– من نهاية يوليو اللي فات بدأ عمال مصنع لورد في العامرية في إضراب عن العمل عشان عدد من المطالب الخاصة برفع الأجور في المصنع عشان تبقى زي الحد الأدنى للأجور اللي أقرته الدولة.
– رد فعل شركة لورد إنترناشيونال المالكة للمصنع كان غريب جدا، وهو قرار بفصل ما بين 34- 44 عامل بالشركة من عمال المصنع بحسب مصادر مختلفة، ورفض التفاوض حوالين مطالب العمال.
– إضرابات العمال عشان حقوقهم هي شيء متكرر في مصر، وهي يمكن الشيء الوحيد الباقي للاعتراض على أي حاجة في البلد بعد الإغلاق التام للمجال السياسي.
– ايه اللي بيحصل في شركة لورد؟ وايه هي مطالب العمال؟ والأهم ايه اللي ممكن نشوفه من القصة كلها، وخاصة أنه إضرابات العمال متكررة في مصر مش حدث استثنائي يعني؟
****
ايه اللي بيحصل في لورد؟
– يوم 26 يوليو اللي فات بدأ حوالي 2000 عامل في مصانع لورد اضراب عن العمل، اعتراضا على رفض إدارة الشركة من شهر يونيو اللي فات التفاوض معاهم حوالين عدد من المطالب المالية.
– المطالب دي هي:
1- تعديل الأجور على ألا تقل عن 2400 جنيه (الحد الأدنى للأجور الذي حددته الدولة)، عشان متوسط أجور للعمال اللي قضوا عشر سنوات في العمل ما يقارب 2000 جنيه فقط.
2- تثبيت العمالة المؤقتة، وتعديل العقود السنوية إلى عقود عمل دائمة، عشان العمالة المؤقتة بتشكل النسبة الغالبة في العاملين، وكمان فيه من العاملين اللي أمضوا عشر سنوات أو زيادة بعقود عمل مؤقتة دون تثبيت.
3- صرف أرباح سنوية مجمعة بدلًا من صرفها شهريًا على مراحل في السنة.
4- وزيادة بدلات الوردية الثانية والثالثة؛ من عشرة جنيهات و30 جنيهًا حاليًا، إلى 50 و70 جنيهًا بالترتيب.
– كل المطالب دي واضح أنها غير مبالغ فيها وخاصة أنها يعني جاية بعد رفع الحكومة للحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص لـ 2400، وكمان لأنها متعلقة بأدنى متطلبات العمل اللائق والمستقر زي العقود الدائمة مش المؤقتة اللي بتعرض العامل إنه في أي وقت يقعد في البيت.
– بالإضافة لأنه صرف أرباح السنوية أخر السنة يعني ده مش اجراء معقد دي مجرد عملية محاسبية يعني لترحيل الأرباح دي، لأن العمال بيشتكوا إن الشركة مش بتعلن عن صافي أرباحها السنوية ولا العمال عارفين هل الشركة التزمت بمنحهم نصيبهم من الأرباح السنوية بالفعل ولا القيمة أقل بالشكل الحالي.
– العمال كمان بيشتكوا إن الشركة بتتلاعب برواتبهم عن طريق البنود المتغيرة من الراتب وبالذات حوافز الإنتاج اللي محدش عارف حاجة عن معاييرها.
– لكن رد فعل إدارة الشركة الغريب ده هو اللي خلى يحصل إضراب من الأساس، بمعنى أنه التعنت في مطالب أساسية زي دي وعدم سماع مطالب العمال ورفض التفاوض هو السبب في التصعيد.
– طبعا كان فيه مفاوضات بين ممثلي العمال مع إدارة الشركة بوساطة وزارة القوى العاملة، وأدت لصدور وعد شفوي من إدارة الشركة برفع الحد الأدنى للأجور في الشركة إلى 2400 جنيه بدءا من يناير المقبل، استنادا لقرار المجلس الأعلى للأجور في هذا السياق، لكن للأسف إدارة شركة سحبت الوعد الشفوي، وشافت إن المواجهة هي الحل.
– التعنت والمواجهة دي وصلت بحسب مصادر من الإضراب لخصم مبلغ من العمال كان عبارة عن منحة عيد الأضحى اللي فات من مرتب شهر يوليو، وكأنه كان قرض مش منحة بحسب وصف العمال.
– إدارة الشركة كمان حققت مع العمال عشان يسلموا زمايلهم اللي بحسب الشركة يعني حرضوهم على الإضراب، وبعدها قطعت المياه عن المصنع عشان الناس متعرفش تشرب بحسب روايات ناس من المضربين وقفلت الكانتين اللي في المصنع وفي النهاية فصلت الإدارة ما بين 34- 44 عامل.
– العمال المفصولين كانوا تحديدا اللي أنهوا مدة التدريب المقدرة بـ6 أشهر، وكان أقصى مدة قضاها الواحد فيهم في الشغل هي 4 أشهر، ودا بعد نهاية مدة التدريب، عشان لا يحق لهم اللجوء للمحاكم العمالية، كبش فداء من الآخر يعني.
