– إمبارح شهدت قرية الحاج علي في مركز أولاد صقر محافظة الشرقية فاجعة جديدة وضحية أخرى للابتزاز الإلكتروني وهي الطفلة هايدي شحتة 15 سنة بعد ما انتحرت بسبب نشر صور مفبركة ليها في القرية.
– دي الضحية التانية في أقل من شهر بعد بسنت خالد اللي انتحرت برضه في ظروف مشابهة.
– تكرار الحوادث المرتبطة بالابتزاز الإلكتروني ناقوس خطر حذرنا وكتبنا عنه كتير في إطار العنف ضد النساء واللي بقى منتشر في المجتمع بشكل مرعب.
– ايه اللي حصل؟ إزاي ممكن نوقف الظاهرة دي؟
*****
ايه اللي حصل؟
– يوم 30 يناير اتفاجئت أسرة هايدي بأنها انتحرت في الساعات الأولى بعد ما تناولت حبه من حبات الغلة، وهو قرص يحتوي على مادة كيميائية فيها حمض الفوسفين بتستخدم في الريف لحفظ الغلة فترات طويلة.
– قبل ده بأيام كانت هايدي الطالبة في السنة الأولى ثانوي تجاري بتؤدي إمتحانات الفصل الدراسي عادي جدا، قبل ما توصل لها عن طريق جيران ليها صور مفبركة استخدمت في ابتزاز أهلها عشان فلوس.
– بحسب المتداول أسرة هايدي دفعت فلوس ليهم عشان مينشروش الصور، واضطروا يبيعوا ممتلكات ليهم عشان يعملوا ده، لكن هايدي مستحملتش ده وقررت الانتحار.
– في انتظار نتيجة التحقيقات النهائية للنيابة واللي نتمنى تقدم لنا الحقيقة في قصة زي دي بتكرر كتير الفترة اللي فاتت.
– في أقل من شهر دي القصة التانية اللي حصلت بعد حادثة بسنت خالد اللي انتحرت برضه بعد قيام شباب من القرية بابتزازها بصور مفبركة لها.
– شيء في منتهى الحزن والقسوة إن بنتين في عمر الورد تنتهي حياتهم بالشكل دا تحت وطأة الابتزاز
*****
نعمل ايه لمنع تكرار الحوادث دي؟
– لما حصلت قصة بسنت كتبنا بوست عن الموضوع بيوضح إيه اللي ممكن نعمله، وقولنا أنه الحوادث دي بتحصل وهتفضل تحصل طالما المجتمع وجهة نظرة لم تتغير بالنسبة للنساء وشايفين النساء مصدر للعار والخزي.
– الأسرة ليها دور مهم جدا، احتووا بناتكم، دور الأب والأم والأسرة بشكل أوسع ضروري، ومهم إنك تقف مع بنتك لو تعرضت للابتزاز بالطرق دي، بغض النظر عن الصور مفبركة أو غير مفبركة، لأن مش دي القصة مطلقا، القصة في فعل الابتزاز اللي هو شيء في منتهى الخسة.
– مفيش شيء يستدعي إنهاء بنت عندها 15 سنة لحياتها أيا كان السبب، إحنا مش عايشين في العصور الوسطى، إحنا في بلد يفترض فيه قانون أو بقية منه ويقدر يحاسب المبتزين، والخضوع للابتزاز مشكلة في حد ذاته.
– فبركة الصور من أجل الابتزاز هي شيء منتشر بشكل كبير جدا في مصر ويمكن خارج مصر، وخاصة في المجتمعات والأوساط المحافظة في الريف واللي بتشوف الموضوع عار كبير وصعب جدًا يدعموا البنت أو يحموها، وللأسف الريف مليان قصص قتل لبنات وفتيات بسبب مفاهيم الحفاظ على الشرف، وبيبقى أهل الضحايا نفسهم اللي بيعملوا كده عشان يقدرو يعيشو في نفس مجتمع القرية بدون ما يتوصموا بالعار.
