– امبارح ظهر الرئيس السيسي لأول مرة عشان يتكلم عن أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد١٩) على هامش عيد المرأة المصرية.
– في البوست ده هنتناقش في محتوى الخطاب، وفي المعلن من خطة الحكومة في مواجهة الاثار الاقتصادية للكورونا، وايه اللي كان مفروض يُعلن بخصوص الخطة الصحية.
*****
رؤساء العالم بيتعاملوا ازاي في الوضع الحالي؟
– من بداية انتشار الفيروس وتقريبا كل قادة العالم ظهروا يكلموا شعوبهم.
– شفنا المستشارة الألمانية ميركل ظهرت أكتر من مرة بتشرح خطة وإجراءات الحكومة ونصايحها للمواطنين، الرئيس الفرنسي ماكرون ظهر أكتر من مرة وبيعلن بنفسه الإجراءات وفي خطابه الأخير كان بيلوم المواطنين على إنهم لسه بعد قفل الدراسة وخفض العمل بيروحو الحدائق ويتفسحوا، قبل ما ياخد قرار الحظر.
– بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني خرج ومعاه نخبة علماء بلده شرحو بالتفصيل الخطة، وقال وقتها جملته المخيفة “استعدوا لفقدان أحبتكم”، وبعدها بقى بيخرج كل يوم يعلنوا التطورات والتغيرات اللي بتحصل، ونفس الوضع عند الرئيس الأمريكي ترامب اللي بيظهر مع فريقه بنفسه.
– من بداية الأزمة ومن قبلها بفترة الرئيس السيسي مكانش بيظهر في خطابات شعبية، ورغم ظهوره في صور وفيديوهات صامتة زي لقاء مع نائب رئيس مجلس السيادة السوداني في ١٥ مارس، لكن غياب الخطابات خلى بعض الناس تروج أخبار عن وضعه الصحي، لحد ما ظهر في خطابه امبارح.
*****
– خطاب الرئيس كان مفيش فيه أي تفاصيل تقريبا، غير انه وجه الدعوة للناس يلتزموا بالبقاء في بيوتهم، وقال ان قرار غلق المساجد والكنائس كان ضروري، وكرر دعوته للمرأة المصرية الالتزام بتعليمات الوقاية، وده شيء إيجابي بحد ذاته ان الناس تسمعه من رأس الدولة.
– لكن في خطابات كل الرؤساء بالعالم بنسمع اجابات بالأرقام على أسئلة محددة: عندنا كام سرير مستشفى؟ وكام سرير عناية مركزة؟ وكام جهاز تنفس صناعي؟ ومتوقع نحتاج كام؟ وإيه خطتنا عشان نزود امكاناتنا؟
– مثلا رئيس الوزراء البريطاني قال انه اصدر توجيه لشركات بلاده بالصنع بلا حد أقصى، وبعدها وزير الصحة البريطاني قال ان ست شركات بريطانية شكلت ٣ فرق، بما فيها شركة هندسة الفضاء ميجيت وشركتي صناعة السيارات مكلارين ونيسان، بمساهمة شركة إيرباص رغم إن انتاجها الرئيسي الطيارات.
– نفس الوضع في ألمانيا، اللي تم فيها تكليف شركة فولكس فاجن تبدأ فورا خط تصنيع أجهزة تنفس صناعي رغم انها شركة عربيات.
– مفيش تفاصيل عن خطة زيادة القدرة الاستيعابية للمستشفيات، بينما مثلا في بلد زي اسبانيا رئيس الوزراء أعلن تأميم المستشفيات الخاصة بوضعها تحت تصرف وزارة الصحة، والاستعانة بكل الأطباء من مختلف التخصصات وكمان طلبة طب.
– كمان الرئيس متكلمش عن معلومة أساسية وهيا ايه قدرة مصر في عمل تحاليل التشخيص؟ ودي نقطة مهمة سمعناها بخطابات قادة تانيين، مثلا جونسون رئيس الوزراء البريطاني قال احنا قدرتنا ٦٠٠٠ تحليل في اليوم وهنزودها إلى ٢٠ ألف.
– لما الرئيس أتكلم عن ال ١٠٠ مليار جنيه للأزمة اكتفى انه يقول عن مصدرها ان مصر بلد كبيرة ومش قليلة، وكمان مقالش الاطار اعلعام لتوزيعها مثلا كام منها هيتخصص للمستشفيات وكام للدعم الاقتصادي وغيرها.
– الرئيس في خطابه كان كلامه عاطفي أكتر منه بيقول تفاصيل الخطة الصحية، أتكلم عن عن أزمة الثقة ما بين الناس والحكومة، و عن الاشاعات وغيرها.
– عشان نكون واقعيين التحدي كبير جدا، ودول أغنى مننا وأكثر تقدما بتعاني بشدة، لكن المهم هوا الشفافية والصراحة والناس تبقى واثقة ان اللي بيتعمل هوا أفضل المتاح حتى لو كلنا هنحمل خساير مؤلمة في ظرف خارج سيطرة كل البشر.
*****
ايه تأثير كورونا على الاقتصاد ؟
– أول القطاعات اللي اتأثرت بشدة هو قطاع السياحة والنقل الجوي، قطاع السياحة السنة اللي فاتت كان بدأ ينتعش وسجل دخل حوالي 12.5 مليار دولار، دا يعني أنه في الشهر الواحد القطاع هيخسر حوالي مليار دولار.
– قطاع الطيران المدني هيخسر 2.25 مليار جنيه بسبب توقف المطارات في مصر.
– قطاع الصناعة هيتأثر لاعتماد كثير من المصانع على سلع وسيطة من الصين، بالتالي دا بيهدد بتوقف سلاسل الإنتاج في المصانع دي أو على الأقل رفع تكلفة الاستيراد دي نتيجة زيادة تكلفة السلع دي.
– تحويلات العاملين في الخارج من المتوقع أنها تتأثر الفترة الجاية بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادي في دول الخليج لانخفاض أسعار النفط لأقل من 30 دولار بسبب الذعر الناتج عن تفشي كورونا وتراجع الطلب الصيني على النفط بشكل خاص، التحويلات دي هي أهم مصدر للعملة الصعبة في مصر لأنها بتقدر 26.4 مليار دولار في أخر سنة، بالتالي أحد تأثير دا هو زيادة سعر الدولار والتضخم.
– ولو استمر الوضع الحالي مع مواجهة الكورونا فغالباً الحكومة هتضطر تعدل في الموازنة العامة وتوقف بعض المشاريع والاستثمارات عشان يتم تحويلها لمواجهة الكورونا.
– ده غير الركود اللي هيصيب كتير من السلع والأسواق، لأنه الناس مش هتشتري غير سلع ضرورية زي الأكل والأدوات الطبية، وده سلوك طبيعي في أوقات الأزمات وبالتالي في كتير من المصانع والشركات مبيعاتها هتضرر جدا.
*****
ايه تاثير كورونا الاقتصادي على الأفراد؟
– علي مستوي الأفراد، من المتوقع زيادة معدل التضخم خاصة مع عمليات الشراء المبالغ فيها للسلع خاصة السلع الطبية والسلع الخاصة بالتطهير والنظافة.
– انخفاض الدخول بشكل كبير خاصة في الاقتصاد غير الرسمي واللي في نسبة كبيرة منه بيعتمد على الأجر اليومي، ملايين بيشتغلوا عمال زراعيين أو في قطاع المقاولات والفاعل وسواقين الميكروباص والتاكسي والباعة الجائلين..الخ
– جزء مهم برضه هينخفض أجوره هو العاملين في القطاع الخاص واللي معظمهم بيعمل بدون تغطية تأمينية وعقود عمل ثابتة، وبالتالي من الوارد أنه جزء كبير منهم يقعد في البيت بسبب توقف النشاط في المصانع والشركات دي.
– للأسف إنخفاض الدخول دا كارثة حقيقة بالنسبة لمصر لأنه أغلب المصريين معندهمش قدرة كبيرة علي الادخار أو هما تحت خط الفقر أو قريبين منه جدا، وإذا كنا شوفنا في أمريكا إحصائية مهمة أنه 40 % من الأمريكيين مش معاهم 400 دولار كنفقات طارئة في البنك، فمابالنا بمصر كام نسبة اللي معاهم فلوس محوشينها لظروف طارئة؟
*****
ايه اجراءات الحكومة؟
– أول إجراء مهم خده البنك المركزي كان خفض كبير لأسعار الفائدة بمقدار 3 %، دي خطوة مهمة وإيجابية لتنشيط الاقتصاد وخاصة القطاع الخاص اللي بينكمش كل شهر تقريبا تحت ضغوط أسعار الفائدة العالية وارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج وضعف الطلب المحلي. وده هيتيح أكتر للقطاعات والشركات والمؤسسات الخسرانة إنها تاخد قروض بفوائد أقل.