*****
نشوف ايه من قصة الإضراب ده؟
– ده مش أول ولا أخر إضراب هيحصل في شركات القطاع الخاص في مصر، الموضوع مستمر بسبب أنه في أصحاب أعمال عايزين ياخدوا أكبر مكاسب ممكنة من العمال بدون أدنى حقوق العمل.
– الوضع ده نتيجة سنوات من غياب دور الدولة كمنظم أساسي لسوق العمل، وغياب فعالية الطرق القانونية المعتادة زي التقاضي قدام القضاء الإداري أو دور مكاتب العمل في الرقابة على أصحاب الأعمال.
– يعني في حالة شركة لورد دي مثلا إدارة الشركة بتستند في تعاملها وتهديداتها للعمال بأن دا رأي مكتب علاقات العمل في وزارة القوى العاملة، اللي بينظر للإضراب كعمل “غير مشروع”.
– أيضا الإضرابات المتكررة والمتواترة في أكثر من مكان بتقول أنه في مشكلة في الوضع التنظيمي للنقابات، لو النقابات فعلا مستقلة وقادرة تدافع عن حقوق العمال من خلال الضغط والتفاوض مع أصحاب الأعمال الوضع مش حيكون كده.
– وبالقياس برضو على شركة لورد فيه عامل اتفصل من الشركة في 2014 بسبب دوره في محاولة تأسيس لجنة نقابية في الشركة وقتها، وإلى الآن العمال محرومين من وجود نقابة تمثلهم وتدافع عن حقوقهم.
– مصنع لورد اللي هو في القطاع الخاص ولسه بيدي للناس مرتبات أقل من الحد الأدنى للأجور، ودا دليل واضح على اللي قولناه قبل كده وقت إعلان تطبيق الحد الأدنى للأجور على القطاع الخاص، وهو أنه الموضوع محتاج آليات واضحة تضمن تنفيذه ولا تمنح استثناءات سواء رسمية أو من تحت الطربيزة.
– بحسب العمال المضربين مثلا الإدارة بتقولهم أنها اتبرعت لصندوق تحيا مصر بـ30 مليون جنيه، وبالتالي فيما معناه محدش هيقدر يعمل معانا حاجة.
– في حين الشركة بتخالف القانون بشكل واضح بإجراءات زي الاستمرار في خصم نسبة الـ 1٪ للمساهمة التكافلية لمواجهة تداعيات كورونا، واللي كانت أقرتها الحكومة في مطلع العام المالي الماضي، ولمدة عام فقط، في حين إدارة الشركة مستمرة في خصم نسبة الـ1٪ حتى بعد انقضاء العام المالي. ومن المخالفات القانونية كمان بحسب شهادات العمال عدم صرف الإدارة لبدل الوجبة، وتحمل العمال نفقات الوجبة.
– وضع العمل اللائق في مصر سيء بكل المعايير، نسبة العاملين بأجر اللي بيشتغلوا بدون عقود في مصر حوالي 56% تقريبا من إجمالي القوى العاملة في مصر بحسب أرقام 2017، ولو أخدنا أرقام العاملين خارج المنشآت يعني في المنشآت اللي فيها أقل من خمس عمال هنلاقي إنه النسبة دي ممكن توصل لـ72 %، وده يعني أنه 2 من كل 3 مصريين شغالين بشكل غير رسمي.
– وحتى الناس اللي شغاله بشكل رسمي زي عمال مصنع لورد دول بيكونوا بيشتغلوا بعقود مؤقتة وتحت رحمة الإدارة في أي لحظة ممكن تمشيهم لو رفعوا صوتهم بس وقالوا عايزين حد أدنى للأجور.
– بالتالي وفي الوضع الحالي الدولة محتاجة تكون نشطة في الرقابة على سوق العمل، على حد علمنا مصنع لورد لم يقدم طلب استثناء من تطبيق الحد الأدنى للأجور، وهو شيء مخالف للقرار اللي صدر من مجلس الوزراء من حوالي شهرين بالتالي المجلس القومي اللأجور محتاج يتحرك في القضية دي.
– المفروض إنه في الدول الديمقراطية بتكون الدولة مراقب لسوق العمل، عشان تمنع أصحاب الأعمال من استغلال العمال، وتحسن بيئة العمل وتطور قدرات العمال والموظفين والخريجين لأن دي كلها عوامل جذب للاستثمار. باختصار مفيش استثمار قوي بدون بيئة عمل محترمة ولائقة، وإحنا للأسف لسه بعاد عنها جدا.
– كل الحاجات دي محتاجة تتحقق جوا سياق ديمقراطي بيسمح للعاملين بالتعبير عن مطالبهم بدون ما توصف تلك المطالب بأنها مطالب فئوية ويتم القبض على الناس وترهيبهم أو رفدهم من قبل أصحاب العمل.
– نتمنى وزارة القوى العاملة تتحرك في الملف دا وتنحاز لمطالب العمال القانونية، وإنه يكون فيه تفاوض جاد ملزم مش شفهي مع الإدارة للوصول لنقطة العمال ياخدوا فيها حقوقهم بلا تعنت ولا فصل وانتقام.
**



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *