الموقف المصري | Egyptian Situation

– استكمالا لسلسلة البوستات عن التعديلات الدستورية، النهاردة هنتكلم عن تعديل الدستور في فترة حكم مبارك والظروف اللي أحاطت بالتعديلات ونتايجها.
– مبارك عدل الدستور مرتين مرة في 2005 ومرة في 2007، وفي المرتين كان في قدر كبير من التشابهات والاختلافات بالطبع بين مبررات الحكومة للتعديلات، وبين سير عملية التعديلات الحالية دلوقتي.
*****

– مبارك في بداية رئاسته ولحوالي 24 سنة مكانش مضطر يلجأ للدستور، اللي كانت تعديلات السادات بتضمنله الاستفتاء بترشيح البرلمان لعدد لانهائي من المدد، استفاد مبارك ونظامه من تعديلات السادات وكان بيعتمد طول فترة حكمه على فكرة القمع المنظم اللي اللجوء للعنف فيه مش الاختيار الأول لكنه موجود، مع تقييد للسياسة بطريقة ناعمة عشان ميتكررش أبداً مشاهد المظاهرات اللي كانت بتحصل في عهد السادات.
– وبالسياسة ده مبارك قدر يستمر سنين طويلة ومكانش في أبداَ فرصة لتغييره، حتى مع وعوده قبل كده إنه هيحكم فترة أو اتنين لكن الكلام ده اتبخر تماماً لصالح الكلام عن الاستقرار ومفيش بديل وأي تجربة تانية هتبقى خطر، والنظام مكمل بنفسه طريقة الحكم، واقتصادياً مصر عدت بمراحل تضخم وركود عالية، واتجه النظام لسياسة الخصخصة وتصفية شركات القطاع العام عشان يحقق أرقام نمو ويسد عجز الموازنة.
*****

بداية فكرة التعديلات
– في 2004 وبعد أحداث 11 سبتمبر كانت الإدارة الأمريكية بتضغط على أنظمة المنطقة لفتح مساحة من الديمقراطية والحوار وتفتح مساحات في أنظمتها عشان ميطلعش منها إرهابيين، وتحت الضغط ده بدأ نظام مبارك بفتح مساحة محدودة للمعارضة وللمجتمع المدني، وفي 2005 اتطرحت أول تعديلات دستورية.
– تعديلات 2005 تمت على المادة 76 من الدستور ولأول مرة في مصر هيكون رئيس الجمهورية يتم اختياره بالانتخاب المباشر من الشعب مش من خلال استفتاء أو البرلمان.

– نظريا دي كانت خطوة إصلاح سياسي لمصر، لكن واقعيا كانت بلا تأثير بسبب ضعف الأحزاب وتقييد حركتها أمنياً، وكانت المعارضة الموجودة فعليا أيامها بتتعرض لقمع أمني مباشر أو منع للحركة والتواصل مع المواطنين، ومفيش أوضح من إنه المرشح الرئيسي قدام مبارك اتقبض عليه بعد الانتخابات، ونعمان جمعة تم تفجير حزب الوفد من الداخل بصراع مدفوع من الأمن عشان يبعد عن العمل السياسي،والقضاة اللي اتكلموا عن تزوير الانتخابات اتفتحت معاهم تحقيقات واتضغط عليهم في صراع طويل.

– ومع نهاية التعديلات الأولى كانت صورة جمال مبارك بتكبر في الإعلام، وفعلياً داخل نظام مبارك حصل تغيير باستبدال مجموعة الحرس القديم كمال الشاذلي وصفوت الشريف بمجموعة جمال مبارك، اللي كان أهمها أحمد عز ورشيد محمد رشيد ومحمود محيي الدين.
– ظهور جمال بدأ في التزايد وبقا متواجد بقوة في الحزب الوطني كأمين لجنة السياسات، ورمزية الشباب خلته عمل جمعية جيل المستقبل، وبقى متواجد كمان في ماتشات منتخب كرة القدم.

– في 2007 اتطرحت التعديلات الثانية لمبارك، تم تعديل 34 مادة مرة واحدة من الدستور، وكانت أهم التعديلات هي تحجيم دور القضاء في الإشراف على الانتخابات، عن طريق إعطاء صلاحيات أكبر للجنة الوطنية للانتخابات، وحظر أي نشاط سياسي علي أساس ديني، التعديل اللي كان مقصود بيه تحجيم دور الإخوان وقتها اللي كان ليهم 88 عضو في مجلس الشعب، بالإضافة لقيود أكبر في شروط الترشيح للرئاسة بحيث يكون مطلوب من المرشح الحزبي الحصول على 5% من مقاعد مجلس الشعب أو ينزل كمرشح مستقل لكن هيبقى مطلوب منه 250 توكيل من مجلس الشعب ومجلس الشورى، وعملياً ده مكانش هيبقى متاح غير لشخص بتدعمه للسلطة والواضح إنه جمال مبارك.
– التعديلات كان فيها كمان تركيز أكبر للسلطات في ايد رئيس الجمهورية لأنها أدت الحق المطلق ليه في حل البرلمان دون استفتاء، وإحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية، تفتيش البيوت واعتقال الناس بدون إذن من النيابة وانتهاك السرية وخصوصية المواطنين عن طريق مراقبة الناس بقانون الطوارئ.
– مبارك كان وعد في 2005 أنه هيلغي قانون الطوارئ، لكن وفي بداية 2006 خد موافقة مجلس الشعب على تجديد العمل بالقانون لمدة سنتين، واستمر القانون دا في العمل لحد ثورة يناير.
*****

