من حوالي أسبوعين نشرت الجريدة الرسمية قرار رئيس الجمهورية بتعديلات الجمارك الجديدة، اللي شملت خفض الجمارك على بعض السلع، وزيادتها على سلع أخرى.
– القرار الأخير أهميته أنه أول قرار يخص الجمارك بعد قرار التعويم، اللي كان حصل قبله آخر تعديل جمركي سنة 2016 تركز وقتها على زيادات الجمارك على سلع كتير في محاولة لتقليل الاستيراد، وبالتالي القرار الجديد ممكن يدينا مؤشرات حول التوجهات الاقتصادية الحالية، زي ما ممكن يدي إشارات للمستثمر الأجنبي.
– في البوست ده هنحاول نقدم ليكم نظرة موضوعية على التعديلات الجمركية الأخيرة، وإيه الآثار المحتملة ليها علينا كمواطنين.
إيه هي أبرز التعديلات اللي حصلت ؟
– من أبرز التعديلات استحداث بنود جديدة (اضافة سلع جديدة) في جدول الجمارك المصري زي السيارات الكهربية وتم اعفاء الأنواع دي من الجمارك تماما.
– وكمان تم منح اعفاءات لفئات السيارات الأقل تلويثا والأقل استخداما للوقود، على رأسها السيارات الهجينة (اللي فيها محرك غاز ومحرك كهرباء) بحيث السيارات الأقل من 1600 سي سي اتخفضت جماركها من 40% من قيمة السيارة إلى 30% (يعني خفض 25% من قيمة الجمارك)، أما الأكتر من 1600 سي سي اتخفضت من 135% إلى 100%.
وكمان السيارات اللي بتشتغل بالغاز تم زيادة الخصم المخصص ليها من 25% إلى 35%.
– بعض الأصناف الغذائية زي الأسماك والخضار والفاكهة وغيرها تمت إضافتها للجداول الجمركية زي مثلا أسماك التونة والسلامون بنسبة 5 %، وبعض أنواع اللحوم المستوردة بنسبة 30 %، وزيادة جمارك العصائر المستوردة اللي وصلت إلى 40%. ودا هيزود أسعار الأسماك واللحوم والخضار والعصائر المستوردة. وربما الغرض هوا دعم التصنيع المحلي للأنواع دي.
– من أغرب الزيادات هي فرض جمارك على مستلزمات تصنيع ألبان الأطفال بنسبة 2 %! يعني اذا كان ممكن نلقى تفسير لفرض جمارك على سلع مصنوعة زي البند السابق، فغريب جدا فرض جمارك على مستلزمات تصنيع محلي، وبالذات لسلعة حيوية زي ألبان الاطفال، وده هيؤدي لزيادة سعرها على الناس.
– أيضا تم فرض جمارك على ما تستوردها المنشآت الفندقية والسياحية بنسبة تصل ل 20 %، وده بيزود الاعباء في الاماكن ذات الخدمات السياحية في الوقت اللي السياحة مازالت متضررة بشكل كبير.
– حصلت تخفيضات جمركية على بعض الأدوات المكتبية زي الأقلام الجاف والرصاص والحبر وده ايجابي لصالح الأهالي في بداية العام الدراسي رغم انه كان أفضل لو ده حصل بدري شوية.
– شيء ايجابي جداً إن القرار نص على بنود مخصصة لتشجيع الصناعة المحلية، لو الاستيراد لكامل المكونات والتجميع في مصر يبقى التخفيض 10%، أما التصنيع المحلي أخد تخفيضات أكبر متقسمة فئات حسب نسبة المكون المحلي من 30 إلى 60%، بتزيد التخفيضات من 110 إلى 120% من نسبة التصنيع المحلي وبحد أقصى 90% من الضريبة على المنتج النهائي .. دي خطوة ايجابية للصناعات التجميعية مثلا توكيلات السيارات والأجهزة الكهربائية، وبتشجع المصنعين على زيادة نسبة المكون المحلي وعدم الاكتفاء بالتجميع.
