الشباب العربي.