– خلال الأيام اللي فاتت بدأت تظهر ملامح مصالحة وطنية في الكويت بين المعارضة والحكومة الكويتية.
– أمير الكويت نواف الأحمد الصباح يوم الأربعاء اللي فات أصدر أمر لرئيس مجلس الأمة ورئيس الحكومة ورئيس المجلس الأعلى للقضاء بتحديد الضوابط القانونية للعفو عن معارضين سياسيين مسجونين وفي خارج الكويت حاليا.
– الأمر ده يمهد لعفو سياسي كبير في الكويت، من الممكن أنه يشمل حوالي 600 ناشط وسياسي معارض في الفترة القادمة.
– بنهني شعب الكويت بالخطوة دي وبنتمنى تتم على خير، ونشوف في كل بلداننا العربية الحوار كوسيلة لحل الخلافات والأزمات بعيدا عن التخوين.
– ايه اللي بيحصل في الكويت؟ ممكن نشوف فيه ايه؟ وايه أهمية فكرة المصالحة الوطنية؟ دا اللي هنتكلم عنه في البوست دا.
– كمان بعد ما تخلصوا قراءة البوست، نحب تشاركونا في التعليقات رأيكم وأفكاركم عن “المصالحة الوطنية” وإزاي ممكن تتم؟ وإيه أبرز التحديات اللي قدامها؟
ايه اللي بيحصل؟
– عشان نفهم اللي بيحصل لازم يكون عندنا خلفية عن طبيعة عمل النظام السياسي في الكويت، الكويت هي حالة هجينة كده مش ملكية مطلقة زي باقي دول الخليج ومش ملكية دستورية زي بريطانيا مثلا.
– يعني مثلا ممنوع في الكويت تأسيس الأحزاب السياسية، ومع ذلك هي الدولة الخليجية الوحيدة اللي بتمنح سلطات كبيرة للبرلمان المنتخب، حيث يمكن للنواب تعطيل القوانين واستجواب الوزراء ورئيس الوزراء.
– بس في النهاية الكلمة العليا يعني في البلد هي للأمير اللي هو يعني بمثابة ملك بس يعني بصلاحيات مش مطلقة أوي زي بقية الدول الخليجية.
– العفو الحالي هدفه هو فك حالة الجمود السياسي اللي في البلد من 2011 وتحديدا في قضية اقتحام البرلمان في 2011 والمتهم فيها نواب من مجلس الأمة الكويتي واتحكم عليهم بالسجن ومنهم اللي سافر بره الكويت.
– اقتحام البرلمان جه في سياق احتجاجات شعبية في 2011 في الكويت على الفساد المالي والسياسي للحكومة، وأيضا بسبب قضية البدون اللي هما مجموعة كويتية لا تحمل الجنسية.
– من 2011 ولحد النهاردة الكويت في أزمة سياسية مستمرة، كانت دائما بينتج عنها حل البرلمان واستقالة حكومات متعاقبة.
– وأدت الخلافات المستمرة دي على مدى سنوات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت لإعاقة مشاريع الاستثمار والإصلاح الاقتصادي، لدرحة إن الكويت بتشهد عجزا قياسيا في ميزانيتها العامة وصلت قيمته 35.5 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في مارس 2021.
– المعارضة في آخر انتخابات سيطرت على 24 مقعد من مجلس الأمة من إجمالي 50 مقعد وبالتالي عززت من موقعها وكان فيه مطالبات مستمرة على مدار السنوات اللي فاتت بصدور عفو من الأمير عن المتهمين في قضية اقتحام مجلس الأمة.
– أيضا المطالبات بالعفو كانت بتشمل نشطاء سياسيين وكتاب رأي ونواب ووزراء سابقين عبروا عن انتقادات لأمير الكويت أو لحكام آخرين في الخليج دي تهمة يعاقب عليها القانون الكويتي.
– الموضوع فضل مسار جدال لحد ما الأمير وجه بإجراء اجتماعات للحوار الوطني على مدار السنة اللي فاتت، ومن المتوقع يعني أنه في الفترة الجايه تطلع قوائم بالعفو عن كثير من الأشخاص اللي كانوا محبوسين عشان تنتهي فترة من الاحتقان السياسي المستمر من سنوات بين السلطة التشريعية والتنفيذية في الكويت.
– الفترة الأخيرة أيضا شهدت عودة معارضين كويتيين من الخارج بناء على المصالحة الوطنية، وكمان من المتوقع أنه المصالحة دي تلغي قانون شائك هناك اسمه قانون “الجرائم الإلكترونية” كان بيستخدم كثيرا ضد المعارضة هناك.
– المصالحة الوطنية بين السلطة والمعارضة في الكويت تمت بين السلطة وبين حركات سياسية مختلفة منها إسلاميين زي حركة “حدس”، وفي حركات واسعة تانية زي حركة العمل الشعبي (حشد) وهي حركة أقرب للتوجهات القومية وحركات ليبرالية ويسارية زي المنبر الديمقراطي والتحالف الوطني.
– بالتالي الخطوة دي بتقول كثير جدا عن إنهاء حالة الاحتقان السياسي في البلد، وبتقول أنه في النهاية الحوار الوطني وسيلة مهمة لتحقيق المصالحة الوطنية والاستقرار السياسي للنظام والدولة بشكل عام.
