– يوم الأربعاء اللي فات أصدر المجلس الأعلى للهيئات القضائية في اجتماع برئاسة الرئيس السيسي مجموعة قرارات تستحق وصفها بالتاريخية، تخص تعيين النساء في النيابة العامة ومجلس الدولة، وقرارات تانية مهمة جداً.
– إيه هي القرارات دي؟ وليه في احتفاء بيها؟ وهل فيها شيء سلبي؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست الحالي.
******
إيه هي قرارات المجلس الأعلى للهيئات القضائية؟
1- البدأ في عمل السيدات في مجلس الدولة والنيابة العامة اعتبارًا من 1 أكتوبر القادم، اللي هو بداية السنة القضائية الجديدة، واعتباره يوم للقضاء المصري.
2- منع تكرار أسماء المقبولين للتعيين في الجهات والهيئات القضائية اعتبارًا من خريجي دفعة 2018 بالنسبة لمجلس الدولة والنيابة العامة، ومن خريجي دفعة 2013 بالنسبة لهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة.
3- توحيد المستحقات المالية بين الدرجات المناظرة في الجهات والهيئات القضائية الأربعة (القضاء – مجلس الدولة –النيابة الإدارية – قضايا الدولة).
4- عدم تكرار “ندب” العضو القضائي الواحد في أكتر من جهة عمل – عدا وزارة العدل اللي هي جهة العمل الأصلية – مع وضع سقف زمني محدد لمدة الندب.
5- مد هيئة قضايا الدولة بأسباب عدم قبول طالب التعيين في الوظائف القضائية لتقديمها إلى جهة القضاء في دعاوى الطعن المنظورة، بحيث يتمكن الطالب اللي ميتمش قبوله من معرفة أسباب رفضه، والاستناد إليها في طعنه ضد القرار لو شايف انه اتظلم.
6- إنشاء مدينة العدالة بالعاصمة الإدارية، وعلى كل جهة وهيئة قضائية موافاة وزارة العدل بطلباتها، واللي تتضمن نقل مباني واستحداث مباني جديدة للهيئات.
– القرارات صدرت من اجتماع حضره رؤساء الجهات والهيئات القضائية الخمس (الدستورية، القضاء العادي، مجلس الدولة، النيابة الإدارية، قضايا الدولة) بالإضافة إلى وزير العدل ومساعده، والنائب العام، ورئيس محكمة استئناف القاهرة، وترأسه رئيس الجمهورية، وده بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة.
ليه في احتفاء كبير بالقرارات دي؟
– قرار تعيين المرأة وبداية عملها في هيئات قضائية زي النيابة العامة ومجلس الدولة هو قرار تاريخي فعلاً ويستحق الاحتفاء والإشادة ولو إنه متأخر كتير أوي، ومن بداية العام القضائي الجديد هيتم الإعلان عن إجراءات تعيين المرأة في السلك القضائي بالتساوي مع الرجال، وهيتم قبول الخريجات والخريجين من كلية الحقوق اللي تنطبق عليهم الشروط بشكل متساوي، وأما النيابة العامة فهيتم تحديد تفاصيل التعيين فيها من النائب العام، سواء بالنقل من هيئات قضائية أخرى زي النيابة الإدارية أو فتح الباب المباشر للخريجات المتفوقات.
– بالذات وإنه عمل النساء في القضاء كان مقتصر على النيابة الإدارية، ومكانش مسموح ليهم الدخول في هيئات قضائية زي مجلس الدولة أو النيابة العامة. وكان في رفض شديد جداً من الهيئات القضائية ومجتمع القضاة ضد وجود السيدات وكيلات نيابة أو في مجلس الدولة أو قاضيات منصة، لأسباب ملهاش علاقة بمعرفة القانون أو التفوق العلمي أو النزاهة وغيرها من المعايير الموضوعية.
– وكتبنا قبل كده موضوع عن نضال المرأة المصرية لانتزاع حقها في المساواة بالتعيينات القضائية تقدروا تقرأوا كله تفاصيله من هنا (
shorturl.at/dqszW)
******
طيب وليه باقي القرارات مهمة؟ وهل فيها أي أمور سلبية؟
– باقي القرارات في المجمل جيدة، ومسألة الزام الجهة القضائية بارسال أسباب رفض التعيين لهيئة قضايا الدولة بهدف اتاحة الطعن دي خطوة مازالت صغيرة لكنها ايجابية لصالح تغيير منظومة التعيينات غير الشفافة وكلنا عارفين الوضع الراسخ لتعيين أبناء القضاة.
– كمان عدم تكرار أسماء المقبولين في أكتر من جهة قضائية، وده عشان يسيب فرص أكبر للتعيينات ولقبول أشخاص أكثر، ميبقاش الموضوع أشبه بحجز كراسي وتضييع فرص على آخرين عشان واحد يختار ويفاضل بين الهيئات الأهم والأكبر.
– قرارات وقف الانتداب لأكتر من جهة عمل، دي واحدة من أهم الإصلاحات التاريخية اللي ممكن تحصل في القضاء – طبعاً مع مراعاة السياق السياسي اللي مبيساعدش أوي على الإصلاح أو استقلالية القضاء – لكن الفكرة إنه ده فعلاً شيء مهم، لأنه في قضاة ومستشارين بعينهم كان ممكن يتم انتدابهم في أكتر من جهة في نفس الوقت ولمدد مفتوحة، فيبقى بياخد مرتبه الأصلي من وزارة العدل وجهة عمله، زائد مرتبه كاستشاري في بنك مثلاً، ومرتبه كمستشار قانوني في جهة حكومية تانية منتدب ليها، وبالتالي يبقى بياخد 3 أو 4 مرتبات كبيرة في نفس الوقت، وده شيء مفيهوش عدالة، وبيزود من الصراعات على الانتداب.
