– أول امبارح جامعة الدول العربية ووزارة الخارجية المصرية أعلنوا رفضهم لخطة ترامب للسلام المعروفة باسم “صفقة القرن”.
– البيت الأبيض نشر تفاصيل الخطة في أكتر من 180 صفحة، وأعلنها بحضور نتنياهو وغياب أي طرف فلسطيني.
– تعالو نتعرف على شكل الصفقة وطريقة تطبيقها، وليه هيا خطر لا يخص الفلسطينيين وحدهم، وموقف مصر والعرب والعالم منها، وايه اللي ممكن يتعمل لوقفها.
الصفقة مضمونها الرئيسي تصفية نهائية للقضية الفلسطينية وإنهاء مرجعية كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحتى اتفاق أوسلو.
١- مفيش حدود ٦٧، إسرائيل هتضم المستوطنات في الضفة الغربية وأراضي الضفة على حدود الأردن، ومش هيبقى للفلسطينيين إلا مدن وقرى محاصرة ومعزولة من كل الجهات، وبيربط بينها أنفاق أو كباري.
٢- مفيش عاصمة في القدس الشرقية، خلاص ترامب اعترف ان “القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل”، والفلسطينيين ياخدو قرية زي أبوديس شرق القدس تبقى عاصمتهم، ويعتبرو ان دي هيا “أجزاء من القدس الشرقية” زي ما قال ترامب.
٣- مفيش حق العودة للاجئين، وهيتنفذ خيار من تلاتة: إما البقاء في الدول اللي هما فيها بناء على موافقة البلد المضيفة، أو العودة لدولة فلسطين الجديدة، أو الانضمام لبرنامج توزيع اللاجئين على دول منظمة التعاون الإسلامي بحد أقصى 5 الآف لاجئ على 10 سنين يعني بإجمالي 50 ألف لاجئ فقط، لكن ملهمش حق العودة لأراضيهم وبيوتهم التاريخية اللي موجودة في إسرائيل، ولا حتى إنهم ياخدوا أي تعويضات!
٤- من أغرب نقاط الخطة إنها الخطة بتقول إن اليهود اللي سابوا ممتلكاتها في الدول العربية والإسلامية هياخدوا تعويضات من الدول دي، وكمان إسرائيل هتاخد تعويضات أخرى بسبب استقبالها ليهم باعتبارهم “لاجئين”، بينما ده مش بينطبق على الفلسطينيين ولا حتى على اليهود القادمين من الدول الغربية!
٦- غور الأردن، والجولان السورية، هيكونوا تحت السيادة الإسرائيلية بشكل نهائي.
٧- يمكن لفلسطين بناء جزيرة صناعية تكون ميناء لغزة، ومطار صغير يستقبل طائرات صغيرة فقط، بعد خمس سنوات من توقيع الاتفاقية، وبشرط موافقة إسرائيل المبدئية والعمل بشروط إسرائيل الأمنية والبيئية.
٨- فلسطين هتكون دولة محدودة السيادة، مفيهاش جيش أو قوات مسلحة، وإسرائيل تضمن أمن الدولتين، وهتتحكم في الحدود والمعابر، والفلسطينيين هيكون ليهم أجهزتهم الأمنية الداخلية فقط.
٩- كمان كل ده “قد يتحقق” للفلسطينيين أصلا لو عملوا الأول التزامات خلال السنوات الأربعة القادمة، أهمها نزع سلاح حركة حـ0اس.
– في الجانب الاقتصادي للصفقة مفروض انها تقدم 50 مليار دولار هيتوزعوا على دول الجوار في صورة قروض ومنح واستثمارات، 27.8 مليار دولار منهم للضفة وغزة، ومصر هيكون نصيبها 9.1 مليار دولار، بالإضافة إلى 7.3 مليار دولار للأردن، و6.3 مليار دولار للبنان.
– الفلوس دي بشكل أساسي مش هتدفعها أمريكا أو إسرائيل بل دول الخليج العربي!
