– قبل أيام الرئيس السيسي وجه بعدد من القرارات المهمة تخص الأجور والمعاشات في مصر، أهم القرارات دي هي رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الحكومي من 2000 جنيه لـ 2400 جنيه.
– القرارات دي رغم أهميتها وإيجابيتها، وخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية وتبعات فيروس كورونا، إلا أنها محتاجة نبص عليها في سياق أوسع سواء من ناحية السياق الزمني أو هيكل الزيادات دي جوه الموازنة العامة.
– كمان محتاجين نظرة للقطاع الخاص في مصر واللي فيه أغلب العاملين واللي لا ينطبق عليهم كل الزيادات دي.
– النهاردة هنشوف القرارات الأخيرة؟ تمثل أيه بالنسبة للمصريين؟ إيه تأثيرها عليهم؟ وإيه ممكن نشوفه من القرارات دي بشكل موضوعي؟
*****
– مع السنة المالية الجديدة بداية من شهر يوليو 2021 هتبدأ تطبق الزيادات الأخيرة في الأجور والمعاشات، الزيادات دي أهمها زيادة الحد الأدنى للأجور من 2000 إلى 2400 للعاملين في الجهاز الإداري للدولة، والمخاطبين بقانون الخدمة المدنية.
– الـ2400 دول للدرجة السادسة وهي أقل درجة وظيفية في الجهاز الإداري، وأيضا هي زيادة للخاضعين لقانون الخدمة المدنية يعني مفيهاش المعلمين – الأطباء – أساتذة الجامعة وغيرهم من أعضاء الكادر الخاص، لأنه دول ليهم حسبة أجور مختلفة بره قانون الخدمة المدنية.
– الزيادة من المتوقع أنها تؤثر على 2.3 مليون موظف في الحكومة تقريباً، وتكلفتها هتكون في حدود 37 مليار بحسب وزير المالية محمد معيط.
– بالنسبة للعلاوات أيضا هيتم منح العلاوة الدورية للموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 7% من الأجر الوظيفي.
– والعلاوة الثانية علاوة خاصة للعاملين غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 13% من المرتب الأساسي، ودي هتؤثر على 3 مليون موظف تقريبا بحسب تصريحات الوزير.
– تكلفة العلاوتين على بعض 7.5 مليار جنيه بحسب وزير المالية.
– أيضا تم زيادة الحافز الإضافي لكل من المخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، وده مبلغ مقطوع فوق المرتب بيترواح بين 260 – 560 جنيه بحسب الدرجة الوظيفية بتكلفة إجمالية حوالي 17 مليار جنيه.
– أيضا تمت زيادة في المعاشات بنحو 13% بتكلفة إجمالية حوالي 31 مليار جنيه.
– كمان تخصيص حافز مالي يقدر بحوالي 1.5 مليار جنيه للعاملين المنقولين إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
*****
إيه تأثير القرارات دي على المصريين؟
– بالطبع تأثيرات القرارات دي إيجابية على موظفي الحكومة، واللي تحملوا تبعات التضخم في فترة ما بعد التعويم، وكمان تحملوا فترة كورونا الصعبة على الكل.
– لكن موظفي القطاع الخاص في مصر وخاصة العاملين بدون عقود واللي هما أغلبية العاملين في القطاع الخاص في مصر مش هيكون ليهم زيادات بالشكل ده.
– القطاع الخاص في مصر هو المشغل الأساسي للعمال في الاقتصاد، تقريبا في 12-13 مليون مصري شغالين في القطاع الخاص.
– وبحسب بيانات الجهاز المركزي للمحاسبات فمتوسط الأجر الأسبوعي في القطاع الخاص أقل بـ 45 % عن القطاع الحكومي.
– أيضا القطاع الحكومي فيه أمان وظيفي وشغال بنسبة كبيرة بعقود حوالي 96 % من العاملين في الحكومة شغالين بعقود بالتالي أكثر أمانا، لكن في القطاع الخاص النسبة دي 31 % بس بحسب بيانات التعداد الاقتصادي في 2018.
– لو بصينا أيضا على الزيادة الأخيرة للحد الأدنى هنلاقيها إنها 20 % فقط، ودي أقل زيادة للحد الأدنى للأجور في مصر في العشر سنوات الأخيرة، في 2011 زاد الحد الأدنى بنسبة 75 %، وفي 2013 زاد بنسبة 71 % وفي 2019 زاد بنسبة 66 %، بالتالي النسبة الحالية هي الأقل.
– كمان فيه متغير مهم جدا في الفترة من 2011 – لحد دلوقتي وهي أنه الحد الأدنى زاد بنسبة 100 % تقريبا كان 1200 في 2011 بقى 2400، لكن زيادة الأسعار في الفترة من 2011 لـ2021 كانت أعلى من كده وخاصة بعد التعويم وفقدان الجنيه حوالي نصف قدرته الشرائية.
