– عندنا أمريكا أعلنت موقف رافض تمامًا للي بيحصل في السودان، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن “هذه الإجراءات تتعارض بشدة مع إرادة الشعب السوداني”، ولاحقًا أعلن وزير الخارجية أنطوني بلينكن، رفض أمريكا التام لـ”إجراءات الجيش السوداني ضد الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون”، وأعلن تجميد مساعدات أمريكية بقيمة 700 مليون دولار كانت هترسلها للسودان.
– الخارجية الأمريكية أكدت كمان إن السلطة العسكرية في السودان اختطفت العملية السياسية، وقالت أن سلوكها “يتعارض مع الوثيقة الدستورية”.
– من جانب الاتحاد الأوروبي الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد جوزيب بوريل، قال إنه في حال عدم عودة الوضع في السودان إلى ما كان عليه، فسيكون لذلك “عواقب وخيمة”، بما في ذلك مسألة الدعم المالي للبلاد.
– أما الحكومة البريطانية اعتبرت الانقلاب في السودان “خيانة غير مقبولة للشعب السوداني وانتقاله الديمقراطي”. وكذلك الرئيس الفرنسي ماكرون قال إن فرنسا بتدين “بأشد العبارات” الانقلاب في السودان، وقال “أعبر عن دعمي للحكومة الانتقالية السودانية وأدعو إلى الإفراج الفوري واحترام نزاهة رئيس الوزراء والقادة المدنيين”.
– الأمين العام للأمم المتحدة أدان انقلاب السودان وقال إنه يجب إشراك المجتمع السوداني في أي عملية تغيير سياسي، وكان فيه جلسة مغلقة لمجلس الأمن بخصوص ما يحدث في السودان.
– – لكن الموقف الأهم المقابل كان الموقف الروسي، بعد ما اعتبرت روسيا أن اللي بيحصل في السودان “قد يكون انتقالا للسلطة وليس انقلابا عسكريا”، واتهموا الرافضين لسيطرة الجيش على مقاليد السلطة في الخرطوم بـ”ارتكاب أعمال عنف”، وكل دا كان على لسان نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة.
– وبكده هل هنكون في انتظار صراع غربي-روسي في مجلس الأمن على اللي بيحصل في السودان، ولأي مدى هيتبع تصريحات الغرب (أمريكا وأوروبا) خطوات ضد تحركات السلطة العسكرية في السودان، وكذلك الخطوات الروسية هتكون ايه.
– عربيًا أعلنت جامعة الدول العربية عن طريق الأمين العام، أن الجامعة تدعم إجراءات الانتقال الديمقراطي في السودان وتدعم الوثيقة التي وقع عليها جميع الأطراف السودانية، باعتبارها الطريق الوحيد لتجاوز التحديات في السودان.
– مصر والسعودية والإمارات وقطر أعلنوا بيانات حذرة تجاه الانقلاب العسكري في السودان مفيهاش دعم صريح ولا إدانة صريحة، وربما ظاهريا على الأقل من البيانات دي إنه انقلاب البرهان لسه مش محسوم من جهة الدعم الإقليمي.
– وطبعا انقلاب بالشكل دا هيحتاج دعم مادي وسياسي في حال فرض عقوبات عليه من قبل أمريكا والاتحاد الأوروبي.
– مصر قالت في بيانها إنه أمن السودان جزء من أمنها وإنها بتتابع التطورات، وكذلك السعودية قالت إنها بتتابع ما يحدث وفي نفس الوقت تدعو للتهدئة وعدم التصعيد وحماية وحدة الصف بين جميع المكونات السياسية في السودان.
– أما الإمارات قالت إنها تدعم ما يحقق الأمن والاستقرار وتدعو لضرورة حماية وحدة السودان، أما الخارجية القطرية كان بيانها هو الأقوى، وإنها بتتابع بقلق تطورات السودان، وتدعو لعدم التصعيد وتغليب صوت الحكمة، وضرورة إعادة العملية السياسية للمسار الصحيح وتحقيق تطلعات الشعب السوداني.
– مكتب رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، أكد مساء الثلاثاء، إعادته وقرينته، لمقر إقامتهما في العاصمة الخرطوم “تحت حراسة مشددة”، مع بقاء وزراء وقادة سياسيين “قيد الاعتقال”، ودا بعد ما نفى البرهان، خلال مؤتمر صحفي، اعتقال حمدوك، وقال إنه “معي في منزلي للحفاظ على سلامته، ويمارس حياته بشكل طبيعي وسيعود إلى منزله”، لكن واضح إن خطوة الإفراج عنه جت بعد ضغوط كبيرة من الخارج.
– في الداخل السوداني يبدو حتى الآن إنه مفيش أي ظهير سياسي للانقلاب إلا أنصار نظام البشير، لسه الجماهير السودانية في الشوارع بترفض الانقلاب رغم سقوط عدد من القتلى والمصابين في الاشتباكات مع قوات عسكرية.
– وكمان أعلن 3 سفراء سودانيين في فرنسا وسويسرا وبلجيكا رفضهم للانقلاب العسكري وأعلنوا انشقاقهم عن المسار اللي بيحصل في السودان بقيادة البرهان وإنهم منحازين لثورة الشعب السوداني.
– ومن الناحية العملية لسه في انقطاع في معظم الاتصالات في السودان، ولسه في إغلاق لشوارع الخرطوم، وكمان أعلن البرهان حل النقابات المهنية، عشان يفكك تجمع المهنيين السودانيين اللي بيقود المظاهرات وحركة العصيان المدني ضد الانقلاب.
– تجمع المهنيين السودانيين بينشر نتائج الحراك الرافض لتحركات الجيش، وبيتكلم عن انضمام قطاعات واسعة وحيوية للإضراب والعصيان المدني زي شركات البترول والمهندسين والجامعات وغيرها، مع التحضير لمليونية يوم 30 أكتوبر.
– بشكل عام الانقلابات العسكرية شيء مش غريب أبدًا على منطقتنا العربية بشكل عام وعلى السودان بشكل خاص، الانقلابات هناك تكررت كتير في التاريخ السوداني من بداية الاستقلال/ قادها إبراهيم عبود في 1959 وبقي في السلطة حتى 1964 ومشي بثورة شعبية قادها الطلاب، وجعفر النميري من (1969 إلى 1985) ثم أطولهم كان انقلاب 1989 اللي قاده عمر البشير ونجح بالاستيلاء على السلطة من خلاله لمدة 30 سنة، برغم العزلة الدولية اللي كانت مفروضة عليه.
– وبشكل عام مكونات الجيش السوداني في اللحظة الحالية مش مستقرة أوي بالرغم من إنه قيادتهم كلها هي اللجنة الأمنية العليا اللي شكلها عمر البشير، وحصل أكتر من محاولة انقلاب داخل الجيش في السنتين اللي فاتوا، وتم إجهاض التحركات دي.
– ويعتبر أقوى وأخطر قيادات الجيش هما القائد الحالي عبدالفتاح البرهان، ومعاه طبعًا محمد حمدان دقلو حميدتي قائد قوات الدعم السريع، والقوية جدًا داخل المؤسسات الأمنية السودانية، والشخص ده هو متواضع التعلم وكان مؤسس ميليشيا وعنده مصالح كبيرة في الإمارات وكان أحد رجال البشير المخلصين، ومش ظاهر في المشهد حتى الآن، ومش معروف إذا هيكون فيه صراع مكتوم بينه وبين البرهان بعد كده ولا لأ.
– الحكم العسكري في السودان جرايمه كانت كتيرة جدًا، ما بين جرايم حرب في دارفور بقتل عشرات الالاف واغتصاب السيدات وقصف المستشفيات وتقسيم السودان، وما بين إفقار غير عادي للمواطنين السودانيين ونهب ثرواتهم، واعتقالات شغالة ومفتوحة للمفكرين والمثقفين، وبنية تحتية متهالكة ومعدومة للغاية، وعصابات مسلحة موجودة بحماية السلطة، الشعب السوداني ضحية كبيرة للحكم العسكري.
– القوى المدنية في السودان دخلت شراكة مع المكون العسكري بعد ثورة الشعب السوداني بهدف المرور بفترة انتقالية تنقل البلد لفترة استقرار سياسي بدون صدام كبير، وكان الهدف الرئيسي إخراج نموذج شراكة ممكن بين المدنيين والعسكريين، لكن اللي حصل كان انقلاب على الشراكة دي بعد التمهيد لدا بأزمات اقتصادية وأمنية تم تحميل المدنيين فقط مسؤولياتها.
– وهنا محدش بينكر إن ممكن يكون المدنيين عندهم أخطاء في المرحلة الانتقالية، لكن مش الحل أبدا هو “الانقلاب العسكري” الكامل بذريعة “تصحيح المسار”، لأن البشير لما انقلب في 1989 كان بيقول نفس الكلام، وشوفنا في الآخر البلد وصلت لفين.
– الحوار هو الحل الرئيسي لتلافي أخطاء المراحل الانتقالية، وبالفعل كان فيه مبادرات من أطراف عدة أبرزها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، لكن تم تجاهلها واللجوء للحل العسكري وفرض الأمر الواقع.
– نتمنى بشكل عام إنه الشعب السوداني يقدر يصمد قدام الانقلاب ده، ويوصلوا لحوار جديد بين المكونات السودانية المختلفة يعود بالمسار الانتقالي لطريقه الصحيح، وربنا يحفظ أهلنا في السودان من كل شر.
مشاركة: