– يوم 27 إبريل اللي فات وبحضور عدد من ممثلي المؤسسات الدولية للتنمية أعلن رئيس الوزراء مصطفي مدبولي إطلاق المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي.
– المرحلة دي من المفترض أنها مرحلة الإصلاحات الهيكلية بمعنى الإصلاحات في هيكل الاقتصاد نفسه وخاصة الاقتصاد الإنتاجي المتعلق بالتصنيع، بينما المرحلة الأولى واللي في الغالب بتكون مرحلة التثبيت الهيكلي بتشمل بعض الإصلاحات المالية زي التعويم مثلا اللي حصل في مصر في نوفمبر 2016 ودشنت به الحكومة بداية الإصلاح الاقتصادي.
– النهاردة هنعرف معاكم في البوست ده إيه هي المرحلة الثانية؟ وهل حققنا النتائج المرجوة من المرحلة الأولى للإصلاح الاقتصادي؟ وإيه المطلوب عشان المرحلة الثانية دي تكون ناجحة وتؤدي لنتائج إيجابية في مستويات معيشة المصريين؟
*****
إيه هي المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي؟
– زي ما قولنا المرحلة الثانية دي مرتبطة بإجراء إصلاحات هيكلية على مستوى عدد من القطاعات، للأسف مفيش تفاصيل كثيرة عن المرحلة الثانية للإصلاح غير كلام رئاسة الوزراء واللي هو المصدر الوحيد لتفاصيل المرحلة الثانية، لأنه الحكومة منشرتش لحد دلوقتي أي وثيقة عن الإصلاحات المقترحة دي.
– القطاعات اللي هتركز عليها الإصلاحات هي ثلاث قطاعات: قطاع الصناعات التحويلية كثيفة التكنولوجيا، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
– القطاعات دي بتمثل حاليًا نحو 26% من الناتج المحلي الإجمالي والحكومة بتستهدف أنه نسبتها من الناتج المحلي تزيد لـ 30-35% بحلول عام 2024/2023.
– الحكومة أيضا بتحاول من خلال المرحلة الثانية دي الوصول لعدد من الأهداف منها:
1- تحقيق معدل نمو سنوي يتراوح بين 6% و7% وهو معدل جيد لكن مش كاف بالطبع مع معدلات النمو السكاني الحالي. التقديرات بتشير أنه مصر محتاجة حوالي 9 % سنويا عشان تقدر تكافئ النمو السكاني.
2- تعزيز مفهوم الاقتصاد الأخضر، من خلال التركيز على أنشطة اقتصادية تخفض انبعاثات الكربون والتلوث.
3-تنمية القطاع الخاص، وزيادة دور شركاته في توفير التعليم والتدريب المهني. ودي مشكلة كبيرة بالنسبة للحكومة لأنه القطاع الخاص لحد دلوقتي مش قادر يشارك بشكل أكبر في التنمية ودفع معدلات الاستثمار المحلي بسبب مشاكل هيكلية بتظهر في تدني ترتيب مصر في مؤشر سهولة أداء الأعمال.
4- عدد من المنظومات، منها منظومة التشريعات، ومنظومة الأداء الحكومي، عبر الميكنة والرقمنة
*****
المرحلة دي ضرورية؟
– مفيش طبعا تفاصيل عن طبيعة التدخلات اللي هتعملها الحكومة عشان تنشط القطاعات دي، هل هي مثلا تدخلات استثمارية وخاصة أنه الحكومة السنة الجاية هتضخ استثمارات كبيرة جدا في الاقتصاد، من المتوقع أنه الاستثمارات الكلية السنة الجاية تكون في حدود 1.25 ترليون منها 75 % استثمارات من الحكومة سواء من جوه الموازنة أو من بره الموازنة زي استثمارات الهيئات الاقتصادية العامة.
– ولا هتكون تدخلات تستهدف تخفيضات ضريبية لتشجيع الاستثمار وده شيء غير متوقع لأنه الحكومة عايزة تزود الحصيلة الضريبية لنسبة أكبر من الناتج المحلي في الفترة القادمة.
– ولا هتبقي عدد من الإجراءات والإصلاحات والقانونية والإدارية وخلاص، محدش عارف لأنه مفيش تفاصيل كافية عن البرنامج الثاني للإصلاح الاقتصادي، وهل هو بتوصيات من صندوق النقد أم لا ؟ وغيرها من الأسئلة اللي موجودة بدون إجابات بسبب غياب الشفافية.
– لكن في المجمل الإصلاحات الهيكلية في الاقتصاد المصري مهمة ومطلوبة دائما لأنه عندنا الكثير من التشوهات في بنية الاقتصاد وطريقة عمله بتخلي في تقديرات بتقول أنه من 40-60 % من النشاط الاقتصادي في مصر ما زال غير رسمي.
– بالتالي دي مرحلة ضرورية رغم عدم وضوحها لحد دلوقتي، وعدم التأكد من مدى ترجمة الخطط للواقع، وتنفيذها شديد الأهمية لأنه مصر تقريبا في كل اتفاقياتها السابقة مع صندوق النقد مكنتش بتقدر تنفذ المرحلة الهيكلية دي من الإصلاحات.
