– امبارح قدمت “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” شكوى رسمية للنائب العام، بسبب وقائع إساءة المعاملة والانتهاكات اللي بيتعرض ليها الأستاذ جاسر عبدالرازق، مدير المؤسسة.
– امبارح في نيابة أمن الدولة تم إحضار جاسر عبدالرازق من محبسه، وبحضور محاميه اشتكى من الانتهاكات اللي تعرض عليها، أمضى 4 أيام مسجون انفرادي من لحظة القبض عليه، ممنوع من الخروج من الزنزانة للتريض، بينام على سرير حديد بدون مرتبة! اتصرفله ملابس قماش دمور، واتمنع من الحصول على ملابس شتوية، واتصرفله بطانيتين “رقيقتين” واحدة بينام عليها مكان المرتبة وواحدة بيتغطى بيها، فكان بيشعر بالبرد طول الوقت وقال، ده غير انه اتمنع من شراء أي أكل من كانتين السجن، بالإضافة لحلق شعره بالإكراه، وهو شخص خمسيني العمر.
– محامين المبادرة طلبو من النيابة الذهاب لمكان حبس جاسر عبد الرازق، لتحديد المسؤولين عن المعاملة دي، وطالبوا بانتداب قاضي تحقيق لاستكمال التحقيقات، لأن نيابة أمن الدولة لم تتيح للمحاميين الاطلاع على محاضر التحريات ولا الانفراد بالمتهمين ولا أوراق القضية أي حد شافها حتى الآن!
– طبعاً الانتهاكات مخالفتة تماما لقانون ولوائح مصلحة السجون، لكن الحملة الإعلامية اللي شغالة على المبادرة باتهامات التخوين والعمالة مبتقولش “دولة القانون” و”سيادة القانون” لما يتم مخالفة القانون في حقوق مواطنين مصريين، ومحدش بيتكلم عن المادة 55 من الدستور اللي بتقول: “كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا فى أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحيًا”.
– حتى لائحة تنظيم السجون مفيهاش الشكل ده من الإيذاء البدني، بما فيه غرف الاحتجاز “شديد الحراسة” اللي لازم يتوفر فيها شروط صحية، ده غير ان النص بيقول إن من حق المتهم “تأثيث الغرفة” على حسابه طالما هو في فترة احتجاز “احتياطي” مش محكوم عليه، وده بيتيح للمسجون إنه يجيب على حسابه أدوات المعيشة اللي تشمل البطاطين وأدوات الطبخ وغيره، بالإضافة للأثاث القانوني اللي مفروض انه موجود أصلاً بالزنزان ، واللي فيه مراتب وبطاطين صوف، وغيرها من أدوات الحد الأدنى من المعيشة الغائبة عن زنزانة جاسر.
– للأسف كمان النيابة وقوات الأمن مسمحتش لأهالي المقبوض عليهم أو أصدقائهم برؤيتهم ولو حتى من أمام المحكمة، وأجبرتهم على الابتعاد بمسافة كبيرة عن المحكمة.
– من أغرب الأمور الهزلية في القصة إن التحقيقات شملت تقارير وبيانات المبادرة، واللي كان منها مثلا بيان في سبتمبر الماضي عن انتهاكات السجون، وبيوثق وقائع تشبه اللي حصل بالظبط مع جاسر، فإزاي حد بعدين يقولو دي معلومات ملفقة و “أخبار كاذبة” و”تشوه سمعة مصر”، إذا كان ده اللي حصل فعلا لشخص عليه كل الاهتمام الإعلامي والدولي ده فمابالنا بطبيعة الممارسات في السجون.
*****
التضامن الدولي مستمر
– على جانب تاني فحملات التضامن مع أعضاء المبادرة مستمرة في كل العالم، ويهمنا هنا نركز كمان على التضامن الشعبي والأهلي من دول زي الفلبين ونيجيريا وكولومبيا ولبنان والأرجنتين وجنوب أفريقيا وكينيا وإندونيسيا والهند، يعني مش بس أمريكا وأوروبا.
– مؤسسات قانونية كتير تضامنت مع المبادرة، زي مركز القانون والمجتمع بجامعة كيب تاون اللي هي الجامعة الأولى في جنوب أفريقيا.
– منظمة «Dejusticia» في كولومبيا، وهي واحدة من أكبر منظمات المجتمع المدني في أمريكا اللاتينية، أدانت الهجمة على المبادرة، بانها محاولة لإسكات أصواتهم وإرهاب المدافعين الآخرين.
– كمان أمهات بلازا دي مايو في الأرجنتين أصدرو بيان تضامن. أمهات بلازا دي مايو حركة من أمهات المختفين قسريا كانوا بيتظاهروا كل أسبوع في ميدان رئيسي في عاصمة الأرجنتين، للعثور على أبنائهم والمطالبة بمعرفة مصيرهم أثناء الحكم العسكري في الأرجنتين، ودي حركة ليها دور مهم في التحول الديمقراطي في الأرجنتين، وليها قيمة معنوية كبيرة جدا في كامل أمريكا الجنوبية.
