– الأسابيع اللي فات تجددت في البرازيل مظاهرات تطالب بعزل الرئيس جايير بولسونارو، على خلفية استجابته السيئة لأزمة كورونا، اللي راح ضحيتها في البرازيل فقط أكتر من نصف مليون مواطن.
– دي مش أول مظاهرات بنفس المطالب في البرازيل، واستمرت حتى بعدما المحكمة الفيدرالية العليا أذنت قبل أسبوع لمكتب المدعي العام بفتح تحقيق حول الأمر، من المتوقع أن يستغرق 90 يوم.
– الاعتراضات الشعبية على إدارة أزمة كورونا، تكررت في أكتر من بلد، خصوصا إن نتيجة الإخفاق المباشرة تعني الموت لآلاف المواطنين.
– هنشوف النهارده إيه اللي بيحصل بالظبط في البرازيل في ملف كورونا؟ وإيه اللي ممكن نستخلصه من الحالة دي؟
*****
إيه اللي بيحصل في البرازيل؟
– من بداية الوباء، الرئيس بولسونارو ماكنش معترف بوجود فيروس كورونا، ورافض يدعم إجراءات احترازية زي التباعد الاجتماعي ولبس الكمامات، لحد ما الفيروس انتشر بشكل مرعب وتسبب في وفاة الآلاف.
-عدد الوفيات في البرازيل يعتبر تاني أعلى معدل في العالم بعد أمريكا، حصيلة الوفيات اليومية تتجاوز 1500، وشراسة الفيروس زادت بسبب اكتشاف سلالة جديدة هناك، وصل عدد المصابين بها حوالي 70 ألف شخص يوميا خلال الشهر اللي فات. لحد الآن البرازيل طعمت 27 مليون شخص يعني حوالي 13٪ من سكانها البالغ عددهم 210 مليون شخص وده معدل بطيء جدا.
– نهاية شهر يونيو اللي فات، آلاف المتظاهرين بيتجمعوا بشكل أسبوعي في الشوارع الرئيسية بدعوة من النقابات والأحزاب المعارضة، للاعتراض على سياسة الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو اللي بينتمي لأقصى اليمين.
– دي مش أول مظاهرات حاشدة ضد الرجل، وسبقها موجتين من المظاهرات الحاشدة خلال السنة ونصف اللي فاتت، واحدة منهم كانت من حوالي شهر ونص، لما عدد وفيات كورونا وصل نصف مليون شخص. فيه اتهامات شعبية للرئيس البرازيلي بالتأخر في شراء اللقاحات، وحتى الصفقات اللي تم شرائها، فيه حولها شبهات فساد.
إزاي ده أثر على الرئيس البرازيلي وبيهدد تواجده في السلطة؟
– بالإضافة للتظاهرات الشعبية ضده، بولسونارو بيواجه دعوات لعزله من خلال تحقيقات برلمانية في مجلس الشيوخ للاشتباه في تجاهله اختلاس أموال عامة فيما يتعلق بشراء لقاحات وباء كورونا، بعد ما المعارضة تقدمت بشكوى ضده، تتضمن 20 تهمة مختلفة، من ضمنها الاشتباه في أنه تجاهل الضغط اللي حصل على موظف في وزارة الصحة للمصادقة على استيراد جرعات من لقاح “كوفاكسين” الهندي، بتكلفة ضخمة، أكبر من القيمة الحقيقية.
– بولسونارو رافض التحقيقات دي وبيقول إنها محاولة من معارضيه لعرقلته، لكن واضح إن دي مجرد حجج فارغة، خصوصا إن بعض حلفائه السابقين انضموا للاحتجاجات، لكن اكتمال التحقيقات دي ما زال غير مؤكد، لأن بولسونارو معاه دعم من بعض الأعضاء، بما يكفي لعرقلة المساعي دي.
– أيضا مكتب المدعي العام البرازيلي فتح تحقيق أولي في التهم الموجّهة من 3 من أعضاء مجلس الشيوخ للرئيس اتّهموه بالإخلال بواجباته في القضية دي، بعد ما المحكمة الفيدرالية العليا أذنت في فتح التحقيق، ولسه مكتب المدعي العام هيقرر إذا كانت فيه أدلة كافية لتوجيه الاتهام ولا لأ.
– ده مش معناه إن تصرفات بولسونارو بلا عواقب، لأنه شعبيته تدهورت وأصبحت في أدنى مستوياتها، وصلت لـ 24% خلال الأسابيع الأخيرة، وفيه توقعات إنه هيخسر الانتخابات الرئاسية القادمة أمام الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا المنتمي إلى حزب العمال، واللي تولى السلطة بين 2003-2010، وتم سجنه بتهم مزيفة سنة 2018 لإبعاده عن المنافسة.
– في شهر مارس اللي فات، المحكمة العليا في البرازيل قضت ببراءة لولا دا سيلفا من تهم الفساد، واستعاد حقوقه السياسية، ومن المتوقع هيكون له حظوظ عالية في الانتخابات القادمة، وإنه هينجح في إزاحة بولسونارو عن السلطة.
– وكان فيه أنباء بتقول إن وزارة الدفاع البرازيلية أبلغت قيادة الكونغرس بأن انتخابات العام القادم لن تجرى دون تعديل نظام الاقتراع الإلكتروني في البلاد ليتضمن بطاقة اقتراع لكل صوت.