ايه التشابه بين تعديلات مبارك والتعديلات الحالية ؟؟
– زي ماقولنا كتير من التشابهات ممكن نشوفها بين تعديلات الدستور بتاعت 2007 وبين التعديلات الحالية، يمكن تتضح كلها في فلسفة التعديلات، نفسها اللي بتجمع السلطات الثلاثة كلها في ايد شخص الرئيس، علي سبيل المثال مبارك كان ليه الحق في حل مجلس الشعب بدون الرجوع للإستفتاء العام، وخفف الرقابة القضائية على الانتخابات، وحاول يعمل شروط تعجيزية للمعارضين.

– تقريبا نفس المبررات اللي اتقالت ايامها من الحكومة عشان تمرير التعديلات هي نفسها اللي بتتقال دلوقتي، فكرة أنه دا عشان الإصلاح والاستقرار والتنمية اللي حققها مبارك، وعشان نبدأ عصر جديد كانت موجودة وحاضرة على ايد جميع المؤيدين من كمال الشاذلي ومفيد شهاب وحتى مذيعين التلفزيون.
– في الفترة دي كان في فعلا قبضة أمنية، لكن مكنتش بالسوء اللي موحود دلوقتي، عدد المعتقلين السياسيين كان أقل بالطبع، لكن قانون الطوارئ كان موجود زي ما هو موجود دلوقتي وممكن الحكومة تستخدمة في أي وقت عشان تسجن أي حد بتهم ملفقة تماما زي ما بيحصل.
– بالنسبة لموقف البرلمان، كان في معارضة أكبر بالطبع، كان في أكثر من 100 نائب معارض في البرلمان تقريبا حوالي ربع أعضاء البرلمان أيامها، ناصريين ويساريين وإسلاميين ومستقلين. وبالتالي التعديلات البرلمانية دي ممرتش بالسهولة اللي موجودة دلوقتي.
– في 100 نائب قاطعوا التصويت على التعديلات بتاعة 2007 وكان في اعتراضات شهيرة لنواب المعارضة زي محمد عبدالعليم داوود ( الوفد ) لما قال أنه ” لا يمكن أن نشارك في دستور يقتحم البيوت “، النواب دول دخلوا المجلس لابسين ملابس سودة ومكتوب عليها لا للإنقلاب الدستوري ده خلا التعديلات تمر في البرلمان بأغلبية بحكم انه نواب الحزب الوطني كانوا أغلبية، وحتى في الاستفتاء الشعبي وفي ظل القبضة الأمنية 75 % من المصريين هما اللي وافقوا على التعديلات مع وجود شبهات واعتراضات كبيرة على التزوير.
– بالتأكيد لو في أي مقارنة منصفة وموضوعية حوالين حال البرلمان دا وحال برلمان 2005 فالبتأكيد برلمان 2005 كان أفضل وأكثر ديمقراطية وكان مسموح فيه بالتعبير عن الرأي والاعتراض والاعتصام، مش زي الفجاجة اللي عليها برلمان الأجهزة الأمنية الحالي.
– وللمفارقة برضه إنه من المروجين للتعديلات وقت مبارك ومشروع التوريث مروجين برضه للتعديلات الحالية، زي الأستاذ ياسر رزق اللي اتحول من صحفي لرئيس تحرير جريدة أخبار اليوم وكتب مقالات ترويجية للتعديلات الحالية أهمها مقال عام الاصلاح السياسي زي ما كان بيكتب بالترويج لجمال مبارك باعتبار إن وجوده إصلاح سياسي.
*****

ايه نتيجة دا على مصر ؟

– نتيجة التعديلات اللي عملها مبارك هي الحالة اللي عاشتها مصر من 2005 لحد الثورة، وهو المزيد من القمع السياسي والتعذيب في السجون وأقسام الشرطة واضطهاد المواطنين بناءا على قانون الطوارئ.
– زي ما عدل السادات الدستور واتقتل بعدها ينفع نقول أنه تعديل الدستور كان السبب في خلع مبارك سياسيا، لأنه خلي الناس مقدمهاش طريق إلا الثورة عليه وعلى ابنه.
– التلاعب بالدستور علشان البقاء في الحكم وانعدام أي إمكانية للتداول السلمي للسلطة في مصر هو شر الشرور وأسوأ شيء حصل في تاريخ البلد ده، إحنا معندناش أي رئيس مشي من خلال الانتخابات، مفيش رئيس في مصر ساب الحكم إلا مقتول أو معزول، وأبسط حق لينا كمواطنين إننا نعيش في أمان وسلام ونقدر نغير في طريقة الحكم وشخص الحاكم بشوية ورق ووقفة في طابور الانتخابات مش بالثورات أو الانقلابات أو العنف.
– وعشان منعيشش نفس المأساة اللي عشناها مع مبارك في الحكم الأبدي أو التوريث، فاحنا بنجدد طلبنا للمواطنين المصريين برفض التعديلات الدستورية الحالية، من حقنا نختار اللي يحكمنا ونختار الطريقة اللي نتحكم بيها، مش من حق حد يقتل الأمل في المستقبل أو يخلي البلد كلها تدفع تمن فشله وحبه للكرسي لحد ميموت.