– منظمة كاراباتان، واحدة من أهم منظمات المجتمع المدني الاشتراكية في الفلبين، أرسلت بيان تضامن، وطالبت السفير المصري في الفلبين بالإفراج عن أعضاء المبادرة.
– تحالف progreesive international واللي بيضم شخصيات فكرية مهمة على مستوى العالم زي “نعوم تشومسكي” والاقتصادي اليوناني “يانيس فاروفاكيس”، أصدرو بيان تضامن مع أعضاء المبادرة.
– منظمات مستقلة تانية زي “إي آي إيه” في نيجيريا و”المفكرة القانونية” في لبنان، وغيرهم كتير أرسلوا وأعلنوا بيانات تضامن ومطالبة بالإفراج عن نشطاء المبادرة.
*****
– نفهم عدم صحة الأكاذيب والدعاية اللي بيرددها الإعلام المصري وبيانات الخارجية المصرية، وإن كل التضامن الجارف ده من مؤسسات قانونية وأكاديمية وجمعيات مجتمع مدني “غير حكومية” في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية مش بس أمريكا وأوروبا، ده بينفي الكلام العجيب بتاع المؤامرة الأمريكية والأوروبية والغربية ضد مصر!
من ناحية الدول دي كلها صديقة لمصر واستقبلت الرئيس السيسي بعواصمها واستقبل قادتهم في القاهرة، والدول دي هيا أكبر مستثمر في الاقتصاد المصري، ومن ناحية تانية كل الدول دي استجابت بشكل رئيسي لرد فعل حركات أهلية ومدنية جواها زي نفس الحركات اللي تضامنت من دول أفريقيا وأمريكا الجنوبية.
– شفنا مؤخراً مظاهرات عالمية وقت قضية قتل الشرطة الامريكية للمواطن من أصل أفريقي جورج فلويد، وحصلت مظاهرات ضد ترامب حول العالم، أو مظاهرات ضد غزو العراق سنة 2003 وغيرها كتير.
دي طبيعة عالمنا النهاردة اللي بيؤثر ويتفاعل باللي بيحصل في مختلف الدول.
– مرة تانية وتالتة، مؤسسات المجتمع المدني بتعمل شغل مهم في أي مجتمع، سواء كانت بتعمل استشارات وأبحاث ودراسات بتقدمها لصناع القرار، أو بتتابع أوضاع حقوق الإنسان وتعلن تقاريرها للداخل والخارج، ومصر موقعة على اتفاقيات بالشأن ده بكامل إرادتها الحرة.
ده جزء من مواثيق الأمم المتحدة اللي مصر دولة مؤسسة فيها، وجزء من اتفاقات الشراكة المصرية الأوروبية، وغيرها كتير.
– إذاً الموضوع ملوش علاقة بالإرهاب، ولا بالعمالة للغرب زي مابيقول الإعلاميين المخبرين أحمد موسى ونشأت الديهي وغيرهم، والموضوع مرتبط بكراهية النظام المصري لملفات زي حقوق الإنسان أو الديمقراطية وغيرها من اللي بيتم التعامل معاها كأنها جرائم بحد ذاتها.
– وعشان كده مكانش غريب إنه مؤسسة بحثية جادة زي “المبادرة” الحكومة نفسها اجتمعت معاها مرات كتير، لمناقشة قوانين المجتمع المدني، أو ملف استرداد الأموال المنهوبة، أو قانون التأمين الصحي، واللي كلها أمور شاركت فيها المبادرة بجهد حقيقي واجتماعات رسمية في مقرات الحكومة أو في مقر المبادرة. وكمان المبادرة بيشارك في كتير من ندواتها علماء ومسؤولين من “الأزهر” لمناقشة ملف الإصلاح الديني، واللي حصلت فيه المبادرة على إشادات كبيرة من كل المشاركين!
فهل معقول إن الحكومة بعد سنوات من العمل العلني والمشترك ده تاخد بالها ان دي مؤسسة تدعم الإرهاب!!
– قضايا حقوق الإنسان وحريته هي فعلاً قضايا تهم الإنسان الحر في العالم كله، مش مجرد ملف بيتكلم فيه الرؤساء الغربيين زي مبيصورلنا الإعلام المصري الأمني، وللسبب ده المبادرة بتاخد كل القدر ده من التضامن الشعبي غير المسيس أكتر كمان من التضامن الرسمي من الحكومات، واللي لسه الدولة في مصر مش قادرة تستوعب إنه دي مش مؤامرات ولا استهداف، ولا حتى مجرد دعم لقيم إنسانية، ده كمان لصالح الاستقرار للبلد على المدى الطويل، بينما اغلاق كل الطرق السلمية وغلق عمل الأحزاب والمجتمع المدني والإعلام الحر دي كلها وصفة لمخاطر أكبر بكتير محدش يتمناها لبلده.