– يوم السبت اللي فات الحكومة أحالت للبرلمان تعديلات على مادتين في قانون العقوبات، تغلظ العقوبة على ممارسة ختان الإناث في مصر، وتضع المسؤولين عن المنشآت الطبية الخاصة التي يجري فيها الختان تحت المساءلة.
– ده حصل بعد وفاة طفلة عندها 12 سنة في محافظة أسيوط (قرية الحواتكة، مركز منفلوط)، بعد الخضوع للعملية، وتحويل والديها والطبيب اللي عمل العملية للمحاكمة العاجلة.
– الخطوة لاقت ترحاب كبير من المجلس القومي للمرأة، ومؤسسات مجتمع مدني، على رأسها قوة العمل المناهضة لختان الإناث.
– مصر جرمت ختان الإناث من سنة 2008، وكانت تعاقب عليه بالسجن لمدة بين 3 شهور وسنتين. ثم عدلت المواد القانونية الخاصة بهذا التجريم سنة 2016، وتم تغليظ العقوبة للسجن 7 سنوات للمسؤولين عن إجراء العملية. لكن القانون مكنش كفاية، بسبب وجود بعض الثغرات اللي ساعدت على التهرب من العقوبة.
– هنتعرف في البوست ده على مشاكل القانون المطبق حاليا، وإزاي التعديلات بتعالجه، وهل التعديلات دي كافية؟
*****
إيه هي التعديلات المقترحة، والمشاكل اللي بتحلها؟
1- بعد تجريم الختان، بعض الأهالي كانوا بيختنوا بناتهم عند بعض الأطباء أو الممرضين الفاسدين، وبيعتقدوا أنه طالما بيجريه أحد أفراد الفريق الطبي يبقى ممارسة آمنة. طبيب فهو شيء مشروع وغير ضار من الناحية الطبية.
– عشان كدا التعديلات المقترحة بتنص على تشديد العقوبة على الأطباء أو الممرضين، ليكون السجن لمدة 10 سنوات، ولو تسبب بوفاة البنت، يسجن ما بين 15 و 20 سنة.
– كمان بتقضي بعزل مرتكب الجريمة من وظيفته العامة لمدة لا تزيد عن 5 سنوات، ويحرم من ممارسة المهنة لمدة مماثلة.
– في نفس الوقت شددت العقوبة على من يجري الختان (لو كان مش من الفريق الطبي) بالسجن 5 سنوات.
– لو نتج عن التصرف ده عاهة مستديمة، تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 7 سنوات. أما في حالة وفاة البنت، لا تقل عقوبة السجن عن 10 سنوات.
2- بعض الأطباء اللي كانوا بيعملوا جراحة الختان، كانوا بيفلتو من العقوبة القانونية، عبر إدعاء إنهم عملوا “عملية تجميل” أو “إزالة كيس دهني” في المنطقة دي. استغلوا ثغرة موجودة في نص قانوني بيقول إنه لا عقوبة على أي جريمة، لو اللي ارتكبها كان قاصد يحمى نفسه أو غيره من ضرر جسيم.
كمان استغلوا ثغرة بتسمح في حال “الضرورة الطبية” بدون تحديد تعريف للضرورة دي.
– وأحيانا الوفيات بتتكيف قانونيا إنها “خطأ طبي”، عشان بتتسجل على أنها نزيف أو بسبب الحساسية ضد حقنة البنج، وفي الحالة دي بتكون العقوبة مخففة، ما بين الحبس والغرامة، وممكن القصة تخلص على غرامة 500 جنيه.
– لذلك التعديلات الجديدة جرمت “إزالة أو تعديل أو تشويه أو إلحاق أي إصابة” بالأعضاء التناسلية للأنثى بشكل تام.
3- التعديلات القانونية تسمح بمحاسبة المسؤولين عن المنشآت الطبية الخاصة، لو كان عندهم علم بإجراء الختان داخل هذه منشئاتهم، وغلقها لمدة مساوية لمدة منع مرتكب الجريمة من ممارسة المهنة.
– بالإضافة لده، تنزع لوحات المؤسسة دي، ويُنشر حكم المحكمة في جريدتَين يوميتَين واسعتَي الانتشار وفي مواقع إلكترونية يختارها القاضي، ويكون النشر على نفقة المحكوم عليه.
4- وفقا للقانون المقترح ” يُعاقب بالحبس كل من روّج، أو شجع” لختان الإناث حتى لو لم يترتب على دعوته شيء.
5- لو تم الختان بناء على طلب أي شخص (أحد أفراد أسرتها مثلا) يعاقب الشخص ده بالسجن بنفس العقوبات الخاصة بمادة مجري الختان (المادة 242 مكرر) ، يعني لا يقل عن 5 سنوات سجن، ولو أفضى لعاهة مستديمة يبقى 7 سنوات، ولو أفضى لموت يبقى لا يقل عن 10 سنوات.
*****
– بالرغم من إنها تعديلات جيدة بالمجمل، لكن ما زال فيه خطوات يجب أن تتخذ في الملف ده، لمواجهة الختان بشكل أكثر فعالية، وفيه بالفعل مقترحات اتقالت من منظمات مجتمع مدني مهتمة بمناهضة ختان الإناث ومبادرات نسائية.
– أولا: التعديلات المقترحة فيها ثغرة قد تساعد على تهرب المسؤولين على المنشآت الطبية الخاصة من المسؤولية، من خلال الادعاء بعدم معرفتهم بحدوث الختان. لازم ده يتاخد في الاعتبار، ويبقى مدير المنشآة مسؤول عن كل ما يجري داخلها خاصة لو ثبت انها ممارسة مستمرة متكررة بنفس المنشآة مش حالة واحدة.