– عندنا في مصر من 2013 ولحد دلوقتي بيتقدم مقترحات مختلفة من أطراف مختلفة بحوار وطني مع النظام يشمل مكونات المعارضة كلها، لكن حتى الآن مشوفناش أي خطوة جدية في الملف دا، رغم إننا كان عندنا وزارة اسمها “العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية” لكن للأسف مشوفناش ليها أي دور.
– خلال الفترة من 2013 ولحد دلوقتي خرجت مبادرات مختلفة للحوار الوطني منها مبادرات في 2013 من أشخاص زي عز الدين شكري وزياد بهاء الدين باسم حماية المسار السياسي، ومبادرات لاحقة من شخصيات معروفة زي سعد الدين إبراهيم ومحمد سليم العوا وحسن نافعة، إلى جانب مبادرات مؤخرا ورسائل بتخرج من السجون لطلب المصالحة من شباب محبوسين ومبادرات غيرها من تيارات معارضة.
– لكن وبكل أسف مفيش حتى الآن أي مبادرة لاقت صدى جيد عند الحكومة، رغم وعود كثيرة بنسمعها في الإعلام عن “مرحلة مختلفة قادمة” في التعامل مع المعارضة والصوت الآخر، وملفات حقوق الإنسان.
– كل الوعود واستراتيجية حقوق الإنسان وغيرها تعليقنا عليها كان إنه كلام جميل ونتمنى يدخل مسار التطبيق، إلا إننا بنأكد إن المشكلة عندنا أكبر من الكلام والخطاب، لكنها على مستوى عملي وتنفيذي، محتاجين نشوف الواقع بيتغير بإرادة داخلية حقيقية وبعيد عن أي ضغوط خارجية، لأن دي حاجة ملحة للجبهة الداخلية المحتقنة، في وقت يفترض فيه زي ما الإعلام بيقول إن “الدولة فرضت سيطرتها”.
– والحقيقة هنا إحنا مش بنقول أننا زي الكويت، السياق السياسي مختلف والتعاطي الشعبي مع موضوع المصالحات مختلف تماما، كمان المشكلة في مصر أنه المشاكل السياسية دي تضمنت دماء، فالكلام عندنا لازم يكون عن آليات أشمل للمصالحة تضمن عدالة انتقالية، ودا مصطلح الدولة استخدمته في اسم وزارة لحد ما اتلغت بدون ما حد يقولنا هو ايه اللي حصل في الملف دا.
– لكن الشاهد في حالة الكويت أنه رغم كل شيء ورغم أنه نظام سياسي يعني أشبه بالملكية إلا أنه قادر على التحاور وإطلاق عفو عام عن شخصيات في المعارضة لأنه في النهاية يعني الوضع مش ممكن يستمر كده أبد الدهر.
– القمع والسجن في النهاية لازم يكون في آليات سياسية للتوقف عنه أو حتى بالمعنى السياسي “إدارة القمع” مينفعش يكون في س أو ص محبوس لتهمة تافهة جدا زي أنه كتب بوست على السوشيال ميديا بينتقد فيه النظام أو مش عاجبه إنجازات الحكومة وكل التهم المعلبة الجاهزة اللي الناس بقت بتقضي سنوات من عمرها في السجون عشانها.
– المصالحة أو الحوار الوطني مع المعارضة هي آلية مهمة للخروج من أي مأزق سياسي، ودا بيعني ضرورة تقديم تنازلات من الجميع لصالح استعادة جزء من النسيج الوطني الممزق، ولصالح آلاف من المعتقلين في السجون وأسرهم في الخارج، وتبقى بداية (مجرد بداية) لعلاج حالة انقسام اجتماعي مستمرة بشكل طويل مأثرة على جوانب كتير في حياة المصريين.
– مفيش أي نظام سياسي ينفع يقفل باب “الحوار” للأبد، في النهاية بدون أي تشكيك أو تخوين ولا النغمات دي، لو الكل بيدور على مصلحة بلده لازم هيكون فيه “حل وسط” لإدارة الخلافات، والمطالبة بالنقاش والحوار مع المعارضة السلمية مش جريمة ولا شيء ضد القانون، بالعكس دا شيء يقوي موقف الحكومات.
– الأزمة في الكويت قعدت حوالي 10 سنين وفي النهاية الجميع بالأدوات السياسية المتاحة نجحوا يوجدوا مخرج لحل أزمة بلدهم، ودا شيء يحسب لهم، ومع تأكيدنا مجددا على اختلاف السياقات إلا إن جميع الأطراف في مصر مطالبة بالتحلي بالروح دي.
– الناس زهقت، المسجونين والمعتقلين زهقوا من الوضع ده، وفي النهاية يعني دول مصريين ممكن يكونوا مجرد ليهم رأي مختلف، ويغض النظر عن الخلاف السياسي بينهم وبين الحكومة لكن في النهاية مصلحة البلد بتجمع الكل.
– كل التوفيق للأشقاء في الكويت في إتمام إجراءات المصالحة، ونتمني اللي بيحصل يكون درس للحكومات في المنطقة لكيفية إدارة العملية السياسية بدون قمع وكيفية تحقيق الاستقرار السياسي بالمصالحة والحوار الوطني.