– في 15 إبريل الحالي نشرت الجريدة الرسمية تعديلات قانون التأمينات والمعاشات الخاصة بالقوات المسلحة، بعد توقيع الرئيس السيسي عليه.
– التعديلات الجديدة أقرت زيادة سنوية في معاشات العسكريين قدرها 15 % لمدة ٧ سنوات قادمة.
– في البوست ده هنعمل مقارنة بسيطة بين تعديلات قانون معاشات العسكريين الحالية وبين قانون المعاشات والتأمينات الجديد اللي صدر في أغسطس 2019 وبدأ تطبيقة في يناير 2020، هنشوف ايه التغيرات في الاتنين؟ وأيه اللي ممكن نفهمه من التغيرات دي؟
ايه اللي اتغير في قانون معاشات العسكريين؟
– التغيير الأهم هو إقرار زيادة 15 % تطبق في بداية يناير كل عام، وتحسب على آخر معاش تقاضاه المنتفع في ديسمبر من العام اللي قبله، يعني 15 % كنسبة مطلقة.
– حاجة تانية مهمة أنه الزيادات دي مؤقتة لمدة 7 سنين، يعني في السبع سنين اللي جايه هتزيد معاشات العسكريين بنسبة 105 %، لكن بعدها من المفترض أنه العسكريين يخضعوا لقانون التأمينات والمعاشات الموحد وتكون نسب زيادتهم متغيرة زي المدنيين.
– باختصار تعديلات القانون الجديدة بتأجل فترة الاستثناء للعسكريين من الخضوع لقانون المعاشات الموحد كمان 7 سنين، رغم أنه كان من المفترض بعد التغيرات الهيكلية اللي حصلت في الملف ده أن كل المواطنين يخضعوا لقانون واحد.
ايه اللي حصل في معاشات المدنيين؟
– الرئيس السيسي من أول مسك الحكم أصدر ٦ قرارات بزيادة معاش المدنيين، بمعدل قرار كل سنة، نسب الزيادات مكانتش زي نسب زيادات قرارات معاشات العسكريين، لكن الملف ده في المجمل حصل في تغيرات إيجابية كثيرة، خاصة بسبب الأزمة الاقتصادية اللي زودت معدلات التضخم بالتالي مكنش في سبيل أخر للحكومة غير زيادة المعاشات والأجور.
– أحد التغيرات الإيجابية الأخيرة كان القانون الجديد، اللي رفع أجر الاشتراك التأميني (الأجر المؤمن عليه واللي بتدفع منه نسبة التأمين من مرتب كل شهر) وحط له حد أدنى 1000 جنيه وحد أقصى 7 آلاف جنيه، ودخل العمالة غير المنتظمة، وعدل طريقة حساب المعاش، ونص على نسب زيادة سنوية، وحاجات تانية كويسة بالمجمل.
– لكن زي ما بيقولوا الشيطان يكمن في التفاصيل، لما تيجي مثلا تقارن نسب الزيادات السنوية المقررة في قانون معاشات المدنيين هتلاقي أنه زيادات المعاشات مربوطة بمعدل التضخم، ودي حاجة كويسة، لكن القانون وضع حد أقصى للزيادة دي 15 %، يعني لو معدلات التضخم 20 % فإنتا مش هتزيد بنفس النسبة، كمان لو معدل التضخم 8 % بس مثلا فإنتا هتزيد ال8% بس.
– لكن في حالة العسكريين الزيادة هي 15 % مطلقة، يعني لو معدل التضخم بقى أقل فهو بالفعل حصلهم زيادة، لو معدل التضخم بقا أكثر من 15 % فساعتها هتكون نسب زيادتهم هي نفس نسب زيادة المدنيين بحسب القانون، ودي ميزة إضافية للعسكريين.
– لكن الحقيقة المشكلة مش في نسب الزيادات على قد ما هي في طريقة حساب المعاش نفسه، واللي بتختلف من العسكري للمدني، في اختلافات كتيرة جدا في طريقة حساب المعاش في القانون القديم، وكانت بتسبب فجوة كبيرة، مع القانون الجديد من المتوقع أنه الفجوة تقل بسبب رفع أجر الاشتراك التأميني.
– العسكريين بيحسب ليهم المعاش ك 80 % من آخر أجر كان بياخده، عملية سهلة وبسيطة ومفيهاش تعقيدات كتير، بالإضافة طبعا للبدلات الخاصة والمعاشات والمكافآت الخاصة بالعسكريين واللي بتدخل في الغالب في المعاش ودي قصة طويلة.
– المدنيين وضعهم بقا أفضل بكتير مع القانون الجديد اللي تم إقراره في شهر 7 اللي فات، لكن المعاش بيتحسب بطريقة مختلفة عن طريق حاجتين اتنين:
– أولا بنجيب “أجر التسوية” وهو متوسط الأجور من أول ما بدأت شغل لحد المعاش، أكيد المتوسط ده هيكون أقل من آخر أجر خده الموظف لأنه بادئ بأجر منخفض وبيزيد من الوقت، ولأنه بيتقسم علي رقم كبير وهو عدد الشهور يعني لو قعدت 30 سنة مثلا فمجموع الأجور بتاعتك هيتقسم على 360، لو افترضنا أنه ال30 سنة بتاعتك خدت فيهم مليون جنيه، فدا يعني أنه متوسط المعاش بتاعك هيكون 2700 جنيه بعد 30 سنة خدمة.
