– في الأيام اللي فاتت بدأت إحتجاجات واسعة في العراق ضد حكومة عادل عبد المهدي، بسبب تفشي الفساد والفقر والبطالة، وسوء الخدمات العامة في البلد.
– لحد دلوقتي وصل عدد القتلى لأكتر من110 شهيد، وتخطى عدد المصابين ال 6000 مصاب!
– الإحتجاجات متمركزة في بغداد والمدن الجنوبية، وللأسف كعادة أغلب الأنظمة العربية كان في عنف شديد حكومي شديد واستخدام واسع للرصاص الحي، وكمان رسميا اتهام “مجهولين” و”طرف ثالث” ان هوا اللي اطلق النار على المتظاهرين وقوات الأمن.
– الحكومة العراقية أيضا وكعادة الحكومات الدكتاتورية في وقت الثورة بتحجب الانترنت، الحكومة حجبت كل مواقع التواصل الاجتماعي زي فيسبوك وتويتر وبحسب شبكة نت بلوكس مراقبة الانترنت معدلات الوصول للإنترنت في مناطق كثيرة في العراق انخفضت لأقل من 70 %.
– هنعرف مع بعض في البوست ده ايه اللي بيحصل في العراق؟ وازاي بتتعامل الحكومة معاها؟ وايه اللي ممكن نشوفة ونتعلمه من مشهد زي دا لينا في مصر.
*******
ايه اللي بيحصل في العراق؟
– أهم ما يميز المظاهرات دي انها متخطية للأحزاب والتركيبات الطائفية والتوازنات السياسية بين الشيعة والسنة في بلد معقد زي العراق، ويمكن دا يبرر استخدام العنف المفرط تجاة المتظاهرين في العراق على عكس مظاهرات الأحزاب الدينية والشيعية تحديدا اللي ميبقاش التعامل معاها بالعنف ده لأن كلهم ممثلين جوة البرلمان وليهم أحزاب سياسية بتدعمهم أو تتفاوض على مكاسب جزئية لا تمثل تغيير كبير.
– كمان تركز الاحتجاجات في بغداد والمدن الجنوبية واللي فيها أغلبية شيعية خلي المتظاهرين أبعد عن أي اتهامات طائفية، بما إن محافظات الشمال كانت مستنزفة أصلاً وقت تواجد داعش وممكن يساهم في إتهام المظاهرات بالولاء لداعش أو لحزب البعث.
– الاحتجاجات مش الأولى في ديسمبر اللي فات، استشهد أكثر من 30 مواطن عراقي في إحتجاجات على الحكومة في البصرة أحد مدن الجنوب.
– الحكومة من أول يوم تعاملت مع الاحتجاجات بكل عنف ووصفت المتظاهرين السلميين بالمخربين، حاولت منع المتظاهرين من الوصول لميدان التظاهر الرئيسي في وسط بغداد اللي اسمه ميدان التحرير زي ميداننا في القاهرة.
********
ايه هي مطالب المتظاهرين ؟
– المتظاهرين بالأساس خارجين عشان تردي وضع الخدمات العامة زي الصحة والكهرباء والتعليم والطرق وغيرها في بلد من أكبر منتجي النفط في العالم. ورابع أكبر إحتياطي نفط في العالم.
– مشكلة الكهرباء في العراق هي مشكلة مزمنة من 2003، تقريبا الكهرباء في كل العراق بتقطع ساعات كثيرة في اليوم، العراق البلد النفطي بالأساس بنتج 58 % بس من الكهرباء، وبيستورد بقية إحتياجاته من ايران تحديدا واللي أوقفت تصدير الكهرباء للعراق في يناير اللي فات بسبب تأخر العراق في دفع مستحقات بقيمة 2 مليار دولار.
– من 2003 ولحد دلوقتي صرفت الحكومة حوالي 40 مليار دولار على قطاع الكهرباء، لكن كل دا مجبش أي نتيجة بسبب الفساد المنتشر في الجهاز الحكومي في العراق.
– كمان العراق بيعاني من مشكلة مياه مزمنة خاصة في الجنوب بسبب جفاف أنهار دجلة والفرات، ومشكلة في الخدمات الصحية بسبب الفساد المنتشر، وغيرها من المشاكل اللي سببها الأول والأخير بإعتراف الحكومة العراقية نفسها هي الفساد.
– العراق في المرتبة ال 168 من 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد العالمي اللي بتطلعوا مؤسسة الشفافية الدولية، بعض التقديرات البحثية قالت أنه تكلفة الفساد في العراق في ال 15 سنة الأخيرة يعني بعد الغزو الأمريكي توصل ل 450 مليار دولار. يعني تقريبا ضعف الناتج المحلي العراقي في 2018.
– مشاكل كمان زي إرتفاع نسبة البطالة واللي وصلت ل 22 % السنة اللي فاتت، كمان إرتفاع نسبة الفقر اللي قربت من 30 % من السكان، رغم أنه العراق من أغنى الدول النفطية في العالم، بالتالي مواردها المالية مفيهاش مشاكل كبيرة.
