*قبل الملء الثاني لسد النهضة.. جبهة مصرية سودانية**
– يوم الخميس رئيس الوزراء السوداني د.عبدالله حمدوك وصل القاهرة واستقبله رئيس الوزراء المصري، وده بعد 5 أيام فقط من زيارة للرئيس السيسي للسودان.
– ده بيحصل في إطار تحركات دبلوماسية متسارعة، على خلفية إن مصر والسودان بيحذروا من خطة إثيوبيا لتنفيذ الملء الثاني لسد النهضة، في موسم الفيضان اللي هيبدأ في شهر يوليو، وبيأكدوا على التوصل لاتفاق مُلزم.
– أهم تطور هوا الضغط لتنفيذ المقترح السوداني بتشكيل رباعية دولية حول أزمة السد.
– قبل الزيارة بيوم، الأربعاء، وزير الخارجية الأمريكي وجه انتقادات حادة للحكومة الأثيوبية أمام الكونجرس، ولأول مرة وصف اللي بيحصل في اقليم تيغراي “تطهير عرقي”، ودعا لمحاسبة شاملة، وكمان دعا لخروج القوات الأريترية من الاقليم رغم ان اثيوبيا بتنفي وجود أي قوات غير أثيوبية، لكن الوزير الأمريكي لم يتطرق لمسألة الملء الثاني للسد.
– في البوست ده هنرصد الترتيبات اللي بتعملها مصر والسودان بخصوص السد، ومدى أهميتها، ورد الفعل الإثيوبي عليها.
*****
– على مدار الأيام اللي فاتت حصلت عدة تطورت في ملف سد النهضة أبرزها زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للسودان يوم السبت لعدة ساعات، ودي أول زيارة رئاسية للسودان بعد الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير.
– أيضا رئيس الأركان المصري، محمد فريد زار السودان الأسبوع اللي فات، ووقع مع الطرف السوداني اتفاقية تعاون عسكري. الخطوة دي اللي اعتبرها البعض ورقة ضغط أخرى على إثيوبيا، خصوصا مع وجود نزاع حدودي بين إثيوبيا والسودان على منطقة “الفشقة”، وبسببه حدثت بعض المناوشات العسكرية بين البلدين خلال الأسابيع اللي فاتت.
– وفي نفس اليوم، كانت وزيرة الخارجية السوداني مريم الصادق المهدي بتقابل وزير الخارجية المصري في القاهرة، وتم التأكيد على توافق البلدين على مقترح السودان اللي بيطلب توسط 4 أطراف في المفاوضات، وهم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأمريكا، بجانب الاتحاد الإفريقي اللي بيرعي المفاوضات في الفترة الأخيرة، برئاسة دولة الكونغو الديموقراطية.
– من ناحية تانية، وزير الخارجية المصري تواصل قبل أسبوع مع أنطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة، وامبارح تواصل مع منسق الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، وأكد على نفس المواقف.
*****
– الحكومة الإثيوبية رفضت الوساطة الرباعية اللي طلبتها مصر والسودان، ومتمسكة برعاية الاتحاد الإفريقي للمفاوضات، واللي في الواقع لم تصل لنتيجة ملموسة طول الشهور اللي فاتت.
– أيضا إثيوبيا مش موافقة على تحديد سقف زمني لعملية التفاوض، وبتأكد إنها عازمة على تنفيذ الملء الثاني لسد النهضة في موعده، ومستمرة في سياستها اللي بتحاول تطول أمد المفاوضات من غير ما تقدم أي شيء مرضي لباقي الأطراف، في نفس الوقت اللي بتقول فيها انها مش هتضر حد وهتوصل مع مصر والسودان لاتفاق مرضى.
*****
إيه أهمية التحركات المصرية السودانية؟
– لازم نذكر في السياق دا إن الملأ الأول سبب آثار سلبية على السودان، اضطرابات في المياه، انخفاض منسوب وبعدين فيضان وخساير في محطات المياه وبيوت المواطنين، وده كله كان مع ملئ 5 مليار متر مكعب، لكن الملء التاني في يوليو هيبقى 13 مليار متر! وده معناه دمار وخسائر أكبر في جزء مش هين من أراضي السودان، ومن هنا السودان معنية معانا تماما بإيقاف الخطوات الأحادية الإثيوبية.
