– من أيام خلال افتتاح عدد من المشروعات في ميناء إسكندرية اتكلم الرئيس عن الاقتراض اللي بيحصل عشان تمويل البنية التحتية وأنه ده انجاز يعني يحسب للدولة في المرحلة الحالية خاصة أنه معدلات إنجاز المشاريع أفضل من فترات فاتت.
– كلام الرئيس بيوضح سياسة الدولة في الوقت الحالي، معدلات الاقتراض وصلت لمعدلات خرافية من 2014 ولحد دلوقتي عشان الصرف على المشروعات القومية.
– بالتالي النهاردة في خلال البوست ده هنناقش الفكرة دي، وهل تكلفة الاقتراض دي لتمويل البنية التحتية مهمة للدرجة دي؟ ولو مش مهمة ايه اللي ممكن يكون البديل؟
هل نوعية الاستثمار اللي بتعمله الدولة حاليا هي الأفضل؟
– تدخل الدولة في دفع معدلات الاستثمار المحلية هي شيء إيجابي نظريا، مفيهوش مشكلة كبيرة لأنه معدلات الاستثمار المرتفعة مهمة في خلق الوظائف وتحريك الاقتصاد لقدام بشكل عام.
– بالتالي لما الاستثمارات الحكومية السنة دي توصل لحوالي 933 مليار فده شيئ إيجابي لأنه القطاع الخاص في مصر لا يستثمر بالشكل الكاف، ونصيبه حوالي 317 مليار فقط من الاستثمارات المقدرة في خطة التنمية للعام الحالي.
– لكن المشكلة إزاي بيتم تمويل الاستثمارات الحكومية دي؟ وايه الفرصة البديلة بالمعنى الاقتصادي اللي كان ممكن نحط فيها الفلوس دي كلها وتكون ذات عائد أفضل على الاقتصاد المصري والأهم المجتمع المصري.
خلينا ناخد مثال، القطر السريع اللي هيتكلف ما يقارب 360 مليار، والكلام اللي بتقوله الحكومة أنه ده هيسهل من حركة نقل البضائع من ميناء العين السخنة للعلمين ولميناء إسكندرية، فبالتالي يعني إحنا بنعمل مشروع لو هيتسخدم في نقل البضائع، هل يستحق التكلفة دي في ظل وجود بدايل؟
– مشروعات الطرق مثلا والمحاور اللي بتتكلف مليارات عشان تسهل الحركة للعاصمة الإدارية والمدن الجديدة دي مهمة طبعا، ولكن هل المشروعات الضخمة في تكلفتها تستحق أننا نقترض بالحجم دا؟
– برضه في مشكلة أنه النظر للبنية التحتية في مصر هو نظر قاصر جدا من الحكومة، يعني من المعروف أنه البنية التحتية ذات الطابع الاجتماعي زي التعليم والصحة أهم بكثير من البنية التحتية اللي زي الطرق والكباري، ودي مشكلة أولويات اتكلمنا فيها كتير قبل كده.
– الإنفاق على التعليم، هو استثمار في البنية التحتية برضه علي فكرة بس للمستقبل عشان تنتج قوة عمل ماهرة قادرة تنافس في جذب الاستثمار الأجنبي مع الدول التانية القريبة مننا في متوسط تكلفة ساعة العمل.
– كذلك الاستثمار في صحة المصريين هو استثمار في المستقبل لأنه مواطن صحته كويسة هو مواطن إنتاجيته أفضل في أي شغل وتكلفة أقل على المدى الطويل في علاج الأمراض.
– لكن اللي بيحصل دلوقتي أنه الدولة مركزة بس في الاستثمار في الطرق والكباري والمشروعات القومية زي العاصمة الإدارية والعلمين واللي هي مشروعات عقارية الدولة غرضها الأساسي منها هو بيع الأراضي وتحقيق ربح سريع.
– بالإضافة طبعا إن شغل المقاولات والعقارات ده بيسمح لاقتصاد الجيش بالتمدد والحصول على مكاسب لأنه في النهاية بيكون مسئول بشكل مباشر أو غير مباشر عن المشاريع دي والمقاولين كلهم بيشتغلوا معاه من الباطن.
