“مصر كل سنه بتخرج مليون، قولي أشغلهم ازاي؟ أجيب منين؟ حد يقولي أعمل ايه؟” .. “مصر لن تقوم بالمدونين وانما بالعمل والجهد. ”
– ده كانت جزء من ردود الرئيس السيسي على تعليقات الرئيس ماكرون والصحفيين الفرنسيين حوالين وضع حقوق الإنسان في مصر، والرد الأخير دا مش الأول اللي يحط فيه الرئيس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين المصريين في مواجهة مع الحقوق التانية زي الحريات السياسية وحرية الصحافة، ففي اصرار كبير من الرئيس في أكثر من حوار على أنه يشوف تعارض بين الحقوق الاقتصادية وحقوق الإنسان.
في البوست ده هنتكلم عن الزيارة وكلام الرئيسين عن حقوق الإنسان.
*****
إيه اسباب الزيارة وليه ماكرون كان بيتكلم عن حقوق الإنسان ؟؟
– يعتبر السفر لمصر بعد أحداث السترات الصفراء من الزيارات القليلة خارجياً لماكرون، خصوصاً مع أزمة المؤسسات الامريكية دلوقتي – هنحكي عنها في بوست جاي – وزيادة الخلافات الفرنسية مع إيران، مضمون الزيارة كان في معظمها توقيع أكثر من 30 عقد أو اتفاقية في مجالات الطاقة المتجددة والنقل والزراعة والرعاية الصحية بمئات الملايين من اليوروهات، والوفد الرئاسي المرافق لماكرون كان فيه وزراء الخارجية والدفاع رؤساء لأهم الشركات الفرنسية منهم شركة “اورانج” و “رافال”.
– ونتيجة لإن ماكرون شعبيته بقت أقل حالياً، وجزء من الضغوط الداخلية ضده ان كل اللي يهمه بالخارج مبيعات شركات السلاح بس، زي ما هوا في الداخل يركز على أصدقاؤه الأثرياء أكتر من مطالب الفئات الأفقر، فهوا اتكلم بوضوح قبل الزيارة للصحفيين الفرنسيين عن إنه من المهم مناقشة أوضاع حقوق الإنسان في مصر وإنه طريقة الحكم أكثر قسوة من عهد مبارك، ومطلوب الكلام عن الوضع ده بطريقة صريحة من دون أن يعتبر كلامنا تهديداً للاستقرار.
– ماكرون سلم الرئيس السيسي بحسب كلامه في المؤتمر الصحفي قائمة بأسماء نشطاء سياسيين للاستفسار عن القضايا اللي بيتحاكموا بسببها وسبب حبسهم المدد الطويلة ده، وقال أنه فرنسا عندها تحفظات على قانون الجمعيات الأهلية والتضييق على عمل المجتمع المدني في مصرـ كمان ماكرون فتح موضوع حجب المواقع الصحفية وأوضاع الإعلام.
– كلامه مكانش ليه أي اثر فعلي فوري، لأنه تاني يوم للكلام دا تم القبض علي شباب الكرامة والمتحدث الإعلامي السابق للحركة المدنية الديمقراطية والصحفي أحمد جمال زيادة اللي اتاخد من المطار، وكل دول مختفين ومظهروش حتى الان.
– تاني يوم للقاء الصحفي التقي ماكرون مع ممثلين عن منظمات المجتمع المدني المصرية سواء النشطاء في المجال الحقوقي أو مجال التنمية، وكرروا عليه نفس الملفات.
– كان رد الرئيس السيسي علي كل التحفظات السابقة هو نفس الكلام اللي بيقوله كل مرة، أنا بحارب الإرهاب وبعمل إصلاح اقتصادي وديني، وحقوق الانسان عندنا ليها مفهوم تاني، والناس هنا عاوزة تاكل وتشرب وأنا بعمل برامج للعلاج والسكن، ومفيش حاجة اسمها الناس تتكلم وتكتب اللي هي عاوزاه، بس ده حقوق موجودة في الدستور.
*****
هل في تعارض بين إن الناس تاكل وتشرب وتتعالج وبين اننا نعيش في حرية واحترام لكرامتنا ؟؟
– وجهة نظر السيسي أنه بما أننا بنعمل إصلاح اقتصادي – بس محدش يقيم نتايجه على معيشة الناس – وبنحارب الإرهاب يبقى محدش يكلمني عن حقوق الإنسان في المظاهرات أو الكتابة أو العمل السياسي، كلموني عن الحقوق الاقتصادية للناس – وطبعاً هي مهمة – لكن السؤال هنا هي الناس هتعرف حقوقها الاقتصادية إزاي من غير ما يكون في حرية تعبير في المجتمع ويبقى في دائما حوار مجتمعي حقيقي بيتقال فيه آراء مختلفة ؟ إزاي هنعرف حقوقنا الاقتصادية وندور على احتياجاتنا فعلاً ولما بيتكلم حد عن وجهة نظر مختلفة في الاقتصاد زي د رائد سلامة فبيكون الحل معاه إنه يتحبس، أو حد يكتب تحليله للاقتصاد المصري زي عبدالخالق فاروق فيكون النتيجة أنه يتصادر كتابه ويتحبس.
