– خلال الأيام اللي فاتت، عدد من المحاميين تظاهروا في نقاباتهم بعدة مدن، احتجاجا على اعتداء مأمور قسم شرطة مطروح وأمين شرطة ومخبر على ستة محامين خلال تأدية عملهم بالقسم.
– نقابة المحامين في مرسى مطروح عملت جمعية عمومية غير عادية حضر فيها أعضاء النقابة، وعدد من المحامين الكبار المعروفين أعلنوا عن تأييدهم لمطالب محاميي مطروح بمعاقبة الضابط والمتسببين في الواقعة.
– ده مش أول اعتداء من ضابط شرطة على محامي، وسبقه حوادث مشابهة كتير وصلت لحد وفاة محامي أثناء التعذيب داخل أحد الأقسام. هنتعرف في البوست ده على المشكلة دي وهنناقش حلها.
*****
إيه اللي حصل في مطروح؟
– حسب رواية أحد المحامين الستة لموقع مدى مصر، كان فيه مجموعة من المحامين، موجودين داخل القسم الساعة 11 مساء يوم الأربعاء اللي فات، لإنهاء بعض الإجراءات، لكن الكهرباء قطعت فجأة.
– المتواجدين نوروا كشافات موبايلاتهم بناء على طلب الضباط والأمناء الموجودين، وموظفي القسم كملوا شغلهم، لحد ما جه مأمور القسم وطالب بخروج الجميع برا القسم.
– واحد من المحامين رد على المأمور بإن إخراجهم غير قانوني، وإن الإجراء المتبع في الحالات اللي زي دي، تلزم بغلق أبواب القسم وعدم السماح بالدخول أو الخروج قبل رجوع الكهرباء.
– المأمور ماعجبوش كلام المحامي، وشتمه بألفاظ غير لائقة، وقال له “إنت هتعلمني شغلي يابن كذا..” ولما باقي المحامين اعترضوا على الشتيمة، كمل شتيمة في كل المحامين وقالهم “أنتوا هتعملوا علينا رجالة يا ولاد…. ” وطلب من الضباط والأمناء الموجودين يخرجوا الـ6 محامين خارج القسم.
– حوالي 16 ضابط وأمين شرطة ومخبر، زقوا 5 محاميين من عند غرفة المأمور لحد السلالم الخارجية للقسم، وزقوا واحد منهم على السلم وقعوه على كتفه، فأصيب بشرخ في كتفه الأيسر وتهتك في الأوتار، لإنه سأل عن مصير المحامي السادس، اللي خرج بعد كدا.
– عشرات المحامين تجمعوا أمام القسم لما عرفوا باللي حصل، وحكمدار المحافظة جه يطالبهم بتسوية الأمور لكن المحامين تمسكوا بمعاقبة المأمور ومعاون المباحث والمخبر اللي اعتدوا على المحامين، وتوجهوا بعدها لمقر نقابة المحامين الفرعية بمحكمة مطروح.
– المحامين المعتدى عليهم تقدموا ببلاغ للنيابة، اللي أمرت بإجراء تقرير طبي للمحامي المصاب، لكنها لم تستدعي المأمور وموظفي القسم، وده اللي المحامين شايفينه تباطؤ.
– نقيب محامين مطروح حاول يحتوى الموقف ويحله بالطرق الودية، وقابل مدير الأمن تاني يوم بعد الواقعة، وطالب بإجراءات عقابية ضد الضابط، اللي مش أول مرة يتجاوز في حق المحامين، لكن مافيش إجراءات اتاخدت ضد الضابط رغم وعد مدير الأمن بحل المشكلة.
في المقابل وزارة الداخلية طلعت نفي على لسان مصدر أمني واتهمت المحامين بالتعدي بالسب على العاملين في القسم، بدون الإشارة لفتح تحقيق أو أي إجراء، في نفس الوقت المحامين بيصفوا إجراءات النيابة بالتباطؤ عشان لسه متمش التحقيق مع مأمور القسم.
لازم نذكر في السياق دا إن المحامين في محافظة مرسى مطروح دخلوا في إضراب واعتصام مفتوح في 2016، اعتراضا على سوء معاملة أمناء الشرطة ووكلاء النيابة لهم بالمحافظة، وشكلوا لجنة بمطالب كانت محددة جداً لحل مشاكل المحامين في مطروح، لكن يبدو إنه لا جديد في 2021.
*****
اعتداءات وصلت لحد القتل
– الحادثة دي بتفتح الباب تاني لاسترجاع عنف الشرطة تجاه المحامين اللي دورهم جزء لا يتجزأ من منظومة العدالة ومش دور هامشي أبداً.
– اعتداءات الشرطة على المحامين بسبب تأدية عملهم، مستمرة من سنين طويلة. أبرز هذه الاعتداءات كان سنة 1994، لما المحامي عبد الحارث مدني قتل تحت التعذيب، بعد اعتقاله هو وعشرة محامين من مكتبهم.
– وقتها المحامين عملوا إضراب، ونظموا مسيرة من النقابة لقصر عابدين، احتجاجا على اللي حصل، والشرطة هاجمت المسيرة وقبضت على 3 محامين آخرين، وده أشعل الموقف، ودفع بعض المحامين للإضراب عن الطعام.
– في الفترة الأخيرة حصلت واقعة مشابهة، لما المحامي كريم حمدي قتل أثناء تعذيبه على إيد الأمن الوطني في قسم شرطة المطرية سنة 2015، بعد ما اتقبض عليه لإنه كان بيدافع عن متهمين في قضايا سياسية.