– نصيب مصر من صفقة القرن هيتقسم جزئين، الأول هيتم إنفاقه في البنية التحتية لوسائل النقل والطرق الدولية في أنحاء الجمهورية. والجزء التاني هيتصرف في سيناء، عبارة عن:
مليار و500 مليون دولار لإنشاء “محور شرق المتوسط للطاقة” للاستفادة من اكتشافات الغاز الجديدة في منطقة شرق المتوسط.
500 مليون دولار لمحطات المياه
500 مليون دولار لدعم وسائل النقل
500 مليون دولار لدعم المشروعات السياحية على ساحل البحر الأحمر
500 مليون دولار للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
125 مليون دولار قيمة قرض لدعم برنامج تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى مبالغ أخرى لتهيئة الطرق بين مصر وغزة.
– من كل المبالغ دي، 917 مليون دولار فقط هيتدفعوا لمصر كمنح، يعني أقل من مليار دولار! والباقي عبارة عن قروض واستثمارات.
إيه موقف مصر الرسمي من الخطة؟
– بشكل عام إيجابي إن الخطة مفيهاش أبداً سيرة فكرة منح أراضي من سيناء للفلسطينيين أو تأجيرها لهم، رغم ان دي فكرة مطروحة من زمان من اليمين الإسرائيلي، واحنا كنا نقلنا سابقا التسريبات الصحفية إن مسؤولين مصريين أبلغوا الأمريكيين بوضوح الاستحالة التامة لقبول الفكرة دي.
– للأسف أول بيان رسمي من مصر بعد الخطة كان باهت جداً، قال ان “الطرفين” مفروض يدرسوا الخطة الأمريكية بتعمق، ويواصلوا التفاوض “برعاية أمريكية”، كإننا بنتكلم عن حاجة محايدة وطرفين متساويين في القوة، وفي تجاهل لمقاطعة السلطة الفلسطينية لإدارة ترامب بعد كل مواقفها.
– كان فيه اشارة غامضة ل “الشرعية الدولية” لكن تجاهل ذكر ثوابتها المعروفة!
– ده الكلام اللي وصفه جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي مهندس صفقة القرن بإنه “موقف إيجابي”.
– الموقف ده اتعدل ببيان أحسن بكتير من وزير الخارجية سامح شكري في جامعة الدول العربية، اللي رجع فيه لموقف مصر التاريخي، وقال بوضوح شديد إن مصر مع دولة فلسطينية “كاملة السيادة”، على حدود ٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.
– وزير الخارجية المصري قال كمان إن “استمرار عدم الانخراط الجدي في العملية السلمية لسنوات طويلة، لا ينبغي أن ينشئ حقائق على الأرض”، وقال إن “الشرعية التي اكتسبتها القضية الفلسطينية ليست مسألة تخص الفلسطينيين وحدهم”.
– موقع المنصة نشر تقرير بيقول إن تعليمات تغطية الأحداث وصلت من الأجهزة الأمنية لوسائل الإعلام عبر جروب واتساب يجمع رؤساء التحرير، بتطلب عدم استخدام مصطلح “صفقة القرن” ومكانها يتقال “خطة السلام الأمريكية”، رغم ان الرئيس السيسي هو أول شخص أطلق على “صفقة القرن” الإسم ده، أثناء لقاءه بالرئيس الأمريكي في أبريل 2017 داخل البيت الأبيض، وقال لترامب وقتها “ستجدنى بكل قوة ووضوح داعماً لأى مساع لإيجاد حل للقضية الفلسطينية فى صفقة القرن، ومتأكد أنك تستطيع حلها”.
– من ضمن التعليمات كمان، “عدم إقحام الأزهر الشريف في التعليق على الخطة، وعدم التعرض لثوابت القضية الفلسطينية والجهاد والقدس”، وطبعا واضح ان ده على خلفية انتقاد شيخ الأزهر الأسبوع ده للخطة لما قال انه يشعر بالخزي وهو شايف تولي ترامب ونتنياهو لشؤوننا.