– أكيد احنا محتاجين رعاية صحية “حقيقية” وموازنة أفضل لينا كمواطنين ونتناقش في الضرايب والعجز، لكن لما يبقى معندناش صحافة بتسأل هنعمل ده ازاي ؟ ولما يبقى الأحزاب السياسية مش قادرة تعمل ده عشان بيتقبض على أعضائها وبيتحرموا من الاعلام او التواصل مع الناس هيتعمل ده ازاي ؟ ولما نبقى عاوزين ندور على أساليب تطوير للتشغيل والوظايف في مصر والبرلمان مبيحاسبش الحكومة أو بيسمع وجهات نظر مختلفة لتصورات تانية فده هيحصل إزاي ؟؟
– عشان كده الأمم المتحدة عملت ميثاق عالمي لحقوق الإنسان وفيه حقوقه الاقتصادية وكمان حقوقه السياسية مبتنفصلش أبداً، وده أرقى شكل للتعامل بين البشر وصلله العالم، ولأن البشر بيختلفوا عن الحيوانات فالبشر مش بس محتاجين ياكلوا ويشربوا ويناموا، لأ كمان بيحتاجوا يفكروا ويكتبوا ويتكلموا ويناقشوا ويحللوا عشان مستوى معيشتهم يتحسن، مش يمكن احنا بنتحكم بطريقة غلط ومليانة إهدار موارد وتضييع لطاقة بشرية ؟؟
– ماكرون مثلاً لما اتسأل من صحفي مصري عن ازاي اتعاملت مع مظاهرات السترات الصفراء وانت بتتكلم عن حقوق الإنسان، كان رده ببساطة شديدة إنه ميقدرش يمنع الناس انها تعمل مظاهرات حتى لو ضده وحتى لو بتسيئ ليه، ومهمة الشرطة انها تحميهم واللي تجاوز بس قدمناه للمحاكمة، ومن حق اللي بيتحاكم كمان يدافع عن نفسه – مش يتقبض على محاميينه وميشوفش أهله ويتحبس بالشهور بدون محاكمة – وأنا تراجعت عن القرارات عشان الناس طالبت بده.
– الحقيقة في مشكلة كبيرة في موضوع حقوق الإنسان بمفهومها الأوربي اللي كررها الرئيس السيسي أكثر من مرة مزعجة، يعني البني ادم في أوروبا بيحتاج يفكر ويعبر عن رأيه ويتعلم ويتناقش وفي مصر لأ ؟؟
– فكرة أنه لازم أوروبا تشوفنا بعيونها المصرية هي غريبة جدا برضه، يعني الناس متتضايقش ولا تنتقد الانتهاكات في حق بشر زيهم بيتحبسوا بلا سبب وبيتضربوا وبيتعذبوا ومبيقدروش يغيروا في الطريقة اللي بيتحكموا بيها ومعدلات الفقر عندهم بتزيد وأحوالهم الاقتصادية أسوأ، والمفروض إنه ده كلها أمور طبيعية؟
– فكرة أنه أوروبا أحسن مننا دي أدعي أننا نحاول نكون زيها ونلتزم بالمعايير اللي خلتها أحسن مننا زي الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان مثلا مش العكس.
*****
– في ملحوظة مهمة في المؤتمر الصحفي، ولا سؤال واحد تم توجيهه للرئيس السيسي! لما اتكلم كان بيعقب بس على كلام ماكرون.
السبب إن أسئلة الصحفيين الفرنسيين كانت موجهة لماكرون باعتبار انه المفروض يكشف ويوضح تفاصيل ونتايج الزيارة للمواطنين الفرنسيين، أما أسئلة الصحفيين المصريين كانت موجهة للرئيس ماكرون بقصد إحراجه لصالح السيسي في نقطة حقوق الإنسان وليه بتتكلم عن حقوق الإنسان، وده برضه بيقولنا الفرق عامل ازاي بين الصحافة في الدول الديمقراطية اللي بتحترمها وبين الصحفيين اللي بيتم اختيارهم من مكتب رئيس الجمهورية لاعتبارات الطاعة التامة.
– ماكرون وأي رئيس في بلد ديمقراطي بيحترم شعبه حتى وهو شعبيته أقل وفي غضب تجاهه فلازم يحسن وضعه بتقديم خدمات وحقوق أكثر على مستوى الحريات وعلى مستوى الاقتصاد ومعيشة المواطنين.
– الديمقراطية واللي بتشمل تداول السلطة بشكل سلمي وفقا للدستور مش محاولة تعديلة للبقاء في الكرسي هي الضمانة الوحيدة لاستقرار أي دولة، وحرية التعبير بداية من الحريات السياسية وحتى الحرية في اختيار الثقافة والدين والأفكار الشخصية هي اللي تضمن المعيشة الجيدة للمواطنين، وأكيد مصر محتاجة العمل والاجتهاد لكن برضه محتاجة انه الناس تتكلم وتدون وتكتب بحرية وأمان، مصر هتقوم بالمدونين والمفكرين والعلماء والمبتكرين والسياسيين والرياضيين والاقتصاديين وكل أبنائها، مصر بتتأخر لما بيمشي كل دول وبيفضل بس شخص واحد.
*****
ريان هو طفل مغربي عمره خمس سنوات، سقط في بئر ضيقة في إحدى القرى بضواحي…
- توفي يوم الجمعة اللي فاتت الدكتور عصام المغازي، استشاري الأمراض الصدرية، ورئيس الجمعية المصرية…
"الوطن هو تجربة اجتماعية مستمرَّة، وليس نَقشًا فرعونيًّا على حجر منذ آلاف السنين، تجربة اجتماعية…
- مليون مبروك لمنتخبنا الوطني اللي نجح في إقصاء الكاميرون بركلات الترجيح بعد مباراة عصيبة.…
- من أسبوع تقريبًا أصدر الرئيس السيسي قرار جمهوري رقم 13 لسنة 2022، القرار ده…
- مستمرين معاكم في حلقات تذكر وحكاية مشاهد كانت فارقة في تاريخ ثورة يناير عشان…