– في يوم 11 مايو اللي فات، أصدرت النيابة العامة بيان، بتقول فيه إنها قررت قفل قضية “اغتصاب الفيرمونت” بشكل نهائي، وإخلاء سبيل المحبوسين على ذمة القضية.
– بيان النيابة قال إنه مفيش أدلة مادية على جريمة الاغتصاب وصلتلها النيابة، وتضاربت أقوال الشهود، ومرت 6 سنين على الواقعة، في إطار مبررات كتيرة لقفل القضية وإنهاء التحقيقات.
– هل يا ترى تعامل النيابة كان على المستوى المطلوب في تحقيقاتها وتعاملها مع قضية اغتصاب “الفيرمونت”؟ وإيه نتايج قرار النيابة قفل التحقيقات؟ وإيه مستقبل قضايا التحرش والاغتصاب في مصر؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست الحالي.
*****
– بيان النيابة العامة كان بيعلن قرار قفل القضية، وذكر عدة مبررات لقرارها وعدم إحالتها للمحكمة، المبررات دي أهمها عدم وصول النيابة لمقطع الفديو المصور لواقعة الاغتصاب، على الرغم من تأكيد الكثير من الشهود وجود هذا الفيديو، وحصول النيابة على بعض اللقطات المصورة منه، وإن الشهود مكنوش متأكدين من شخصية اللي في الفيديو.
– وإنه النيابة قدمت كل الطرق الممكنة للحصول على الفيديو وخصصت إيميل إلكتروني لاستقبال الفيديو من أي حد، وإنها تواصلت مع شاهدة برة مصر اتقال إنه معاها الفيديو، لكنها أنكرت وجوده معاها لاحقاً، وده خلا النيابة تحسم في بيانها قصة عدم الوصول للفيديو.
– النيابة كمان قالت إنه أقوال الشهود تضاربت، بعضهم قال إنه الفتاة الضحية مارست الجنس مع بعض المتهمين بالتراضي وبعضهم لأ، وآخرين قالو إنه ده محصلش، وبعض الشهود قالو إنهم شافوا فيديو الاغتصاب فعلاً، وبعدين رجعو تاني وأنكرو وجود الفيديو، وإنه ده خلى النيابة متوصلش لدليل قاطع تقدر تحرك عليه الدعوة.
*****
إيه اللي مقالوش بيان النيابة؟
– لكن اللي مقالوش بيان النيابة العامة، إنها اتأخرت في تحريك القضية لفترة، رغم امتلاء وسائل التواصل الاجتماعي بقصة الاغتصاب وتفاصيلها، للحد اللي خلى معظم المتهمين الرئيسيين يسافروا برة مصر وأكيد حاولوا يخفوا بعض الأدلة، منهم 3 تم تسليمهم بعد كده من لبنان بعد ما قعدوا فيها أسبوع تقريباً كدليل على عدم توقع القبض عليهم، وكان متهم آخر بيحاول الهرب، وفيه اسم نجل رجل أعمال شهير تردد داخل القضية والنيابة لم تحسم الأمر بعد سفره ولم تخاطب الرأي العام بشأنه مطلقاً، رغم إن صحف مصرية زي جريدة الوطن نشرت عن مصادر قضائية أن النيابة العامة أغلقت قضية “فيرمونت” على 8 متهمين وكان منهم نجل رجل الأعمال الهارب، وبعد كده مسمعناش عنه شيء لا بالتبرئة ولا غيره.
– النيابة العامة مقالتش في بيانها إنها فشلت في حماية أمن الشهود والضحايا اللي تم القبض عليهم، وسمحت بتسريب فديوهات وصور شخصية ليهم من على تليفوناتهم المحمولة، ومحاولتش معاقبة أو ملاحقة الأشخاص اللي قامو بالفعل ده نهائياً، ومتحركتش تجاه تشويه السمعة في وسائل الإعلام لبعض الشهود زي بنت الفنانة “نهى العمروسي” مثلاً.
– كمان موقع جريدة الوطن كشف هوية ضحية الجريمة ونشر اسمها الثلاثي، في سياق تغطيته لخبر تقديم بلاغ جديد يتهمها بـ “تعاطي المخدرات والتحريض على الفسق”، ومفيش أي إجراء اتخذ ضد الجريدة ولا اللي سمح بكارثة زي دي إنها تحصل.
– النيابة مقالتش مبرر عن سبب حبسها للشهود وللناس اللي جت تبلغ عن المجرمين وللضحايا أنفسهم في قضايا تانية، اتعمل 3 قضايا اتوجهت فيهم التهم للمجني عليهم والشهود سواء بتعاطي المخدرات، أو الزنا ومخالفة الآداب العامة، واتحبسوا أسابيع وشهور في الاتهامات دي، وده خوف كتير من الشهود والفتيات من التبليغ أو الإدلاء بالشهادة، واستفاد المجرمين الأصليين من ده بالضغط على الشهود وأهاليهم عشان ينكرو القضية أو يسكتو أو يغيرو أقوالهم، مقابل الخروج من الحبس أو مقابل أي شيء.
– وده حصل واتكرر قبل كده مثلاً في واقعة الفتاة ” منة عبدالعزيز” اللي قدمت بلاغات عن تعرضها للاغتصاب، فقامت النيابة العامة حابساها لمدة 100 يوم بتهمة التحريض على الفسق والفجور، واتحبس معاها بنفس التهمة دي أحد الشهود “القصر” على جريمة الاغتصاب.
