حوار الرئيس مع دي فيلت الألمانية .. نقاش موضوعي

– يوم السبت اللي فات 24 إبريل نشرت مجلة دي فيلت الألمانية مقابلة مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، اللقاء كان مهم لأنه أول لقاء مطول من فترة طويلة مع وسيلة إعلام أجنبية بعد اللقاء الشهير مع شبكة سي بي اس في يناير2019، واللي كان بشكل كبير محرج للرئيس.
– اللقاء مع مجلة دي فيلت أيضا كان مهم لأنه في توقيت توتر مصري أثيوبي وملفات خارجية ساخنة موجودة لذلك كان متوقع من الرئيس أنه يتكلم في الحاجات دي، لكن الحوار لم يتطرق بشكل كبير لسد النهضة، وإن كان أكد علي أهمية استقرار مصر، لكن شفنا تصريحات مهمة عن أوضاع حقوق الانسان والسياسة المصرية.
*****
ايه ملخص حوار الرئيس مع المجلة ؟
– الصحفي سأل الرئيس عن المعتقلين السياسيين في مصر، وإن المنظمات الحقوقية منذ سنة 2016 بتتكلم عن رقم يقدر ب60 ألف شخص تم سجنهم سياسيا في مصر، فالسيسي نفى وقال نصا ” ليس لدينا هذا العدد الكبير من السجون التي يمكن أن تستوعب مثل هذا العدد من السجناء. نحن لا نحبس أي شخص بسبب آرائه السياسية “
– ده نفي غريب جدا، لأنه ركز على إمكانية الرقم، وممكن يترد عليه بأن مصر فعليا في الفترة من 2014 لحد دلوقتي تم إنشاء 22 سجن جديد فأصبح الإجمالي 68 سجن بعد ما كانوا 44 سجن يعني واضح وجود تزايد في عدد السجناء والحاجة لاستيعابهم أيا كان الرقم.
– والأهم إنه بعيد عن مصداقية أو دقة الرقم، اللي الصحفي الألماني كان واضح انه يرجع إلى 2016، لكن احنا بالتأكيد عندنا مسجونين سياسيين، واحنا عرضنا عشرات الحالات والأسماء من الصحفيين وأعضاء الأحزاب الشرعية ومواطنين عاديين، وكتير منهم مش بيتحاكم أصلا بل ممكن يفضل سنين حبس احتياطي على ذمة قضايا بتهم عامة جدا زي “ترويج أخبار كاذبة” و”إساءة استخدام مواقع التواصل” و”الانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون”.
– الرئيس أيضا قال أنه النقد مسموح به للجميع، لكن يجب أن يكون “نقدا بناء وليس تحريضا”.
– ده برضه تصريح غريب لأنه في السجون المصرية كثير من الناس اللي كانت بتنتقد النظام نقد بناء،علي سبيل المثال لا الحصر زياد العليمي وحسام مؤنس واللي تهمتهم هي محاولة تنظيم المعارضة للنزول للإنتخابات، والخبير الاقتصادي عمر الشنيطي، وقبلهم كان معصوم مرزوق وحازم حسني اللي خرجوا بعد ما قضوا فترة في السجن بسبب مواقفهم السياسية ونقدهم للنظام.
أيضا ناس زي الدكتور أبو الفتوح واللي اتسجن بعد لقاء عمله مع البي بي سي، وصحفيين تطول القائمة لذكرهم.
– الرئيس قال أيضا ” الأمن لا يجب أن يأتي على حساب الحرية، حتى في بلد يعاني من أوضاع صعبة مثل وضعنا”
– وده برضه تصريح غريب لأنه سردية النظام الإعلامية والسياسية دائما والخطاب الموجه للداخل بيقول عكس كدة، أنه مفيش حقوق إنسان بدون ما نحقق الأمن وننتصر علي الإرهاب، والرئيس نفسه قبل كدة لما اتسأل عن حقوق الإنسان وحرية التعبير تهرب وقال فين الحق في السكن وغيره.
– ده قريب من رده أيضا على سؤال: هل وارد مصر تسعى لامتلاك القنبلة النووية لو امتلكتها إيران قال ” القنبلة النووية الحقيقية هي التقدم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. التقدم البشري، التقدم في الحرية، في الديمقراطية.”
– وبعيدا عن ملف حقوق الإنسان الرئيس قال أنه ” مصر تستضيف نحو 6 ملايين مهاجر وأنه الحكومة المصرية منعت التسلل لأوروبا وأنه لايطلب شيء في المقابل من أوروبا نظير القيام بذلك”.
– وده تصريح واضح من الرئيس ومهم عن الدور المصري في جنوب المتوسط، والمتعلق بترتيبات مكافحة الهجرة غير الشرعية من جنوب المتوسط واللي مصر من المفترض أنها بتعلب دور جيد فيه، لكن استدراك الرئيس مهم أيضا لأنه بيحمل نبره تهديد لأوروبا بموضوع الهجرة غير الشرعية، وأنه في حالة يعني ما يحصل ثورة أو أي إنفلات أمني في بلد كبير زي مصر فده بالتأكيد هيأثر علي أوروبا.
– بالتالي من وجهة نظر الرئيس أوروبا مش من حقها تسأل عن أي حاجة غير ده، تدعم الاستقرار بما يعني دعم النظام السياسي عشان تقدر مصر تقوم بدورها في ضبط الهجرة غير الشرعية.
– الرئيس أكد على حاجة المصريين للتحسن الاقتصادي والتعليم والصحة، ودعا أوروبا لدعمه بالملفات دي، وعدم التركيز على غيرها. قال نصا ” لم ينزل الناس في بلادنا إلى الشوارع من أجل حرية التعبير، بل ليتمكنوا من العيش”
وقال “الناس هنا يريدون أن يكونوا قادرين على العيش، والسؤال هو ما إذا كانت أوروبا ترغب في مساعدتهم. مثل الحصول على تعليم جيد حتى يتمكنوا من معرفة الفرق بين حرية التعبير والفوضى. أو لتوفير فرص عمل لشبابنا.”
– الرئيس أيضا اتسأل عن انعدام التنافسية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ورد بأنه ” متأكد أنها كانت انتخابات عادلة”.
ده الصراحة شيء مناف لأبسط قواعد المنطق لأنه الرئيس سجن حرفيا اتنين مرشحين محتملين أمامه في الانتخابات وهما سامي عنان وأحمد قنصوه. وعدل الدستور لاحقا عشان يزود مدد الرئاسة بأثر رجعي، والانتخابات كانت خالية تماما من المنافسين إلا مرشح اللحظة الأخيرة موسى مصطفى موسى اللي هوا مؤيد للرئيس أصلا مش منافس، والسيسي فاز بنسبة 97% ودي بحد ذاتها دلالة كافية على مستوى التنافسية بالانتخابات دي.
– الرئيس شدد على إن سبيل إسرائيل لتعزيز التعاون مع العالم العربي والإسلامي هو القضية الفلسطينية، وقال إنه إ”ذا تمت إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، فسيكون ذلك أيضا ضمانا لأمن المواطنين الإسرائيليين، وليس فقط الفلسطينيين.”
*****
نشوف ايه من كل ده ؟
– في حوار الرئيس مع مجلة دي فيلت وزي حواره السابق مع برنامج 60 دقيقة وأي حوار في مذيع أو محاور مش خايف من طرح الأسئلة علي الرئيس، بيكون هدف الرئيس دائما هو التهرب من السؤال وعدم الإجابة علي الأسئلة اللي ممكن نقول عليها محرجة للنظام خاصة الأسئلة المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر.
– المؤسسات الدولية والصحافة العالمية اللي بترصد وتشوف عارفة الوضع عامل ازاي في مصر، وعارفة أنه في سجناء سياسيين وعارفه حالة الديمقراطية في مصر اللي بتتدهور لكن الرئيس مصر علي الإنكار برضه والنظام مصر علي عدم تقديم أي إصلاحات جدية في الملفات دي.
– المثير في الحوار ده أنه الرئيس لم يتطرق بشكل مباشر لموضوع سد النهضة، واللي كان المفترض أنه يكون علي رأس أولويات الحوار حتي لو المحاور لم يسأل الرئيس بشكل مباشر عن الأزمة لازم الرئيس كان يستغل كل ما يمكن في الحوار في عرض الموقف المصري من قضية السد.
– إصلاح البلد الاقتصادي لازم يترافق مع إصلاح سياسي، مينفعش نكون بنتكلم أننا عايزين نبقي زي أوروبا ومعدلات تعليم وصحة جيدة زي أوروبا بدون ديمقراطية، النموذج الألماني وغيره من النماذج لم يتقدم إلا بالديمقراطية اللي الرئيس السيسي دائما بيحاول يتهرب من الإجابة علي الأسئلة المتعلقة بيها.
– ومحدش بيتولد يلاقي نفسه بلد ديمقراطي، وان الشعب فقير فيبقى نركز على اكل العيش لحد ما يبقى مؤهل، الديمقراطية هي عملية ممارسة مستمرة وتصحيح للأخطاء مستمر وهي دي إيجابيتها وهو ده اللي الحكومة لازم تدركه.
– نتمني أن الرئيس والنظام بشكل عام يدرك أنه سوء حالة ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان سيء لمصر ولصورة مصر والأهم أنه مش بيدفع في إتجاه تطوير البلد، الديمقراطية والحريات والحقوق السياسية وحرية التعبير وغيرها من الحريات مهمة لبلد زي مصر.
*****
Journalist O

