– قبل ساعات طرد رئيس مجلس النواب الجديد حنفي الجبالي النائب الوفدي، محمد عبدالعليم داوود، بعد هجومه على حزب مستقبل وطن داخل المجلس.
– وتم إحالة النائب لمكتب المجلس تمهيداً لتحويله للجنة القيم ومحاسبته، بعد أقل من 5 جلسات عامة للبرلمان الجديد اللي بدأ من أسبوع واحد، وده رقم قياسي في تاريخ البرلمان المصري!
إيه اللي بيحصل في المجلس الجديد؟ وإزاي اتشكلت لجانه؟ وهل تتم إدارته بشكل مختلف عن البرلمان السابق؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده.
*****
– النهاردة انعقدت جلسة عامة في اطار مناقشة المجلس لبرنامج الحكومة، وأثناء مناقشة برنامج “وزير الدولة للإعلام” أسامة هيكل، هاجمه النائب محمد عبدالعليم داوود، بسبب غياب تأثير الإعلام المصري خارجياً أو الاهتمام بالتواجد في البرامج الأمريكية عشان موضوع سد النهضة، بعكس الأداء الأثيوبي، ولكنه أكمل كلامه وقال ” من الصعب أن أتحاور على مائدة واحدة مع حزب نوابه بيدخلوا المجلس بالكراتين”.
– ورغم إنه محددش بالاسم أي نائب أو حزب، لكنه تعرض لهجوم كبير من نواب مستقبل وطن، وبدوره رئيس المجلس قرر طرد النائب من الجلسة وإحالته لهيئة المكتب لاتخاذ إجراءات ضده، بسبب ما اعتبره تجريح لبعض نواب المجلس، وسط تسقيف من نواب مستقبل وطن!
– فكرة طرد نواب من المعارضة أو إحالتهم للجنة القيم، ممارسة معتادة في البرلمان المصري نتيجة إنه مفيش مساحات حقيقية للنقاش والصراع على السياسات العامة، لكن مجرد تنفيس غضب ومحاولات واسعة للفضفضة، ده غير استهداف أي نائب يتجاوز خطوط معينة، زي ما شفنا فصل النائب محمد أنور السادات، لكن اللي حصل مع النائب عبدالعليم داوود بالشكل ده والسرعة الشديدة دي غير معتاد حتى بمعايير المجالس السابقة.
*****
إيه اللي ممكن نشوفه في طريقة عمل المجلس الجديد؟
أولاً: السيطرة للأمن الوطني
– المجلس الجديد اللي انتخاباته كان واضح فيها مدى فداحة التزوير في أغلب دواير الفردي، بالإضافة لطبيعة الاختيارات للقائمة اللي كانت بتنافس نفسها بفضل قانون انتخابات منحاز، بدأ بمنهج عمل مختلف.
– المنهج ده بدأ بإقصاء مفاجئ لرئيس المجلس السابق علي عبدالعال، واللي كان واضح إنه مفيش اتفاق على خطوة إبعاده إلا في آخر 48 ساعة، وإلا مكانش دخل الانتخابات أصلاً، وتم إقصاؤه لصالح المستشار حنفي الجبال” رئيس المحكمة الدستورية السابق.
– وكمان تم اختيار وكيلين جدد رجل الأعمال محمد أبو العينين، والمستشار أحمد سعد، والإطاحة بالأمين العام السابق المستشار محمود فوزي، والتغييرات دي واضح فيها زي ما بيقول ناس قريبة من المشهد إبعاد المحسوبين على جهاز المخابرات العامة لصالح المحسوبين على الأمن الوطني، سواء محمد أبوالعينين من أيام الحزب الوطني، أو المستشار أحمد سعد الدين، اللي كان ظابط بمديرية أمن القاهرة وانتقل للعمل بالفتوى القانونية لوزارات الداخلية والخارجية والعدل ثم مجلس الدولة، والأمين العام الجديد هو المستشار بمجلس الدولة أحمد مناع من رجالة الأمن الوطني كذلك وهو ظابط سابق.
– سيطرة المحسوبين على الأمن الوطني دي كمان كانت واضحة جداً في اللجان، يعني كل لجان البرلمان كانت الرئاسة والوكالة وأمانة السر مباشرةً لنواب مستقبل وطن المحسوبين على الأمن الوطني، مع شوية مناصب محددة ل”تنسيقية شباب الأحزاب” المحسوبة بشكل واضح على المخابرات العامة، و مالايزيد عن 3 مناصب في بعض اللجان محسوبة على المعارضة الهادئة في المجلس.
