– مع تصاعد الإصابات والوفيات في العالم كله بفيروس كورونا، في مبادرات كتير قدمها شباب ونشطاء مجتمع مدني في العالم كنوع من التضامن الإنساني الرائع، النهاردة عندنا قصة مع لاعب كرة قدم في انجلترا، قدر يساعد الأطفال الفقراء للضغط على الحكومة لتوفير وجبات مجانية لهم أثناء أجازة الصيف.
– النهاردة هنحكي لكم قصة الحملة اللي حصلت؟ وأهمية الحملات اللي شبه دي؟ وازاي لعيبة الكورة من موقع أنهم مشاهير مهم أنهم يقدموا شيء حقيقي لمجتمعاتهم.
*****
– إنجلترا عندها برنامج وجبات مدرسية مجانية لطلبة المدارس محدود الدخل بيتيح لهم الحصول على وجبات ساخنة في أيام المدارس، مع انتشار فيروس كورونا وقفل المدارس بقى في صعوبة للأطفال دول إنهم ياخدوا وجبات ساخنة زي اللي كانو متعودين عليها وقت المدارس، الحكومة واصلت تقديم الدعم ده رغم غلق المدارس في صورة قسائم شراء بتتوزع على الأهالي من المدارس ويشترو من المحلات القريبة منهم.
– الطبيعي ان الوجبات الغذائية دي بتقف في الصيف، لأنه مفيش مدارس، ولكن في ظل الظرف الاستثنائي اللي خلي كثير من أرباب الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل يفقد وظيفته، فحصلت مطالبات باستمرار البرنامج ده في الصيف كمان.
– المطالبات دي قادها ماركوس راشفورد مهاجم نادي مانشستر يونايتد، واللي بدأها بتغريدة على حسابه في تويتر في شهر مارس اللي فات بيقول فيها: “في جميع أنحاء المملكة المتحدة هناك أكثر من 32 ألف مدرسة غدًا ستغلق، ويعتمد العديد من الأطفال الذين يذهبون لهذه المدارس على وجبات مجانية، لذلك أمضيت الأيام القليلة الماضية أتحدث إلى المنظمات لفهم كيفية سد هذا العجز”.
– وأعلن عن تعاونه مع منظمات المجتمع المدني وعمل حملة للتبرع من أجل إطعام الأطفال وتوصيل وجبات جيدة ليهم في منازلهم، وبدأ التبرع بنفسه وطالب كل متابعيه بالتبرع وجمع 100 ألف جنيه استرليني لإطعام 400 ألف طفل كبداية للحملة.
– واللي قال في مقابلة مع جريدة التايمز البريطانية، أنه هو شخصيا كان بيعتمد علي الوجبات المدرسية دي وقسائم الشراء دي لأنه نشأ في أسرة فقيرة، وعارف برنامج الدعم الغذائي ده مهم قد إيه لمكافحة الجوع بين الطلاب الفقراء اللي كتير منهم مبيقدروش ياكلوا وجبة تانية، وحصولهم على وجبات كويسة وصحية بتساعد في نموهم العقلي والجسدي.
– ناس كتير اتفاعلت مع حملة راشفورد على تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي، وبدأوا بجمع مبالغ أكبر من اللي كانوا مستهدفينها، والحملة اتطورت من التبرعات لمطالبة للحكومة باستمرار برنامج الوجبات الغذائية للأطفال طول فترة الصيف وإغلاق المدارس.
– ده خلى الحكومة تتراجع عن قرارها وتقرر استمرار البرنامج في الصيف بعد خطاب كتبه راشفورد لرئيس الوزراء، وحملة ضغط على السوشيال ميديا، وقررت الحكومة ضخ 120 مليون إسترليني في تمويل البرنامج خلال أجازة الصيف.
– راشفورد كتب على تويتر لرئيس الوزراء الإنجليزي بوريس جونسون: “الأمر لا يتمحور حولي أو حولك، ولا يتمحور حول السياسة أيضًا، هذا مجرد نداء لمساعدة تلك الأسر الهشة في كل مكان ببلادنا، كل ما قمت به أنني أصبحت منصة لأصواتهم”.
– وأضاف: “أنا فخور اليوم لأن الحكومة استمعت لهم، لقد قمتم بالعمل الصحيح، لا يزال الطريق طويلًا لكنني ممتن لما فعتلوه من أجل تلك الأسر، الآن لديهم قائمة أقصر من الأمور التي عليهم القلق حيالها في المساء، ويجب دائمًا أن تكون صحة أطفالنا هي الأولوية”.
*****
ايه وضع برامج التغذية المدرسية في مصر؟
– حملة زي دي مهمة جدا، لأنه موضوع سوء التغذية بالنسبة للأطفال مشكلة كبيرة جدا ومرتبطة بشكل مباشر بالفقر، وفي بلد زي مصر معدلات الفقر فيها مرتفعة جدا تقرييا 1 من كل ثلاث مصريين تحت خط الفقر بتكون برامج التغذية المدرسية للأطفال دي شيء لا غنى عنه.
– على الرغم من ده إلا أنه الحكومات المتعاقبة في مصر قررت تقليل برامج التغذية المدرسية، وبقا الأمر مقتصر على كيس بسكويت بس في فترات محددة من السنة الدراسية وممكن متوصلش لكل المدارس بالإضافة لأنه توقف لبعض السنوات. وحتى المعاهد الأزهرية اللي كان فيها وجبات ساخنة للتلاميذ في بعض المناطق كانت بتغطي نسب قليلة جدا من التلاميذ.
– في مصر بحسب إحصاءات اليونيسف، سوء التغذية هو سبب ثلثي وفيات الأطفال، وتعتبر مصر ضمن ٣٦ بلداً يتركز فيها ٩٠٪ من عبء سوء التغذية العالمي، بالإضافة لأمراض زي التقزم والنحافة واللي سببها الأساسي هو سوء التغذية.
– التغذية والوجبات المدرسية مهمة جدا في مصر لأنه ليها علاقة بمستويات التحصيل الدراسي، ودا ثابت في دراسات علمية كثيرة، وليها علاقة برفع معدلات الحضور وتقليل معدلات التسرب من التعليم وطبعا القضاء على سوء التغذية للأطفال.
– عدم الاستثمار في التغذية المدرسية أو الاستثمار الضعيف فيها زي ما بيحصل دلوقتي في مصر ليه أثار سلبية جدا على الاقتصاد، في 2009 كانت تكلفة ضعف الاستثمار في التغذية بتخسر الاقتصاد المصري حوالي 2 % من الناتج المحلي في الفترة دي، بالناتج المحلي الحالي ده حوالي 6 مليار دولار. الخسائر دي خسائر للقطاع الصحي من الأمراض المرتبطة بسوء التغذية وخسائر في الإنتاجية في سوق العمل لما الأطفال دول يكبروا وهما بيعانوا من أمراض سوء التغذية.
– مع الخسائر دي، ورغم انه عندنا برنامج تغذية مدرسية من 1981 إلا أنه الحكومة عمرها ما ضخت فلوس كفاية في البرامج دي، من الثمانينات ولحد دلوقتي مخصصات التغذية المدرسية عمرها ما تجاوزت مئات الملايين من الجنيهات سنويا، ونسب التغطية بتاعتها عمرها ما كانت كبيرة، مؤخرا فقط زادت المخصصات بقت حوالي مليار جنيه سنويا وهو مبلغ هزيل، وكان في استثناء لفترة قليلة بمنحة أوروبية اشتغل عليها نائب رئيس الوزراء السابق د زياد بهاء الدين، قدرت ترفع أرقام الأطفال المستفيدين من التغذية المدرسية.
*****
ايه اللي ممكن نشوفه في القصة دي؟
– أول حاجة طبعا لازم نلتفت ليها هو أهمية برامج التغذية المدرسية في مكافحة الجوع، والجوع قصير الأجل للأطفال وحتى الأسر، لو مثلا رب الأسرة فقد عمله واضطر لتقليل الغذاء المقدم للأطفال التغذية المدرسية ساعتها بتلعب دور تعويضي، لو رب أسرة فقير مثلا عنده طفلين بيحصلوا على وجبة ساخنة كل يوم في المدرسة لك أن تتخيل تأثير ده عليهم قد ايه.
