– خلال الأيام اللي فاتت بدأت تظهر أخبار إيجابية عن أزمة عجز المعلمين، الأخبار كانت أنه الحكومة أخيرا اقتنعت بضروة تعيين معلمين جدد لسد العجز الحالي في المعلمين بالوزارة.

– طبعا الخبر بقدر ما هو إيجابي إلا أنه مفاجئ لأنه لحد بداية الدراسة من شهر بس كانت وزارة التربية والتعليم بتقول أنها مش هتعين معلمين واللي عايز يجي يتطوع الحصة بـ20 جنيه وخلاص.

– ايه اللي حصل في الملف ده؟ وليه ده خبر مهم وإيجابي؟ وإزاي ممكن نشوف أزمة نقص المعلمين كجزء من مشاكل التعليم المتراكمة في مصر؟

**

ايه اللي حصل؟

– وزارة التربية والتعليم بحسب مصادر توصلت لاتفاق مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة على إدراج عجز المعلمين على أجندة مجلس الوزراء عشان يتم تخصيص اعتمادات مالية عاجلة من الموازنة لحل الأزمة دي.
– المصدر اللي اتكلم مع موقع المنصة قال أنه “المشاورات مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة أسفرت عن حتمية تعيين معلمين جدد، في ظل العجز الصارخ الذي تعاني منه المدارس، وبلغ قرابة 320 ألف معلم مع بداية العام الدراسي الجاري”.
– الوزارة من 2014 معينتش معلمين جدد، بعد تثبيت 84 ألف مدرس في سنة 2014، وفي كل الفترة اللي فاتت مع العجز المتزايد في المعلمين لم يتم تعيين معلمين وده بسبب رفض الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة التعيينات الجديدة.
– برضه مهم نقول أنه دي أول مرة تقريبا الوزارة تبعت لجهاز التنظيم والإدارة تفاصيل عجز المعلمين بالكامل بما يشمل العجز في المعلمين لكل مادة، وأيضًا لكل مدرسة ابتدائية وإعدادية وثانوية، ودبلومات فنية، بتخصصاتها الأربعة (زراعي، صناعي، تجاري، فندقي).
– في المرات اللي فاتت، ودي حاجة بيروقراطية غريبة جدا ساهمت في تفاقم الأزمة، كانت الوزارة بتطلب تعيين المعلمين من الحكومة بشكل مباشر بدون المرور بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.
– وبالتالي لم يدرج عجز المعلمين في الموازنة، لأن وزارة التعليم كان ترفع الأمر إلى الحكومة مباشرة، دون أن تسلك المسار الطبيعي، واللي لازم فيه تتفق مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وتبلغه باحتياجاتها بشكل دقيق، ووفق بيانات تفصيلية.
– في الفترة الجاية، ممكن من الموازنة القادمة في يونيو 2022 يبدأ إدراج تعيين المعلمين الجدد ضمن الموازنة، وبالطبع مش هيتم تعيين الـ324 ألف معلم مرة واحدة عشان التكلفة المالية الجديدة لكن علي دفعات لأنه طبعا تعيينهم دفعة هيبقى ضغط كبير على الميزانية.
– بالتالي من المتوقع أنه الرقم ده يقل علي مدار السنوات اللي جاية، ومع العجز الكبير ده، وكلام الوزير سابقا على أنه كل 30 ألف معلم جديد بيكلفوا الميزانية حوالي مليار جنيه، فمن المتوقع يعني أنه يتم ضخ 2 مليار جنيه كل ميزانية بالتالي الأزمة دي مش هتحل قبل 5-6 سنين.
– ده كمان بعد استبعاد رقم مهم وهو خروج المعلمين اللي بيوصلوا لسن المعاش واللي التقديرات بتقول أنهم حوالي 40 ألف معلم سنويا.
****

