الموقف المصري | Egyptian Situation

– أكيد فاكرين رئيس الوزراء الأثيوبي اللى الرئيس السيسي خلاه يحلف قدام الكاميرات أنه لا يضر بحقوق مصر فى النيل، وبعيد عن الجدل حول المشهد نفسه، الراجل ده وصل لرئاسة الوزراء في أبريل ٢٠١٨، وخلال أقل من سنتين عمل حاجات كتير بتغير وجه بلاده وكمان سمعتها العالمية بالذات بعد ما عمل مفاجأة بإنه وقع اتفاق سلام نهائي مع عدوه التاريخي أريتريا.
وطبعاً مفهوم ان كونه كويس لبلده مش معناه بالضرورة انه هيكون كويس لينا في مسألة سد النهضة، لكن احنا أكيد محتاجين نفهم مين الراجل ده وبيعمل إيه.
*****

في الأول مين هو آبي أحمد ؟
– اتولد في أغسطس 1976، يعني عنده دلوقتي 43 سنة، بدأت علاقته بالسياسة بأنه كان مقاتل فى صفوف الجبهة الديمقراطية لشعب الأورومو وهي واحدة من الجماعات المسلحة اللي كانت بتحارب الديكتاتور العسكري منغستو هايلي مريام.
– بعد سقوط مريام في 1991 التحق آبي أحمد بالمخابرات الاثيوبية واترقى داخلها حتى وصل لرتبة عميد سنة 2007، وخلال مسيرته شارك بالحرب الأثيوبية الأريترية، وكمان تولى تأسيس إدارة أمنية جديدة باسم “شبكة المعلومات الاثيوبية” لحد 2010، وبعدها خرج من المؤسسة والعمل العسكري ككل.
– من 2010 – 2012 بدأ عمله السياسي التنظيمي عضوا في “الجبهة الديمقراطية لشعب أورومو”، وهو الحزب السياسي اللي تحولت له الجماعة المسلحة السابقة، وبقى واحد من الأحزاب الأربعة المكونة للائتلاف الحاكم في أثيوبيا اللي بيسيطر على أغلب مقاعد البرلمان، لحد ما وصل تدريجياً للجنة المركزية للحزب وعضوية اللجنة التنفيذية للائتلاف الحاكم.
– تم انتخابه كعضو في البرلمان سنة 2010 وتم إعادة انتخابه في 2014.
– كان ليه دور مهم في وقف احتراب أهلي من 2010 بين المسلمين والمسيحيين، بالإضافة لوقف عنف بين عرقية الأورومو والتيجري في 2015.
– قاد في 2016 حملة لوقف سياسة الاستيلاء على أراضي المزارعين اللي كانت بتتبناه حكومة ديسالين.
– واصل صعوده لحد مابقى وزير العلوم والتكنولوجيا، وبعدها نائب رئيس إقليم الاورمو، وساب المنصب الأخير عشان يتولى قيادة الحزب.
– بالإضافة للسجل السياسي والعسكري لآبي أحمد مهم جداً نعرف إنه درس بمجالات مختلفة، وحصل على بكالوريوس هندسة الكمبيوتر، ثم في حصل 2005 حصل من جامعة بريتوريا بجنوب إفريقيا على دبلوم الدراسات العليا المتقدمة بالحاسب الآلي في قسم “تطبيقات التشفير”، ثم ماجستير في إدارة التغيير والتحول من جامعة غرينتش في بريطانيا (2011)، وبعدها ماجستير في إدارة الأعمال (2013) وأخيراً دكتوراة في إدارة الاعمال من جامعة اديس أبابا (2017).
– كمان شغل مناصب رئيس بنك أوروميا للتمويل الأصغر، ورئيس مجلس إدارة جامعة جيما.
*****

صعوده لرئاسة الحكومة

– اتكلمنا في بوست سابق عن تفاصيل القصة، وخلاصتها إن أثيوبيا شهدت مظاهرات عنيفة من 2014 فجرتها خطة حكومية للاستيلاء على أراضي بمناطق قبيلة الأورومو لإدخالها ضمن خطة التنمية والاستثمارات، وده في سياق تهميش الأرومو والأمهرة لصالح أقلية التيجري الحاكمة.
– بعد مواجهة الاحتجاجات بالقمع والاعتقال زادت الضغوط على الحكومة الأثيوبية من داخل الائتلاف الحاكم، خلت الحكومة الأثيوبية تقوم بإصلاحات سياسية منها قفل أكبر معتقل سياسي وتحويله لمتحف، وفي نفس الوقت دخلت أعداد كبيرة من الأرومو لعضوية الحزب المشارك بالحكم لحد ما قدروا يغيرو في تركيبة الحزب من الداخل.
– وفي فبراير 2018 وبشكل مفاجئ استقال ديسالين من الحكومة، وبعد مناقشات داخلية كتير داخل الائتلاف الحاكم صوتت الأغلبية لصالح آبي أحمد.
تفاصيل أكتر في البوست السابق هنا: https://www.facebook.com/…/a.75908…/1376965622403331/…
*****

ايه اللي عمله آبي أحمد في الفترة القليلة دي؟
على المستوى الداخلي عمل حالة مصالحة وطنية كبيرة:
– أحال خمسة من كبار المسئولين للتقاعد بين رئيس الاستخبارات وقيادات فى الجيش من اللى ساهموا فى قمع احتجاجات 2015 .
– فتح قنوات حوار مع المعارضة في الخارج، والتقي في مايو ٢٠١٨ بوفد من جبهة المعارضة، وبعدها رفع 3 جماعات معارضة من على قوائم الإرهاب.
– فى نفس الشهر أصدر قرار بالعفو عن 757 من السجناء السياسيين واللى كانت الحكومة الأثيوبية السابقة حطتهم على قوائم الارهاب.
– قرر رفع الحظر عن قنوات المعارضة التلفزيونية اللى بتبث من برة أثيوبيا، وبعدها رفع حالة الطوارئ اللي استمرت شهرين بعد استقالة رئيس الوزراء السابق ديسالين فى فبراير 2018
– بعد شهرين من وصوله لرئاسة الوزراء، رفع الحجب عن أكثر من 200 موقع صحفي وإخباري كانت الحكومة السابقة قامت بحجبهم .
– خلال خطاب في البرلمان انتقد التعذيب وقال ان الشرطة كانت بتجلد الناس وقال “هذا انتهاك للدستور. كان رجال الشرطة إرهابيين!”.
– وعد بمكافحة الفساد والرشوة، واتكلم بشكل محدد عن سفريات المسؤولين.
– وفي يوليو ٢٠١٨ حصل إعلان تاريخي من “جبهة تحرير أرومو المتحدة” بإلقاء السلاح .. العميد هايلو جونفا، نائب رئيس الجبهة، رجع من المنفى بعد 20 سنة وفي المطار قال للصحفيين ” المقاومة العسكرية التي كانت تخوضها الجبهة ضد الحكومة في الماضي، كانت بسبب غياب الحريات وإفساح المجال السياسي” وقال انه بعد اللي عمله الرئيس آبي هيشاركوا في السياسة والانتخابات “لدعم المرحلة الحالية التي تمر بها التجربة السياسية الإثيوبية، وصولا إلى نظام ديمقراطي يسع كل الأحزاب “.
– فى المجمل معظم المحللين شايفين أنه فى عقلية جديدة جت للحكم فى أثيوبيا، خاصة فى ظل كلامة الصريح على أنه مش كفاية معدلات النمو الاقتصادي اللى بتحققها بلدة لكن المهم هو توزيع أرباح النمو الاقتصادي دا بشكل متساوي ومحاربة الفقر فى بلده.
– برضة فى حوار صحفي ليه فى 2017 أيام ما كان وزير للعلوم والتكنولجيا فى الحكومة كان بيتكلم عن أنه مينفعش أعباء النمو الاقتصادي يخلينا ندمر البيئة خاصة فى ظل الاتجاه لأنه اثيوبيا تكون دولة صناعية فى القرن الأفريقي مع ضخ استثمارات صينية كبيرة فيها .

على المستوى الخارجي:
– أهم خطوة انه فجأة زار أريتريا، العدو اللدود لأثيوبيا، واللي حصلت بينهم حرب من 1998 إلى 2000 اتقتل فيها 70 – 100 ألف قتيل! .. آبي أحمد أعلن تغيير الموقف الأثيوبي الدائم برفض نتايج تحكيم دولي .كان حصل على أرض متنازع عليها بينهم، وافق على التحكيم ووقع اتفاقية سلام ومصالحة.
– أهم مكسب اقتصادي لأثيوبيا من الاتفاق انها دولة حبيسة مش بتطل على بحر بينما أريتريا بتطل على البحر الأحمر، عشان كده كان حريص ان اتفاق السلام يشمل التعاون على تطوير موانئ إريتريا على البحر الأحمر عشان تكون منفذ بحري لأثيوبيا اللى بيعتبر اقتصادها دلوقتي واحد من اكبر الاقتصادات الناشئة فى افريقيا.
– طبعا كل اللي بيعمل هده معداش بدون مقاومة من جهات بيعادي مصالحها، لدرجة انه اتعرض الشهر اللي فات لمحاولة اغتيال بتفجير أثناء تجمع شعبي، وسقط عشرات القتلى والجرحى. كان ايجابي ان الخارجية المصرية فوراً أصدرت بيان إدانة للي حصل.
*****

طيب احنا ليه مهتمين بفهم شخصية الراجل ومعرفة تاريخه وأداؤه؟
– بشكل عام آبي أحمد مساهم في تغير سياسات حكومة اثيوبيا سواء على المستوى الداخلي والخارجي، واللي بتعتمد على تسوية الخلافات الإقليمية الكتير اللى واقعة فيها أثيوبيا عشان يركز على النمو الاقتصادي ويكمل مسيرة تحويل أثيوبيا لدولة صناعية مهمة في افريقيا، وزي ما قلنا ده عمل كده مع أريتريا اللي بينهم حروب دموية رهيبة.
– بالنسبة لينا في مصر لما يوصل لحكم اثيوبيا حد دي سياسته ممكن يكون ليه انعكاس إيجابي في مشكلة سد النهضة، لكن بشرط قدرة السلطة في مصر على مواكبة التغيير ده واستخدامه دبلوماسيا وسياسيا بطريقة محترفة ومدروسة كويس بعيد عن أخطاء التفاوض الجسيمة اللي حصلت في السنين اللي فاتو سواء في حالة التحريض الاعلامي ضد اثيوبيا، أو اتفاقية المبادئ.
– أخيراً شخصية زي آبي أحمد والتغيير اللي بيعمله في بلده ممكن تبقى تجربة تاريخية مهمة لازم نتابعها ونستفيد منها .. مهم للسلطة تشوف نموذج عملي ازاي الاصلاح الطوعي من الداخل أحسن بكتير من انك تقفل كل الحريات والمسارات الديمقراطية، ومهم كمان لكل قوى التغيير يشوفو قصة التغيير في أثيوبيا اللي ظهرت فيها كل الأدوات من المظاهرات والاشتباكات والاضرابات لحد دخول عضوية الائتلاف الحاكم لمحاولة إصلاحه من الداخل، وربما دي تكون رسالة أمل تشجعنا كمواطنين على السعي لرؤية بلدنا مصر يحكمها نظام عادل وشاب وفي سعينا لذلك نعتمد على النفس الطويل والعمل الدؤوب والسعي في كل المساحات المتاحة.
*****