– كمان اتفرضت اتفرضت 20% تعريفة جمركية على استيراد فلاتر المياه للاستعمال المنزلي، ودوي اللمبات، ولمبات الليد، وأجهزة تنبيه ضد السرقة.
ومرة تانية سؤال البديل .. اللمبات الليد الموفرة حاجة مهمة لتوفير الكهرباء وده هدف حكومي، لكن الانتاج المحلي حتى الىن لا يغطي كل حاجة السوق فليه ترفع جماركه؟ وارد ده متعمد لدعم استثمارات شركة فيلبس الجديدة اللي اعلنو في اغسطس نيتهم بدء انتاج لمبات الليد في مصر بانتاج 2 مليون لمبة في السنة تزيد إلى 4 مليون، وده ايجابي جدا طبعا، لكن لسه متحولش لواقع عشان تاخد اجراء استباقي.
– بشكل عام مينفعش نبص لموضوع زيادة الجمارك على سلع معينة بدون النظر لجوانب تانية زي مدى توافر بديل للسلعة المستوردة دي محليا، وكمان جودة وسعر السلعة المحلية .. لو هتصعب على المواطن انه يحصل على المستورد لازم البديل المحلي يكون فعلا متاح وبجود وسعر مناسبين.
وفي نفس الوقت تراعي ان ده لا يتجاهل استمرار وجود منافسة حافزة للتحسين للأفضل، وده بيترافق مع اجراءات تانية تشمل منع الاحتكارات والرقابة على الأسواق.
– كتقييم عام نقدر نقول ان قرارات الجمارك الأخيرة دي افضل نسبيا من قرارات 2016 اللي كان ليها أثر تضخمي أوسع، يعني زودت الأسعار، قد يكون القرار الأخير تأثيره أقل من حيث انه شمل تخفيضات وزيادات مش زيادات بس، وانه بالأساس متوجه لسلع محددة وحاطط في الحسبان الصناعة المحلية، لكنه برضه لا يمنع وجود بنود تضر المواطنين بزيادات مالية غير مبررة إلا برغبة جمع الاموال لسد العجز، أبرزها زي ما قلنا مكونات تصنيع لبن الأطفال.
– القرار الأخير اللي أصدره الرئيس كان مفاجئ وجه بدون التشاور مع الجهات المعنية زي لجنة الصناعة بمجلس النواب، والغرف التجارية، واتحاد الصناعات، وهما اللي المفروض دورهم مهم لأنهم الناس اللي عندها البيانات التفصيلية بحجم السلع المحلية وامكانات التصنيع، لكن اللي حصل انهم بيتناقشو بعد ما القرار طلع.
– في أسئلة تانية بتيجي مع زيادة التعريفة الجمركية علي أي سلعة وهو هل هيتأثر سعر المنتج المحلي منها؟ يعني هل زيادة سعر المستورد هيخلي المحلي كمان يزود أسعاره مادام منافسه زاد؟ وفي الحقيقة في سوق زي السوق المصري بدون أي إجراءات رقابة أحيانا بتكون دي النتيجة خاصة لو مفيش منافسة محلية قوية ببعض الفئات.
– حالياً العالم كله فيه إجراءات حمائية (زي الجمارك) عشان تحمي صناعتك المحلية، وفي حرب تجارية في العالم دلوقتي بين أمريكا والصين مثلا في الموضوع ده، فالمبدأ نفسه كويس خاصة لدولة نامية زينا، لكن القرار لازم يتم دراسته كويس بالجوانب اللي ذكرناها وغيرها، ويكون جزء من سياسة متكاملة مع مستجدات أوضاع التصنيع وجودته وسوق التجارة والاستيراد وبالتأكيد احتياجات المواطنين ورفاهيتهم.