قبل أيام محكمة النقض أصدرت حكم نهائي بات على صفوت الشريف بالسجن 3 سنوات، بالإضافة إلى غرامة مالية 99 مليون جنيه، وألزمت إبنه إيهاب برد مبلغ مماثل، وأقرت حكم غيابي بالسجن 10 على إبنه أشرف.
– صفوت الشريف كان الأمين العام للحزب الوطني الحاكم، وتولى مناصب مهمة من زمان، من وقت ما كان ظابط مخابرات في عهد عبدالناصر، وتمت اقالته بسبب قضية “انحراف المخابرات” بعد النكسة سنة 1968 واتنشر بعدها انه تم اتهامه بتهم مشينة تخص تصوير أفلام من الحياة الخاصة والفضائح للمطلوب عمل “كونترول” عليهم.
ورغم كده تولى مناصب سياسية مهمة من عهد السادات سنة 1975 لحد 2011، زي وزارة الإعلام، ورئاسة مجلس الشورى السابق، ورئاسة مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون، ورئاسة الهيئة العامة للاستعلامات، ومن خلال المناصب دي كسب مئات ملايين الجنيهات بشكل غير مشروع.
*****
إزاي تربح صفوت الشريف من مناصبه؟
التهم اللي وجهتها النيابة لصفوت الشريف هي استغلال وظيفته للحصول على كسب غير مشروع لنفسه ولزوجته وأولاده، يقدر ب 304 مليون جنيه، عبارة عن:
1- عقارات وشقق سكنية وأراضي وفيلات في عدة مدن بأسعار لا تتناسب مع قيمتها الحقيقة، وماكانش هيحصل عليها بالأسعار دي إلا باستغلال سلطات وظيفته وتدخله لدى الجهات المالكة.
2- 4 قطع أراضي بمنطقة لسان الوزراء في محافظة الإسماعيلية مساحتهم حوالي 14 قيراط، بأسعار زهيدة، مع إن قيمتهم كانت تقدر بـ 44 مليون جنيه.
3- قطعة أرض في القاهرة الجديدة مساحتها أكثر من 1500 متر مربع بتدخله لدى وزير الاسكان في الوقت ده، و بدون اتباع الإجراءات القانونية المتبعة.
4- شقق سكنية في عقارات صدر قرارات بإزالتها، وكان بيستغل سلطته للتدخل ووقف تنفيذ قرارت الإزالة.
5- تلقى هدايا من رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية لقاء بقائهم في مناصبهم.
6- لما كان وزير للإعلام، ساعد شركات دعاية وإعلان كانت مملوكة لابنيه أشرف وإيهاب، للحصول على مميزات تعاقدية من جهات إعلامية حكومية زي اتحاد الإذاعة والتليفزيون ومدينة الإنتاج الإعلامي، وسهل لهم التعاقد على بث الإعلانات في ساعات مميزة، وكسبو من ده 150 مليون جنيه.
*****
إيه مراحل محاكمته؟
– بعد الثورة مباشرة، جهاز الكسب غير المشروع اتهم صفوت الشريف وابنيه، بالحصول على كسب غير مشروع وطالبهم برده، بالإضافة إلى غرامة مساوية.
– بناء على الاتهام ده، اتقبض على صفوت الشريف في أبريل 2011، وفضل محبوس 21 شهر على ذمة محاكمته في عدة قضايا من ضمنها القضية دي، لكن أخلى سبيله على ذمة القضايا، بعد تجاوزه الحد الأقصى للحبس الاحتياطي اللي كان سنة ونصف وقتها.
– في مايو 2016، اتحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات هو وابنه إيهاب، وحكم على ابنه الهارب خارج البلاد أشرف، بالسجن عشر سنوات. المحكمة غرمت التلاتة 209 مليون جنيه، وألزمتهم برد المبلغ اللي حصلو عليه بشكل غير مشروع.