– موقع مدى مصر نقل عن مسؤول في الخارجية إن الرئاسة حذفت بعض العبارات من بيان الخارجية قبل نشره، ضمنها تم حذف التأكيد على حدود 1967، والقدس الشرقية.
– مش مفهوم ليه اتغير الخطاب الرسمي خلال يومين بس، تخبط غير منطقي، لكن بالتأكيد ده تغير إيجابي نتمنى يستمر ويتحول لاجراءات عملية كمان.
– كل الأطراف الفلسطينية أعلنت رفض الخطة بالإجماع، مفيش أي فصيل أو أي شخصية سياسية فلسطينية وافقت.
– الرئيس الفلسطيني محمود عباس سماها “صفعة القرن”، وبعد الاعلان عنها ظهر بيتكلم بغضب شديد وقال أنها “لن تمر وستذهب إلى مزبلة التاريخ”.
– أبومازن قال “رضينا بالبين والبين ما رضي فينا”، وقال ان الفلسطينيين قبلوا في أوسلو بانهم يقيمو دولتهم على ٢٢٪ فقط من أرض فلسطين التاريخية، ودلوقتي ترامب عايزهم يتنازلوا عن ٤٠٪ من ال ٢٢٪!
– أبومازن قال إنه أبلغ أمريكا واسرائيل وقف كل أشكال التعاون بما فيها التنسيق الأمني، وقال إنه مش هيتفاوض أبدا إلا على أساس الشرعية الدولية.
– أبومازن قال انه اتصل بإسماعيل هنية، وانه وعد بانه هيقابله في غزة، في إشارة لقرب انهاء الانقسام.
– الرئيس الفلسطيني قال كمان انه هيروح بشكوى لمجلس الأمن في خلال 15 يوم ضد صفقة القرن، رغم المعرفة المسبقة بإن أمريكا هتستخدم حق الفيتو، لكن بالشكل ده هيتم عرض القرار للتصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة اللي بتضم 193 دولة.
– متظاهرين فلسطينيين نزلوا في أماكن مختلفة، وبعضهم تعرض لاصابات في الضفة الغربية.
– ترامب في خطابه قال إنه بيعول على دول عربية مقالش أساميها لدعم خطته، ووجه التحية لسفراء الدول العربية الحاضرين (الإمارات وعمان والبحرين).
– بيان الخارجية السعودية كان شبيه ببيان الخارجية المصرية الأول، بيدعو “الطرفين” للتفاوض برعاية أمريكية بناء على خطة ترامب وبدون أي ذكر لثوابت الموقف السعودي. لكن بعدها خرج بيان من الرئاسة الفلسطينية إن أبومازن أتكلم مع الملك وأكدله ثبات الموقف السعودي بلا تغيير.
– الأردن من أشد الدول العربية في موقفها الرافض، وده له سبب رئيسي داخلي هو وجود ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن اللي لو تم توطينهم هيغيروا تركيبة البلد بالكامل.
– تونس رفضت تماماً الصفقة ووصفها الرئيس التونسي قيس سعيد بمظلمة القرن والخيانة العظمى.
– بيان جامعة الدول العربية بعد الاجتماع الطاريء لوزراء الخارجية أكد على التمسك بمبادرة السلام العربية اللي طرحتها السعودية ٢٠٠٢، وتشمل حدود ٦٧ والقدس الشرقية. وطبعا مش مفهوم الدول اللي ليها موقف مرحب أو أرسلت سفرائها يحضروا قالت إيه في اجتماعات كتابة البيان ده.
– بشكل عام العالم واخد موقف سلبي من الخطة دي، وللأسف شفنا تحركات سقفها أعلى من بعض الدول العربية.
– الأمين العام للأمم المتحدة رفض الخطة وقال ببيانه إنه “ملتزم بدعم عملية السلام بناء على القرارات الدولية ودولتين على حدود ما قبل 1967″، والاتحاد الأوروبي أصدر بيان شبيه.
– البرلمان البريطاني فيه 133 نائب وقعوا على عريضة بتطالب رئيس الوزراء بوريس جونسون برفض صفقة القرن لأنها بتهدد فرص وجود سلام حقيقي وبتضرب في ثوابت القانون الدولي.