– إجراءات تانية خدتها الحكومة إيجابية زي تقليل أسعار الكهرباء للمصانع، تأجيل الضريبة العقارية على المصانع والمنشأت السياحية 3 شهور، ضخ مليار جنيه في دعم الصادرات من المتأخرات وبالتالي توفير سيولة لأصحاب المصانع في الوقت الحالي.
– إجراءات في دعم البورصة بسبب الخسائر الكبيرة اللي حصلت مؤخراً، أهمها اعفاء كامل للعمليات الفورية من ضريبة الدمغة لتنشيط التعامل، إعفاء غير المقيمين في مصر من ضريبة الأرباح الرأسمالية لتقليل تخارج الأجانب من البورصة وتأجيلها علي المصريين وغيرها من الإعفاءات.
– على مستوى الأفراد كانت القرارات المهمة هي تأجيل سداد أقساط القروض الاستهلاكية للأفراد من البنوك لمدة 6 شهور، بالإضافة للي أعلنت عنه وزارة القوى العاملة عن إعانة ال 500 جنيه شهرياً للعمالة غير المنتظمة المسجلة عندها.
*****
هل الإجراءات الاقتصادية دي كافية؟
– دي كلها إجراءات كويسة لكنها مش كفاية أبداً، وعالميا الكل عارف دلوقتي ان إجراءات البنوك المركزية لخفض الفايدة معملتش تأثير في ظل ان انخفاض الطلب سببه الرئيسي هو تخفيض النشاط الاقتصادي بشكل عمدي عبر ان الناس تقعد في بيوتها.
– مفيش تدخل كاف من الحكومة في الرقابة على الأسواق، عندنا سلع طبية زي المطهرات والكمامات والكحول الطبي، اختفت من الصيدليات وتم تخزينها من تجار الأزمة وبتتباع بأسعار عالية، جهاز حماية المستهلك قام بس بإعلان رقم للتبليغ عن زيادات الأسعار لكن ده إجراء مساهمش في مكافحة الظاهرة.
– على مستوى الأفراد مفيش إعانات لحد دلوقتي قادرة توصل للمتضررين من تراجع النشاط الاقتصادي خاصة العمالة الموسمية والعمالة اللي بيشتغلوا باليومية، طبعاً مفهوم إنه القطاع غير الرسمي مش مسجل في الضرايب أو التأمينات ودي مشكلة كبيرة لكن ممكن يتم البدأ بسرعة في حصرها ودمج قواعد البيانات المختلفة الموجودة بما فيها اللي عند الجمعيات الأهلية والخيرية.
– حتى الآن مفيش إعانات عاجلة للأزمة حتى لموظفي الدولة باستثناء العلاوة الخاصة لموظفي الحكومة بنسبة 7% للي داخلين في إطار قانون الخدمة المدنية و 12% للي براه، لكن مفيش كلام عن إعانات استثنائية للقطاع الخاص لو تفاقم الوضع، أو حتى إعانات خاصة للسيدات المعيلات في القطاعين الحكومي والخاص.
بينما شفنا حكومات تانية بتضع ترتيبات علنية واضحة لدفع مرتبات العاملين أو جزء منها.
– حصلت زيادة للإعفاء الضريبي من 8 الآف جنيه سنوياً ل 15 ألف جنيه سنوياً، ودي خطوة جيدة لكن في الظروف الحالية أو العادية، كان لازم يرتفع عالأقل ل 24 ألف جنيه سنوياً، يعني 2000 جنيه شهرياً، ده الحد الأدنى اللي مينفعش يتاخد منه ضرايب، فمابالنا بالظروف دي.
*****
إيه اللي المفروض يتعمل ؟
– إحنا مش قدام أزمة اقتصادية عادية بتأثر على معدلات النمو وأرقام الاقتصاد وأرباح الشركات بس احنا قدام أزمة هتأثر علي كل المصريين تقريبا وبتهدد حصولهم على متطلبات الحياة الأساسية، بالتالي التعامل معاها لازم يكون عبر إجراءات استثنائية مش مجرد حزم لتنشيط الاقتصاد.
