– يوم الأربعاء 25 أغسطس اتفاجئ المحامين المصريين باعتداء ضابط في قسم المنتزه أول على زميلهم إسلام إبراهيم، الاعتداء تم من الملازم أول عبدالرحمن الأزرق، وتسبب للمحامي بكسر في الجمجمة ونزيف بالمخ وأدى لدخوله العناية المركزة.
– طبعا بعد ما الموضوع اتطور كان لازم النيابة تتدخل، وحبست الضابط على ذمة التحقيق، الاعتداء الحالي على المحامي إسلام مش هو الأول ولا هيبقى الأخير طول ما طريقة تعامل الداخلية مع المحامين والمواطنين عموما مفيش رقيب عليها.
– ايه القصة؟ وليه الحوادث الشبيهة بتتكرر؟ وايه اللي ممكن يتعمل علشان نحفظ كرامة المواطن المصري جوا قسم الشرطة؟

*****
ايه القصة؟
– يوم الواقعة كان المحامي إسلام إبراهيم في القسم عشان يعمل محضر تعدي على شقة أخته، الشقة كانت بنظام الإيجار القديم، ولكنها مقفولة من شهور بسبب نقل مدارس أولادها، ولكن صاحب العمارة قرر أنه يكسر كالون الشقة، ويقعد فيها وحتى يستخدم العفش والمنقولات اللي فيها.
– طبعا لما صاحبة الشقة عرفت توجهت عشان تعمل محضر في القسم، وكان معاها أخوها عشان تعمل محضر، وفي نفس الوقت صاحبة العقار اللي ابنها ضابط في الجيش توجهوا للقسم عشان يعملوا محضر بأحقيتهم في الشقة نفسها.
– بالتالي الضابط النباطشي اللي واضح أنه كان بيحاول يجامل ضابط الجيش تعامل باستعلاء مع المحامي، وكان هيدخل أخته الحبس، وده اللي اعترض عليه المحامي لأن أخته شاكية، ولا يحق قانونا حبسها.
– الأمر تطور لمشادة بين الضابط وبين المحامي وخاصة بعد ما الضابط ضربه بالقلم على وشه ورمى كارنيه المحاماة على الأرض، وتطور الموضوع لدرجة أنه الضابط بحسب الروايات المنتشرة ضرب المحامي بظهر السلاح الميري فالمحامي أغمي عليه ونزف بشدة.
– طبعا تطور الموقف خوّف الظابط بتاع الشرطة اللي حاول يداري على الموضوع ويصرف الطرفين من القسم، لكن حالة المحامي السيئة استدعت أنه يدخل المستشفى، وبالفعل دخل مستشفى مصطفى كامل العسكري، واتحط في العناية المركزة لأن حالته كانت خطيرة.
– بعد ما الموضوع اتعرف طبعا، تم التحفظ على ضابط الشرطة ونائب المأمور و3 أمناء شرطة، وقررت النيابة حبسهم على ذمة التحقيق لحين سماع أقوال المجني عليه اللي هو المحامي، وبعدين صدر قرار بحبس الضابط لوحده، وصرف نائب المأمور لأنه أثبت إنه مكنش موجود في القسم وقت والحادث، وكمان إخلاء سبيل الأمناء الثلاثة بعد ما محامين المجني عليه أكدوا إنهم ملهمش دعوة بالموضوع.
– وشهدت التحقيقات في القضية اللي اتقيدت برقم 9460 لسنة 2021، تقديم نقابة المحامين في الإسكندرية ادعاء بالحق المدني ضد وزير الداخلية بيطالبوه بتعويض مؤقت قيمته مليون وواحد جنيه، باعتباره مسؤول عن كل أعمال تابعيه، وكمان وجهوا تهمة الشروع في القتل للضابط، بحسب المحامي محسن بهنسي.
– دلوقتي من المفترض أنه النيابة هتستكمل التحقيقات، بعد ما تم وقف الضابط عن العمل حاليا في انتظار انتهاء التحقيقات.