– ثانيا: تغليظ العقوبات مش هو الحل الوحيد، لإن الختان بيحصل بسرية تامة، وبتواطؤ بين الطبيب أو الممرض، وأسرة البنت. في الأغلب مش بنعرف عن حالات الختان إلا في حالة إبلاغ الأهل عن الطبيب، بعد تدهور حالة البنت أو وفاتها مش بسبب الفعل نفسه.
– ده معناه إن معظم جرائم الختان ممكن تمر بدون عقاب، وتغليظ العقوبة لوحده مش كفاية طالما بيتم التهرب أصلا من الإبلاغ بتواطؤ من الأسرة بأغلب الحالات.
– ثالثا: قوة العمل المناهضة لختان الإناث (ودا تجمع لـ146 منظمة نسوية وحقوقية مصرية وحدت جهودها من أجل خلق آليات عمل جديدة تحد من ختان الإناث) عقبت بملاحظة مهمة على التعديلات، وقالت إن اعتبار الأسرة والطبيب شركاء في الجريمة، وبالتالي الاتنين بيتعاقبوا بالسجن. ده ممكن هوا اللي يخوف الأهالي أثناء التحقيقات، وبيخليهم يكذبوا ويتستروا على الجريمة اللي حصلت لبنتهم، لإنهم لو اعترفوا بالتفاصيل الحقيقية للواقعة، هيستجنوا مع الطبيب.
– فبناء على دا وجود عقوبة بالسجن على الأهالي مرتكبي الختان، بيكون عقبة أمام أي شخص لو حد بلغ عن إجبار رب الأسرة لفتاة من الأسرة على الختان مثلا، لإن هيخاف عليه من السجن. لذلك من الضروري التمييز بين عقوبة الطرفين بالسماح أو يكون فيه حافز قانوني للإبلاغ، زي مثلا انه يتقال لو المبلغ من الأسرة يتم إيقاف تنفيذ عقوبة الأهل أو تخفيفها مثلا.
– لسه فيه فرصة إن النقط والملاحظات دي تخضع للنقاش، خصوصا إن البرلمان لسه هيناقش التعديلات قبل ما يقرها في صورتها النهائية، وقبل ما تدخل حيز التنفيذ، فممكن الاستعانة بوسائل القياس العلمية زي استطلاعات الرأي لتحديد البدائل الأنسب، خاصة وإن مشكلة ختان الإناث مركبة ولها طابع ثقافي.
*****
– رغم محاولات كتير للقضاء على الختان، منها فتاوي الأزهر ودار الإفتاء بتحريم الختان، ورغم المناشدات الطبية من المؤسسات الرسمية المحلية والدولية، ظاهرة الختان لسه موجودة بسبب ثقافة مجتمعية خاطئة.
واتكلمنا بالتفاصيل عن الرأي الطبي للأضرار البشعة اللي بتسببها الجريمة دي وشرحنا ردود على بعض الشائعات والمعلومات المضللة اللي بتتقال ممكن تشوفوها بالبوست
ده:
– بشكل عام، تغليظ العقوبات لوحده مش هو اللي هيغير الثقافة المجتمعية اللي بتعتبر الختان شيء مطلوب.
– عشان كدا فيه مطالبات لكل الجهات المعنية في الدولة والمجتمع المدني بالمشاركة في وضع إستراتيجية وطنية جديدة لمناهضة ختان الإناث، واستحداث آليات جديدة للقضاء على الظاهرة دي، زي المناهج التعليمية، والمواد الإعلامية.
– للأسف التعامل الرسمي العملي في قضية الختان أحياناً مش بيظهر غير لما فتاة تموت أثناء الجراحة، وفي بعض الحوادث اللي بتموت فيها طفلة بسبب الختان، بنكتشف إن الطبيب ده معروف بإجراء الجريمة دي في المنطقة من سنوات طويلة.
– ليه مفيش أي جهة بتتدخل إلا لما ضحية تموت؟! وليه عمرنا ما شفنا حملات تستهدف المعروفين بالممارسة دي، وده بيكون اكتشافه أسهل في بعض الأماكن، خاصة في القرى والأرياف، لذلك على مفتشي الصحة دور كبير في استهداف الأماكن دي لغلقها قبل وقوع الجرائم دي، ودا هيحاصر الظاهرة بشكل ما لما يتطبق.
– كمان فيه ناحية مهملة بعض الشيء وهي الإناث اللي حصل لهم بالفعل عملية ختان، لازم يكون فيه برامج متخصصة ترعاها الدولة لجبر الضرر لمن تم تختينهن سواء عن طريق تقديم الدعم النفسي اللازم أو عمليات الترميم، وشفنا مؤخرا مبادرات مميزة في الملف ده.
– كذلك الأمر محتاج تفعيل أكبر لدور نقابة الأطباء في المحاسبة المهنية للأطباء الممارسين للجريمة دي، وكمان وزارة التعليم العالي تهتم بملاحقة أي حد يروج الجريمة دي أو يدافع عنها تحت أي مسمى لطلاب كليات الطب، ودا يعني ضرورة تكاتف المؤسسات لتطبيق مواد القانون عشان ميبقاش مجرد حبر على ورق.
– تعديلات مواد التجريم خطوة جيدة، لكن لازم نعرف إن أضرار الختان بكل أشكالها، سواء كانت جسدية أو نفسية، واللي ممكن توصل للوفاة، تستحق من الدولة والمجتمع اهتمام أكبر ومتواصل مش موسمي عند الحوادث فقط، ولازم يتم تكثيف حملات التوعية بطرق فيها مصداقية مش مجرد سد خانة.
*****