– في الأيام الأخيرة، ظهرت إعلانات لسلسلة نوادي اجتماعية ورياضية بيتم إنشاؤها في المحافظات المختلفة، إسمها “سيتي كلوب”، ووزير الرياضة أشاد بالتجربة واعتبرها هتحسن مستوى أماكن ممارسة الرياضة والأنشطة الاجتماعية.
– اتقال ان النوادي هي مشروع مشترك بين الوزارة وأحد “أجهزة الدولة”، لكن قبل أيام الوزير قال لأول مرة إن المشروع هو نتيجة بروتوكول مع جهاز المخابرات العامة، تم توقيعه في ٢٠١٨.
– إيه قصة الأندية دي؟ وهل هتخدم كل المواطنين في المحافظات وتكون متنفس ليهم زي ما بيتم الترويج ليها ولا هتقتصر على فئات معينة؟ ده اللي هنتعرف عليه في البوست ده.
*****
إيه هي نوادي سيتي كلوب؟
– دي مجموعة نوادي تابعة لشركة “استادات” القابضة، وهيتم ضخ استثمارات بقيمة مليار جنيه.
– بحسب إعلاناتهم فهيكون ليهم 15 فرع (شبين الكوم، العاشر من رمضان، طنطا، العبور، الزقازيق، كفر الشيخ، بنها، أسيوط، أسوان الجديدة، بنى سويف، دمياط، سوهاج، دمنهور، المنيا، السويس)، وفي المستقبل مفروض العدد هيوصل 27 لكل المحافظات.
– حسب المعلن المشروع بيتشتغل على إعادة تأهيل أندية واستادات التابعة لوزارة الرياضة في مختلف المحافظات، ورفع كفائتها عشان تكون مطابقة للمقاييس العالمية، وتجهيزها لاستضافة أهم الأحداث والبطولات.
– كمان هتتحول الاستادات والأندية لمجمعات رياضية وترفيهية، هتكون فيها منتجعات صحية وحمامات سباحة وملاعب كرة اليد والتنس والاسكواش وصالات للجمباز والكونغ فو.
– يعني حتى الآن على أرض الواقع الشركة المالكة للنادي مش هتبني حاجة من الصفر، ولكن حصلت على حق الانتفاع للاستادات الموجودة بالفعل ومملوكة للحكومة.
– على سبيل المثال في فرع شبين الكوم تم اسناد حق الانتفاع من استاد شبين الكوم للشركة، وده اللي خلا عدد من الأهالي يوكلوا المحامي علي أيوب اللي رفع دعوى لبطلان القرار ومن أبسط الأمور اللي استند ليها هيا إن الاستاد ده هوا المقر الحكومي اللي بتتنفذ فيه “أحكام الرؤية” الصادرة من محاكم الأسرة في شبين بيتم النص ان مقرها هوا الاستاد.
*****
مين هيستفيد منها؟ إيه الأسعار؟
– أشرف صبحى وزير الرياضة قال إن الأندية دي هدفها خدمة “عشرات الملايين” من المصريين، ضمن توجه الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسى لدعم الرياضة وتحسين الأوضاع المعيشية فى مختلف المحافظات.
– الوزير قال بالنص إن استادات المحافظات هتفضل متاحة، وإن الأسعار “في متناول الناس وليست بقيم مالية مبالغ فيها لتكون متاحة للجميع”
– لكن الإعلان الرسمي للأسعار جه على عكس كلام الوزير تماما، والمنشآت العامة دي هتتحول لاشتراكات فوق قدرة الغالبية الساحقة من المواطنين.
– في المرحلة الأولى من عمل الأندية هيتم قبول عضوية 800 عضو فقط في كل نادي، وسعر العضوية هيتراوح بين ٣٢ألف (فرع أسوان) إلى ٦٢ ألف جنيه (فرع الزقازيق)، ده غير رسوم تجديد الاشتراك سنويا هتكون ٥٠٠ جنيه للعضو العامل و٣٥٠ جنيه للعضو التابع و١٥٠ جنيه للطفل بحد أقصى ٣ أطفال فقط.
– ده مثلا اللي خلا الكابتن محمد قشقوش، بطل العالم ومدرب منتخب مصر فى كمال الاجسام، ينتقد قرار تحويل ستاد شبين الكوم لنادى استثماري برسوم اشتراك ٥٢ألف جنيه ووصف التوجه ده بإنه “كارثة بكل المقاييس”، وقال “إنكم بهذا تدفعون الشباب للتطرف والإرهاب والبلطجه والأدمان وتدمرونه تدميرا” وقال ان ده هوا المتنفس لأهالي المنوفية وانه يدعو وزير الرياضة نواب المحافظة ومحافظها للعمل على الغاء القرار!
– لو عملنا حسبة بسيطة هنلقى ان متوسط سعر العضوية ٤٧ ألف جنيه، نضربها في ٨٠٠ عضو، في ١٥ فرع، الاجمالي ٥٦٤ مليون جنيه يعني أكتر من نصف رأس المال اللي تم الاعلان عنه واحنا لسه الشغل متعملش، ده غير إنه ممكن بعدين تترفع الرسوم ويقبلو عضويات أكتر غير اسعار الخدمات داخل الأندية نفسها.
*****
مين اللي ورا المشروع ده؟
– النادي هو واحد من مشروعات شركة “استادات” القابضة. الشركة ظهر اسمها لأول مرة في تصريح لوزير الرياضة في 2018، لما أعلنت عن عقد تطوير المنشآت الرياضية، لكن ماكنش معروف مين بالظبط ملاك الشركة، لكن وزير الرياضة أعلن الأسبوع اللي فات بشكل رسمي إن الشركة مملوكة لجهاز “المخابرات العامة”.
