– خلال الأيام اللي فاتت تابع كثير من المصريين الهجوم المتبادل بين أسامة هيكل وزير الإعلام، وبين عدد من الإعلاميين المعروفين.
– رغم إن الوزير عقد اجتماع امبارح الأربعاء مع العديد من الاعلاميين وأصدر بيان بيرسم صورة إن الصلح تم والأزمة خلصت، لكن بعدها إعلاميين استمروا بمهاجمة الوزير وقالوا ان الاجتماع مكانش منظم كويس وأهانهم.
– الهجوم اللي وصل أنه التلفزيون المصري ذاع تسريب لوزير الاعلام المصري علي الهواء في سابقة يمكن أن تكون الأولي في التاريخ في مصر !
– هنحاول نفهم النهاردة ايه سر المعركة دي؟ وايه اللي ممكن نشوفه منها؟
*****
– من بداية تعيين أسامة هيكل وزير للاعلام بعد عودة الوزارة مرة تانية في ديسمبر 2019 وواضح أنه في خناقة ورا الكواليس حوالين إدارة ملف الإعلام في مصر.
– الخناقة ظهرت للعلن بعد محاولات هيكل سحب صلاحيات من المجلس الأعلى للإعلام اللي كان بيرأسه مكرم محمد أحمد واللي خرج اشتكي علي الهواء من تدخلات أسامة هيكل في صلاحياته، قبل ما الموضوع يهدي شوية.
– الموضوع ظهر تاني دلوقتي بعد تصريحات أسامة هيكل أنه ” الأعمار أقل من 35 سنة، ويمثلوا حوالي 60 أو 65 % من المجتمع، لا يقرأون الصحف ولا يشاهدون التلفزيون، وبالتالي من المهم التفكير في نمط حياة هذه الفئات “
– التصريحات دي اعتبرها كثير من الصحفيين والإعلاميين المقربين من النظام هجوم عليهم، بالتالي شنوا حملة مضادة علي أسامة هيكل.
– رئيس تحرير «اليوم السابع» خالد صلاح وصفة بانه بيشرشح وبيردد كلام أعداء مصر، ورئيس تحرير «الدستور»، محمد الباز وصفه بأنه ميفرقش عن محمد ناصر وحمزة زوبع ! ورئيس تحرير «الأخبار»، خالد ميري، ورئيس تحرير الجمهورية عبد الرازق توفيق ووائل الابراشي وأحمد موسي ودنداراوي الهواري وكثير من الأصوات الإعلامية المحسوبة علي النظام انتقدت بشدة وزير الاعلام.
– رد أسامة هيكل علي الانتقادات دي كان في بوست علي صفحته الرسمية علي الفيسبوك قال فيه ” صدرت الأوامر بشن حملة جديدة على شخصي… بعد حملة سابقة منذ شهرين ففي توقيت واحد، وبنفس الكلمات، شنت أقلام معروف للكافة من يحركها بالتساؤلات نفسها حول ماذا فعلت منذ توليت المسؤليه؟ ولماذا لا اصمت ؟ ولماذا لا ابحث عن وظيفة أخرى ؟ واحدهم يتهمني بأنني بتصريحاتي سأتسبب في عدم إقبال المعلنين على الإعلان في الصحف. “
– هيكل وصف الهجوم عليه بأنه حملة مدارة، وأنه لن يتردد الرد علي من أعطي لهم الأمر بالكتابة، بدون ما يوضح مين أدي لهم الأمر !
– لكن التصعيد في الهجوم جه لما نشر وائل الابراشي تسريب بين أسامة هيكل وسيد البدوي رئيس حزب الوفد السابق، وواضح أنه التسريب أيام فترة المجلس العسكري وعن دعوة المجلس لحوار وطني مفيهوش الوفد بالتالي السيد البدوي بيقول لأسامة هيكل ان يهاجم المجلس العسكري !
– الابراشي نشر التسريب كدليل علي انه أسامة هيكل بياخد تعليمات يعني ! علي الرغم من أنه التسجيل واضح أنه متسجل بعد ما هيكل ساب وزارة الاعلام وبقا رئيس تحرير جرنال الوفد !
– المعركة مستمرة بين الاثنين ولكن يبدو أنه أسامة هيكل تراجع شويه وطلب من الإعلاميين منتقديه أنه يعمل معاهم اجتماع في مقر الوزارة لتوضيح وجهة نظرة.
*****
– الصراع الحالي بين الوزير وأجنحة مختلفة من الإعلاميين هو بالتأكيد صراع بين الأجهزة السيادية اللي بتدير ملف الإعلام. بحسب مصدر صرح لمدي مصر قال أنه ” التراشق الأخير يأتي ضمن صراع بين هيكل وجهة أمنية تدير ملف الإعلام منذ خمس سنوات، بسبب عدم رغبة تلك الجهة في مشاركة ذلك الملف مع آخرين. “
– هل الجهة دي هي المخابرات العامة اللي مسيطرة بشكل كبير علي المشهد الإعلامي؟ يمكن، لانه المخابرات العامة تملك إعلام المصريين اللي هي مملوكة للشركة المتحدة اللي أغلب الصحف الكبيرة والقنوات الفضائية مملوكة ليها بشكل مباشر.
– دي إم سي،أون تي في، وإدارة التلفزيون المصري، وستة من الصحف والمواقع الإخبارية، أكبرها موقع وجريدة «اليوم السابع»، بالإضافة إلى الحصة الحاكمة في قنوات «سي بي سي»، كلها مملوكة بشكل مباشر للمخابرات العامة.
– هل المخابرات العامة علي خلاف مع أسامة هيكل ؟ محدش يعرف، طيب لو علي خلاف إيه سبب الخلاف ده ؟ برضه محدش يعرف كل التكهنات بتقول أنه صراع اختصاصات بين المؤسسات الأربعة اللي بتدير الاعلام، وهي الوزارة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، وعلى خلفية ده اختلافات بين الجهات الحكومية أو الأمنية اللي وراها.
– مألات المعركة دي هي الحالة اللي وصلنا ليها وهو أنه تلفزيون الدولة الرسمي بيذيع تسريبات محدش عارف مين سجلها بالمخالفة للدستور.
– الدستور اللي بينص في المادة 57 منه علي أنه “للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التى يبينها القانون”.
– بالتالي إحنا لو في دولة قانون كان لازم المسئولين عن التسجيلات دي واللي سربوها واللي ذاعوها زي غيرها من عشرات التسجيلات اللي خرجت من 2014 لحد النهاردة يتحاسبوا لكن للأسف محدش هيحاسب حد، لا وائل الابراشي هيتحاسب علي التسريبات دي ؟ ولا عبدالرحيم علي هيتحاسب علي تسريباته السابقة ؟ ولا أحمد موسي ولا أي حد ؟ والبلد كلها بتسجل لبعضها وبتذيع ومحدش بيقول أي حاجة.
*****
– المشهد الحالي هو نتيجة طبيعية لإدارة الاعلام من قبل الأجهزة الأمنية، ولانتظار الإعلاميين للتوجيهات عشان يهاجموا س من الناس أو يمدحوه، لو أي صحفي أو إعلامي أو حتي الوزير أسامة هيكل كان مؤمن فعلا بدور الصحافة والاعلام مكناش عمرنا شوفنا المعركة دي بالشكل السيء ده.
– لأنه لو دور الاعلام والصحافة عندنا زي أي بلد ديموقراطي في العالم هو كشف الحقائق ومحاربة الفساد وأنها تكون سلطة رابعة مكنوش حينشغلوا بالصراعات دي، لانه صراعات المناصب والاختصاصات عمر ما ينشغل بيها غير الفاسدين.
– ده نتيجة تأميم كل مساحات حرية الرأي في البلد تقريبا، ونتيجة الإدارة الأمنية والعقلية الأمنية في إدارة كل شيء، طالما النظام الحالي ارتضي ده فعليه دفع الثمن في صراعات الأجنحة ومراكز القوة بقا وإعادة إنتاج لأوضاع وصراعات مصر عايشه فيها من عقود طويلة.
– سؤال مين بيدير ملف إيه ؟ ومين إختصاصه إيه ؟ وحدود إختصاصاته دي لحد فين ؟ دا كلها أسئلة بديهية في أي دولة مؤسسات واي دولة ديمقراطية في العالم لأنه ببساطة القانون والدستور بيحدد كل الحاجات دي ومفيش داعي للدخول في صراعات بين مؤسسات الدولة المختلفة عشان إدارة ملفات معينة.
– لو الاعلام الحكومي في مصر هو إعلام محايد بيدار فعلا بمنظومة فيها أدني قدر من الشفافية والاحترام لعقول المصريين مكناش عمرنا حنشوف الصراعات دي، لكن دي للأسف مآلات الأمور الطبيعية لما العقلية الأمنية تتحكم في كل شيء في البلد.
*****