– صحف زي الغارديان البريطانية، وصفت خطة ترامب بانها “احتيال وليست صفقة”، صحيفة التليغراف قالت إن معاناة الفلسطينيين جزء منها الحصار الدبلوماسي العربي المتمثل في دعم بعض الدول العربية للخطة. صحيفة ليبراسيون الفرنسية وصفت الصمت العربي بصمت “الميت”.
– حركات يهودية غربية كمان بترفض خطة ترامب، نائبة رئيس حركة “يشاد” اليهودية البريطانية مايا إيلاني، وهي حركة مؤيدة لحل الدولتين، قالت في مقال في جريدة الاندبندنت ” لاشيء مؤيد لإسرائيل في خطة ترامب للسلام” وإنه الإسرائيليين أنفسهم سابقا مكانوش بيطالبو باللي منحته ليهم خطة ترامب.. حركة “إف ناو نوت” اليهودية الأمريكية أخدت موقف مشابه.
– صحيفة هآرتس الإسرائيلية نشرت العديد من المقالات المعارضة بشدة للخطة، والمتوعدة بمحاكمة نتياهو على تهم الفساد. الكاتب يوسي فيلتر قال: “حتى لو منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وصهره كوشنر، القمر والكواكب لنتنياهو لكي يضمّها للسيادة الإسرائيلية ويُنشئ فوقها المستوطنات، لن ينجو من المحاكمة!”
ليه الموضوع مش قضية الفلسطينيين وحدهم؟
– جانب رئيسي من اهتمام العالم ملوش علاقة بفلسطين نفسها لكن بمسألة “المرجعية الدولية” .. انه مينفعش الأمم المتحدة ومجلس الأمن يصدروا قرارات، فييجي حد تاني يطلع مرجعية مختلفة .. النظام الدولي الحالي نشأ تاريخيا أصلا بهدف منع تكرار كوارث زي الحروب العالمية، ومصلحة الكل الحفاظ عليه رغم عيوبه ونقص فعاليته طبعا.
– مثلا إحنا كمصر بمسألة زي سد النهضة بنتفاوض على أساس مرجعيات قانون دولي، كده بكرة ممكن اثيوبيا تقول احنا عندنا “صفقة قرن” بتاعتنا، أو الصين تقول إحنا هنحل نزاع حدود بحر الصين الجنوبي بناء على “صفقة قرن” بتاعتنا، وخلاص أي حد يعمل أي حاجة!
– جانب تاني هوا الاستقرار بالمنطقة والعالم على المدى المتوسط والطويل .. لما الخطة تقول نزع سلاح حـ0ـاس، مين اللي هياخد مهمة الحرب دي؟ والأهم إيه التمن اللي هيحصل حتى لو إسرائيل خاضت حرب شاملة وأعادت احتلال غزة؟ ده شارون أعلن خطة “الفصل أحادي الجانب” وانسحب من كامل غزة لوحده لأنه كان شايف دي مصلحة إسرائيل.
– لو انهارت السلطة بالكامل من الضفة وغزة، فضمن حالة الفوضى هيتم ترك المجال لظهور داعش وأمثالها من الجماعات الإرهابية المتطرفة اللي بتأثر سلبا على المنطقة كلها بما فيها مصر طبعا، وبالمناسبة بالفعل داعش وجهت سابقا تهديدات لحـ0ـاس، والعدو المشترك ده خلا فيه تعاون كبير مع الجيش المصري لضبط حدود غزة وسيناء وتم استقبال إسماعيل هنية في القاهرة أكتر من مرة، وداخلية غزة أعلنت القبض على متسللين حاولوا يعبروا الحدود المصرية، وقبلها عملوا منطقة عازلة على طرفهم من الحدود، وغيرها.
– وعشان كده كتير من منتقدي اليمين الإسرائيلي والأمريكي في بلادهم قالوا كده، إن الخطة مش بتشوف المستقبل.
