من ساعات أعلنت وزارة الداخلية القبض على المتهمين بجريمة الابتزاز الإلكتروني ضد الفتاة بسنت خالد اللي انتحرت في قصة مأساوية جدًا مصر كلها قرت عنها امبارح.
طبعًا في كلام كتير لازم يتقال عن جريمة الابتزاز وخطورتها، وعن تعامل المجتمع المصري مع جرايم الابتزاز اللي بقت كتيرة جدًا، وأكيد شيء كويس سرعة القبض على المجرمين دول.
طبعًا خالص العزاء من صفحتنا لأسرة بسنت، وربنا يرحمها لأنها اتظلمت جدًا للدرجة اللي تدفعها للانتحار.
******
إيه اللي حصل بالظبط ؟
بسنت فتاة عندها 17 سنة من قرية بمركز كفر الزيات في محافظة الغربية، أحد شباب القرية كان بيطاردها بدون أي استجابة منها فقرر فبركة صور مسيئة ليها وتهديدها بالصور دي إنها لو مستجابتش لطلباته هينشرها ويفضحها.
وطبعًا بسنت مستجابتش لرغباته وقرر المجرم نشر الصور دي، وللأسف لأنه القرية المصرية الناس تعرف بعضها كويس وأي شيء بينتشر فيها بسرعة، واللوم والضغط على البنات بيكون مضاعف أكتر، فالبنت اكتئبت من الوضع ده وقررت تنتحر.
البنت قبل متنهي حياتها سابت رسالة صغيرة لوالدتها بتقول فيها ” ماما يا ريت تفهميني أنا مش البنت دي وإن دي صور متركبة والله العظيم، وقسمًا بالله دي ما أنا، أنا يا ماما بنت صغيرة مستهلش اللي بيحصلّي ده. أنا جالي اكتئاب بجد، أنا يا ماما مش قادرة أنا بتخنق، تعبت بجد”.
وللأسف لم تنجح محاولات إنقاذ حياة بسنت، لأنها انتحرت بحبوب حفظ الغلة واللي هي أكتر طريقة منتشرة للانتحار في الريف وبتقضي على حياة الإنسان بسرعة كبيرة.
من ساعات وبعد ما مصر كلها قرت رسالة بسنت وعرفت قصتها تم القبض على المجرمين اللي شاركو في الجريمة دي، واللي كانوا سابو هما وأهلهم القرية بمجرد وفاة البنت.
*****
فبركة الصور من أجل الابتزاز هي شيء منتشر بشكل كبير جدا في مصر، وخاصة في المجتمعات والأوساط المحافظة في الريف واللي بتشوف الموضوع عار كبير وصعب جدًا يدعمو البنت أو يحموها، وللأسف الريف مليان قصص قتل لبنات وفتيات بسبب مفاهيم الحفاظ على الشرف، وبيبقا المجرمين أهل الضحايا نفسهم اللي بيعملوا كده عشان يقدرو يعيشو في نفس مجتمع القرية بدون ميتوصمو بالعار !
وللأسف الموضوع ده مفيش متابعة ليه، ويمكن حادثة بسنت تحاول تصحي قصص الابتزاز وتشويه سمعة البنات واغتيالهم معنويًا وجسديًا بآلاف الطرق.
والدة بسنت قالت للصحافة أنه أبوها دخل في حالة عصبية شديدة، بعد مشاهدته لصور بنته المفبركة مع عدد من الشباب في القرية، وللأسف الشديد بدل ما الأهل يدعمو بنتهم ويحموها ويصدقوها ويقفو ضد المجرمين اللي بيبتزو بنتهم، كانو عقبة قدامها ودفعوها للانتحار.
القانون المصري حاليًا بيجرم عملية الابتزاز الجنسي بكافة الصور، وبالذات إلكترونيًا، ومباحث الانترنت بقت بتستقبل بلاغات من الفتيات والبنات اللي بيتعرضو لأي شكل من الابتزاز ده، وده بغض النظر عن طبيعة الصور وكونها حقيقية أو لأ، لأنه مش المفروض دي تكون مادة للابتزاز بأي شكل سواءًا مقابل فلوس أو مقابل علاقة جنسية أو غيره.
*****
اللي حصل ده رغم فجاعته بيسلط الضوء علي وضع النساء في مصر، وخاصة البنات الصغيرة في المجتمعات التقليدية والمحافظة في مصر واللي بيقوا تحت ضغوط مستمرة من المجتمع والأسرة بشكل خاص للحفاظ علي صورة إجتماعية ما لو اتكسرت بيتعرضوا للتعنيف الجسدي والنفسي بشكل كبير.
حالات الانتحار الشبيهة بقصة بسنت بتحصل وهتحصل ورغم أننا معندناش إحصاءات دقيقة لكن الأخبار اللي بتطلع من فترة للتانية بتقول أنه ده بيتكرر، آخرهم مثلًا فتاة المول اللي انتحرت بسبب ضغوط نفسية شبيهة والشاب اللي رمي نفسه من علي كوبري.
الانتحار هو السبب الرابع للوفاة بين المراهقين في مصر، وفي 2019 بحسب منظمة الصحة العالمية مصر سجلت أكثر من 3000 حادثة إنتحار.
الدعم الأسري والنفسي للبنات والشباب في سن المراهقة مهم جدا، وهو الخط الفاصل بين الحياة والانتحار، حبوا ولادكم وادعموهم ومتسمحوش لأي حد يبتزهم أو يستغل ضعفهم وقلة خبرتهم في الحياة في السن الصغير ده، ومش معقول يكون الأب والأم مخيفين لابنائهم إنهم يصارحوهم بأي مشكلة مهما كانت، ويخلوهم معرضين للاستغلال أو الابتزاز أو أي شيء خطر لمجرد إنه الطفل أو المراهق خايف يحكي لأهله لأنهم هيضربوه ويبهدلوه !!
من ناحية تانية نفسنا جدًا المجرمين اللي عملو الواقعة دي ياخدوا أكبر عقوبة ممكنة، ونفسنا جرايم تصوير البنات أو تهديدهم بصورهم الشخصية أو أي شيء يخصهم يكون ليه أقصى عقوبة ممكنة، ونمط الجرايم اللي بالشكل ده سواءًا الابتزاز أو تصوير البنات بدون علمهم أو إذنهم في الشوارع والكافيهات، أو اختراق حساباتهم الشخصية عشان يبتزوهم بأي شيء، أو أي شكل من أشكال التحرش لازم يتواجه بكل قوة.
وكمان أي حد بيساهم في نشر المحتويات ده، سواءًا بالشير أو بالكلام عنها، أو بممارسة جريمة التنمر بشكل مستمر زي مبيحصل مع فنانات ومشهورات السوشيال ميديا دي كلها أمور لازم تتواجه بقوة، لازم المجتمع ده ثقافته تتغير، وكل واحد يفهم إنه ملوش حق في التدخل في سلوكيات غيره الشخصية طالما مبتضروش في شيء، ولازم ثقافة الغابة والقسوة دي تنتهي للأبد.
*****