– من خلال المشروع، اتعمل بعض المشروعات التجارية في النوادي ومراكز الشباب في الأقاليم، واتحولت أسوار بعض الساحات الرياضية لمحلات تجارية، واتجهزت فيها قاعات أفراح ومناسبات.
– الرئيس التنفيذي للشركة والعضو المندب لها هو محمد كامل، اللي كان بيدير شركة بريزينتيشن للإعلانات، التابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المملوكة للمخابرات العامة برضه، واللي حكينا سابقا عن قصة امتلاكها لأغلب الإعلام المصري من قنوات وصحف وشركات إنتاج وشركات إعلان.
– شركة “استادات” كانت أعلنت في شهر ديسمبر 2019 عن الاستحواذ على 51% من شركة برزنتيشن، وحصلت معاها على حق إدارة قناة النادي الأهلي، اللي كان في إيد برزنتيشن.
*****
هل الاستثمار بالشكل ده مفيد؟
– بالـتأكيد هو شيء مهم كمبدأ إنه يتم رفع كفاءة المنشآت الرياضية العامة، سواء لاستقبال البطولات الرياضية المختلفة، أو لخدمة وترفيه المواطنين والتنفيس عنهم.
لكن ده ليه سيناريو من اتنين:
– الأول إنا الدولة تعمل ده كخدمة عامة من أموال دافعي الضرايب، حتى لو هيحصل تطوير وخدمات مميزة بأسعار أعلى نسبيا لبعض الأماكن، خصوصا ان مبلغ مليار جنيه لتطوير منشآت وزارة الرياضة بكل المحافظات ده محدود فعلا لو اتقاس بمليارات أكتر بكتير صرفتها الدولة بمشاريع عقارية وكباري وغيرها.
– السيناريو التاني إن القطاع الخاص يعمل منشآته الخاصة الجديدة وحقه انه يكون استثمار هادف للربح زي ما شفنا مثلا تجربة نادي وادي دجلة وغيره.
– لكن اللي بيحصل دلوقتي مع أندية “سيتي كلوب” مختلف تماما، هوا تحويل الملكيات العامة المتاحة للمواطنين لمشروع استثماري وتجاري، وعملياً هيحرم ملايين المستفيدين من المنشآت دي بالفعل، مع إنها منشآت بأموال حكومية من جيوب الناس أصلا.
– ويزيد خطورة ده ان مصر خاصة خارج الغاصمة بتعاني أصلا من قلة أماكن الترفيه والمتنزهات العامة والساحات الرياضية، بنلاحظ ده بشكل أكتر في المواسم والأعياد، لما الناس بتفضل تلف في الشوارع من غير ما تلاقي مساحات مجانية متاحة.
– وبعدين حتى لو قلنا مفيش إلا الطريقة دي “للتطوير”، هل حصلت مناقصة علنية للشركات الخاصة وكل شركة تقدم أفضل عرض وأرخص سعر؟ ولا اللي حصل هوا اسناد مباشر لشركة (خاصة) مملوكة للمخابرات العامة، مش واضح موقفها من الرقابة عليها، أو ضرائبها، أو ممكن نقول انها شركة منافسة عادلة مع أي قطاع خاص تاني.
– نفس النمط ده هو اللي اتعمل مثلاً مع أرشيف التلفزيون المصري واللي اتباع حصريا لمنصة “واتش إت” لمملوكة برضه لجهاز المخابرات العامة، بالتأكيد كويس جدا إتاحة أرشيف التلفزيون للمواطنين، لكن عمليا ده كان ممكن يحصل بمنصة شبه مجانية حكومية لأن التراث ده من انتاج عام بفلوس المصريين، أو السيناريو التاني يحصل عليه مزاد لأعلى سعر تعرضه منصة خاصة، لكن اللي حصل تاني هوا عملية احتكار لشيء قائم كملكية عامة وبالأمر المباشر.
*****
– الدولة عليها مسؤولية إنها تخلق مساحات عامة “مجانية” للنشاط الرياضي سواء بشكل احترافي أو هواية لصالح صحة المجتمع ولصالح شغل وقت فراغ وطاقة الشباب في أمور مفيدة، وعشان كده فيه أصلا حدايق عامة، ومراكز شباب، ومساحات رياضية مجانية أو برسوم رمزية .. وده بالمناسبة حق “دستوري”، وفي التزام “دستوري” على الدولة إنها تتخذ التدابير اللازمة لتشجيع ممارسة الرياضة.
– لو اتكلمنا عن ملاعب كرة القدم اللي في القري والمدن فعددها أقل من إنها تكون كافية للناس، عشان كدا البعض بدأ يعمل ملاعب خاصة تتأجر بالساعة للي حابين يلعبوا، لكن تم إزالة كتير منها السنة اللي فاتت بسبب عدم صدور تراخيص ليها، وربما يكون ده له علاقة بافساح المجال أكتر لمشروع أندية “سيتي”.
– نتمنى إنه المشروع ده يتحول مساره بعيد عن الملكيات العامة ويعمل مشاريع ومنشآت رياضية جديدة، أو على الأقل يتم الضغط لصالح وجود فصل واضح بين الاستادات كملكية عامة يفضل حق استخدامها مجانا أو بسعر رمزي، وبين المنشآت الأخرى الخاصة بالنادي الجديد.
– وبشكل عام نتمنى إن الحكومة تلتزم بدوررها في تطوير المنشآت العامة وإتاحتها للمواطنين، ونشوف في الصورة الكبيرة (إصلاح سياسي) حقيقي يتضمن آليات رقابية زي البرلمان والمجالس المحلية المنتخبة بنزاهة ولها صلاحيات، ده كان هيفرق جدا في تمثيل المواطنين وحقوقهم في المنشآت العامة الموجودة بمناطقهم.
*****