– في سنة 1991 وهي أول سنة يكون في اتفاق مع الصندوق على قرض مقابل برنامج إصلاح، كان اسمه ساعتها برنامج التثبيت والتكيف الهيكلي مصر طبقت المرحلة الأولى المتعلقة بتحرير التجارة بشكل أكبر، وتخفيض جزئي لقيمة العملة في 2003، ومحاولة السيطرة على المؤشرات المالية الأخرى زي عجز الموازنة والدين المحلي.
– لكن لما جينا نطبق برنامج الإصلاح الهيكلي تم خصخصة شركات القطاع العام في صفقات شابها الكثير من الفساد وبدل الشركة الواحدة فيه عشرة اتباعوا برخص التراب بدون ما الحكومة ولا المواطن يستفيد وبدون ما يحصل تنشيط فعلي لدور القطاع الخاص في الاقتصاد.
– وده بالأساس كان جاي من أنه المحسوبية والفساد في الاقتصاد أنهوا أي إمكانية فعلية لأنه الإصلاحات الهيكلية اللي تمت تتم بطريقة تخدم الجميع وتنتج نمو اقتصادي مستدام، والكلام الجميل المكتوب اتحول حاجة مختلفة في التطبيق.
*****
إيه اللي محتاجينه في المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي؟
– بحسب كلام رئيس الوزراء فالمرحلة دي لن تحمل المواطن أي أعباء مالية، طبعا رئيس الوزراء يقصد بشكل مباشر يعني أنه مفيش زيادات أسعار ولا رفع دعم قريب ولا زيادة ضرائب على الفئات الأقل.
– لكن أي إصلاح اقتصادي بيتحمل المصريين فيه تكلفة مالية، لأنه القيام بأي خطوة في الاقتصاد من قبل الحكومة بيتم تمويلها عن طريق حاجتين يا إما ضرائب بندفعها كلنا في ظل تشوه الهيكل الضريبي في مصر واعتماده على الضرائب غير المباشرة اللي بيدفعها الجميع زي القيمة المضافة.
– يا إما بيتم تمويله عن طريق الاقتراض واللي بيدفع تكلفته برضة المواطنين المصريين من الضرائب اللي بيدفعوها.
– بالتالي فأي إصلاح اقتصادي لازم يكون فيه قدر عالي من الشفافية والتفصيل يعرفها المواطن العادي عشان يكون مؤيد للإصلاح لما يشوف أنه فعلا في مصلحته.
– يعني مثلا في المرحلة الثانية دي واللي هي مهمة كان لازم نعرف إيه هي الآليات والسياسات اللي هتعملها الحكومة في الثلاث سنوات الجايين عشان المواطن المصري يكون عارف بيدفع ضرائب عشان إيه؟
– محتاجين في المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي أنها تتفادى أخطاء المرحلة الأولى وتزود الإنفاق الاجتماعي وخاصة الموجه للفئات الأفقر زي الأسر اللي في برامج تكافل وكرامة.
– محتاجين الإصلاح يعالج الاختلالات الموجودة في سوق العمل المصري واللي أغلبه بيشتغل عمل غير لائق بدون أجر جيد ولا تأمين صحي ولا أي تغطية تأمينية بالتالي إصلاح سوق العمل وتنشيط حاجات زي المجلس القومي للأجور مهم جدا في المرحلة الثانية.
– وده لأنه مش المفروض الهدف هو النمو الاقتصادي وفقط، ولكن الهدف يكون إزاي أعباء وأرباح النمو الاقتصادي بتتوزع بطريقة عادلة بين الفئات المختلفة للشعب المصري.
– حاجة مهمة تانية وهو أنه المرحلة الثانية لازم تترافق مع إصلاحات ضريبية تعالج التشوهات في هيكل المساواة الضريبية في مصر، لازم يتم فرض ضرائب جديدة زي ضرائب الثروة وزيادة حصيلة ضرائب الأرباح الرأسمالية والبورصة وزيادة حصيلة الضريبة العقارية.
– لازم في الإصلاح الثاني يكون في تدخلات مباشرة من الحكومة في تنشيط قطاعات على حساب قطاعات أخرى، لازم نقدم تحفيز للقطاع الخاص أنه يدخل في التصنيع ويبعد عن القطاع العقاري اللي بقت نسبة مساهمته في الاقتصاد أكثر من اللازم.
– لازم مع المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي يحصل إصلاح إداري جوه جهاز الدولة يكون هدفه تطوير آليات مؤسسية لمكافحة الفساد وإنفاذ القانون.
– لازم أيضا الإصلاح الاقتصادي يكون مترافق مع إصلاح سياسي، واللي أولى خطواته إطلاق سراح السجناء السياسيين السلميين، والسماح بحرية عمل الأحزاب والمجتمع المدني، والصحافة المستقلة، وانتخابات محليات نزيهة، لأنه زي ما كتبنا كثير قبل كدة الديموقراطية هي الألية الوحيدة للتأكد من دوران عجلة الاقتصاد بشكل يخدم مصالح الأغلبية وهي الضمانة الوحيدة للمحاسبة والمراقبة على كل شيء في الدولة وبالتالي تقليل احتمالات وتكلفة الفساد.
– نتمني الدولة تكون مدركة إن الإصلاح الاقتصادي لازم يكون بمنظور شامل يشمل سياسة واقتصاد وإدارة الدولة ويكون هدفه المواطن ومستوى معيشته اليومية مش مجرد أرقام نمو بس.
*****