– وكمان بالسونار قال كتير من غير ما يقدم أي دليل إن النظام الحالي عرضة للتزوير، ودي مزاعم نفتها الحكومة البرازيلية، ودا جزء من الصراع الحالي في المشهد كذلك.
– المظاهرات ضد إدارة الحكومات أزمة كورونا وتأخر الحصول على اللقاحات، تكررت في أماكن أخرى من العالم، معظمها بلاد متوسطة الدخل، زي تايلاند، اللي شهدت مظاهرات وصدامات قبل أسبوعين ومطالبات باستقالة رئيس الوزراء، في الوقت اللي البلاد تشهد فيه أسوأ موجة من انتشار كورونا، وتلقيح حوالي 5 % فقط من المواطنين.
– المتظاهرين شايفين إن السبب في ارتفاع حالات الإصابة والوفاة هو بطء الحكومات في تأمين اللقاحات، وده أثر على أعمالهم ومصادر رزقهم.
– كوبا كمان شهدت احتجاجات مماثلة، خصوصا بعد ما تسبب الوباء في أزمة اقتصادية حادة وعدم توفر المواد الغذائية، احتاجت خلالها البلد لتلقي مساعدات غذائية من الخارج.
– بلاد أخرى بتشهد موجات غضب، حتى وإن كان ظهر في أشكال مختلفة، كما هو الحال في جنوب إفريقيا اللي شهدت صدامات، أحد أسبابها كان الأضرار الحاصلة بسبب الوباء، أو ماليزيا اللي بعض مواطنيها رافعين أعلام بيضاء وسوداء على بيوتهم تعبيرا على الاحتجاج على الآثار السلبية للوباء على الاقتصاد وبطء التطعيمات.
– عربيا، شوفنا في تونس قبل أسبوعين احتجاجات بسبب تدهور الوضع الصحي وسوء توزيع اللقاحات على المواطنين، وتفاقم الوضع كان واحد من الأسباب اللي استند ليها الرئيس قيس سعيد لتبرير الإجراءات الاستثنائية اللي فرضها، وأبرزها إقالة الحكومة وتجميد عمل البرلمان، لكن معارضو الرئيس بيقولوا هوا برضه معندوش خطة بديلة واضحة لحل أزمة كورونا.
******
نشوف ايه من كله؟
– الوضع في مصر مش بعيد عن كل الأمثلة اللي ذكرناها دي، بلد متوسط الدخل، بيواجه نقص في توزيع اللقاحات، ولم يتم تطعيم سوى 3 % من مواطنيه حتى الآن، وحتى بعد الإعلان عن تصنيع اللقاح محليا وتوفيره لنص المواطنين قبل نهاية السنة، فيه تخوفات عند الناس من أخذ اللقاح، ولم يسجل لطلب اللقاح حتى الآن إلا 10 % من المواطنين، ودا تحدي كبير مطلوب مواجهته.
– الحكومة بتقول إننا في وضع جيد من الناحية الصحية، وعدد الوفيات المسجلة رسميا بكورونا حوالي 17 ألف فقط، لكن عمليا كلنا عارفين إن الأرقام أكبر بكتير.
-حسب دراسة للجهاز المركزي للإحصاء، فيه حوالي 200 ألف حالة وفاة سجلت خلال السنة ونص اللي فاتوا، زيادة عن المعدلات بتاع ما قبل كورونا. السبب الوحيد المرجح للزيادة دي هو كورونا، لأنه المستجد الوحيد اللي ممكن يزود عدد الوفيات، وفيه تقارير صحفية بتشير لتسجيل كتير من وفيات كورونا على إنها لأسباب طبيعية أو بسبب التهاب رئوي.
– محتاجين نقول إن التعامل مع الجائحة كان اختبار للحكومات حول العالم مش بس عندنا، لذلك لما بيكون فيه تقصير وسوء إدارة طبيعي الناس تحتج وتطالب بمحاسبة المسؤولين، ودا أقل شيء لأن التقصير أو سوء الإدارة كانت نتيجته آلاف الضحايا.
– فيه مجهودات بتبذل في مسألة التلقيح في مصر كان آخرها تصنيع اللقاح الصيني، لكن الأمر يحتاج لتنظيم وإدارة أفضل ورقابة أشد في ظل الحديث عن بيع اللقاحات للقادرين ماديا في ظل تأخير في إنجاز نسبة معتبرة من مجمل السكان.
– انتقاد الحكومة أو وزارة الصحة في مواجهة ملف كورونا مش جريمة ولا عيب دا حق دستوري لكل المواطنين، وملف الصحة في مصر محتاج وقفة حقيقية، والحكومة لازم توفي بالنسبة اللي حددها الدستور للقطاع الصحي (3% من الناتج القومي الإجمالي)، واللي الحكومة بتصرف نصفه فقط، لو الإنفاق ده تم وفقا للدستور، مشاكل كتير مش هنسمع عنها، ومش هنشوف أداء سيء وقت الأزمات.
– محتاجين نتعلم من تجارب الدول التانية قبل ما تتكرر عندنا الأزمات اللي بيواجهوها، ونعمل إعادة تقييم لإدارة الحكومة لملف كورونا، لنضمن سلامة الناس أولا وأخيرا.