إيه اللي ممكن يعمله العرب ومصر حاليا؟
– مش منطقي كل ما يتفتح الكلام ده البعض يقول كلام زي “انتو عايزيننا نرجع للحروب تاني”! كإن مفيش إلا اختيارين الحروب فورا أو الاستسلام فورا .. دايما فيه خيارات ووسائل كتير، على الأقل لمنع المزيد من التدهور.
1- مبدئياً لازم مصر والدول العربية تاخد مواقف سياسية واضحة زي المواقف الأوروبية على الأقل، بيان جامعة الدول كان إيجابي لكن مفروض نشوف مواقف صريحة شبيهة من الكل.
ومطلوب بعدها أفعال خاصة مع التسريبات إن بعض العرب بيقولو كلام مختلف في الاجتماعات المغلقة.
2- مطلوب أفعال سياسية واضحة زي مثلا الأوروبيين لحد دلوقتي مثلاً مبيقابلوش المسؤولين الإسرائيليين رسميا في القدس أبداً بيقابلوهم في تل أبيب، وده التزام بقرار أممي بشأن القدس، بينما عندنا رغم عدم اعترافن بقرار ضم القدس لكن وزير الخارجية سامح شكري قابل نتنياهو في القدس في يوليو 2016!
3- ترامب بيضغط على الفلسطينيين بالفلوس، وقف التمويل الأمريكي لوكالة الأنروا للاجئين الفلسطينيين اللي كان يمثل في السابق 365 مليون دولار، تلت الميزانية، وعقاب السلطة مالياً لأنها تدعم “الإرهابيين” اللي هما أسر المعتقلين والشهداء الفلسطيين، وفي المقابل الدول العربية وبالذات الأغنى لم تتدخل بالقدر الكافي للتعويض، وخاصة إن كامل كلفة الجوانب الإنسانية لفلسطين محدودة بحكم محدودية المساحة والعدد. كام دولة عربية بتصرف مليارات الدولارات برفاهيات وكانت تقدر وحدها تتحمل كامل الاشتراك الأمريكي اللي هوا تلت مليار؟
4- حملة المقاطعة بأشكالها المختلفة بتتزايد في العالم خاصة مع تنظيم حركة “بي دي إس”، حتى لو عن طريق المجتمع المدني مش الدول، لكن عندنا في مصر اتقبض على رامي شعث منسق الحركة في أغسطس الماضي ولسه مسجون، بالرغم إنه البرلمان الأوروبي في 2015 أصدر قرار بوضع علامة بتميز المنتجات الصادرة من المستوطنات الإسرائيلية، دعماً لحق المواطنين في مقاطعة المنتجات دي.
5- لا بديل عن انهاء الانقسام الفلسطيني المستمر، وبالفعل الطرفين الفلسطينيين سواء اللي خدو مسار التفاوض والسلام أو اللي خدوا مسار رفع السلاح، كلاهما محققش أي نجاح حقيقي للقضية، أو حتى قدم نموذج ناجح للحكم الداخلي، وكلاهما في الضفة وغزة مهدد يخسر كل حاجة.
الفلسطينيين هما أولى الناس بتقديم نموذج لانتخابات ديمقراطية، تنتخب قيادة جديدة ربما تحمل مشروع جديد أو على الأقل أسامي جديدة .. للأسف كوشنر سخر من ان صائب عريقات بقاله 20 سنة كبير المفاوضين، وقال أنا لو في العقارات قعدت 20 سنة مش قادر اعمل اتفاق هستقيل.
6- لو تم تفعيل قرار وقف التنسيق الأمني بشكل حقيقي مش خطابات ده هيمثل ورقة ضغط كبيرة جدا، لان وقتها إسرائيل هتشيل بنفسها الأعباء اللي تتحملها السلطة بناء على اتفاقية أوسلو اللي إسرائيل عمليا ألغتها من طرف واحد!