– المواقف الموحدة خطوة مهمة في مواجهة سياسة فرض الأمر الواقع اللي بتتبعها إثيوبيا، كمان التحركات الدبلوماسية والتواصل مع مؤسسات دولية زي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، خصوصا مع عدم وجود موقف دولي حاسم وعدم وضوح موقف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه سلوك إثيوبيا، بتأكد عدم الارتهان لحل أمريكي وفقط.
– موقف السودان من السد من السد كان متذبذب لبعض الوقت لظروف كتير، لكن بقى أكثر وضوحا في الشهور الأخيرة، ومتفق مع مصر في إن ملء وإدارة السد دون اتفاق، بمثابة تهديد للأمن القومي للبلدين اللي بيعيش فيهم ملايين الناس.
– بالتالي الجبهة المصرية-السودانية وإن كانت متأخرة في ملف حساس زي دا، ولكنها خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، والزيارات المتسارعة اللي بنشوفها بين الطرفين شيء مهم وهيكون له تأثير قوي بلا شك في تحريك قضية السد.
– في كتير من الأوقات كان موقف مصر والسودان عبارة عن رد فعل عن تحركات إثيوبيا اللي فاجأتنا مثلا السنة اللي فاتت بأنها بدأت المرحلة الأولى من ملء السد. لكن من المفيد إن تحصل خطوات دبلوماسية مصرية جدية زي دي للرد على الرواية الإثيوبية، وتوضيح إن مصر مش ضد التنمية في إثيوبيا، وإنما بتحاول الحفاظ على حقوقها المشروعة في المياه، جنباً إلى جنب مع السودان.
– من ضمن أهمية وجود مصر والسودان جنباً إلى جنب في تفنيد الرواية الإثيوبية، إنه بينفي تماما إن الخلاف فقط بين (مصر وإثيوبيا) ودا اللي بتحاول إثيوبيا تصويره خارجيا، إن مصر عندها “موروث استعماري قديم” تجاه قضية المياه، متجاهلة تماما إن القضية هتضر بشكل مباشر الشعبي المصري والسوداني.
– ولذلك المسؤولين الإثيوبيين وإعلامهم دائمي التحدث إن مصر هي السبب في الخلاف بين الخرطوم وأديس أبابا، في حين إن إثيوبيا أربكت بالفعل من صناعة جبهة مصرية-سودانية في هذا التوقيت الحساس من القضية، واللي كانت بتفضل إنها تتعامل فيه مع الطرفين بعيداً عن بعض، لذلك بنأكد على أهمية التحرك المشترك المصري السوداني.
– وبنكرر التخوف من الانجرار لسياسة كسب الوقت الإثيوبية لفرض الأمر الواقع بمفاوضات محكوم عليها بالفشل مسبقا، يعني ضروري قبل الدخول في أي مفاوضات جديدة يكون فيه ضمانات جادة لعدم التهرب، ولسقف زمني، والبناء على السابق زي مسودة اتفاق واشنطن مش نبدأ من الصفر.
– وفي الإطار دا بنشيد بتصريحات للرئيس السيسي قال فيها بوضوح إن التفاوض “ليس بلا نهاية”، وده تصعيد دبلوماسي مطلوب في هذا التوقيت، وبنفس الوقت كان في سياق تصريحات عاقلة جداً بدون استدعاء لأحد أو تشنج.
– لكن مازال مش واضح للمصريين إيه توجهنا الاستراتيجي بالظبط في المرحلة المقبلة، وده مع تقديرنا لحساسية الملف الي كتير من جوانبه بتتطلب سرية، لكنه برضه بيتطلب ان الكل يتحمل مسؤوليته بشكل واعي بحقيقة الموقف والمخاطر والخيارات.