– حصلت أزمة بين المحامين ووزارة الداخلية بسبب مقتل المحامي، وزملائه خرجوا في مظاهرات لقسم المطرية، وعلى سلالم النقابة العامة للمحامين. النائب العام أمر بحظر النشر في القضية، والمحامين لبسو الروب الأسود وراحوا دار القضاء العالي وحاصروا مكتب النائب العام.
– بسبب المظاهرات دي أحيل عدد من المحامين للتحقيق أمام النائب العام، زي خالد علي ومالك عدلي، وحضر نقيب المحامين لشرح موقف المحامين أمام النائب العام.
– قبل الواقعة دي بسنة، أمين شرطة اتخانق مع محامي كان جاي قسم شرطة إمبابة لدفع كفالة لمتهم أخلى سبيله، واتهم المحامي بإنه منتمى لجماعة الإخوان وكان عايز يحبسه، ولما المحامي اعترض، الأمين قتله بـ 3 طلقات في قلبه.
*****
اعتداءات بالضرب والسحل وتهديدات بضرب النار
– بخلاف قتل محامين بسبب أداء عملهم، تم التعامل بعنف لفظي وجسدي في كتير من المواقف. على سبيل المثال:
– المحامي عمرو إمام تعرض لتهديد بضرب النار عليه، لو فضل موجود أمام قسم شرطة المعادي، لما راح يسأل عن محتجزين اتقبض عليهم من مظاهرات ذكرى الثورة، في يناير سنة 2014.
– المحامية ياسمين حبيب تعرضت للضرب، واتجرت من شعرها وذراعها، وتم الاعتداء عليها لفظيا، أثناء حضورها محاكمة أحد العاملين بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية في سبتمبر 2014.
– في يونيو 2015، نائب مأمور مركز فارسكور في محافظة دمياط اعتدى على محامي، وضربه بالحذاء. الواقعة دى عملت ضجة كبيرة وقتها، والمحامين عملوا إضراب عام لمدة يوم واحد في القضايا غير المستعجلة، احتجاجا على اللي حصل، وطلع الرئيس عبد الفتاح السيسي اعتذر للمحامين.
– في نفس السنة، أمين شرطة أطلق النار على المحامي محمد الجمل في نيابة مدينة نصر بعد حدوث مشادة كلامية بين المحامي وسكرتير النيابة، وقضى عدة أيام في العناية المركزة بسبب إصابته. وقتها النقابة أعلنت تعليق العمل بمحكمة مدينة نصر احتجاجاً على الاعتداء.
– سنة 2016، توجه مجموعة من المحامين لقسم قصر النيل للدفاع عن المتظاهرين اللي اتقبض عليهم عشان نزلوا يعترضوا على تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، لكن منعوا بقوة السلاح من دخول القسم.
كتير من الأوقات تنتهي هذه الوقائع بالاعتذار، دون محاسبة أو معاقبة للضابط أو أمين الشرطة المعتدي. كمان الأقسام بيرفض تحرير محاضر بالوقائع من النوع ده.
أحيانا الاعتداءات على المحامين بتحصل لأسباب غربية، زي الاعتداء بالسب والضرب على المحامي أحمد رشاد (وهو رئيس محكمة سابق) في قسم شرطة أول مدينة نصر، عشان الضابط اتضايق أنه قعد على كرسي في حضور الضابط!
الاعتداءات على المحامين لا تخلو من تلفيق التهم لهم وحبسهم، زي ما حصل مع المحامي محمد الباقر، اللي راح يحضر تحقيق مع موكله علاء عبد الفتاح، فاتقبض عليه واتحط معاه في نفس القضية.
*****
إيه العمل؟
– النمط اللي استعرضناه بيثبت إن فيه مشكلة وأزمة حقيقية بيتم تجاهلها، ولذلك بتتكرر بصورة شبه دورية.
– المحامين طرف أساسي في منظومة العدالة في أي مكان في العالم، والتعامل معاهم بالطريقة العدائية دي، بمثابة عقبة في طريق تحقيق العدالة.
– التضييق على المحامين بيهدد أيضا ضمانات المحاكمة العادلة، لإن منعهم بالقوة من الحضور مع الموكلين، أو منعهم من الحصول على مستندات متعلقة بالقضايا اللي هما شغالين عليها، معناه مباشرة تعجيزهم عن القيام بدورهم للدفاع المتهمين.
– معاقبة المعتدي وإعمال القانون في وجه التجاوزات هو الحل في الأزمات اللي زي دي، لأن واضح جداً إن الحلول الودية والعرفية مش هتقضي على المشكلة المتكررة، زي ما حصل في قضايا سابقة.
– وعليه النيابة العامة لازم تتجاوب مع النوع دا من القضايا بالسرعة الكافية لإزالة الاحتقان وتقديم المعتدي للمحاكمة لأن المحامين والضباط مش هيبطلوا يتعاملوا مع بعض يوميا، ولازم العلاقة دي يحكمها القانون مش أي شيء آخر.
– نقدر نشوف دور النقابات في الدفاع عن حقوق أعضائها والوقوف بجانبهم زي ما حصل من نقابة محامين مطروح المتمسكين بحقوق زملائهم، واللي بينتظروا موقف أقوى من النقابة العامة في دعمهم.
*****