ليه ده إجراء مهم؟

– البدء في حل أزمة عجز المعلمين خطوة مهمة جدا لكن للأسف هي متأخرة كتير، من سنوات مضت ومصر عندها عجز مزمن في المعلمين.
– جزء مهم من العجز ده هو توزيع الموارد البشرية داخل الوزارة واللي فيها حوالي 40% ضمن الهيكل الإداري بمعنى أنهم مش مدرسين بياخدوا حصص.
– جزء تاني هو التوقف عن التعيينات من 2014 وخاصة في ظل العجز واللي حصلت بسببه أزمات زي العقود المؤقتة للمعلمين واللي وقفت تعيين ما يقرب من 36 ألف معلم.
– بالتالي وصل العجز للرقم المخيف الحالي وهو حوالي 324 ألف معلم في جميع القطاعات التعليمية، وبحسب رضا حجازي نائب وزير التعليم فالعجز ده حوالي 163 ألف مدرس في معلمي الأنشطة والخدمات و126 ألف في التعليم العام و 8 آلاف في التعليم الفني وعجز تاني في قطاعات أخرى.
– بالتالي أزمة العجز دي بتسبب مشكلة كبيرة جدا، وبتخلي أي خطوات للإصلاح في السنوات الأخيرة زي تطوير المناهج والتابلت ورقمنة العمليات التعليمية كلها بلا طائل لأنه مفيش العنصر البشري اللي يعمل التطوير ده، ناهيك أساسا عن مدى كفاءة العنصر البشري نفسه.
– بالإضافة لعجز المعلمين فطبعا في مشكلة مزمنة في عجز الفصول الدراسية، ودي برضه هي مشكلة إنفاق حكومي وجودة إنفاق في المقام الأول، بحسب الوزير مصر محتاجة حوالي 250 ألف فصل عشان تحل مشكلة الكثافة، الـ250 ألف فصل دول بيحتاجوا حوالي 120 مليار جني، لكن الوزارة لا تنفق سنويا على بناء الفصول أكثر من 10 مليار جنيه يعني 10 % تقريبا فقط من الرقم ده.
– طبعا عجز الفصول + عجز المدرسين وزيادة أعداد الطلاب بينتج في النهاية الصورة اللي فيها 70 و80 تلميذ في الفصل واللي هي لب مشكلة التعليم في مصر.
****

إزاي ممكن نحل المشاكل دي في أسرع وقت ممكن؟

– مشكلة التعليم هي مشكلة ضعف إنفاق الحكومة في المقام الأول، واللي بينتج عجز في المدرسين وفي الفصول وفي كل حاجة تعتبر ركن أساسي في العملية التعليمية.
– ميزانية التعليم السنة دي حوالي 157 مليار جنيه، بما فيه التعليم العالي بالمناسبة، وتقريبا نصيب التعليم قبل الجامعي منها في حدود 130 مليار جنيه.
– أغلب الإنفاق بيروج للأجور، حوالي 70% تقريبا، وده لأنه على الرغم من تدني المرتبات إلا أنه في عدد كبير في وزارة التعليم والتعليم العالي إداريين وبالتالي الإنفاق فيه مشكلة في التوجيه والتوزيع.
– توزيع الإنفاق على التعليم نفسه فيه مشكلة، هنلاقي مثلا إن المرحلة الابتدائية نصيبها أقل في نسب الإنفاق. في حين معظم الدراسات العلمية بتأكد على أهمية الإنفاق في المراحل المبكرة لأن دي المرحلة اللي بتأسس لكل المراحل التالية.
– بالتالي عشان نحل مشاكل التعليم محتاجين إنفاق أكثر والحمد لله إنه الوزارة اقتنعت أخيرا بأنه لازم نعين مدرسين، وإن شاء الله يقتنعوا في الفترة القادمة أننا لازم ننفق بكثافة أكبر على عملية بناء الفصول وتقليل الفوارق الجغرافية في الفصول والإتاحة في الوصول للتعليم بين المناطق المختلفة وخاصة الريف والحضر.
– لكن إصلاح التعليم مش بس تعيين مدرسين إحنا محتاجين نزود الإنفاق على تقليل كثافة الفصول، إحنا محتاجين إنفاق أكبر على تطوير المناهج وعلى تحسين جودة العملية التعليمية من تدريب المدرسين المستمر على المناهج الجديدة.
– وتاني بنكرر كلامنا زي ما الوزير قال سابقا أنه لو كل 30 ألف معلم بيكلفوا الدولة مليار جنيه بالحد الأدنى للأجور فده معناه إننا محتاجين نوجه الإنفاق في الاتجاه دا كأولوية ضرورية لأن التعليم مش رفاهية مكملة ممكن تتأجل لصالح حاجات تانية.
– الإنفاق على التعليم هو اللي خلى دول تخرج من مصاف الدول النامية للدول المتقدمة، نماذج وأمثلة كثير في جنوب شرق آسيا زي سنغافورة وهونج كونج وماليزيا وكوريا الجنوبية ودول في أوروبا وغيرها.
– كل جنيه بنستثمره في التعليم هو استثمار في المستقبل بينعكس على جودة سوق العمل والإنتاجية وإنتاجية الاقتصاد وينتج مع الوقت نمو اقتصادي مستدام مش معتمد على استثمارات كثيفة رأس المال في البنية التحتية تشغل الناس في وظائف سيئة بأجور سيئة.
– نتمنى المسئولين في البلد دي بداية من رئيس الجمهورية يدركوا أهمية التعليم، وأنه الإنفاق عليه مش رفاهية ولا حاجة، ولكنه أهم حاجة ممكن رئيس أو مسئول يقدمها للبلد وساعتها التاريخ يفتكره بأنه الرئيس اللي أصلح التعليم وحط البلد دي علي أول الطريق الصحيح.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *