Categories: اقتصاد

رفع سعر تذكرة المترو .. هل فعلاً مكانش فيه بديل؟

قبل ماندخل في التفاصيل هنبدأ بأصل القصة: وزير النقل كرر في أكتر من مكان إنه رفع التذكرة حتمي لأن المترو بيخسر.
مين قال إنه لازم يكسب؟!
– في كتير من دول العالم وسائل “النقل الجماعي” بتتلقى نسبة من تمويلها من خارج الإيرادات، سواء من موازنة الدولة أو من موازنة محلية للمدينة، لأن دي فلوس الضرائب المدفوعة مقابل “الخدمات العامة”.
– الدعم ده تحديداً بيوصل لمستحقيه، مش زي مثلاً دعم الوقود اللي بيستخدمه أصحاب السيارات الخاصة اللي منهم أغنياء .. أكيد مفيش غني بيتحشر في زحمة المترو.
– دعم المترو بيوفر على الدولة دعم من جانب آخر، كل مواطن لم يستخدم عربية أو مكروباص مثلا هوا بيوفر دعم وقود واستهلاك طرق وغيره.

***
“السعر العادل لتذكرة المترو هوا 5 جنيه حسب وزير النقل الحالي هشام عرفات، أو 25 جنيه حسب وزير النقل الأسبق هاني ضاحي”
– أولاً أكبر خدعة هي إن الزيادة دي فقط لتعويض الخسائر .. وزير النقل قال إن خسائر العام الأخير 200 مليون جنيه (هي الفارق بين إيرادات 716 مليون ومصروفات 916 مليون) .. لكن يوم الجمعة الماضي رئيس شركة المترو عمل اجتماع مع إدارة الإيرادات، اللي أبلغته بتوقعها تضاعف الايرادات من 650 مليون بالعام الماضي إلى مليار و300 مليون!
يعني لو كانت الزيادة فقط ربع جنيه أو نصف جنيه كانت غطت الخسائر وعملت أرباح كمان!!
– ثانياً أي مقارنة بأسعار الخارج بدون مقارنة بدخول الخارج تبقى تلاعب وخداع .. المواطن اللي دخله 3000 دولار ممكن يدفع بسهولة التذكرة اللي بدولار ونص.

****

“يعني الجنية ده هوا اللي فرق يعني”
مين قال إنه جنيه؟ .. لو فرد واحد بيروح ويرجع من شغله بافتراض 25 يوم عمل يبقى الكلفة زادت 50 جنيه، ولو بالاسرة 3 أفراد فقط بنفس المعدل يعني زيادة 150 جنيه.
أيوة ملايين المصريين بيفرق معاهم جداً 150 جنيه في الشهر، واللي بيتريقو على الفكرة دي هما فعلا اللي يستاهلوا التريقة لأنهم جهلة بحقيقة أوضاع الناس.

*****

ليه المترو بيخسر أصلاً؟
– كالعادة المترو لا ينشر ميزانيته التفصيلية السنوية، وبالتالي منعرفش بدقة أوجه الانفاق والدخل، ودي فرصة نكرر التذكير بقانون حرية تداول المعلومات كأهم آلية رقابة وشراكة شعبية.
– جريدة الأهرام نشرت في 2015 معلومات من بيان الايرادات والمصروفات للعام المالي 2013 – 2014 الي حصلت عليه من “مصدر مسؤول” فهانعتمد عليها وهي أكيد قريبة من الأرقام الحالية:
أولاً المصروفات:
– مفاجأة: 12.3 مليون جنيه ببند الأمن، و32.3 مليون جنيه ببند “حراسة وشرطة”!
هوا مش مفروض ده شغل وزارة الداخلية اللي بتاخد عليه ميزانية هائلة؟ يعني ايه جهة حكومية بتدفع 45 مليون جنيه وقتها – الله اعلم النهاردة كام – لخدمة هيا شغل جهة حكومية تاني؟!
الفلوس الي بتروح “حراسة وشرطة” للداخلية مباشرة دي بتروح فين؟ أكيد مش للعساكر الغلابة، هل بتروح جيوب قيادات ولا بتروح لموازنة الداخلية؟
– وبخصوص شركات الأمن كالعادة تظهر السياسة في الاقتصاد .. المترو كان متعاقد مع شركة جي فور إس، وهي شركة دولية للأمن كان رئيسها في مصر الراحل اللواء سامح سيف اليزل مؤسس كتلة دعم مصر بالبرلمان، والمترو تعاقد بمرحلة أخرى أيضاً مع شركة النصر للخدمات والصيانة (كوين سيرفس) التابعة للقوات المسلحة.
– في المصروفات نجد كمان 13.3 مليون جنيه للنظافة . هنا نسأل هل المترو معندوش عمال نضافة؟
– ده ياخدنا للغالبية الساحقة من المصروفات اللي هيا أجور موظفين، كانت 459 مليون من إجمالي 670 مليون .. عدد الموظفين 7500 موظف أغلبهم اداريين حسب النائب سعد طعيمة رئيس لجنة النقل بالبرلمان.
حسب الأرقام اللي كانت متاحة عدد السواقين حوالي 600 سائق، وعدد المهندسين والفنيين حوالي 1100، يعني ربع العاملين هما القوة الأساسية للتشغيل، الباقيين مش واضح دول ايه بالظبط. معقول 3 أرباع العاملين إداريين؟! أكيد العمل فيه بطالة مقنعه وتعيينات بالواسطة وغيرها .. أو الاحتمال التاني ان العدد يشمل عمال نضافة وموظفي أمن كمان، بس لو ده صحيح يبقى ليه الهيئة تتعاقد على امن ونظافة من بره؟!
وبخصوص الرواتب هل الميزانية موزعة بعدالة فعلا، ولا كالعادة هناك قيادات بتاخد رواتب وبدلات خيالية؟
الاجابة: لا نعرف، وفي غياب المعلومة تغيب الثقة ..

*****

ثانياً: الإيرادات:
– أكبر مفاجأة ان بند “إيرادات متنوعة” اللي يشمل (إعلانات، تصوير أفلام، تأجير محلات) هو 33 مليون جنيه فقط!!
ده رقم هزيل جداً جداً، وغير منطقي إطلاقاً ويدل على سوء ادارة أوضح من اننا نشرحه.
– إيرادات التذاكر كانت 516 مليون جنيه .. وزير النقل قال إن مستخدمي المترو 3.5 مليون مواطن يومياً، وده معناه انه مفروض الدخل من التذاكر فقط يكون فوق مليار و200 مليون، بينما الواقع هو أقل من نصف الرقم، وارد طبعاً ينخفض لأن فيه ايام اجازات وغيره لكن مش بالنسبة دي .. هل كل دي تذاكر غير مدفوعة؟ ولا اتدفعت ودي أموال مختفية؟ ولا الوزير غير دقيق في رقمه أصلاً؟
– الوزير قال في مؤتمر صحفي من أسبوع إن 7% من ركاب المترو يتهربون من دفع التذاكر .. في ضوء الرقم السابق نشك ان نسبة التهرب أكبر.
ونسأل: والتهرب ده ذنب كل المواطنين ولا مشكلة الادارة؟ حضراتكم فاشلين في وضع آلية تحصيل التذاكر من كل الركاب فبتعاقبوا جماعياً اللي بيدفع؟

***
“لازم الناس تدفع أكتر عشان يتم استكمال خطوط المترو الجديدة”
– فيه خلط بيحصل بين الشركة المصرية لادارة مترو الانفاق اللي بنتكلم عنها، واللي مش من شغلها اطلاقا الجانب ده، وبين الهيئة القومية للانفاق اللي مسؤليتها انشاء الخطوط الجديدة واستيراد القطارات للخطوط الحالية.
– الهيئة القومية للأنفاق تُمول من ميزانية الدولة لهذا الغرض، وتم تخصيص 4.5 مليار جنيه ليها في موازنة 2016-2017، بما يساوي حوالي 9 أضعاف ايرادات المترو أصلا، ده غير المنح والقروض من خارج مصر من اليابان وفرنسا للغرض ده.
وتاني الدولة مش بتمن علينا بذلك، لأن دي فلوس المصريين، ولإن ده استثمار في البنية التحتية اللي ناقصها كتير بالفعل.