– وكان نقيب محامين إسكندرية عبد الحليم علام أعلن يوم الخميس أن وزير الداخلية قرر وقف الضابط المعتدي وكذلك نائب مأمور القسم، وشكل فريق من التفتيش الفني في الوزارة للتحقيق في الواقعة، إلى جانب إبلاغ النيابة العامة للتحقيق أيضًا.
– وبعدها أعلنت نقابة المحامين، عن تجديد الدائرة الجزئية لجنح المنتزه، المنعقدة بالمحكمة البحرية في المنشية، يوم الأحد، حبس الضابط 15 يومًا على ذمة القضية.
– طبعا شيء جيد وإيجابي أنه يحصل تحرك سريع في القضية لوقف الضابط والتحقيق معاه قبل ما يتم الطرمخة على الموضوع، وإن كان ده بسبب أنه الموضوع كبير مش مجرد مشادة يعني لكنه حرفيا شروع في قتل داخل قسم شرطة، وبسبب التفاعل الكبير من المحامين في إسكندرية وبراها مع اللي حصل سواء على مواقع التواصل أو الضغط اللي حصل على النقابة عشان تتحرك في القصة دي .
*****
ليه الحوادث اللي زي دي بتحصل؟
– دي مش أول مرة يتم الاعتداء على محام من قبل ضابط شرطة، نفتكر في مارس اللي فات أنهى أكثر من 50 محامي اعتصامهم في مجمع محاكم بنها بعد عدة ساعات، احتجاجا على اعتداء ضابط شرطة على زميلهم، ودا بعد تدخل وساطة نقابة محامين شمال القليوبية.
– ومن سنتين في أكتوبر 2019 تم الاعتداء على محامي اسمه أحمد رمزي من المحلة من قبل ضابط برضه، والمحامي برضه اضطر للدخول للمستشفى بعد الاعتداء، والضابط اتحبس حوالي شهر على ذمة التحقيقات وبعدين القضية انقطعت أخبارها، منعرفش حصل ايه مع الضابط.
– حالات تانية كتير لاعتداء ضباط على محامين داخل الأقسام وبره الأقسام، واعتداء ضباط على مواطنين في الأقسام وبره، وقضايا كبيرة زي قتل مجدي مكين وعفروتو وإسلام الأسترالي على إيد ضباط شرطة أو أفراد من الداخلية.
– الحوادث دي بتحصل وهتفضل تحصل لأنه ضباط الشرطة في مصر بيتخرجوا مش عارفين أنهم مسئولين عن إنفاذ القانون مش تجاوزه، القانون اللي جزء أساسي منه هو حفظ كرامة المواطن أي كان مين هو وأيا كانت تهمته.
– ضباط شرطة موجودين في مصر عندهم شعور مستمر بأنه عادي يعني ايه المشكلة لما اضرب مواطن بالقلم، وبيحصل دائما لما يتطور أي نقاش لمشادة اعتداءات وحشية وصلت للقتل في حالات كثيرة، وده نتيجة أنه مفيش أي ثقافة متعلقة بتطبيق القانون أو بمعايير حقوق الإنسان، واللي منها حقوق المتهمين، لأن الاتهام لا يديك أي سلطة غير سلطة التوقيف مش استباحة اللي قدامك، فضلا عن الاعتداء على المحامين اللي بيعملوا شغلهم زيك بالظبط.
– وطبعا الشيء المهم هو غياب الرقابة والمحاسبة، الرقابة بالمناسبة مش بس حبس الضابط لما المحامي أو المواطن يخش العناية المركزة، ولكن الرقابة والمحاسبة على أقل الأفعال زي التعدي بالشتيمة، زي الاستعلاء على المواطن وأنك متعملش شغلك، زي التدخل في القضية والانحياز لطرف على حساب التاني على حسب هوا الضابط الشخصي، زي التورط في محسوبية أو واسطة صغيرة أو كبيرة، بداية من أنه ضابط يشوف واحد صاحبة في المرور عشان يخلص رخصة لواحد تاني وهكذا.