– بعد الحكم ده فضل صفوت الشريف خارج السجن لإنه ماكنش حكم نهائي، وحاول التصالح مع جهاز الكسب غير المشروع، وعرض دفع 36 مليون جنيه مقابل إسقاط القضايا ضده. لكن الجهاز قدر المستحقات اللي المفروض يدفعها المتهمين بـ 210 مليون جنيه.
– في سبتمبر 2018 وبعد إعادة المحاكمة، محكمة الجنايات خففت الحكم للسجن 3 سنوات لصفوت الشريف، وبرأت إبنه إيهاب، وطالبت بالقبض على ابنه أشرف، وألزمتهم برد 99 مليون جنيه بالإضافة لغرامة مماثلة، لكنهم تقدموا بطعن لنقض الحكم.
– صفوت الشريف ماحضرش جلسة النطق بالحكم في 2018 تجنبا للقبض عليه، وفضل مختفى من وقتها، ومفيش أي جهة ألقت القبض عليه، ولم يظهر إلا في شهر يوليو 2020، لما سلم نفسه للمحكمة، واللي ماكنتش هتقبل النقض لو فضل هارب.
– محكمة النقض أمرت بسجنه، وفضل مسجون لحد دلوقتي لما صدر الحكم الأخير، لكن ال 3 سنوات دي يتخصم منها كل الأيام اللي اتسجنها احتياطي، فالنتيجة انه باقي له 70 يوم فقط يتسجنهم ويخرج بعد دفع اللي عليه.
*****
– بشكل عام بالتأكيد من الإيجابي صدور الحكم ده، لأنها شهادة تاريخية تتضاف لأحكام نهائية باتة تانية زي الحكم بقضية فساد القصور الرئاسية على مبارك وولاده، وبتثبت بشكل قاطع بشهادة من الدولة نفسها إننا كان بيحكمنا حرامية، وبالتالي الشعب مغلطش إنه ثار ضدهم وأزال حكمهم.
– بالتأكيد من حق كل انسان يبقى عنده موقفه العاطفي الفردي الخاص بيه من عصر مبارك، وكمان منطقي ان بعض الناس تقارن أيام مبارك بالوضع الحالي وتشوف ايجابيات معينة افتقدتها، لكن ده مبيغيرش من واقع الفساد ده.
– للأسف شفنا تهاون كبير جدا في القضايا دي، زي مهزلة ان صفوت الشريف يفضل (هارب) حوالي سنتين، بالظبط زي ما حصل في قضية حبيب العادلي اللي غطيناها سابقا واتقال أصله هرب من الاقامة الجبرية في بيته!! بالتأكيد لو أي جهة أمنية في الدولة عايزة تلاقيهم كانت لاقتهم، لكن واضح للأسف إن المخاطر الرهيبة من صحفي أو من ناشط حزبي معارض أهم من القبض على فاسدين سرقوا البلد.
– ده غير إن المحاكمات اقتصرت على الفساد المالي مش السياسي، وحتى الفساد المالي ده اقتصرت على ما تم اثباته بمستندات، بينما غيره مكانش عليه نفس القدر من الأوراق، أو تم اخفاؤه.
– احنا عمرنا أبدا ما كنا هنشوف المحاكمات دي ونشوف أدلة فساد الناس دي إلا بعد الثورة وزوال سلطتهم، وده معناه ان الأجهزة الرقابية من وقتها عاجزة عن التصدي للسلطة التنفيذية، وإن جايز جدا النهاردة كمان فيه فاسدين في أعلى المناصب وعمرنا ما هنعرف لنفس السبب، خاصة إن الوضع اللي أصبح أكبر دلوقتي بعد التعديلات اللي ادت الرئيس سلطة إقالة رؤساء الأجهزة الرقابية زي ما حصل مع المستشار جنينة بالجهاز المركزي للمحاسبات، وزي ما حصل بالرقابة الإدارية.
– نتمنى في يوم نشوف بلدنا فيها مكافحة فساد حقيقية، بالفصل بين السلطات واستقلال الأجهزة الرقابية، ونشوف مصالحة مجتمعية حقيقية، وتحول ديمقراطي يغير من أسلوب الحكم بالكامل مش تغيير أشخاصه وشكله.
******