– كمان شيء مهم لازم نشوفه هو أنه من 2014 بداية فترة الرئيس السيسي لحد دلوقتي وبسبب إجراءات التقشف اللي بتعملها الحكومة قلت نسبة الأجور من الموزانة من حوالي 25% لـ11 % بس، وكنسبة من الناتج المحلي قلت تقريبا للنصف من 8.2 لـ 4.9 %. وطبعا ده لأنه الديون وخدمة الديون بقت بتستهلك جزء كبير من الإنفاق في الموازنة العامة للدولة، حوالي 30 % من المصروفات بيروح لفوائد الديون بدون أصل الدين.
– بالتالي لما الحكومة في الفترة الأخيرة بقت بتتسأل سؤال من الكليشيهات بنبرة غريبة جدا وهو إزاي بتجيبوا الفلوس، ويرد الرئيس أو وزير المالية بعبارات فضفاضة من قبيل “ده كرم من عند ربنا” وبس كده بدون توضيح، فده شيء غريب.
– غريب، لأنه أي حد بيبص في الأرقام هيعرف أنه مصر بتقترض بمعدلات غير مسبوقة في تاريخها، ومستمرة في الاقتراض سواء من السوق المحلية أو الدولية.
– كمان الفلوس جت من زيادات الضرائب على المصريين واللي ارتفعت الحصيلة الضريبة من حوالي 305 مليار في 2014 لحوالي 900 مليار السنة اللي فاتت بحسب الموازنة قبل ما نعرف الرقم الحقيقي بسبب فقدان الحصيلة الضريبية المتوقع بسبب كورونا.
– بالتالي الأجور والزيادات دي في المعاشات تم تمويلها من جيوب المصريين، ومش منحة من الحكومة ولا حاجة، والحكومة مش بتضرب الأرض تطلع فلوس.
*****
– تعامل الصحافة الموالية للنظام، والإعلام والتوك شو مع الموضوع على أنه إنجاز كبير لازم نصفق له غريب جدا، يعني ممكن نتفق أنه إجراء مهم وضروري وايجابي، لكن التعامل ان ده أفضل ما يمكن ومفيش أحسن من كدة، والتعامل بمنطق توجيهات من الرئيس وإزاي الرئيس حاسس بالناس وكل هذا الكلام هو غريب واتعودنا عليه من زمان في مصر للأسف ان اي حاجة كويسة تبقى “توجيهات السيد الرئيس” وأي حاجة سلبية تبقى الوزراء أو أي مسؤول تاني.
– الأغرب كمان أنه وزير المالية طلع قال كلام يشبه كلام الرئيس عن مصدر الفلوس، مقالش معلومة اللي هو “أنه الفلوس دي ببركة ربنا” وبس بدون شرح، في مشهد غريب أيضا لأنه من المفترض أنه الوزير عارف الأرقام وعارف الفلوس جت منين.
– القرارات الاقتصادية حتي الإيجابية لازم أي حد مهتم بمحاسبة الحكومة يبص لها من المنظور ده، بمعني المنظور الشامل اللي لا يغفل الإيجابية كإنها محصلتش، لكن بنفس الوقت يحطها في حجمها الطبيعي، يعني بدون تهليل أو تصغير للموضوع.
– طبعا مبروك لكل مصري زاد مرتبه بسبب القرارات الأخيرة ونتمنى أنه الدولة تقدر تسيطر على معدل التضخم الحالي في حدود 6-7 % سنويا عشان المصريين يقدروا يشموا نفسهم شوية.
– في النهاية لازم يكون عندنا خطة لإصلاح منظومة الأجور في القطاع الخاص في مصر، لازم يكون الحد الأدنى للأجور بساعة العمل وتحدد ساعة العمل من قبل الحكومة أو المجلس القومي للأجور.
– وكمان بالنسبة للقطاع الخاص قال وزير المالية الدكتور محمد معيط إن المعني بارتفاع أجور العاملين بالقطاع الخاص هو المجلس القومي للأجور وسيكون بينه وبين وزيرة التخطيط لقاء لمناقشة هذا الأمر لأنها ترأس المجلس القومي للأجور، منتظرين نتائج المناقشة دي، وإزاي هيتم التعامل مع المصريين العاملين بالقطاع الخاص.
– لأن الزيادات في الحد الأدنى للأجور لموظفي الحكومة مش مؤثرة على وضع ملايين العاملين في القطاع الخاص واللي لسه بيعملوا في وظائف غير آمنة من غير عقود ومتدنية الأجور بدون قدرة على الحصول على أي من حقوقهم.
– كل اللي قلناه ده محتاج يتحط كمان كجزء من صورة أوسع، بتتطلب حرية التنظيم النقابي، لتمثيل العاملين بمختلف فئاتهم، وحرية الانتخابات البرلمانية النزيهة عشان الناس تصوت للي هيدعم انحيازات لصالحهم في الموازنة العامة، وغيرها من الجوانب اللي نتمنى نشوفها في بلدنا.
*****