الموقف المصري

– من شهر تقريبا، اتقبض على الرئيس الباكستاني السابق آصف زرداري، في تهم فساد مرتبطة بغسيل أموال. بعدها بـ5 أيام تم القبض علي اخته فريال تالبور في نفس القضية.
تفاصيل القضية بتدينا دروس في إيه اللي ممكن تعمله دولة بتحارب الفساد بجد، حتى لو دولة زي باكستان دولة نامية وعندها مشاكل وعيوب كتير.
شوفنا سابقا محاربة الفساد في باكستان بالقبض على نواز شريف رئيس الوزراء السابق في باكستان

– في البوست هنعرف أكتر عن تفاصيل القضية، ومكافحة الفساد في باكستان، وإيه ممكن نستفاد منه من قضية زي دي.
*******

مين هو زرداري؟

– آصف علي زرداري هو رئيس حزب الشعب الباكستاني، واحد من أكبر الأحزاب المعارضة هناك. وزوج بنظير بوتو، أول رئيسة وزراء لباكستان، وبالتالي عضو في أكبر عائلة سياسية في البلد، عائلة بوتو، اللي أسسها ذوالفقار علي بوتو رئيس باكستان السابق.

– زرداري رجل أعمال، وواحد من أغنى رجال الأعمال في باكستان، ثروته تقدر ب 1.8 مليار دولار. لكن معروف بفساده. اتحبس قبل كدة في الفترة من 1993لـ2004، بتهم فساد، وتحريض على قتل أخو بنظير بوتو في صراع على السلطة جوه حزب الشعب، وهي تهمة بينفيها بشدة.
– بعد خروجه من السجن في 2004، اترشح للرئاسة في 2008 بعد اغتيال زوجته بنظير بوتو في 2007، وفاز في الانتخابات فعلا، وفضل في الحكم لحد 2013، قبل ما يرفض الترشح مرة تانية بسبب تراجع شعبيته بنسبة كبيرة.
– آصف زرداري كان مشهور في أوساط العامة في باكستان بالسيد 10% (mr 10%)، كون مشهور عنه إنه بياخد نسبة 10% عمولة على أي عقد حكومي يديه لشركة.

********

إيه تفاصيل القضية؟

– بحسب مكتب المحاسبة الوطني في باكستان، القضية هي قضية غسيل أموال، وبيتم التحقيق فيها من 2015. لجنة التحقيق أصدرت في أخر 2018 تقريرها المكون من 128 صفحة حوالين القضية، واللي وضحت فيه بالتفصيل عملية إنشاء الحسابات وتحويل الأموال ليها.

– التقارير الرسمية بتقول أن زرداري وأخته حولوا مبالغ تصل لـ29 مليون دولار، لحسابات مزيفة بغرض غسيل الأموال. وفي مصادر تانية قالت إن المبالغ دي توصل لـ400 مليون دولار.

– أوراق القضية بتشير لإن زرداري وأخته، وأنور مجيد رجل أعمال مقرب من زرداري، وحسين لاويا رئيس بورصة باكستان السابق، ورجال أعمال تانيين ليهم علاقة بأشخاص وسياسيين من حزب الشعب، لديهم 29 حساب بنكي مزيف، في 3 بنوك باكستانية. وكانت الحسابات دي بتستخدم في غسل الأموال اللي حصل عليها المتهمين بطريقة غير شرعية.

– القضية فيها اتهامات لـ172 شخص، معظمهم رجال أعمال، أو سياسين في حزب الشعب الباكستاني.
ومتورط فيها مجموعة شركات “أومني” واحدة من أكبر الشركات في باكستان.
– لحد دلوقتي مفيش إدانة رسمية لآصف. كل اللي تم توجيهه ليه اتهامات في انتظار المحاكمة، لكن مصير رئيس الوزراء السابق نواز شريف اللي في السجن دلوقتي واضح انه مش بعيد عنه.

********

هل مكافحة الفساد في باكستان ناجحة؟

– باكستان دولة تاريخها السياسي مليان بالفساد، من زمان اتكررت وقائع فساد السياسيين، وبشكل عام تاريخيًا باكستان مفيش فيها ديمقراطية كاملة، أو فيها قضاء مستقل بشكل كامل وفصل بين السلطات. وعلى العكس باكستان نظامها السياسي متسيطر عليه من جنرالات الجيش، وشهدت عبر تاريخها عدد كبير من الانقلابات المباشرة أو غير المباشرة عبر ضغوط سياسية.

– حزب الانصاف الحاكم دلوقتي، واللي أصله هي حركة التحريك والإنصاف، المدعومة من العسكريين بقيادة عمران خان، اللي فاز برئاسة الوزراء في 2018 بيحاول من بداية حكمة القيام بحملة واسعة لمكافحة الفساد في باكستان. وده كان جانب كبير من الخطاب اللي كسب الحزب بيه الانتخابات، وبالفعل عمل خطوات جيدة حتى لو مش كاملة.

– مثلا تم تعديل قانون الفساد لحماية المبلغين عن الفساد. وتم تأسيس لجنة لاستعادة أصول الدولة المهربة.

*******

إيه ممكن نشوفه في التجربة دي؟

– التشابه بين مصر وباكستان في ارتفاع نسب الفساد، وهيمنة الجيش على السياسة والاقتصاد كبير جدا، لكن في المقابل هي من الدول اللي ممكن ناخد منها دروس تفيدنا في خطوات إصلاحية.

– باكستان عندها انتخابات بتخلي مفيش شخص يقدر يحكم طول حياته، باستمرار بيتم تغيير الرئيس أو رئيس الوزراء، وعندها حياة حزبية قوية وبيتغير شكل البرلمان، وآخر جنرال عمل انقلاب مباشر كان برويز مشرف سنة 1999 تم اجباره على الاستقالة سنة 2008 بعد ما اغلبية البرلمان كانت هتسحب منه الثقة، وفي 2013 بدئت اجراءات محاكمته بتهمة الخيانة العظمى.
ورغم استمرار هيمنة الجيش لحد النهاردة، لكن السماح بالهامش ده في النظام السياسي بيسمح بهامش أكبر لحرية الصحافة ومكافحة الفساد.

– وبالطبع في أوقات كتير في باكستان بيتم تعقب الفاسدين لو كانوا مختلفين مع النظام سياسيا أو بعد زوال سلطتهم مش أثناء وجودهم فيها.
دي ممارسة معروفة ومعتمدة في معظم الدول غير الديمقراطية في العالم، وهي استخدام أجهزة مكافحة الفساد عند الحاجة بس. بالبلدي “هتسكت ولا نفتح في الملفات القديمة”.

– ده بنشوفه عندنا في قضايا زي:
١- تهم الفساد ضد ناس زي سامي عنان، وأحمد شفيق، وغيرهم. اللي كان دايما بيتم الكلام عن فسادهم والتحقيق معاهم لما يعترضوا على أي شيء أو يختلفوا مع النظام السياسي، وبعدين يختفي الموضوع.

وخلينا نفتكر الفيديو اللي اتكلم فيه الرئيس السيسي وقت انتخابات الرئاسة 2018، لما قال: مش هسمح لواحد عارف إنه فاسد وحرامي إنه يقرب من كرسي الرئاسة. في إشارة للفريق سامي عنان. وبعد ما أعلن الفريق سامي عنان ترشحه تم اعتقاله بعد موجة تحريض إعلامي ضده بإنه متورط في قضايا فساد، ومن وقتها عنان محبوس وبيتحاكم بتهمة تانية سياسية: “إفشاء أسرار عسكرية”، والكلام عن ملفات الفساد اختفى.
وزيه الفريق شفيق اللي نشرت صحف اتهامات فساد كبيرة ضده، ولما انسحب من الترشح كل الكلام ده اختفى، ومحدش حاسب الصحف دي على “نشر أخبار كاذبة”!

٢- صلاح دياب مالك المصري اليوم، واللي الكلام عن قضايا فساد واستيلاء على أراضي ضده بيكون متزامن مع خلافات حول توجهات المصري اليوم، أو الاخبار عن رفضه بيعها ل “جهات سيادية” زي ما أغلب الاعلام اتباع ليهم.

٣- فتح ملفات الفساد مع أعضاء إتحاد الكورة الحاليين فقط بعد الخسارة دليل واضح على إن ممكن تبقى فاسد لكن طالما مصالحك ماشية بخير مع السلطة فمفيش أزمة في الفساد ده، لكن لما يحصل خلاف مصالح أو لما يحصل قرار سياسي لتهدئة الناس يبقى فجأة نفتكر الفساد.

– الطريقة دي عمرها ما كانت ولا هتكون فعالة في مكافحة الفساد. وزي ما عمرها فادت باكستان بشكل حقيقي يغير مكان البلد عمرها ما هتغير وضعنا، لإنها بترهن مكافحة الفساد بمصالح سياسية لحظية وخناقات على السلطة، وفي أغلب القضايا اللي من النوع ده بيحصل ترضية ومحدش بيتحاسب.

– الضمانة الحقيقية لمكافحة الفساد هو مثلث: ١-ديمقراطية حقيقية. ٢- شفافية تتيح للصحافة والشعب ممارسة حق الرقابة الشعبي. ٣- والأهم الفصل بين السلطات وما يتبع ذلك من استقلال المؤسسات الرقابية والقضاء.بدون الـ3 أضلاع دول أي كلام عن محاربة الفساد هو كلام غير جاد. ومهما شوفنا كل يوم خبر عن إنجازات الرقابة الإدارية، هيفضل الفساد خاضع لرغبة الحكام يحاسبوا مين ويسيبوا مين.

– نتمني قريب يجي اليوم اللي نشوف فيه في بلدنا ديمقراطية حقيقية، وفصل بين السلطات، وشفافية وحرية صحافة، تسمح بأننا فعلا نحارب الفساد.
*********