– يوم السبت 29 أغسطس صدر قرار مفاجيء بإقالة رئيس الرقابة الإدارية وتعيين رئيس جديد هوا اللواء حسن عبدالشافي رئيس أركان الهيئة الهندسية.
– المفاجأة أن دي تاني مرة الرئيس يقيل رئيس للرقابة الإدارية بالمخالفة للدستور قبل نهاية مدته، وبدون سبب قانوني، وبدون العرض على البرلمان.
– المرة الأولي كانت في سبتمبر 2018 يعني من حوالي سنتين لما الرئيس أقال اللواء محمد عرفان، وعين اللواء شريف سيف الدين، وساعتها كتبنا عن الموضوع بوست مفصل ممكن تشوفوه من هنا :
https://bit.ly/3bISXGo – بعض التفسيرات قالت إنه صيفة القرار قالت يُكلف اللواء حسن عبدالشافي “بالقيام بأعمال رئيس الرقابة الإدارية”، وإن صيغة تعيين اللواء شريف سيف الدين قبله كانت زيها، وبالتالي كلاهما قائم بالأعمال مش رئيس، والحقيقة لو ده المقصود فعلا كمخرج قانوني فهوا تلاعب يشبه بالظبط مد الطواريء بقرار جديد كل ٦ شهور بالمخالفة لنص الدستور عن عدم جواز فرضها لأكتر من فترتين كل منهما ٣ شهور.
– في البوست ده حنشوف ليه قرار إقالة اللواء شريف سيف الدين مخالف للدستور؟ وايه تأثير ده علي دولة المؤسسات؟ وبشكل خاص على ملف مكافحة الفساد؟
*****
ليه تم إقالة اللواء شريف سيف الدين؟
– مفيش أي سبب رسمي معلن للإقالة.
– وبالتأكيد مفيش أي سبب ضمن الأسباب القانونية الأربعة الوحيدة المذكورة في قانون رؤساء الهيئات الرقابية اللي أصدره السيسي نفسه في 2015!
– الأسباب هي:
1- إذا قامت بشأنه دﻻئل جدية على ما يمس أمن البلاد وسلامتها.
2- إذا فقد المسؤول الثقة واﻻعتبار.
3- إذا أخلّ بواجبات وظيفته بما من شأنه اﻹضرار بالمصالح العليا للبلاد أو مصلحة إحدى الشخصيات الاعتبارية العامة.
4- إذا فقد المسؤول أحد شروط توليه منصبه لغير الظروف الصحية.
– ده كمان الرئيس قرر تعيين اللواء شريف في وظيفة تانية هيا مستشار لرئيس الوزراء لمكافحة الفساد، وده تأكيد تاني إن مفيش أي سبب من الأسباب الأربعة متوافرة فيه، بدليل استمراره في العمل بمنصب حكومي مهم.
– بالتالي إقالة اللواء شريف سيف الدين بتفتح الباب علي تفسيرات تانية، منها مثلا كلام بيتردد عن غضب الرئيس من الرقابة الإدارية بسبب وجود رؤية مختلفة عندها في موضوع التصالح في مخالفات البناء.
– تفسير تاني هو وجود نجل الرئيس الأكبر مصطفي السيسي في المكتب الفني لرئيس هيئة الرقابة الإدارية، والكلام علي أنه له صلاحيات كبيرة وتتطلب وجود رئيس للهيئة يقدر يتجاوب مع الشكل ده من الإدارة.
– كل دي مش معلومات مؤكدة، لكن الواقع إن غياب الشفافية بيفتح الباب علي تناقل الأخبار اللي قد تكون صحيحة وقد تكون شائعات.
*****
– المادة 216 من الدستور الحالي تنص علي أنه ” يعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات والأجهزة الرقابية، بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يُعفى أي منهم من منصبه إلا في الحالات المحددة بالقانون”
– بالتالي فإقالة اللواء شريف سيف الدين بعد سنتين فقط بدون سبب قانوني هو مخالفة صريحة جدا للدستور!
– وتعيين اللواء حسن بدون العرض علي مجلس النواب هو مخالفة أخري للدستور.
– ولو كانت صيغة “يُكلف بأعمال” دي مقصود بها إنه قائم بأعمال فزي ما قلنا هي مجرد لعبة قانونية، وفي الواقع اللواء سيف الدين مش بس كان بيتولى فعليا صلاحيات المنصب، ده كمان كان بيتم تعريفه بالصفة دي في البيانات الرسمية، مكانش بيتم تعريفه “القائم بأعمال رئيس الجهاز”.
