– من أيام أعلن النائب العام نهاية عصر التحقيقات الورقية، والتحول الكامل لكتابة التحقيقات وحفظها على أجهزة الكمبيوتر.
– طبعاً دي خطوة مهمة، ضمن خطة كاملة للتحول الرقمي في المنظومة القضائية، هنتكلم عن جوانبها المختلفة بالتفصيل.
إيه التطورات الأخيرة في المنظومة القضائية؟
– النائب العام المستشار حمادة الصاوي أعلن انتهاء التحقيقات الورقية، وإنه خلاص المنظومة هتكون إلكترونية بشكل كامل، وده بدأ تجربته من فبراير اللي فات، وبكده هتكون كل الجلسات والتحقيقات محفوظة بشكل يضمن عدم تلفها.
– المنظومة الإلكترونية القضائية هتكون متكاملة من بداية عمل محاضر الشرطة، مرورًا بتحقيقات النيابة، لحد إصدار الأحكام النهائية، وده في إطار برنامج “العدالة الجنائية الإلكتروني”.
– كمان النائب العام أصدر قرار بإنشاء مكاتب رقمية لتقديم خدمات «نيابات الأسرة» إلكترونيًّا على مستوى الجمهورية، عشان تبقى خدمات الجواز والطلاق والمراجعة وغيرها من أمور نيابات الأسرة والأحوال الشخصية إلكترونية.
– كمان رئيس النيابة الإدارية أصدر قرار بحظر تدوين أي عمل قضائي بشكل يدوي، وإنشاء إدارة خاصة للتحول الرقمي داخل النيابة، وتدريب الموظفين على التعامل مع أجهزة الكمبيوتر.
– كل القرارات دي في إطار خطة لتطوير وميكنة العمل القضائي، بداية من ربط المحاكم الابتدائية ومحاكم الأسرة والشهر العقاري والتوثيق بـ8 أنظمة وجهات حكومية أخرى، وهم التمويل العقاري، والتموين، والكهرباء، والعلاج على نفقة الدولة، والتضامن الاجتماعي، والمرور، والسجل التجاري، وجميع النيابات.
******
خطة التحول الرقمي فيها إيه كمان؟
– كل خطط الميكنة والتحول الرقمي الخاصة بالقضاء ومنظومة العدالة، نشرتها جريدة الشروق في 3 حلقات متتالية هتلاقوها في التعليقات.
– خطة الميكنة بتشمل مشروع لـ«مكافحة الفساد»، وده بيتضمن إنشاء منظومة إلكترونية متكاملة للكشف عن عمليات التلاعب والخروج عن القانون، من واقع البيانات المتوفرة لدى مكاتب التوثيق والشهر العقاري، عن طريق بناء مستودع بيانات موحد لجميع مصادر المعلومات المتاحة بالوزارة والنيابة العامة، بالإضافة لتوفير تحليلات لكشف عمليات الاحتيال والفساد.
– المشروع بيهدف لتوفير وقت البحث عن المعلومات بين المصادر المختلفة، والتكامل بين جميع المصادر لتوفير المعلومات وصورة مجمعة منها، والنقل السريع والدقيق للبيانات.
– وفي إطار البروتوكول اللي تم توقيعه بين وزارة العدل ووزارة الاتصالات، تم الانتهاء من مشروعات ميكنة دورات العمل بالمحكمة الدستورية العليا وتطوير موقعها الإلكتروني، وتطبيق إلكتروني لمكتبة المحكمة ذاتها، بتوفير آلية إدخال بيانات وصور القضايا الخاصة بالمحكمة واللي عددها بيوصل لنص مليون قضية.
– مع الانتهاء من إنشاء قاعدة بيانات مركزية فيها جميع بيانات الدعاوى والأحكام اللي صدرت من بداية إنشاء المحكمة سنة 1970 ولحد الوقت الحالي بواقع 6 آلاف و11 حكم، و7593 دعوى، مع أرشفة كتب المحكمة الدستورية بإدخال بيانات 5000 كتاب بمتوسط 25 مليون صفحة، وعمل باركود للكتب المؤرشفة، كذلك تم أرشفة قضايا محكمة 6 أكتوبر بواقع 100 ألف قضية، مع عمل مركز اتصالات يتيح للمحامي الاستفسار عن مواعيد الجلسات وانتهائها والأحكام اللي صدرت في قضاياه.
– المكتبة الرقمية اللي قلنا عليها لمحكمة الأسرة، هتشمل تطبيقات أرشفة لوثائق الأحوال الشخصية يتم تحميلها على “الحوسبة السحابية” أو الـ cloud، وبالتالي عملية البحث عن أي وثيقة زواج أو طلاق، واستخراجها وإصدار نسخ منها، هيكون عملية سهلة جدا، وتنتهي عملية الاستخراج اليدوي للوثائق دي.
– وعشان نتخيل الوضع ده، هيتم الاستغناء عن “الدفتر” الخاص بالمأذون، ويتم استبداله بجهاز ” تابلت”، يتم تدوين عليه الوثائق بشكل مباشر، وهيكون مربوط مع الشبكة الموحدة مع الجهات الحكومية والقضائية، وبالتالي الوثائق سواء جواز أو طلاق يتم طباعتها وتوثيقها مباشرة، وتنضم الوثائق الجديدة تلقائيًا بنيابات الأسرة ومكاتب تسوية المنازعات ومكاتب المساعدة القانونية وبنك ناصر ببعضهم البعض؛ لإنهاء إجراءات التقاضي بأسرع وقت، وهيتم توثيق وأرشفة 20 مليون وثيقة للحالات الشخصية في الفترة القادمة.
– نفس الأمر هيشمل خدمات النيابة (الولاية على النفس – الولاية على المال) على البوابة الموحدة للنيابة العامة، وإتاحة استخراج الإحصائيات والتقارير بصورة آلية مباشرة بدون الرجوع إلى الدفاتر.
– وبالنسبة لوزارة العدل هيتم تطوير أنظمتها الإلكترونية وأنظمة إداراتها، بحيث يكون في بوابة موحدة للوزارة وتطوير نظام مستحدث لمتابعة وإدارة منظومة العمل داخل قطاع الإدارات القانونية، بحيث يتم إلغاء الدورة الورقية، مع توفير نظام لتقديم تقارير إحصائية لمتخذي القرار بالوزارة، وتوفير بوابة للمحامين بالجهات التابعة لتحديث بياناتهم ومتابعة أعمالهم بكل إدارة.
*****
– طبعًا الكلام ده في مصر يعتبر لناس كتير أشبه بأفلام الخيال العلمي، نظرًا للميراث العتيد للبيروقراطية في أي تعامل مع أي جهة حكومية يعرفها الناس كلها، وبالذات المتعاملين مع القضاء والمحاكم والنيابات زي المحامين.
– بالذات لما نشوف في المحاكم حجم الأوراق في كل قضية قدام القضاة، والمجهود الكبير اللي بيعمله القضاة في عملية البحث والقراية والتدقيق في الأوراق، وقد إيه لو في منظومة إلكترونية جيدة وناجحة هتقلل الوقت في عمليات التقاضي، وتسمح لعمليات البحث والتحليل للمعلومات والبيانات عن طريق التكنولوجيا، ودا هيوفر وقت ومجهود كبير جداً.
– كمان المحامين مثلاً عارفين المعاناة بتاعت إنه دوره في الرول بتاع المحكمة ييجي إمتى، والانتظار بالساعات داخل المحكمة لحد ما القضية تيجي، أو الانتظار لوقت طويل لصدور قرارات النيابة، ومعظم المحامين بيبنو علاقات بسكرتيري النيابة والجلسات عشان يتصلو بيهم يبلغوهم بالقرارات وغيره، والانتظار لوقت تاني عشان ياخدوا حيثيات الحكم القضائي، ولا تخلو طبعًا العلاقات دي من إكراميات وبقشيش وغيره، لكن لما ده كله يكون موثق إلكترونيًا وفي سهولة للوصول للمعلومات والبيانات دي، فالأمور هتكون أفضل بكتير جداً، وكمان هيمنع أي تلاعب بالأوراق.
******
– كل ده عالميا مبقاش شيء غريب، وبقينا نشوف دول جنبنا في الخليج عندها منظومة مميكنة كاملة، تقدر بيها كمواطن وانت بموبايلك وفي بيتك، تعمل توكيل وتوثق عقود، وتتجوز، وتطلق، وتبيع وتشتري، وتطلع رخصة، وبطاقة، وأي خدمات حكومية، من غير ما تروح مشوار، وتقعد فيه بالساعات وممكن ينطلب منك رشاوى، وغيره من الدورة المعتادة.
– وبالتالي توفير الوقت والفلوس والمشاوير، وكمان تطوير آلية العمل بشكل يمنع تلف الأوراق والوثائق في القضايا مثلاً، لو حصل حالة حريق أو غيره، وتسهيل عمليات البحث بشكل إلكتروني، ده كله هيطور من المنظومة القضائية والأمنية.
– وشفنا قريب افتتاح المجمع الجديد للوثائق المؤمنة في العاصمة الإدارية، واللي من خلاله بقينا قادرين نتخيل شوية، حجم التحول اللي هيحصل في عملية صنع واستخراج الوثائق الحكومية، بشكل يسهل المعاملات الحكومية ويحفظ الوثائق من التلف والتزوير، وده شيء مهم وعظيم جداً.
*****
– طبعًا في تخوفات من بعض التطورات دي لأنه التطور التكنولوجي رغم كل إيجابياته لكن فيه بعض الأمور الخطيرة، منها مثلاً اللي اتقال قبل كده في خطة وزارة الاتصالات مع وزارة العدل، وهي عملية تجديد حبس المتهمين وعقد الجلسات بتقنية الفيديو كونفرانس، وده للأسف هيكون طريقة لتقنين انتهاكات حقوق المحبوسين بالذات في القضايا السياسية، عن طريق حبس المعتقلين وتجديد حبسهم بدون تمكينهم من الحضور للمحكمة والدفاع عن أنفسهم، أو الشكوى من تعرضه للإساءة أو التعذيب في محبسه مثلا، وبالتالي مزيد من الإخلال بحقوقهم زي ما بيحصل في الوقت الحالي.
– وقلنا قبل كده في بوست إنشاء مجمع الوثائق الحكومية، عن خطورة اللي قاله وزير التعليم وقتها، عن رصد صفات شخصية لكل طالب من صغره، منها مقدار الانتماء للوطن، وخطورة التصنيف ده والطريقة دي في تحليل البيانات والمعلومات في الاستهداف السياسي لأصحاب الرأي المخالف، وتمهيد لوضعهم في قائمة أو تصنيف سيء وحرمانهم من حقوق كتير ليهم ودي للأسف أمور مش غريبة على وضع الحريات الشخصية والسياسية في الوقت الحالي، بالتالي تخوف مشروع، ويحتاج لتشريعات قوية تطبق.
*******
– وبشكل عام تطوير المنظومة القضائية إلكترونياً هيعمل أمور إيجابية كتير جداً، لكنها جزء من اللي المفروض يحصل لإصلاح المنظومة القضائية بشكل عام، واللي لازم يزيد فيها عدد القضاة والمحاكم بشكل يتناسب مع حجم القضايا، ويساعد على تقليل الوقت والمجهود في درجات التقاضي، وده بالتأكيد هيساعد على نظر القضايا بشكل أفضل وفيه إنهاك أقل للقضاة وسعي أكبر لحفظ الحقوق.
– بشكل عام منتظرين جدًا التحول الإلكتروني والرقمي لكل المعاملات الحكومية بالشكل اللي بتقوله الخطط الحكومية المنشورة، واللي هيعمل نقلة كبيرة جداً لحفظ الوقت والمجهود في كتير من الأمور، زي ما بيحصل في كتير من دول العالم.
بوستات سابقة:
**مجمع الوثائق الحكومية الذكية: خطوة مهمة تستحق الإشادة .. وقليل من التنبيه**
**تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد.. مين يضمن حقوق المتهمين؟**