7- الفلسطينيين والعرب محتاجين يجتمعوا على مشروع سياسي موحد، هل مازال طرح “حل الدولتين” على حدود 67 هو الخيار الأفضل؟
بعض الأصوات حتى داخل إسرائيل نفسها بيطرح العودة لفكرة “الدولة الواحدة”، يعني الفلسطينيين والإسرائيليين يبقو مواطنين دولة واحدة علمانية متعددة الأديان والأعراق على كامل المساحة التاريخية بحق تصويت متساوي وحقوق متساوية، وده اللي حصل مثلا في جنوب أفريقيا بعد تفكيك نظام الفصل العنصري “الأبارتهايد” اللي كتير من الباحثين بيشبهوا نموذج إسرائيل بيه.
8- على المدى الطويل فعلا مفيش بديل عن التحول الديمقراطي في البلاد العربية، أو على الأقل إصلاح سياسي حقيقي يسمح بالشراكة والمحاسبة.
– ده اللي هيسمح بوجود تحركات شعبية و”رأي عام” بيفرق مع الخصوم، بدل ما نشوف ترامب بيتريق على ملك حاول يحذره من غضب الشارع العربي من قرار نقل السفارة للقدس، واتريق كمان على الرؤساء الأمريكان اللي قبله اللي خافوا، وقال اديني نقلتها ومحصلش حاجة!
المظاهرات الشعبية، والنقابات، وحملات الإغاثة الإنسانية الشعبية، كلها اختفت من البلاد العربية، حتى الهوامش اللي كان بيتم السماح بيها أحيانا وتتوظف كمان كورقة ضغط على إسرائيل وأمريكا، زي ما مبارك مثلا سمح بـ “مظاهرة الاستاد” ضد غزو العراق.
– والأهم إن ده اللي هيسمح للفلسطينيين والمصريين والعرب يناقشوا الخيارات وتمن كل خيار منها، الشعوب تشوف عايزة ايه بالظبط وتتحمل نتيجة إختيارها .. في العالم محدش يجرؤ ياخد القرارات الكبرى دي بدون شعبه، لأن الشعوب هيا اللي بتدفع تمن الحرب من دماء أولادها ومن مستوى معيشتها، والشعوب برضه هيا اللي بينعكس عليها نتائج اتفاقات السلام الإيجابية أو السلبية .. عشان كده الناس لازم تكون شريكة في القرارات المصيرية.
9- أحيانا بيكون الرهان على الزمن إيجابي .. إسرائيل بالفعل عندها فارق قوة رهيب عسكريا واقتصاديا وعلميا، ليه أصلا مهتمين يعملوا اتفاق؟ ليه ميسيبوش الوضع زي ما هوا؟
لإنهم شايفين المستقبل غير مؤكد، مش بالضرورة كل شيء يظل ثابت، ده غير “الخطر الديموغرافي” بسبب التكاثر الفلسطيني وبالذات فلسطينيي 48 حاملي الجنسيات الإسرائيلية اللي بينتخبوا نواب عرب في الكنيست، حاليا أقلية لكن بالمستقبل مين عارف؟
لو مفيش أي وسيلة حالية للحل فعلى الأقل لا تتم مصادرة حق الأجيال القادمة في المحاولة.
***
– صفقة القرن مجاتش من فراغ، دي نتيجة سياسات في المنطقة العربية في السنوات الأخيرة، من انقسام عربي واستعانة كل معسكر بأي وسيلة ضد الآخر، ده غير الأزمة المزمنة مع إيران اللي تحولت لأولوية، ومن قبل كل ده اللي حصل من قتل الربيع العربي واغتيال أحلام الشعوب في أنظمة ديمقراطية بتعبر عنها، لصالح أنظمة الحكم الاستبدادي اللي بتترهن فيها مصير الدولة لرغبة الفرد الحاكم وإرادته وكل ما يمثل دعم ليه.
شفنا مقتل نصف مليون سوري وده أضعاف كل ضحايا الحروب العربية الإسرائيلية!
– فلسطين قضية شعبية قبل ما تكون رسمية، وصوت الناس، المواطنين الفلسطينيين والعرب، هوا أول خطوة لتحريرها، ومن قبلها تحرير الناس أنفسهم.