– في ظل تأثيرات الكورونا الحالية برامج زي دي بتكتسب أهمية كبرى، لانه لها اثر تعويضي مهم للجوع الناتج عن فقدان الوظائف.
– تطوير برامج محترمة للتغذية المدرسية في مصر شيء مهم، ولو في صعوبات تمويلية في برامج زي دي ممكن تتعمل بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني وخاصة أقسام المسئولية المجتمعية للشركات، وممكن تتعمل بتمويل دولي من برنامج الغذاء العالمي زي ما حصل قبل كدة في مصر، وممكن تتعمل بشكل لا مركزي من خلال ربط القطاع الزراعي المحلي بالتغذية المدرسية زي مثلا أنه إنتاج قرية من الألبان يعالج ويوجه جزء منه للمدرسة في القرية دي والحكومة تدفع للفلاحين وغيرها من الطرق.
– مركز معلومات مجلس الوزراء في 2014 كان عمل دراسة طويلة عن الموضوع فيها أكثر من تجربة دولية في دولة نامية زي البرازيل – جنوب إفريقيا والهند وغيرها من الدول ممكن الاستفادة بيهم في تطبيق برامج زي دي.
*****
– برضه في قصة راشفورد بنشوف أهمية الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي وحرية التنظيم، يعني ده لاعب كرة قال رأيه وقاد حملة للضغط علي الحكومة، والحكومة استجابت بسهولة. مفيش حد طلع قال هو ليه لاعب الكورة أصلا يتكلم في موضوع زي دا؟ هو ماله؟ هو بيفهم في الاقتصاد وخطط الحكومة؟ محدش خونه واتهمه بأنه عميل لأنه طالب الحكومة بالتراجع عن قرار معين، بالعكس تم الاحتفاء بيه وبفكرته.
– فكرة أنك تعيش بس عشان تبقي فنان بيكون ثروة ومبيقدمش شيء للمجتمع بتاعك، لأ وبتسخر من أوجاع الفقراء والعمالة الغير منتظمة زي ما عمل فنانين مصريين، وبيكتفوا بس بالحضور في مؤتمرات ومناسبات تأييد الحكومة والجيش وقت ميتطلب منهم، أو تبقى لاعيب كورة منفصل عن المجتمع بتاعك ورغم إنك بتقبض ملايين سنوياً لكن ملكش دعوة بأي شيء في المجتمع ده شيء بيتم انتقاد اللي بيعمله في العالم.
– الشأن العام ده مهم كل الناس تقول رأيها وتساهم فيه وأولهم اللي عندهم امكانات فوق عامة الناس، سواء مالية زي رجال الاعمال، أو معنوية زي لاعبي الكورة الوفنانين .. لاعيبة الدوري الانجليزي مثلاً بمختلف أنديتهم عملوا من نفسهم مبادرة لدعم القطاع الصحي والمتضررين من الكورونا وجمعوا مبالغ كبيرة للتبرع للمنظمات الخيرية، وبشكل عام الأندية هناك جزء من ثقافتها عمل خدمات للمجتمع بتاعها طول الوقت من غير ما حد يطلب منهم أو يجبرهم على ده، الموضوع مش مجرد غرف فلوس، لأ في قيم حقيقية للرياضة والشهرة في المجتمعات المتقدمة.
– نتمنى الحكومة والمجتمع المدني والأفراد أصحاب المال والشهرة يقدموا كل اللي يقدروا عليه بشكل جماعي ومعلن ومستمر وشفاف، لإن دي الطريقة الوحيدة اللي المجتمعات بتعدي بيها الأزمات الصعبة بأقل الخسائر وبتوزيع الخسائر بعدالة على الأكثر تحملا قبل الفئات الأضعف.
*****