– يوم الاتنين حضر وزير النقل كامل الوزير، لمجلس النواب عشان يقول بيان عن خطة وزارته بعد حوادث القطارات المتكررة، والبيان كان مليان تبريرات وأعذار غير منطقية.
– الجلسة العامة اللي حضرها وزير النقل بناء على طلبه (مش طلب النواب) عنوانها الأبرز كان الشكوى من صغار الموظفين، من جانب الوزير والنواب في وقت واحد.
– في البوست ده هنناقش أهم تصريحات الوزير وكلامه عن السكة الحديد بشكل عام.
*****
– الوزير سرد مشاكل وأزمات السكة الحديد قبل توليه المسؤولية، من ديون متراكمة، وتوقف قطارات البضائع، وتعطل 50% من جرارات السكك الحديدية واختفاء قطع الغيار، ووجود أطنان من الخردة نتيجة التهالك، وتقادم القطارات والمركبات لمدد تزيد عن 40 سنة.
– الوزير قال إن آخر عربات تم توريدها للسكة الحديد ومنها عربات النوم كانت في عام 1982 أي منذ 40 سنة تقريبا، ودي معلومة مش صحيحة لأن ببساطة هيئة السكك الحديدية نفسها أعلنت عن شراء عربات في التسعينيات وكذلك في الفترة من 2004-2006، وكمان في 2014.
– وكمان اتكلم عن حجم خطة تطوير السكة الحديد واللي بلغت تكلفتها تريليون و600 مليار، واتكلم عن التعاقدات اللي اتعملت لتطوير هيئات وزارة النقل كلها، سواء مشروعات النقل النهري أو القطارات الجديدة السريعة والمونوريل أو السكة الحديد والورش وغيرها، واتكلم بالتفصيل عن التعاقدات والخطط والشراكات الأجنبية مع شركات متقدمة.
– الغريب إن الوزير كان بيقول مبررات غريبة للحوادث بدءاً من إلقاء اللوم على “أطفال” بيفكو مسامير القطارات أو بيحدفو طوب على القطار وهو ماشي، وإنه بالتأكيد هناك محرض لهذه التصرفات لأنهم بيصوروا القطر بعد ما بيتقلب!
– الوزير كمان قال إن في “عناصر إخوانية” داخل مرفق السكة الحديد، بدون ميقول ده إزاي سبب حوادث أو مشاكل بينما كل بيانات النيابة بالحوادث الأخيرة مقالتش إنها كانت عمل إرهابي أو متعمدة، ووصل بيه الموضوع إنه اتكلم عن سواق قطر بعينه كتب بوستات ضد مسلسل “الاختيار 2” !!
– الوزير استمر في الكلام بنفس النغمة وإنه بيحاول ينقل الموظفين “الإخوان” لمواقع غير حساسة، وإنه في خطورة في وجود عناصر “إثارية” داخل السكة الحديد! وبعدين رجع اتكلم عن وجود نسبة من السواقين والعمال متعاطي مخدرات، وإنه قدر يخفض النسبة دي من 5% بما يعادل 2000 عامل لـ 1% بما يعادل 400 شخص.
– الوزير طلب من البرلمان يعمل تعديل تشريعي على قانون الخدمة المدنية، عشان يسمح للوزير بفصل العمال المرتبطين بـ”جماعات إرهابية” ومتعاطي المخدرات.
– الوزير قال كمان إنه هيستقدم “وعاظ” من الأزهر ولواءات من الشؤون المعنوية، لتشجيع وتحفيز عمال السكة الحديد على روح الانتماء للوطن، والإخلاص في العمل!
*****
كان إيه رد فعل النواب على كلام الوزير؟
– في البداية لازم نكون عارفين إن حضور الوزير للمجلس مكانش باستدعاء من البرلمان للمسائلة، ده كان طلب من الوزير نفسه، لكن المجلس نفسه مقامش بأي إجراء، ومداخلة رئيس لجنة النقل والمواصلات “علاء عابد” مع لميس الحديدي من أسبوع كانت بتقول ده، البرلمان أغلبيته رافضة فكرة مسائلة الوزير على حوادث القطارات باعتبارها مش مسؤوليته.