– نفس الأمر حصل واتكرر برضه في واقعة الفتاة بسنت أو الشهيرة ب ” فتاة ميت غمر” واللي تعرضت لاعتداء وتحرش من مجموعات من الشباب بشكل جماعي، واتعرضت لترهيب وتخويف من محامي المتهمين وأهلهم، باتهامها بمخالفة قيم الأسرة المصرية والتحريض عليها بسبب لبسها، وإنه النيابة حبست فتيات قبل كده بالاتهام ده، ومع ذلك النيابة معملتش تحرك تجاه تهديدات المحامي ولا تهديدات الأهالي، قبل ما ينتهي الموضوع ببراءة المتهمين بالتحرش.
– فيه 9 منظمات حقوقية قالت في بيان إنه “على النيابة تحديد أولوياتها في استخدام مواردها البشرية والفنية بما يحقق أعلى مستوى من الحماية للأفراد من العنف، بدلًا من إهدار تلك الموارد على ملاحقة السلوكيات والأفعال الفردية التي لا تمثل أي شكل من أشكال الخطر المباشر على أي شخص”.
*****
– النيابة بشكل عام على الرغم من إنه ممكن يتشاف إنها بقت بتتفاعل بشكل أكبر وأفضل مع جرائم التحرش والاغتصاب والاعتداء على السيدات، وشفنا وقائع مؤخراً زي قضية المتحرش أحمد بسام زكي، أو المتحرش بالأطفال، النيابة والقضاء خدوا مواقف جيدة وإيجابية وحبسوا المتهمين، لكن نفس النيابة في قضايا تانية بنشوف تصرفات مش مكتملة بتظهر أحيانا بكل أسف إنه بيبقى فيه نتائج مختلفة قدام أصحاب النفوذ المالي والاجتماعي لو كانوا هما المتهمين، واللي تقريبا بيقدروا يتلاعبوا بالأدلة والشهود عن طريق النفوذ والترهيب، ودور النيابة بالأساس حماية الشهود دول عشان القضية تاخد مسارها القانوني الطبيعي.
– وده الحقيقة شيء مخيف جداً، إنه يبقى في ناس بتلاعبوا بالقانون ويضغطوا لتغيير مسارات قضايا لمجرد إنهم عندهم فلوس وأصحاب أعمال، ومش بيكونوا فوق القانون في تهرب ضريبي مثلاً، لأ في جرايم اغتصاب وتحرش وإيذاء بدني ونفسي بتتعرض ليه الفتيات بنسبة كبيرة في مصر، وبتسببلهم آثار نفسية واجتماعية مدمرة بيتخطوها في سنوات !
– ومش معروف لحد إمتى ممكن أصحاب المال والنفوذ يقدروا يعملوا كل أشكال الجرايم بدون حساب، حتى لو الجرايم دي هي جرايم اعتداءات جنسية بتوصل لحد الاغتصاب الجماعي ! ودي جرايم في العالم كله حتى المسؤولين الكبار بيتحاكموا عليها وبيتفضحوا لو عملوا أي نوع من الاعتداء الجنسي أو التحرش، بينما بنشوف في مصر لو المتهم صاحب نفوذ أو سلطة أو مال، النيابة اللي المفروض عليها تحمي السيدات والفتيات بتساهم في الضغط عليهم وتخويفهم وبتتجاهل حمايتهم، لحد ما القضية مسارها بيتغير.
– المفروض دور القانون حماية الجميع بدون التفرقة على الأساس الطبقي، وكمان يحمي الشهود الضعفاء من نفوذ أهالي المتهمين، لحد ما القانون ياخد مجراه والمحكمة هي الفصل.
– اللي عملته النيابة في قضية اغتصاب الفيرمونت شيء مخيف جداً، وبيخلي كتير من الستات والبنات يخافوا مرة تانية من تقديم البلاغات ضد جرايم التحرش والاغتصاب، منعاً للفضايح وللأذى اللي هيجيلهم لو المتهمين أصحاب نفوذ ما، وده للأسف خطر علينا كلنا، على اخواتنا وعلى أمهاتنا وبناتنا وزوجاتنا، إنهم يبقوا مستباحين ومش أصحاب حق، لو تعرضو لاعتداء جنسي ! وبالتالي الأفضل والأسهل هو التجاهل وتقبل الظلم في صمت، أو الانتقام خارج إطار القانون والتحول ناحية الغابة !
– نتمنى من النائب العام إنه يحاول يعيد النظر في القضية دي خاصة وإن جرائم الاعتداء على سلامة الجسد لا تسقط بالتقادم بموجب الدستور، وإنهم ميساهموش في سلوك تخويف البنات والسيدات، بتوجيه تهم لهم لمجرد نمط لبسهم أو طريقة حياتهم اللي ممكن متكونش عاجبة البعض، بالتالي حرمانهم من حقوقهم القانونية.
– نتمنى قضايا الاعتداء الجنسي تعامل بآليات أدق وأسرع من كده وتركز على برنامج لحماية الشهود والمبلغين بصورة فعالة مش مجرد بيانات إعلامية وحبر على ورق ودا يسقبه ضرورة سرعة إصدار قانون خاص بالأمر، عشان يبقى القانون فعلا بيساهم في ردع للمتحرشين والمغتصبين في بلد بتتوصف إنها من أخطر البلاد على السيدات في العالم!
*****