****

والبديل؟؟
أولاً: تقليل المصروفات:
– الداخلية تشوف شغلها البحت، وهيئة المترو لا تدفع نظير الأمن.
– مراجعة أوضاع الـ 7500 موظف، العمالة الزائدة يُنقل لجهة حكومية أخرى تستفيد منه، أو يتم توظيفه بالهيئة بما يُعوض التعاقدات الخارجية، زي الغاء تعاقد النظافة لو متوفر عمال نظافة.
– مراجعة رواتب وبدلات العاملين التي تلتهم أغلب الميزانية، وأقل حاجة نقولها ألا يزيد راتب أحد القيادات عن الحد الأقصى للأجور الي هوا بالقانون 42 ألف جنيه .. كفاية.
– إتاحة الميزانية، وكل الميزانيات الحكومية، لاطلاع المواطنين بتفعيل لقانون حرية تداول المعلومات، وتكون الرقابة والمشاركة للكل.

ثانياً: زيادة الإيرادات:
– إسناد إدارة ملف الإعلانات لمتخصصين، واستغلال مختلف المساحات (حوائط محطات المترو، شاشات المترو، عربات المترو ..الخ)
– تقديم خدمات اضافية مدفوعة تستفيد من توافد ملايين المواطنين، مثلاً كافيهات أو محلات بكل محطة.
– تجديد الاجهزة وتدريب العاملين لمنع التهرب من الدفع.
– حتى على أسوأ الفروض، وفي غياب دعم الدولة أو الايرادات الأخرى، يمكن تقسيم التذكرة حسب طول المسافة، لأنه غير عادل ان اللي يركب من المرج إلى حلوان يركب زي اللي بيعدي محطتين .. أو حتى زيادة تدريجية هادئة، تكفي زيادة التذكرة 25 قرش حالياً، وبمرحلة مستقبلية 25 قرش أخرى.

*****

Journalist O

Recent Posts

قلوبنا ودعواتنا للطفل ريان وأهلنا في المغرب

ريان هو طفل مغربي عمره خمس سنوات، سقط في بئر ضيقة في إحدى القرى بضواحي…

3 سنوات ago

وفاة قائد الكفاح ضد التدخين.. تعزية واجبة في الدكتور عصام المغازي

- توفي يوم الجمعة اللي فاتت الدكتور عصام المغازي، استشاري الأمراض الصدرية، ورئيس الجمعية المصرية…

3 سنوات ago

عرض كتاب تاريخ العصامية والجربعة.. تأملات نقدية في الاجتماع السياسي الحديث

"الوطن هو تجربة اجتماعية مستمرَّة، وليس نَقشًا فرعونيًّا على حجر منذ آلاف السنين، تجربة اجتماعية…

3 سنوات ago

منتخب مصر إلى نهائي كأس أمم إفريقيا.. البطولة على بعد خطوة

- مليون مبروك لمنتخبنا الوطني اللي نجح في إقصاء الكاميرون بركلات الترجيح بعد مباراة عصيبة.…

3 سنوات ago

قرار جمهوري بضم جزر نيلية لملكية القوات المسلحة.. إيه اللي بيحصل؟

- من أسبوع تقريبًا أصدر الرئيس السيسي قرار جمهوري رقم 13 لسنة 2022، القرار ده…

3 سنوات ago

كنت هناك.. موقعة الجمل لحظة الثورة الفارقة

- مستمرين معاكم في حلقات تذكر وحكاية مشاهد كانت فارقة في تاريخ ثورة يناير عشان…

3 سنوات ago