ده غير إنه هيفضل مفيش جدال حول مخالفة الإجراي الأصلي اللي هوا إقالة اللواء عرفان من سنتين ينطبق عليها كل الكلام حول المخالفة الدستورية.
– ليه لم يتم العرض علي مجلس النواب قبل نهاية دور الانعقاد الخامس يوم 25 أغسطس يعني قبل 5 أيام من تعيين اللواء حسن عبدالشافي؟ وده حصل مع إننا عارفين البرلمان عمره ما هيرفض.. ده سؤال ملوش إجابة غير عند الرئيس اللي مصمم علي مخالفة الدستور في خطوات كثيرة مش أولها تعيين اللواء حسن عبدالشافي.
– المخالفات دي مستمرة من بداية عهد الرئيس السيسي، واتكلمنا سابقا عن مخالفة دستورية بعدم نشر إقرارات الذمة المالية للرئيس الوزراء، ومخالفة دستورية بعدم نشر تقارير الأجهزة الرقابية، غير المخالفة في قانون الهيئات القضائية اللي أنهي استقلال القضاء وصدر قبل تعديل الدستور، وحتي شبهات دستورية قانون التصالح مع مخالفات البناء، وأيضا قانون دار الإفتاء اللي تم سحبه من البرلمان بعد اعتراض الأزهر على دستوريته، وحتي التعديلات الدستورية نفسها اللي تم تعديل مدد الرئاسة فيها بالمخالفة للدستور نفسه اللي نص سابقا على عدم جواز تعديل المواد دي، وغيرها من الأمثلة.
*****
– الرقابة الإدارية هي أحد أهم الأجهزة الرقابية في الدولة بجانب الجهاز المركزي للمحاسبات، وحتي في الفترة الأخيرة كانت أهم من الجهاز المركزي للمحاسبات بعد تهميش دورة بعد إقاله المستشار جنينة.
– من ضمن اختصاصات الرقابة الإدارية مراقبة كل الجهات الحكومية وقطاع الأعمال العام من حيث الفساد والتربح ومن حيث الأداء، والمفروض في الجهازين هو الاستقلالية التامة عن السلطة التنفيذية.
– وبالتالي فكرة غياب الشفافية في تعيين وإقالة رؤساء الأجهزة دي وأعضائها هي خطيرة جدا علي عملية مكافحة الفساد نفسها.
– وبرضه عدم نشر تقارير الأجهزة الرقابية بالمخالفة للدستور، بل إنه غاب عننا أي نقاش علني ليها، ولحد النهاردة محصلش أي تحقيق أو نقاش في تقرير المستشار جنينة سبب إقالته، بينما في عصر مبارك كان بيحصل نقاش لتقارير المستشار جودت الملط في البرلمان والصحافة بتنقلها.
– في أخر تقارير منظمة الشفافية الدولية لسنة 2019 عن الفساد، كانت مصر في المركز 106 من 180 دولة، ورغم أنها قفزت 11 مراكز عن السنة اللي قبلها إلا أن الترتيب ما زال ضعيف.
– مؤشر الفساد اللي بتصدرة المنظمة بيقيس عوامل زي (إتاحة وصول المجتمع المدني إلى المعلومات حول الشؤون العامة، قدرة الحكومات على احتواء الفساد وفرض آليات نزاهة فعالة في القطاع العام، قوانين الإفصاح المالي وتضارب المصالح للمسؤولين الحكوميين، حماية القانونية للمُبلغين والشهود والصحفيين، في حالة الإبلاغ عن وقائع فساد)
– وبناء على ده لسه مصر عندها مشاكل كتير في البنية القانونية لمكافحة الفساد، وده بيأثر على سمعة مصر وقدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي اللي بيطلب الاطمئنان لاستقلال الجهات القضائية والرقابية لو حصل خلاف بينه وبين الأجهزة الحكومية.
– الخلاصة أن أول خطوة لمكافحة الفساد بشكل شامل هوا تفعيل القانون والدستور، الحاكم هوا اللي مفروض يكون النموذج في ده..ومحتاجين شراكة حقيقة مع الشعب عبر ممثلين منتخبين بنزاهة.
– إدارة الامور من الغرف المغلقة بدون أي تفسيرات للشعب، والاكتفاء بأنه الناس مش هتسأل عمرها ما كانت طريقة مفيدة على المدى الطويل.
– عملية محاربة الفساد جزء منها هو ترسيخ ثقافة الشفافية، وحق المواطنين في المعرفة والمحاسبة والمسائلة هو حق أصيل في أي مجتمع محترم.