– بعد نهاية بيان الوزير، غالبية النواب دعمو كلامه تحديداً في نقطة الانتماءات السياسية لبعض الموظفين والعمال، نواب تانيين اندفعوا في موجات التأييد ودعوات التوفيق والتصفيق للوزير، ووصفه بأنه أكفأ ظباط القوات المسلحة زي ما قال عنه الرئيس السيسي.
– نفس سياق لوم “العنصر البشري” برضه اتكلم بيه رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور اللي قال “نحن أمام تحدي مع ضمائرنا، وما أسهل أن نتبع سياسة كبش الفداء”.
-النائب مصطفى بكري قال إن معاه تقرير من الأمن الوطني راح لرئاسة الوزراء بيتكلم عن 250 إخواني في السكة الحديد.
– النقد اللي اتوجه للوزير كان قليل جداً، أهمهم كلمة نائبة الحزب المصري الديمقراطي مها عبد الناصر، اللي اتكلمت عن إنه في أنظمة أمان إلكترونية تم تطويرها بمعرفة شركة مصرية، وعدم استخدام نظام الأمان ده بيسبب الحوادث” ووجهت سؤال عن سبب البدء في القطارات السريعة بخط ” العلمين – السخنة” وليس خط “أكتوبر – أسوان” على الرغم من إنه الاحتياج أشد وأكبر لخط الصعيد لطول المسافات وكثرة الجمهور المستخدم للقطارات، والمفترض إنه يكون أولوية، وكان فيه مطالبات أخرى مهمة بإن الوزير يخلع بدلته العسكرية عند إدارة وزارة سياسية ومرفق مدني.
– لأنه مينفعش إن دايما يكون مرفوع لافتة إن الوزير كان عسكري سابق أو يُشاع إنه “محمي” بثقة من رئيس الجمهورية، والمفروض يكون الأداء هو المقياس.
*****
– بشكل عام المبررات اللي قعد يقولها الوزير اللي تخص العنصر البشري هي تصريحات يغلب عليها “التهرب من المسؤولية”، لأنه ببساطة حوادث القطارات اللي بتحصل أحد مشكلتها الأساسية هو عدم وجود أو عدم تشغيل أنظمة “الأمان” داخل القطارات، لأن في النهاية حوادث القطارات لما بتحصل فسواق القطر لو نجا من الموت فيها، فبالتأكيد هيتم حبسه من النيابة، وبالتالي مفيش منطق أبداً للكلام عن التآمر والتصنيفات السياسية، خاصة وإنه طول الوقت فيه تحقيقات جنائية عمرها ما أشارت لهذا النوع من المبررات.
– كمان الكلام لو في اتجاه تأهيل الموظفين وتطويرهم مش المفروض يكون عن طريق استقدام مشايخ ووعاظ أو لواءات جيش، لكن عن طريق رفع كفاءة العنصر البشري بالتدريب والتأهيل، واستقدام الإدارة والموظفين أصحاب الكفاءة والخبرات، والإنفاق على الأصول والماكينات واستقدام أحدث الأجهزة.
– التحريض ضد موظفين بكلام مرسل بدون وجود أدلة قانونية وجنائية شيء بعيد عن القانون والدستور، ومينفعش يتفصل قانون أو يتعدل قانون بناء على طلب وزير فيه قصور في المرفق اللي بيديره، عشان يضحي بمجموعة موظفين صغار في سبيل دفع تهمة التقصير عن نفسه وعن المنظومة ككل.
– منظومة القطارات المتطورة في فرنسا أو أمريكا أو أسبانيا أو أي بلد أوروبي مش أفضل عشان بيجيبولهم ناس تكلم الموظفين عن الانتماء أو توعظهم، لكنها أفضل عشان بيتصرف عليها كويس وفي نظام حقيقي للمحاسبة ولاختيار الكفاءات ولتطوير المنظومة والخدمة، وفي تكامل تام بدون إلقاء اللوم أو العبء على الطرف الأضعف في المنظومة.