– مع إن طاقة الغضب دي يفترض تتحول لرغبة في حماية الضحية من شر المبتز وتصرفاته اللي هي بالكامل غير قانونية.
– القانون المصري حاليًا بيجرم عملية الابتزاز الجنسي بكافة الصور، وبالذات إلكترونيًا، ومباحث الإنترنت بقت بتستقبل بلاغات من الفتيات والبنات اللي بيتعرضوا لأي شكل من الابتزاز ده، وده بغض النظر عن طبيعة الصور وكونها حقيقية أو لأ، لأنه مش المفروض دي تكون مادة للابتزاز بأي شكل سواءًا مقابل فلوس أو مقابل علاقة جنسية أو غيره.
– اللي حصل ده رغم فجاعته بيسلط الضوء على وضع النساء في مصر، وخاصة البنات الصغيرة في المجتمعات التقليدية والمحافظة في مصر واللي بيبقوا تحت ضغوط مستمرة من المجتمع والأسرة بشكل خاص للحفاظ على صورة اجتماعية ما لو اتكسرت بيتعرضوا للتعنيف الجسدي والنفسي بشكل كبير.
– حالات الانتحار الشبيهة بقصة هايدي وبسنت بتحصل وهتحصل ورغم أننا معندناش إحصاءات دقيقة لكن الأخبار اللي بتطلع من فترة للتانية بتقول أنه ده بيتكرر، آخرهم مثلًا فتاة المول اللي انتحرت بسبب ضغوط نفسية شبيهة والشاب اللي رمى نفسه من على كوبري.
– الانتحار هو السبب الرابع للوفاة بين المراهقين في مصر، وفي 2019 بحسب منظمة الصحة العالمية مصر سجلت أكثر من 3000 حادثة انتحار.
– الدعم الأسري والنفسي للبنات والشباب في سن المراهقة مهم جدا، وهو الخط الفاصل بين الحياة والانتحار، حبوا ولادكم وادعموهم ومتسمحوش لأي حد يبتزهم أو يستغل ضعفهم وقلة خبرتهم في الحياة في السن الصغير ده، ومش معقول يكون الأب والأم مخيفين لأبنائهم إنهم يصارحوهم بأي مشكلة مهما كانت، ويخلوهم معرضين للاستغلال أو الابتزاز أو أي شيء خطر لمجرد إنه الطفل أو المراهق خايف يحكي لأهله لأنهم هيضربوه ويبهدلوه.
– من ناحية تانية نفسنا جدًا المجرمين اللي عملوا الواقعة دي ياخدوا أكبر عقوبة ممكنة، ونفسنا جرايم تصوير البنات أو تهديدهم بصورهم الشخصية أو أي شيء يخصهم يكون ليه أقصى عقوبة ممكنة، ونمط الجرايم اللي بالشكل ده سواءًا الابتزاز أو تصوير البنات بدون علمهم أو إذنهم في الشوارع والكافيهات، أو اختراق حساباتهم الشخصية عشان يبتزوهم بأي شيء، أو أي شكل من أشكال التحرش لازم يتواجه بكل قوة.
– كمان أي حد بيساهم في نشر المحتويات ده، سواءًا بالشير أو بالكلام عنها، أو بممارسة جريمة التنمر بشكل مستمر زي ما بيحصل على السوشيال ميديا دي كلها أمور لازم تتواجه بقوة، لازم المجتمع ده ثقافته تتغير، وكل واحد يفهم إنه ملوش حق في التدخل في سلوكيات غيره الشخصية طالما مبتضروش في شيء، ولازم ثقافة الغابة والقسوة دي تنتهي للأبد.
– أختك أو بنتك أو أي حد بيتعرض لابتزاز هو “الضحية” مش العكس أبداً، والوقوف جنب الضحية وحمايتها دا واجب الأفراد والأسرة والمجتمع والدولة والقانون، مش الضغط عليها حتى الانتحار.
– ربنا يرحم هايدي ويصبر أهلها وحبايبها، وإن شاء الله حقها يرجع
*****