– من أسبوع أو أكتر شوية انتهت أزمة أسعار امتحانات الزمالة للأطباء المصريين، بعد تدخل من نقابة الأطباء لوقف قرار زيادة أسعار الامتحانات.
– القرار ده رغم إلغائه واللي هو شيء كويس يخلينا نعيد السؤال والتفكير، هو إيه اللي بيحصل مع الأطباء في مصر؟ وإيه تطورات وضعهم المهني والمعيشي بالذات بعد جائحة كورونا؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده.
*****
إيه قصة أسعار امتحانات الزمالة؟
– في شهر مايو اللي فات، صدر قرار من هيئة الزمالة بوزارة الصحة، بزيادة أسعار امتحانات الزمالة للأطباء، عشان تزيد من 300 جنيه لـ 5000 جنيه مرة واحدة للامتحان التاني والتالت، وتوصل لـ 10000 جنيه للامتحان الرابع.
– الزمالة المصرية دي شهادة مهنية طبية بتؤهل حاملها للعمل كأخصائى، ودا بعد تلقيه برنامج تدريبي لمدة تتراوح ما بين 3 إلى 6 سنوات وفقًا للتخصص، وبيقوم على البرنامج مجموعة من أساتذة كليات الطب واستشاريون من مستشفيات وزارة الصحة، ويُعترف بالزمالة المصرية محليًا وخارجيًا.
– الأطباء اللي بيمتحنوا الزمالة هما الأطباء حديثي التخرج والشباب اللي بيعانوا من ضعف المرتبات، وساعات العمل الطويلة في المستشفيات، وبالتالي النوع ده من زيادات المصاريف يعتبر تعجيز ليهم، على المستوى المادي من حيث المصاريف المبالغ فيها جدًا، ومستوى الوقت والمجهود، إنه الطبيب الشاب ده بيشتغل في أكتر من مستشفى وعدد ساعات كبير، وبيضغط على صحته ووقته عشان يقدر يوفر وضع مادي يمكنه من المذاكرة وكسب الدرجات العلمية المطلوبة بعد التخرج والامتياز، وده كله بييجي على حساب وقته ومجهوده وصحته وعلاقاته الأسرية والاجتماعية.
– نقابة الأطباء بعد صدور القرار ده، اتحركت وطلبت التراجع عنه بشكل سريع، خاصة وإنه مخالف للقانون رقم 14 لسنة 2014، وتعديلاته، واللي بتنص إحدى مواده على أن تحمل وزارة الصحة تكاليف كافة الدراسات العليا للأطباء، وبالتالي لو ممكن اعتبار رسوم الـ 300 جنيه بسيطة، فمش منطقي إنه مصاريف زي 5 آلاف و 10 آلاف تكون رسوم طبيعية في ظل القانون ده، وفي ظل إن دخل الأطباء الصغار لا يتخطى 3000 جنيه.
– وكمان دي مخالفة للبند الأول من الكتاب الدورى رقم 17 لسنة 2015 الصادر من وزارة المالية، واللي نص على التزام وزارة الصحة بتحمل رسوم (ومصاريف) الدراسات العليا (دبلومة – ماجستير – زمالة – دكتوراه).
– وبشكل كبير القوانين دي صدرت على أساس إن الدراسات العليا شيء أساسي ولا غنى عنه لمصلحة المنظومة الصحية في مصر، وبالتالي فتعتبر جزء من تكاليف الإنفاق على الصحة والتدريب في المنظومة.
– النقابة بحسب تصريحات أمينها العام الدكتور أسامة عبد الحي، عملت خطابات موقعة من مئات طلاب الزمالة مع المطالبة بإلغاء الزيادات دي، لرئيس الوزراء ولرئيس لجنة الصحة في مجلس النواب، وقيادات النقابة الدكتور حسين خيري، والدكتورة نجوى الشافعي و الدكتور إبراهيم الزيات، عملوا اجتماعات مع وزارة الصحة عشان يتراجعوا عن القرار ده.
– خاصة وإنه الوقت الحالي ومع الضغط الأكبر اللي بيتعرض ليه الأطباء بسبب جائحة كورونا، المفروض وزارة الصحة تزود الحوافز والتشجيع للأطباء بالذات الشباب، خاصة مع معدلات الهجرة الكبيرة للأطباء اللي بيسافروا للسعودية ولأوروبا، لأنهم هيتقدروا ماديًا كويس، وهيلاقوا وضع مستشفيات وبيئة عمل تشجعهم على الشغل والعمل بدون ضغوطات غير منطقية زي الشغل 16 و 18 ساعة وبتكدس كبير.
– هيئة الزمالة بوزارة الصحة أعلنت من أيام التراجع عن قرارها السابق، وإنه المصاريف لدفعة أغسطس الحالية هتبقى 300 جنيه فقط، واللي دفع 5 آلاف جنيه يقدر يستردها، وبكده الأزمة دي انتهت مؤقتًا، لأنه لسه مفيش قرار نهائي يحسم موضوع مصاريف الامتحانات.
– وعلى ذلك بعد تقديم طلب من حوالي 500 طبيب من 3 شهور، نقابة الأطباء قامت برفع دعوى من النقابة العامة ضد فرض رسوم 5000 و10.000 جنيه لدخول امتحانات الزمالة.
*****
إيه وضع الأطباء في مصر دلوقتي؟
– اتكلمنا قبل كده في أكتر من بوست عن مشكلة هجرة الأطباء خارج مصر، وإنه بيئة العمل في مصر للأطباء خلت نص الأطباء المقيدين في النقابة بلا مبالغة يسافروا يشتغلو برة سواء للخليج أو مؤخرًا للدول الأوروبية اللي بقت فاتحة الأبواب للأطباء المصريين بشروط بسيطة.
– وتأثير ده واضح قوي في تكليفات الأطباء وتراجع الإقبال على التعيين بوزارة الصحة، مع غياب الحوافز المادية والبيئة الضاغطة، وكمان التعرض للإصابات بالكورونا، والتعرض لمضايقات الأهالي وربما الاعتداءات، وده كله بيزود الاتجاه بين شباب الأطباء للسفر في أقرب فرصة متاحة.
– وبنشوف حوادث متكررة بتحصل لأطباء الله يرحمهم أحد أسبابها بيكون الإجهاد والتعب وعدم التركيز من ضغط الشغل المتواصل، وآخرها كان حادثة الدكتور أحمد حسن الله يرحمه ويصبر أهله، طبيب الجراحة المقيم اللي سقط من شرفة القصر العيني نتيجة اختلال توازنه بعد شغل لمدة 3 أيام متواصلة.
– كمان وزارة الصحة من ضمن التعامل الغلط مع الأزمة الحالية من نقص الدكاترة في المستشفيات، مبتحاولش تخلق حوافز إضافية للتخصصات النادرة زي التخدير والطوارئ والعناية المركزة، زي مثلاً وضع حد أقصى لساعات العمل الأسبوعية 36 ساعة، وإنه الساعات الإضافية يتم حسابها بشكل خاص، والإعفاء من مصاريف الامتحانات، وغيرها من الحوافز اللي تشجع الأطباء الشباب على الدخول للتخصصات دي.
– ده غير المشاكل الأساسية المتعلقة بالإنفاق العام على الصحة، زي مثلًا أزمة بدل العدوى اللي كان بـ 19 جنيه لحد وقت قريب للأطباء، وغيرها من البدلات الضعيفة واللي حاولت الدولة تحسنها شوية مع بداية أزمة كورونا، دا بالإضافة لجودة المستشفيات وتوافر الأدوية والمستلزمات وغيرها من الأمور من الاحتياجات اللي تساعد على وجود بيئة عمل صحية جيدة.
– وللأسف بشكل سنوي بنلاقي التفاف على الاستحقاق الدستوري الخاص بنسبة الحد الأدنى للإنفاق على الصحة والتعليم، وبنلاقي دايمًا نمط من التزييف بإضافة بنود ملهاش علاقة بالصحة بيتم إضافتها للبند ده، عشان الموازنة يتم إقرارها، ويفضل المواطنين والأطباء بيعانوا من ده، وتفضل فرص العلاج الأفضل في مستشفيات القطاع الخاص.
*****
– نتمنى إنه المشاكل الجوهرية في البنية الصحية دي تتحل في يوم من الأيام، لأن أكبر خطر هو استمرار هروب العقول والكفاءات الطبية، وده اللي بنحس بيه بعدين لما منلاقيش طبيب كفؤ في أقرب مستشفى لينا، لأنه ببساطة اتعلم هنا وسافر يشتغل برة.
– مفيش معنى لزيادة الضغط المادي على الأطباء حديثي التخرج برسوم زيادة للامتحانات أو غيره، بل العكس تماما هو المطلوب في وقت حرج زي دا، توفير التدريب والدراسات العليا لشباب الأطباء واجب بحكم القانون على الدولة، بالإضافة للحوافز المادية المطلوبة، وتوزيع أعباء العمل.
– مفيش أي منطق بيقول نعين عدد قليل من النواب، ويضطروا يشتغلوا أيام متواصلة لوجود نقص، في حين إنه يمكن تعيين عدد أكبر حسب الحاجة، وبالتالي عدد ساعات عمل آدمية للأطباء.
– ونتمنى إننا كمجتمع قبل الدولة، دايمًا نعامل الأطباء بشكل جيد وتتوقف الإهانات والمعاملة السيئة ليهم في المستشفيات بالذات في الطوارئ والاستقبال اللي بيبقى قدامهم مئات المرضى وهو لازم يتعامل معاهم كلهم في وقت واحد وبنفس الكفاءة.
– مفيش بديل عن الاستثمار في منظومتنا الصحية اللي هي أمن قومي حقيقي، وشوفنا مبادرات إيجابية كتير من الدولة زي 100 مليون صحة وغيرها، بس العنصر البشري اللي هو الطبيب عمود أساسي في الارتقاء بالقطاع الصحي، مينفعش نهمله أبدا ولا نتهرب من رفع مستوى كفائته، وشوفنا كل الدول بعد أزمة كورونا بتراجع سياساتها الصحية، وبتحط خطط للتطوير على كافة المستويات ومنها فتح الباب للأطباء بسبب النقص في العنصر البشري، فمينفعش المنظومة هي اللي تكون بتطفش الطبيب.
– وفي النهاية دور نقابة الأطباء لازم يكون حاضر وبقوة الأيام دي دفاعاً عن حقوق الأطباء، ولازم تضرب مثل بأهمية العمل النقابي وإطلاق الحرية له، عشان يعمل توازن في المجتمع.
– نتمنى الحكومة تتراجع عن القرارات دي، وتبذل مجهود أكبر في حل أزمات الأطباء الموجودة زي التكليف وظروف العمل وغيرها، مش تصدر لهم مشاكل جديدة.
*****