– وعشان يبان حجم مشكلة السكة الحديد الحقيقية فين، نشرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية دراسة عن تراجع حجم الإنفاق على السكك الحديد، واللي وصل حجم التراجع ده من سنة 1990 لحد سنة 2016 لأكتر من 40% بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، بعد حساب فرق الديون وقوة العملة وغيره، وده في حد ذاته مؤشر عن السبب الحقيقي وراء مشاكل هيئة السكك الحديد، عدم الإنفاق والتطوير لسنين طويلة.
– محدش بينكر إن فيه حاليا مجهود تطويري بيحصل في المرفق بشكل عام، وإن مشاكله متراكمة من سنين طويلة مش كلها مسؤولية الإدارة الحالية، ولكن لما يكون فيه مشاكل في السياسة العامة وطريقة الإدارة والأولويات والخطط وسياسات الأمان، هنا لازم يتم مساءلة الوزارة عن الأشياء دي، بدون النزول لتفاصيل هدفها إلقاء اللوم على “العنصر البشري”، اللي تأهيله مسؤولية اللي بيدير برضو مش مسؤولية خارجية.
– مصر بيحصل فيها متوسط 1000-1200 حادثة قطارات في العقد الأخير، وحسب الجهاز المركزي للإحصاء سنة 2019 حصل فيها 1863 حادث، وسنة 2018 حصل فيها 2044 حادث، الأرقام دي بتقول إن المشكلة أكبر من الموظفين اللي بيتم التحريض ضدهم، وإن دي مشكلة منظومة وسياسات.
*****
– عشان كده مش غريب إنه الكلام ده يكون مدخل لخطط ربما يتم الإعلان عنها قريباً لخصخصة السكة الحديد بنظام الشراكة، وفي تقرير هتلاقوه في المصادر من جريدة “المال” بتتكلم عن 3 مشاريع لإدارة وتشغيل السكة الحديد عن طريق شركات أجنبية، وإنه ده هيتم الإعلان عنه قريباً.
– وبدل من التهرب من المسؤولية كنا منتظرين من الوزير مناقشة مشروعات ومقترحات تطوير هيئة السكك الحديد وإدارتها سواء بفصلها شركة قطاع عام أو بمنظومة جديدة، خاصة إنه السكة الحديد مش هيئة فقيرة، بالعكس دي هيئة فيها أراضي وأصول كتير تكفي للتطوير وحسن التشغيل والإدارة وتحقيق الأرباح كمان.
– وبخصوص أداء مجلس النواب أمام الوزير كان مخيب للأمال بدل ما تكون جلسة محاسبة وشفافية، الوزير محدش سأله بشكل حقيقي عن خطط التطوير والمصاريف والتعاقدات وأخضع بيانه للنقاش، وكنا مفروض نلاقي البرلمان بيسأل عن سبب توقيف الوزير لأجهزة الأمان، وبيطلب محاسبته على قراره اللي راح ضحيته عشرات المواطنين في حادثة سوهاج.
– في الدول الديمقراطية حساب الوزير على أدائه مش عشان يبقى “كبش فداء” لكن بيتم بمعايير واضحة وخطط يحاسب عليها، ولو وصل الموضوع للإقالة بيبقى عشان قراراته الخطأ أو عدم كفاءته اللي بتتسبب في نهاية أرواح مواطنين.
– بنكرر تاني إن مسألة تطوير مرفق زي السكة الحديد محتاج إدارة رشيدة مش بس رفع لافتة “التطوير” بدون أي اهتمام لمعايير السلامة والأمان، اللي المفروض تكون شغالة في صلب أي عملية تطوير، لأن ممكن في غضون عملية التطوير اللي شغالة تحصل مآسي زي دي.
*****