– وعشان القرار ده يكون متسق مع نفسه وميعملش مشاكل، منطقي إنه يحصل معاه مساواة بين أصحاب نفس الدرجات القضائية ما بين الهيئات المختلفة، وبالتالي المستشار في مجلس الدولة، ياخد نفس المعاملة المالية بتاعت المستشار في محكمة النقض أو الاستئناف أو أي جهات تانية.
*******
– لكن للأسف فيه جانب سلبي هوا استثناء قضاة المحكمة الدستورية من القرارين الأخيرين بتوع الانتداب والمساواة المالية، وبالتالي تستمر المحكمة الدستورية في وجودها كجائزة مالية كبيرة جداً، ودا شيء مش المفروض يكون بالشكل لدا عشان يحافظ على استقلالية المحكمة بالصورة المطلوبة بدون أي شبهات في إطار امتيازات الانتداب في جهات أخرى وغيرها من الامتيازات المالية الاستثنائية جداً.
– ومينفعش نشوف قضاة بيدافعوا عن الترضيات المالية وسياسية الانتداب في جهات حكومية اللي مليانة بمئات المستشارين القانونيين، أو للخليج أو البنوك، وعاوزين العلاقة مع السلطة التنفيذية تتحول لعلاقة نفعية مباشرة، ودا هيفضل يبعدنا أكتر عن فكرة استقلالية القضاء.
– تظل مسألة استقلال القضاء الكامل بمثابة التحدي الكبير في مصر اللي محتاجين نعمل خطوات كتير جداً لتحقيقه لأنه هو الضمانة الأساسية لحماية الحقوق واستقرار وترسيخ مفاهيم الديمقراطية والمواطنة وسيادة القانون، ودي هي القضية الأكبر.
– ونفس الوقت مش لازم ننسى إن فيه تغول كبير جداً من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية ومبدأ الفصل بين السلطات بيتم التلاعب بيه، وده واضح من التعديل الدستوري الأخير اللي فيه الرئيس بيكون رئيسللمجلس الأعلى للهيئات القضائية، وبيكون هو صاحب الكلمة الفصل في اختيار رؤساء الهيئات القضائية من 3 مرشحين واسقاط شرط الأقدمية المطلقة السابق.
– وحقنا نستغرب جداً إيه اللي اتغير دلوقتي وسر سرعة الاستجابة من داخل مجتمع القضاء أول ما الرئيس السيسي أصدر التوجيهات دي رغم إن كتير جداً طالبوا بيها من قبل، وكان بيتم التجاهل، وهل دا ممكن يعطينا أي انطباع وأي صورة عن اللي بيحصل في مسألة استقلال القضاء في مصر، وهل المسألة مجرد امتيازات مالية وصراع على السلطة والمكانة فقط ضمن منظومة الحكم؟
– بنكرر الكلام اللي قولناه قبل كده إن التدخل من السلطة التنفيذية في عمل القضاء هو مؤشر سلبي حتى لو لهدف إيجابي.
– هناك تخوف منطقي برضو بنكرره من اللي جاي ببساطة فيحصل إن النساء اللي هيتعينوا هيكون الأولوية برضه لبنات القضاة مش بعدالة لكل المواطنات، زي ما تعيين الذكور مش بعدالة لكل المواطنين، وللأسف ده محتاج إصلاح أشمل في سياسات الدولة كلها.
– بنشوف برضو تورط القضاء في القمع السياسي اللي بيحصل شيء سلبي وبيضر منظومة القضاء أكثر ما بيفيدها، ومع كل أسف بنشوف ارتباط واضح بين الأجهزة الأمنية والقضاة والنيابة في القضايا السياسية اللي فيها تواطؤ متكامل سواء من الأجهزة الأمنية اللي بتلفق القضايا، والنيابة اللي مبتعملش تحقيقات قانونية جادة، وبتحول التحقيق لمجرد شكل قانوني للاعتقال، مروراً بالقضاة اللي بيدوا أحكام أو بيمدو فترات الحبس لسنتين وأكتر برضه بتجاهل القانون، طالما دي رغبة الأجهزة الأمنية.
– إجمالاً إصلاح القضاء وأموره محتاجة مجهود كبير ومحتاجة مناخ ديمقراطي حقيقي يساعد على عودة الأمور لنصابها بالفصل بين السلطات، وإعادة الاحترام والهيبة المتكاملة للقضاء، وعودة الاعتبار للعدالة وسيادة القانون.
– لكن لحد ما ده يحصل فإحنا بالتأكيد سعداء لوجود المرأة في النيابة ومجلس الدولة، ونتمنى إنه حالة التمييز ضد السيدات في مجتمعنا تنتهي، ونشوف في القضاء قاضيات منصة في كل الهيئات، ونشوف رئيسة وزراء ورئيسة جمهورية كمان في يوم من الأيام
– وهنكون أسعد بكتير لما العدالة تتحقق والتمييز ينتهي، وتنتهي كل حالات وأشكال اضطهاد السيدات في المجتمع.
*******
ودا فيديو لينا عن وصلنا لفين في ملف استقلال القضاء ممكن تشوفوه من هنا
shorturl.at/jkosE ودا بوست تفصيلي عن هل تحقق مطلب استقلال القضاء؟ ومقترحاتنا في الملف دا
shorturl.at/vEMN0