Recent Posts

قلوبنا ودعواتنا للطفل ريان وأهلنا في المغرب

ريان هو طفل مغربي عمره خمس سنوات، سقط في بئر ضيقة في إحدى القرى بضواحي…

3 سنوات ago

وفاة قائد الكفاح ضد التدخين.. تعزية واجبة في الدكتور عصام المغازي

- توفي يوم الجمعة اللي فاتت الدكتور عصام المغازي، استشاري الأمراض الصدرية، ورئيس الجمعية المصرية…

3 سنوات ago

عرض كتاب تاريخ العصامية والجربعة.. تأملات نقدية في الاجتماع السياسي الحديث

"الوطن هو تجربة اجتماعية مستمرَّة، وليس نَقشًا فرعونيًّا على حجر منذ آلاف السنين، تجربة اجتماعية…

3 سنوات ago

منتخب مصر إلى نهائي كأس أمم إفريقيا.. البطولة على بعد خطوة

- مليون مبروك لمنتخبنا الوطني اللي نجح في إقصاء الكاميرون بركلات الترجيح بعد مباراة عصيبة.…

3 سنوات ago

قرار جمهوري بضم جزر نيلية لملكية القوات المسلحة.. إيه اللي بيحصل؟

- من أسبوع تقريبًا أصدر الرئيس السيسي قرار جمهوري رقم 13 لسنة 2022، القرار ده…

3 سنوات ago

كنت هناك.. موقعة الجمل لحظة الثورة الفارقة

- مستمرين معاكم في حلقات تذكر وحكاية مشاهد كانت فارقة في تاريخ ثورة يناير عشان…

3 سنوات ago