*****
– الملمح التاني، هو السماح بمساحة تنفيس محدودة ومحسوبة، وده واضح إنه متحضر من فترة، إنه يتم تقديم بعض الوزراء للمجلس، عشان يحصل على أدائهم بعض الكلام والنقاش، وفي حدود عدم الخطورة أو المناقشة في أمور حيوية، يعني على سبيل المثال وزراء: التعليم العالي، التموين، الإدارة المحلية، التربية والتعليم، التعاون الدولي، ويمكن أكتر وزير هيتكلم في موضوع حيوي هو وزير قطاع الأعمال اللي لسه جلسته يوم الخميس القادم.
– النواب متسمحش ليهم يوجهوا أسئلة لرئيس الوزراء، وميعرفوش هيتم استدعاء الوزراء أصحاب الملفات المهمة، زي الصحة أو المالية أو التخطيط ولا لأ، وكمان تم قفل بعض المناقشات سريعاً زي مناقشة وزير التعليم العالي النهاردة.
*****
ثالثاً: صراعات الأجهزة والنفوذ
– لكن طبعاً أكتر وزير هنشوفه بيتعرض لهجوم وتجريح هو وزير الإعلام أسامة هيكل واللي بيهاجمه جميع النواب المحسوبين على اللي بيديروا الإعلام في مصر فعلاً “ظباط الجهات السيادية والمخابرات العامة”، وده استمرار للخناقة اللي حصلت بين الوزير والاعلاميين من شهور، والنهاردة كان بيكمل عليها بعض النواب دول كخدمة مقدمة لأصحاب القرار في الإعلام واللي هما نفسهم أصحاب القرار في تشكيل القوائم الانتخابية، وعشان كده النواب دول أبدعوا وتألقو في الشتيمة والاتهامات زي الكلام عن الذمة المالية من زعيم أغلبية مستقبل وطن أشرف رشاد، أو التلميح عن سلوكيات أخلاقية بكلمة “شقق العجوزة” زي نادر مصطفى “نائب تنسيقية الشباب”.
– وده قد يكون تمهيد للإطاحة بأسامة هيكل في التعديل الوزاري القادم، رغم إنه مدعوم من السيسي شخصياً والمشير طنطاوي، لكن في حالة عدم رضا عنه من الظباط أصحاب النفوذ في الأجهزة.
– فيما عدا ذلك فباقي الأسئلة والمناقشات ما عدا القليل منها كان فضفضة شخصية، ومفهوم إنه الأغلبية هتوافق على البيان الحكومي وتجدد الثقة، وفي الأغلب السبب في فتح المساحة دي هو محاولة للتفاعل بطريقة مختلفة مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
*****
– بشكل عام المجلس الحالي لا نتوقع منه أي تغيير حقيقي في السياسات، بالعكس هيكون أسهل في تمرير كتير من القوانين والإجراءات الصعبة اقتصادياً، وده ببساطة لأنه النواب مجوش بانتخابات ديمقراطية ولا نزيهة، احنا عندنا أكتر من 170 نائب متقدم ضدهم طعون في محكمة النقض بسبب تزوير الانتخابات، ولسه متمش النظر في الطعون دي، وده رقم كبير جداً على مجلس انتخابات الفردي فيه كان 284 عضو، يعني حوالي 60% من الأعضاء.
– لكن بحسب التفاعلات الدولية والإقليمية ممكن يحصل ترك لبعض مساحات المعارضة بسقف محدد لا يصل للرئيس، ولايؤدي لإجراءات برلمانية حقيقية في المحاسبة للمسؤولين.
– رغم كل المشهد ده بنجدد شكرنا واحترامنا للعدد المحدود من النواب اللي وصلوا للمجلس بمجهودهم وأصوات ناسهم، وهيعملوا اللي بإيدهم عشان يوصلوا صوت الناس دي.
– وهنضل نحلم بيوم نشوف برلمان حقيقي، مفيش أي عامل تدخل في تكوينه إلا أصوات الناس، ومفيش هم عند أعضاؤه إلا إنهم يعملوا دورهم ويمارسوا صلاحياتهم الكاملة، ده مش كلام سياسة بعيد عن الناس، ده هوا جوهر حياة الناس بالقوانين والقرارات اللي بتأثر عليهم، وبدور الرقابة على فلوسهم، وده اللي فعلا ممكن يخلي البلد تمشي في اتجاه أفضل لصالح كل المصريين.
*****