– كل التغاضي اللي بيحصل عن الأفعال الصغيرة دي بتودي في النهاية أنه ضباط شرطة بيعتبروا البلد بلدهم، لأنه محصلش أي رقابة أو محاسبة على أي شيء، وبالتالي الموضوع بيتطور لاعتداءات وحشية زي اللي حصل مع المحامي الأخير، أو لدرجة القتل العمد زي ما حصل قبل كدة في أكثر من حالة.
– وحتى لما بيحصل قتل بنفاجئ بأحكام مخففة أو أنه الداخلية حرفيا بتحمي رجالتها وتتلاعب في التحقيقات والمحاضر ضد ضباط الشرطة ونلاقي الحكم في النهاية سنة أو 3 سنين مع إيقاف التنفيذ في قضايا قتل قام بها ضباط شرطة.
– وبالتأكيد تبرير “الحوادث الفردية” لم يعد يجدي نفعاً للأسف لأن المعدل زي ما إحنا شايفين بيتطور في عنفه لدرجة القتل والشروع في قتل بدون عقاب رادع يخلي الظواهر السيئة دي اللي بقالها للأسف عشرات السنين لا تختفي.
*****
إزاي ده ممكن يتغير؟
– الوضع الحالي للشرطة في مصر محتاج إصلاح شامل، وده مش في مصلحة المواطن بس ولكنه في مصلحة الدولة لأنه الثقة في منظومة القانون والعدالة أهم مكونات المواطنة السليمة وأهم مكونات الانتماء لأي بلد في الدنيا.
– بالتالي الإصلاح الشامل للداخلية في مصر لازم يبدأ من جوه المنظومة نفسها، ويفرض عليها في نفس الوقت من خارج المنظومة النوع ده من الإصلاح، ودا حتى عشان المنظومة متبقاش مكروهة مجتمعياً بسبب الممارسات المشينة تجاه اللي بيتعاملوا معاها.
– لازم مثلا تكون إدارة التفتيش في وزارة الداخلية إدارة مستقلة وجهة قضائية مستقلة غير تابعة لوزير الداخلية ويتحط لها قانون منفصل يوضح إزاي ممكن تقوم بدور مستقل.
– لازم أيضا أنه يكون للبرلمان دور أكبر في الرقابة على الميزانية الخاصة بالداخلية والصناديق التابعة ليها واللي هي باب فساد كبير جدا.
– وزي ما الرقابة الإدارية حاليا نشطة في تتبع الموظفين الفاسدين لازم تنشط في تتبع ضباط الشرطة الفاسدين.
– لازم يتم تغيير نظري وعملي في تدريب وتأهيل ضباط الشرطة من البداية عشان نبتدي نغير الثقافة دي، بالإضافة لقياسات نفسية دقيقة، ومتبقاش الواسطة هي كل المؤهلات الموجودة، للتعامل في وظيفة مهمة وحيوية زي دي.
– عملية إصلاح الداخلية هي عملية طويلة ومعقدة وتحتاج لإرادة سياسية للأسف يبدو مش متوافرة بالشكل الكافي حاليا، في ظل لعب الأمن لأدوار سياسية متجاوزة لحدود وظيفته.
– بالتالي بنشوف من 2014 ولحد دلوقتي عودة لممارسات الداخلية القديمة أيام مبارك، وتمسك شديد بالعقلية القديمة اللي ملخصها أنه ضابط الشرطة يعمل اللي هو عايزه، وبعدين نبقى نشوف.
– نتمنى أنه الدولة تفهم في النهاية أنه إصلاح الداخلية أولوية في الوقت الحالي لأنه شيء مهم للمواطنين، ولبناء الدولة نفسها لأنه دولة بلا سيادة قانون هتكون مهددة طول الوقت من الداخل قبل الخارج.
– خالص التضامن مع المحامي إسلام وربنا يقومه بالسلامة، وبنأكد على ضرورة استمرار وقوف النقابة جانب أعضائها، وعدم الدخول في مساومات بتضيع حقوق المحامين، وللأسف بتعرض أرواحهم للخطر.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *