– من بداية شهر يناير الحالي وبدأت مظاهرات للعمال في مبنى ماسبيرو ضد “حسين زين” رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، بسبب مستحقات متأخرة من سنوات للموظفين والعمال باتحاد الإذاعة والتلفزيون.
– المظاهرات دي طول ال 3 أسابيع اللي فاتوا، مفيش ليها أي تغطية صحفية جادة إلا من المواقع المستقلة والمواقع الإخبارية خارج مصر.
– البرلمان حاول يتدخل لوقف المظاهرات دي عن طريق درية شرف الدين، رئيسة لجنة الإعلام والثقافة في مجلس النواب، لكن المتظاهرين رفضوا تدخلها وطردوها بسبب تدهور أوضاعهم المعيشية خلال فترة توليها منصب وزير الإعلام قبل عدة سنوات.
– الأزمة حالياً تطورت إلى حد إن “جهة سيادية” في الدولة بدأت في التواصل مع التظاهرات في محاولة للوصول إلى حل لأزمة احتجاجات العاملين المستمرة منذ 3 أسابيع تقريبًا.
– إيه اللي بيحصل في اتحاد الإذاعة والتلفزيون؟ والدولة بتتعامل إزاي مع الموضوع؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده.
– في بداية شهر يناير صدر قرار من رئيس الهيئة الوطنية للإعلام حسين زين بيفرض حضور الموظفين والعمال 5 أيام لسبع ساعات يوميًا في مقر العمل وهو شيء ضد طبيعة العمل في التليفزيون، وبسبب القرار ده وتراكمات تانية بدأت المظاهرات بشكل يومي.
– التراكمات دي بسبب مستحقات مالية متأخرة من سنة 2014 اللي بدأت فيها خطة “تطوير” ماسبيرو، واللي بدأت بوقف الترقيات والعلاوات، ومع الوقت توقف خدمات التأمين الصحي بسبب توقف اتحاد الإذاعة والتلفزيون عن سداد الاشتراكات للجهات المُتعاقد معها.
– الموظفين طالبوا بإقالة حسين زين، بسبب سياسات التقشف ضد الموظفين وتقليل أعدادهم كل شوية، في نفس الوقت اللي بيتم التعاقد فيه مع أشخاص غير عاملين في ماسبيرو بمبالغ وأجور عالية جدًا بتهدر المبالغ اللي بتقول الهيئة إنها بتوفرها، بالإضافة لأنه رئيس الهيئة كاتب على الورق زيادات بـ 1000 جنيه في الرواتب لكنها في الحقيقة لم تدفع للموظفين ودي حاجة لازم يحصل فيها مسائلة.
– رئيس اللجنة النقابية للعاملين في القطاع الاقتصادي في الهيئة الوطنية للإعلام “خالد السبكي” قال لموقع مدى مصر، إن المستحقات المتأخرة بتتضمن 24 علاوة متأخرة و54 حافز شهري، واللي بتقدر في الحد الأدنى بـ14 ألف جنيه لكل فرد، بينما كلام القيادات الإدارية في ماسبيرو إنه العلاوات اللي هتتصرف لكل موظف هي أقل من ألف جنيه.
– بعد حوالي أسبوعين من المظاهرات خرج بيان من الهيئة الوطنية للإعلام، بإنها هتصرف علاوات سنة 2017 و 2018، وشهر من 2019، مع صرف مكافأة نهاية الخدمة كاملة واللي بتقدر بـ 150 ألف جنيه، لكل من خرج على المعاش في بداية 2019 والمتبقين من 2018.
– الهيئة كانت أعلنت في بيانها عن موافقة مجلس الوزراء على صرف 60 مليون جنيه لسداد مستحقات العاملين، وده من أصل 2 مليار جنيه مستحقات للعاملين.
– حسين زين رئيس الهيئة قال إنه في عجز مستمر في مصروفات الهيئة يقدر بـ 40 مليون لأن مخصصاتهم 220 مليون فقط، والباقي بييجي من إيرادات الهيئة، واللي متقدرش تتحمل ترقية 11 ألف عامل لأنه ده هيتكلف 40 مليون جنيه شهريًا زيادة، ومفيش قدرة لده.
– لكن المظاهرات استمرت بعد بيان الهيئة الوطنية للإعلام، واحدة من المتظاهرات من عمال ماسبيرو قالت لموقع مدى مصر إنه الهيئة الوطنية للإعلام لم تقر غير علاوة واحدة اللي هي الأساسية واللي هي ألف جنيه، ولم تعترف بأي علاوة تانية، ولم يتم إقرار باقي العلاوات والترقيات، وده معناه إنه أي زيادة هتفضل على الأجر الأساسي الضعيف.
– امبارح رئيس النقابة خالد السبكي قال إنه جاله اتصالات من جهة سيادية وقالت إنها هتتدخل لحل الأزمة لكن بشرط وقف المظاهرات لأن قنوات الإخوان تستغلها، وقال ممثل النقابة إنهم هيرفعوا صور الرئيس السيسي في المظاهرات وهما بيعملوا ده بالفعل، و هيتجنبوا التظاهر يوم 25 يناير، لأن مطالبهم مهنية ونقابية وليست سياسية.
– الأمن داخل المبنى مقدرش يمنع المظاهرات لكنه كان بيصور كارنيهات الموظفين في محاولة لتجميع البيانات أو تخويفهم بشكل غير مباشر، وتم استدعاء خالد السبكي رئيس اللجنة النقابية للتحقيق معاه من الشؤون القانونية المركزية في إطار محاولات التخويف.
– المظاهرات كانت شهدت محاولات رجال أمن في ملابس مدنية القبض مشاركين بيهتفوا في الوقفات داخل ماسبيرو، لكن المتظاهرين دافعوا عن بعض ومنعوا اعتقال ناس منهم.
– وبحسب معلومات أوردتها تقارير موقع مدى مصر عن القصة قالت إن فيه تعليمات شفوية على مديري الإدارات عمومًا من قبل رؤساء القطاعات بضرورة أن يعمل هؤلاء المديرين على إثناء مرؤوسيهم بكل السبل عن المشاركة في التظاهرات.
******
نشوف إيه من المشهد ده؟
– بشكل عام ما شوفناش من فترة طويلة أي مظاهرات أو احتجاجات عمالية بأي شكل قدرت تستمر لفترة طويلة بسبب الضغط الأمني الكبير اللي بيتعمل على الناس كلها، بما فيها احتجاجات الأهالي اللي بيعترضوا على خطط تطوير وإزالة بيوتهم زي سكان ألماظة والحي السادس في مدينة نصر وقبل كده محور ترعة الزمر وسكان شارع ترسا وغيرها من الاحتجاجات الكتير غير المسيسة اللي مكانش بيتم التساهل معاها أمنيًا.
– وبشكل عام الوضع داخل ماسبيرو البعض بيفسره بإنه ممكن يدخل فيه جزء من صراعات الأجهزة وبعضها في إدارة ملف الإعلام (وطبعا دا بسبب وجود سوابق في الملف دا)، لكن بشكل عام هي المظاهرات دي اعتراض واضح على طريقة إدارة ملف الإعلام وطريقة التعامل مع موظفين الحكومة والقطاع العام اللي بتتجه من سنوات لمحاولة التصفية وتقليل العمالة ووقف مشاريع وأنشطة ومصانع وتقليل الحوافز والرواتب وإتاحة المعاش المبكر وغيرها من الإجراءات اللي بتقلل عدد موظفي الجهاز الإداري.
– صحيح في مشكلة كبيرة متوارثة في الحكومة من سنين بسبب التعيين العشوائي بالواسطة واللي خلا عدد موظفي الجهاز الإداري والقطاع العام وصل لـ 5 مليون بعد الثورة، وده مش رقم مناسب وضخم جدًا ولازم يقل فعلًا وفي مصالح وقطاعات كتير فيها عمالة زايدة وبطالة مقنعة، لكن ده ميحصلش بإنه يتاخد حقوق الناس المادية لأنهم ملهمش ذنب إنه كان في مساحة للتعيين وهما اتعينوا وخلاص بيشتغلوا وبيقبضوا وعندهم أسر والتزامات.
– كمان المؤسسات الصحفية والإعلامية وضعها أسوأ، لأنه في الحقيقة مشاهدات التليفزيون المصري سيئة ولم تتحسن نهائيًا بسبب سياساته التحريرية في تناول الأخبار والنقاش العام، وكمان نتيجة فشله في تقديم محتوى يخلي الناس تتفرج عليه، وده شبيه بأزمة الصحافة القومية اللي فيها موظفين وصحفيين خلاص متعينين وبياكلوا عيش منها لكن الجرايد ما بتبيعش ونسبة القراءة قليلة جدًا، وبالتالي مفيش إعلانات ومفيش فلوس.
– مديونية اتحاد الإذاعة والتلفزيون وصلت لـ 42 مليار جنيه بسبب القروض، وفي مديونية شبيهة للمؤسسات الصحفية وصلت لـ 20 مليار جنيه، وبالتالي مع استمرار خسارة المؤسسات دي وتزايد الديون لبنك الاستثمار القومي والضرايب والتأمينات وباقي البنوك ودي أزمة كبيرة جدًا.
– خاصة لما نكون إحنا كمواطنين مش مستفيدين شيء من رواتب موظفي ماسبيرو والمؤسسات الصحفية لأنه متابعتها قليلة ومحتواها سيء ومبيقومش بخدمة حقيقية تستحق إنها تتمول من الضرايب اللي بندفعها، وبالتالي الحكومة هي اللي المفروض تتحمل نتيجة الوضع الحالي وتعالج الأزمة بمعالجة سياساتها في التعامل مع الإعلام والجهاز الإداري.
– الكل عارف إن فيه أزمة في ماسبيرو اللي فيه حوالي 32 ألف عامل، ونمط عملهم كان غريب بسبب إنهم بيشتغلوا في أماكن أخرى عشان يقدروا يحسنوا دخلهم، وكان فيه شبه اتفاق ضمني على دا، لكن لما الحكومة تيجي تعمل خطوة إصلاح أو غيره وكلنا هنبقى مع الخطوة دي، مفروض تتحمل تكلفة دا بشكل واضح وصريح، وتدي الناس حقوقها، عشان متصنعش مظالم جديدة.
– يعني مش معقول توقف مكافأة نهاية الخدمة من نهاية 2018، وعاوز الناس تستقيل أو تطلع معاش مبكر مثلا بدون أي حقوق وفيه ناس شغالين بقالهم عشرات السنين حرفيا، دا ظلم وضد القانون بشكل واضح.
– مطلب توحيد لوائح الأجور بين القطاعات المختلفة في ماسبيرو كان مرفوع في التظاهرات، عشان تعدد اللوائح يعني عمليًا انعدام كامل للعدالة بين القطاعات، فتلاقي قطاعات محظوظة وقطاعات إدارية تانية مظلومة.
– أي هيكلة أو إصلاح بدون خطة واضحة هتبقى عشوائية هينتج عنها تشرد أسر العاملين دول، لذلك دا يتطلب تنسيق بين وزارة المالية والقطاع وكذلك مجلس النواب إنه يقوم بدوره مش ينحاز للهيئة الوطنية للإعلام.
– وبالتأكيد أي جهود لتقليل خساير المؤسسات دي هيكون أمر إيجابي، رغم إن لسه مفيش تفاصيل كتير عن الخطوات التنفيذية اللي هتتعمل، لكن بغض النظر عن خطط التطوير فهي للأسف مبتعالجش المشكلة الرئيسية، وهي إن التليفزيون مبتقدمش فعلاً أي شيء يذكر صحفياً وإعلامياً يخلي ليه مشاهدين ومتابعين، ويخلي فيه استثمار، لذلك دبح العمال مش هو الحل الوحيد، عاوزين نسمع عن حلول تانية الأول.
– كمان عندنا غياب مستمر للشفافية، وإدارة ملف الاعلام نموذج، محدش عارف إيه خطة الحكومة مثلاً لتطوير ماسبيرو؟ هل هيفضل؟ ولا هيتخصخص؟ ولا هيتم تخفيض عمالته؟ ولا يتلغي خالص ويتم تعويض العاملين والاكتفاء بعدد محدود من القنوات التليفزيونية والراديو، خاصة إن كل القنوات شبه بعض، المهم يبقى في اختيار واضح، مش استمرار الوقوف على السلم بين التطوير والإلغاء.
*****
– في النهاية هنكون سعداء لو الأزمة اتحلت والموظفين خدوا مستحقاتهم بدون أساليب التهديد والحبس وغيرها من أداءات القمع الأمني المستمرة من سنين، وياريت ده يتعمل مع موظفي وعمال المصانع اللي بيتقبض عليهم فورًا من الأمن الوطني وبيتهموا بالانضمام لجماعة إرهابية، لمجرد إنه عندهم مطالب برضه متعلقة برواتبهم وفلوسهم وبيئة العمل.
– ويمكن وجود نقابة فعالة الحكومة والمسؤولين بيتواصلوا معاهم يمكن يلفت نظر الدولة والأجهزة الأمنية لأهمية النقابات المهنية والعمالية وإنها فعلًا أداة في صالح الحكومة والدولة والمستثمرين إنهم يتواصلوا مع ناس فاهمة وبتعبر عن مصالحها وتقدر تتفاوض معاها وتتناقش معاها، وده يجيب استقرار أفضل بكتير من القمع والبطش والأساليب التانية.