– بعد متوسط “أجر التسوية” بيتضاف عليهم متوسط معدلات التضخم في ال 30 سنة، ولنفترض مثلا أنه كان 5% وهو في أحسن الحال يعني هيزيد المعاش اللي هو 2700 جنيه بنسبة 150 % يعني هيبقي في حدود 6000 جنيه.
– خلي بالك انه ال6000 جنيه دول كمان 30 سنة. مش معاشات دلوقتي، يعني لو جربنا حسبة حالية للناس اللي هتخرج معاش في الخمس سنين الجاية واللي متوسط أجورهم منخفض جدا، هنلاقي أنه الأرقام الجديدة مش كبيرة ولا حاجة.
– الطريقة المعقدة دي والربط بمعدل التضخم، ومتوسطات الأجور زي ما قولنا مش موجودة في معاش العسكريين، هو بيحسب 80 % من آخر أجر، ونسبة زيادة 15 % مطلقة، بالتالي الفجوة موجودة وكبيرة.
طيب ايه اللي المفروض يتعمل؟
– بالتأكيد شيء إيجابي أنه العسكريين كفئة من المواطنين ياخدوا معاشات كافية ليهم، ومفيش مشكلة كمان أن يحسب المعاش ب 80 % من آخر أجر، ومفيش مشكلة في بدلات وعلاوات خاصة ليهم عشان طبيعة العمل، لكن استمرار الاستثناء ليهم أكتر من مرة ده بيعكس انحياز واضح، هل مثلاً هما لوحدهم اللي بيعانوا من التضخم وباقي المواطنين لأ؟ ليه مش بنشوف معاملة شبيهة بهدف طبيعة العمل لقطاعات أخرى زي القطاع الطبي مثلا؟
خاصة إننا هنا مش بنتكلم عن ميزة لحالات معينة تستدعي التمييز الإيجابي، زي مثلا معاشات أسر الشهداء، بل بنتكلم عن سياسة تعامل مع قطاع كامل بشكل عام.
– لازم يكون فيه مساواة ومعاملة بالمثل لكل المواطنين، خصوصاً لو بنتكلم في موضوع “المعاشات” اللي بيتقدم لناس سنهم متقدم وفي الأغلب صحتهم بتكون أقل وبيحتاجوا مصاريف أكتر في العلاج والرعاية الصحية وغيره، فعلى الأقل المساواة هنا تكون في طريقة احتساب المعاش بناء على آخر أجر، مبنتكلمش على مساواة في الأجور أو الامتيازات الخاصة.
– وده ممكن يتعمل لو طورنا هيكل منظومة التأمينات والمعاشات عندنا، بعد استرداد مبالغ المعاشات والتأمينات اللي استخدمتها الحكومة في السنين اللي فاتت بدون ما تدفع عليها معدلات فائدة زي البنوك.
– ممكن برضه يتم تطوير منظومة التأمينات والمعاشات، بتحويلها لصناديق استثمارية بتقرض القطاع الخاص والعام والبنوك بأسعار فائدة السوق، وده موجود في كتير من دول العالم، وبيتم إدارة صناديق التقاعد المختلفة دي بشكل لا مركزي، بمعنى أنه كل قطاع مثلا يكون ليه صندوق تقاعد استثماري، مش الفلوس كلها في صندوق واحد عند الحكومة تسحب منه وقت ما هي عايزة بأسعار فائدة منخفضة علشان تسد عجز الموازنة.
– بجانب تطوير منظومة التأمينات والمعاشات وهيكلتها في تطوير لازم يحصل تغيير في سوق العمل في مصر لتقليل معدلات العمالة غير المسجلة، كان لازم يتم طول الفترة اللي فاتت إجراءات رقابة حقيقية تجبر القطاع الخاص على تسجيل كل العمالة اللي عنده والتأمين عليها بعقود قانونية سليمة، بدل التلاعب اللي بيتم من شركات ومؤسسات بالقطاع الخاص بعدم تسجيل كل الموظفين أو عدم دفع التأمينات الخاصة بيهم، أو توظيفهم بدون عقود، أو إجبارهم على التوقيع على استمارة “6” بحيث يفقد الموظف أي حقوق تأمينية ليه.
– عندنا 70 % تقريبا من العاملين في القطاع الخاص خارج المنشآت يعني في الأماكن اللي عدد عمالها أقل من 5 معندهمش اشتراكات تأمينية، ده بجانب فئات كثيرة تانية في الاقتصاد غير الرسمي زي العمالة الزراعية، والفلاحين، والعمال غير المنتظمين مش مسجلين نهائياً وملهمش أي تأمينات أو معاشات.
– كل ده محتاج يتصلح عشان يكون عندنا منظومة حماية اجتماعية قادرة على حماية الناس لما تطلع علي المعاش أو لما يحصلهم إصابات عمل وتوفر حماية اجتماعية لأسرهم، ومحتاج طبعاً تنظيمات نقابية حقيقية وحرة، تقدر تتفاوض لصالح حقوق العمال والموظفين الأساسية وتحميهم من تغول أرباب العمل على حقوقهم القانونية والتأمينية، وتحميهم من تواطؤ مكاتب العمل الرسمية مع القطاع الخاص، وتوفرلهم تأمينات حقيقية.
– تطوير شبكات الحماية الاجتماعية الأساسية زي التأمينات والمعاشات مش رفاهية، احنا عندنا 1 من كل 3 مصريين بقا تحت خط الفقر بسبب ضعف الدخل، وده أمر لازم يتصلح خصوصاً مع كبار السن اللي حقهم يعيشوا بكرامة وراحة في وقت تقاعدهم، وده لصالح كل المصريين.