– وإحنا مبنقولش إن مفيش مشروعات في الصحة في مثلا بالتوازي لكن بالمقارنة بحجم الإنفاق على مشروعات الصحة أو التعليم والناحية التانية مشروعات البنية التحتية هنلاقي فجوة ضخمة للغاية، ترجع نفاش الأولويات تاني، البنية التحتية مهمة لكن توجيه كل هذه الأموال لها في الفترة القصيرة دي بيجي على حساب أشياء أكثر حساسية للمواطن.
– بالتالي عملية الاقتراض بالمليارات، واللي زودت الدين العام من 2.1 تريليون في 2014 قبل تولي الرئيس السيسي لحوالي 5.1 تريليون جنيه حاليا يعني أكثر من الضعف، والدين الخارجي زاد من 43 مليار دولار لـ 139 مليار دولار رقم متوقع السنه دي.
– كل الفلوس دي راحت في المشروعات القومية اللي اتعملت واللي لسه مكملة بدون التحسن المطلوب في معيشة المصريين، وده لأنه الدولة اتجهت للاستثمار في بنية تحتية بس ومكنش في أي استراتيجية للاستثمار في الصناعة بالشكل المطلوب مثلا.
هل البنية التحتية تعني تنمية اقتصادية؟
– من أبرز المبررات اللي بنشوفها برضه في موضوع كثافة الاستثمار في البنية التحتية هي أنها هتعمل تنمية اقتصادية عن طريق أنها هتجذب استثمارات أجنبية مباشرة لمصر، والحقيقة ده كلام صحيح نظريا في أحيان كثيرة بيكون تطوير البنية التحتية زي الطرق والكباري والحاجات المهمة في سلاسل التوريد زي الموانئ دافع لقدوم الاستثمار الأجنبي.
– في أمثلة كثير منهم سنغافورة اللي ذكرها الرئيس في خطابه، والإمارات اللي تحولت لمركز لوجيستي عالمي بعد الاستثمار في تطوير الموانئ لكن برضه الربط المباشر بين الاستثمار المكثف في البنية التحتية وبين الاستثمار الأجنبي المباشر محتاج تفكير شوية.
– وده لأنه مش كل استثمار في البنية التحتية بيجيب مستثمر أجنبي، ممكن الاستثمار في الموانئ والخدمات اللوجستية يعمل ده لكن الاستثمار العقاري بالتأكيد مش هيعمل ده بالشكل المطلوب أبدا.
– مثلا البرج الأيقوني في العاصمة الإدارية اللي هو أعلى برج في إفريقيا وأبراج العلمين الجديدة هتستفيد منهم إزاي لو معندكش شركات عالمية، شركات تكنولوجيا مثلا هتنقل مقرات إدارية ليها في الأماكن دي وتشغل شباب، والأبراج في الغالب هيكونوا بس وجهة سياحية في أفضل الأحوال في حالة العلمين.
– لكن التنمية الحقيقة من وجهة نظرنا هي اللي بيكون فيها استثمار في البشر، في التعليم والصحة وتحسين قوة العمل وزيادة الإنتاجية وتوليد الدخل الكاف عشان نرفع ملايين المصريين من تحت خط الفقر.
– بالتالي الاقتراض عشان تمويل البنية التحتية مش دائما شيء إيجابي، وبيخضع لعوامل منها إنت هتضخ استثمارات في ايه بالظبط، وهل هتحفز قطاعات أساسية في الاقتصاد زي الصناعة مثلا من خلال تقليل معدلات الفائدة والاقتراض من البنوك للمشروعات الصناعية وتوجيه المدخرات ليها ولا هنحط مدخرات المصريين كلها في القطاع العقاري وفي بناء الكباري على أمل أنها تجيب استثمار أجنبي، ودا ممكن يحصل أو ميحصلش بالنسب المؤثرة المطلوبة.
– في وجهة نظرنا المطلوب حاليا الالتفات لأولويات المواطن الحالي وحاجته في رفع مستوى دخله وتنفيذ استثمارات تعود على المصريين مباشرة في توليد وظايف مستدامة مش موسمية، ونتمنى الحكومة هنا تراجع أولويات الإنفاق دي في أسرع وقت ممكن.
– اتكلمنا في آخر بوست عن قفزة في الدين الخارجي بدون رقابة.. تساؤلات مشروعة ممكن تقرأوه من هنا