– بالتأكيد دعم قطاع السياحة والصناعة شيء مهم جدا، لكن ضخ الدعم دا من المفترض يكون بيراعي التأثيرات المختلفة، الشركة أو صاحب المصنع حيتضرروا بالطبع، لكن اللي حيتضرر أكتر هما العاملين في القطاعات دي واللي بيتشغلو بعقود مؤقتة وبأرقام قليلة.
– هيكل سوق العمل في مصر سيء جدا في الأوقات العادية فما بالك في فترة ركود اقتصادي متوقع، مصر فيها مثلا 3 مليون عامل في قطاع السياحة هل الدولة عندها خطة تعويضية لدول لو استمر الوضع؟ مصر فيها تقريبا 70 % من سوق العمل بيعملوا في قطاعات غير رسمية منهم كثير مرتبط بأجر يومي هل الدولة عندها خطة لتعويضهم أو على الأقل توفير الاحتياجات الأساسية من الطعام ليهم ؟ خاصة مع قرار قفل الكافيهات والقهاوي والمولات من الساعة 7 وده معناه تأثر أكبر على عدد كبير من العمالة.
– بشكل عاجل لازم الدولة تضخ فلوس أكثر في منظومة الدعم السلعي لمواجهة الأزمة، زيادة السلع التموينية ومقدارها والمستفيدين منها مهم جدا في الوقت الحالي، ممكن كمان البطاقة التموينية تشمل سلع أكتر غذائية وطبية، وقرار وزير التموين بإضافة “الكولونيا” كمطهر كحولي لبطاقة التموين فكرة ممتازة، ولازم يتضاف عليها الكمامات.
– بشكل استثنائي ممكن نزود عدد المشمولين بمظلة برنامج تكافل وكرامة، ونزود المبالغ المخصصة للأسر في البرامج دي على مدى ال3 شهور الجاية.
– مبادرة الإعانة الشهرية ب 500 جنيه للعمالة غير المنتظمة محتاجة تتطور، من ناحية المبلغ يزيد ل 1000 جنيه وحجم المستفيدين يكبر، لو عندنا عمالة مؤقتة تقدر ب 5 مليون وهنديهم إعانات استثنائية خلال ال 3 شهور دول، فهيبقى الإجمالي 15 مليار جنيه، ودي فلوس هترجع تاني لأنها هتتضخ في السوق مرة تانية على شكل شراء سلع أساسية، وعالميا دلوقتي بيتعاد النظر في كون ضخ الفلوس بغرض دفع الاستهلاك ده هدف اقتصادي ايجابي بحد ذاته مش بس مساعدة للمواطنين.
– لازم يتعمل إجراءات إعانة غير مباشرة للأسر ذات الدخل الأقل زي الإعفاء من فواتير الخدمات ( مياه – كهرباء – غاز – الانترنت) للشرائح الدنيا، واللي ممكن تساهم بشكل كبير في توفير النفقات على الأسر دي، أو تأجيلها وتحصيلها في وقت لاحق بعد 6 شهور مثلاً للشرائح المتوسطة، حتى لو هيقلل الفلوس اللي مع الحكومة لكنه هيخفف عن الناس تأثير قلة الفلوس في الوقت الحالي.
– إنخفاض أسعار الطاقة عالمياً واللي وصل برميل البترول لأقل من 30 دولار يمثل فرصة مهمة جداً لإبرام عقود بالأسعار الرخيصة دي، وبالتالي تخفيض أسعار الطاقة للمصانع والمواطنين.
*****
– نتمنى إن المحنة دي تنتهي وتعدي على خير بأقل قدر ممكن من الوفيات والإصابات، ونتمنى كمان إن الحكومة تنجح في تقليل الأضرار الاقتصادية على ملايين المواطنين في الظروف دي، واننا نشوف أسلوب إدارة يتسم بالشفافية والشراكة الشعبية من جانب الجهات الحكومية، ونشوف التزام شعبي فردي باجراءات الوقاية، لأن ده الطريق الوحيد عشان كلنا نعدي الوقت الصعب.