– صفحة الموقف المصري تتقدم بخالص العزاء لأسرة المستشار والمفكر والمؤرخ طارق البشري اللي توفي صباح اليوم عن عمر يناهز 88 عاما.
– المستشار البشري قامة وطنية ومشرع مصري بارز شكلت فتاواه القانونية مرجع لكتير من القضاة والباحثين في عملية فهم النصوص.
وكان تاريخ اجتهاداته القانونية مرجع مهم للمشتغلين في المجال العام والمهتمين بالإصلاح.
– ساعد المستشار في دا إنه اتولد في أسرة مشتغلة بالقانون والتشريع لأنه جده سليم البشري تولى مشيخة الأزهر في مصر، ووالده المستشار عبد الفتاح البشري كان رئيس محكمة الاستئناف.
– المستشار البشري اتولد يوم 1 نوفمبر سنة 1933 في حي الحلمية بمدينة القاهرة، لأسرة أصولها ترجع لمحلة بشر بمركز شبراخيت بمحافظة البحيرة.
– التحق بكلية الحقوق في جامعة القاهرة، وتعلم فيها على يد كبار فقهاء القانون وقتها، وتخرج منها سنة 1953.
– بعد التخرج اتعين البشري في مجلس الدولة وتدرج في المناصب القضائية لحد ما وصل نائب أول لمجلس الدولة ورئيس للجمعية العمومية للفتوى والتشريع، حتى أحيل للتقاعد عام 1998.
– المستشار البشري بسبب مواقفه اللي كانت دايماً على مسافة كبيرة من سلطة نظام مبارك حُرم من إنه يتولى منصب رئيس مجلس الدولة رغم إنه كان الأحق به.
– البشري كان دايما بيدي الأولوية للقانون لكن كمان بيدي اعتبار دايما لمسألة الحرية في توجهاته وأفكاره ودا اللي عبر عنه في مؤلفاته بشكل مستمر، وكان دا بيخليه دايما محل احترام من القوى الوطنية المصرية على مختلف اتجاهاتها، رغم اختلافهم مع بعض مواقفه أحيانا.
– ودا ظهر في نعى مثقفين وسياسيين متنوعين جدا للبشري مؤكدين إن مصر فقدت أحد أبرز مؤرخيها ومفكريها المعروفين بالحكمة.
– مواقف البشري كانت دايما مشرفة من نظام مبارك ومن ثورة يناير، ومرورا بعهد الإخوان لما أعلن موقف قوي ضد الإعلان الدستوري اللي أصدره الرئيس الراحل مرسي ووصفه إنه “منعدم”، ومرورا برفضه الخروج عن المسار الديمقراطي بعد 30 يونيو، ومحاولته طرح مبادرة تضمنت تفويض مرسي كامل صلاحياته لوزارة مؤقتة وعقد انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال أشهر، وصولاً لرفضه التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، ودفاعه الدائم بالمجمل عن الديمقراطية وحرية التعبير.
– ودا ظهر من وقت مبكر مثلا بعهد مبارك عام 2006 لما أصدر كتاب بعنوان “مصر بين العصيان والتفكك” وهو عبارة عن تجميع مقالات صدرت له واعتبر فيها إن العصيان المدني فعل إيجابي يلتزم عدم العنف، ويقوم على تصميم المحكومين أن “ينزعوا غطاء الشرعية تماما” عن “حاكم فقد شرعيته فعلا” منذ زمن.
*****
– للأسف بعض الناس حاليا قررو يركزوا فقط علي دوره في لجنة تعديل الدستور اللي عينها المجلس العسكري واللي أعدت تعديلات 19 مارس الشهيرة، وبيحملوه مسؤولية كل المسار السياسي اللي وصل بينا لأوضاع النهاردة، لكن احنا بنشوف ده تصور منحاز وغير موضوعي. صحيح إنه مقبول جدا ان أي شخصية عامة لها دور عام تتعرض للنقد، ودور التعديلات دي فعلا يستحق الوقوف عنده بمختلف الآراء، لكن برضه مينفعش اغفال كامل مسيرة أي شخصية عامة بسبب موقف واحد ايا كان التقييم له، والأهم انه مآلات المرحلة دي كلها كانت بإدارة أطراف أخرى، والرجل قدم النصح للجميع وانحيازاته للديمقراطية والعدالة لم تتغير في أي وقت كقاضي وكمؤرخ ومفكر، لكن الآخرين من اللي تولو السلطة أو من القوى السياسية هما اللي كان دورهم المحرك الفعلي للأحداث.
– البشري ترك كمان تراث كبير من الكتب والفتاوى والآراء الاستشارية اللي تميزت بالعمق والتحليل والتأصيل القانوني الشديد، وكان أبرزها “الحركة السياسية في مصر 1945-195″، و”الديمقراطية ونظام 23 يوليو”، و”المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية”، و”بين الإسلام والعروبة”، و”منهج النظر في النظم السياسية المعاصرة لبلدان العالم الإسلامي” و”سعد زغلول مفاوضاً”.
– المستشار طارق البشري ترك مؤلفات عديدة جداً وثرية للغاية في تاريخ الحركة الوطنية المصرية، وكان مؤرخ منصف جداً لكل التيارات وكان باحث متمكن، مكانش في السرد التاريخي بيظهر أي انحياز لطرف، كمان ليه مؤلفات كتيرة وضع فيها رؤيته الفكرية للحوار بين أطراف المجتمع والأمة المصرية، كتير من الكتب دي كان مع دار الشروق، وهتلاقوا في الكومنتات لينك تقدروا تشوفوا فيه الكتب دي وتطلعوا عليها.
– كمان لحسن الحظ المستشار البشري دأب على الكتابة مع جريدة الشروق لسنوات، وهتلاقوا برضه في الكومنتات لينك لكافة مقالاته مع الشروق، واللي كان منها مقالات شديدة القوة والرزانة في وصف الوضع السياسي في عصر الرئيس السابق مرسي والرئيس السيسي، بالإضافة لتقديم نصائح واستشارات دائمة، للأسف لم تجد مستمعين في أوقات كثيرة، ننصح بالاطلاع على المقالات دي.
– خالص التعازي لأسرة المستشار طارق البشري ومحبيه، ونتمنى نشوف بلدنا زي ما كان يتمناها دولة قانون ومؤسسات دستورية.