– العراق يوميا بينتج ما يقرب من 4 مليون برميل نفط، وبيدخل للدولة سنويا ما يقرب من 90 مليار دولار سنويا، ودا من المفترض أنه رقم كبير لو مفيش فساد يقدر يعمل خدمات حقيقية.
*******
ايه اللي ممكن نشوفه في المشهد ده؟
– أولا: أنه الكلام عن محاربة الفساد في الإعلام وفي خطابات الحكومات لوحده مش بيأكل عيش، رئيس الوزراء العراقي الحالي عادل عبد المهدي جاي بأجندة محاربة الفساد لكن بعد أكثر من سنة في الحكومة مقدرش يعمل أي حاجة.
– ثانيا: أنه محاربة الفساد هي عملية مؤسسية، لازم يكون فيها مؤسسات، والمؤسسات دي تكون مستقلة بعيدا عن المصالح السياسية والحزبية والطائفية، ودا الضمانة الوحيدة لأنه يبقى في محاربة فساد، ودا مش هيتحقق غير بديمقراطية حقيقية وحرية صحافة واعلام ورقابة شعبية.
– ثالثا: أنه خطف الدولة وحصرها في أنها تمثل مصالح فئات محددة وأشخاص محددين هو خطر، الفساد وفشل التحول الديمقراطي والانقسام الطائفي بين الشيعة والسنة في العراق هو اللي جاب داعش، وهو اللي خلي الجيش العراقي غير كفؤ وقادر على محاربة داعش، لأنه الدولة تحولت لميليشيا مصالح مع الوقت.
– رابعا: أنه الوعي الشعبي مهم في محاربة الفساد، العراق رسمياً دولة فيها إنتخابات وأحزاب سياسية وكل حاجة، لكن عشان المواطنين بعيد عن المعادلة ومبيمارسوش دور رقابي حقيقي، وعشان جوهر العملية السياسية تقسيم طائفي ومناطقي للمقاعد بناء على قانون انتخابات مشوه ومتفصل لذلك، فالطبقة السياسية بتفسد وبتنتشر فيها ممارسات الفساد وحمايته وخلق شبكات ليه جوة كل مؤسسة.
**********
– بدأت إشارات جوة النظام العراقي على محاولة إستيعاب المظاهرات وتلبية بعض المطالب الاجتماعية، مثلاً رئيس الوزراء إكتشف فجأة إنه في 1000 موظف فاسد وقرر فصلهم من الحكومة بسبب إهدار المال العام، وإنه الحكومة قررت الإفراج عن المعتقلين اللي مرتبكوش أعمال جنائية، وكمان وجه نداء للشرطة وأجهزة الأمن بعدم العنف مع المتظاهرين.
– كمان المرجعية الشيعية آية الله علي السيستاني تفاعل مع الأحداث في خطبة الجمعة، وحمل البرلمان مسؤولية عدم الاستجابة للمتظاهرين والحوار معهم وطالب بإستيعابهم والتوقف عن إستخدام العنف من جانب الأمن، وبدأ إصلاح حقيقي.
– وأخيرا الرئيس برهم صالح عرض مبادرة للتفاوض واحتواء مطالب المحتجين.
– – كمان الحكومة عرضت إجراءات زي توزيع اعانة بطالة مالية لمدة 3 شهور.
– المظاهرات الحالية فيها شبه كبير من مظاهرات 20 سبتمبر اللي فات في مصر، مفيش قيادة مباشرة، مدعاش ليها تنظيم سياسي أو تبناها أو بيتكلم بإسمهم، وإن الدوافع الأكبر هي ضجر وغضب من الوضع الاقتصادي، صحيح عدم وجود قيادة لأي حراك هو أزمة لأن مبيبقاش في طرف مسؤول عن التفاوض أو الحوار أو صياغة المطالب وغيره، لكن بيبقى مؤشر على تجرد المتظاهرين من أهداف سياسية غير الشعارات اللي بيرفعوها بشكل حقيقي، المتظاهرين فاقدين الثقة في الطبقة السياسية كلها وشايفينها بتستحوذ على موارد كتير وبتستفيد من علاقات فساد كبيرة داخل المؤسسات، وده محتاج حركة أكبر وتغييرات جذرية حقيقية تضغط بيها المظاهرات ومنظمات المجتمع المدني عشان يحصل وقف للفساد ده وإصلاح حقيقي.
– نتمنى للشعب العراقي إن وضعه الإقتصادي والسياسي يتحسن ويحس المواطنين فعلاً بقدرتهم على التغيير والاستفادة من موارد بلدهم. إنتصار الشعب العراقي هو إنتصار لينا كلنا وبندعمه زي ما بندعم ثورة السودان وثورة الجزائر وأي تحرك شعبي حقيقي للإصلاح السياسي والإقتصادي، من حقنا نعيش في ديمقراطية وعدالة إجتماعية وخدمات حقيقية لأننا بشر ونستحق حياة أفضل.
**********