– في الشهر اللي فات اتقدم مقترح في البرلمان المصري، باستبدال الحبس الاحتياطي بسوار المراقبة الإلكتروني زي ما بيحصل في دول أخرى، في حالة سجناء الرأي أو الجنائيين بتهم بسيطة.
– المقترح ده اتعرض لكتير من التفاعل والتأييد أو الانتقاد، خاصة مع استمرار التقارير الدولية اللي بتنتقد الأوضاع الحقوقية وعلى رأسها السجناء السياسيين وأوضاعهم.
– في البوست ده هنناقش إيه أسباب المقترح والتجارب الشبيهة حول العالم؟ وإيه أسباب الموافقة والرفض؟ وإيه اللي ممكن يتعمل في الملف ده؟
*****
– المقترح ده قدمته نائبة الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وعضو لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب سميرة الجزار، إلى رئيس المجلس، للإحالة لرئيس الوزراء، ووزير العدل، ووزير الداخلية ووزير الإتصالات.
– المقترح فكرته تركيب سوار إلكتروني في قدم المحبوس احتياطياً من سجناء الرأ، وأيضا المحكوم عليهم بأحكام حبس وعقوبات بسيطة بقضايا الجنح، والغارمات، وكل من عليهم أحكام مراقبة، بهدف تحديد إقامتهم بدلا من الحبس.
– المقترح بيعني مراقبة حركة السجين وسهولة استدعائه للسلطات القضائية حال طلبه، وعملياً هيكون بمثابة نقل للمسجون من السجن لعزل منزلي.
– النائبة ذكرت مبررات كتيرة، زي إنه ده هيخفف من تكدس السجون، وكمان عشان توفير النفقات اللي بتتكلفها الدولة بالإقامة والحراسة.
– كمان الفكرة مفروض بتستهدف المحبوسين أثناء المرحلة الأخيرة لعقوبات السجن الطويلة، ولتوسيع قاعدة الإفراج الصحي لكبار السن واستبدالها بخدمة عامة مناسبة.
– النائبة قالت كمان إن المقترح بيخلي أصحاب الجرائم الخفيفة يبتعدو عن السجن مع المجرمين الأكثر خطورة وبالتالي يبقى في احتمال لإنهم يتعلموا الإجرام وتزيد الخطورة، مش الحد من الجريمة.
– كمان قالت ضمن مبررات المقترح، إنه ده هيستبدل العقوبات بعقوبات أكثر إنسانية، واستبدال للتدابير الاحترازية السالبة للحرية، بهذا الإجراء، وكمان هيمنع مصادرة حرية الإنسان بالحبس لمدد غير معلومة، دون محاكمة، وكمان هيمنع استخدام الحبس الاحتياطى كعقوبة مسبقة قبل الحكم القضائى.
– النائبة اقترحت إضافة نص لإستخدام السوار الإلكتروني للمادة الأولى في قانون تنظيم مراقبة البوليس رقم 181 لسنة 2020، وأكدت ان المقترح يتفق مع مواد بالدستور، ومع الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان اللي صدقت عليها مصر، وأصبح لها قوة القانون.
– النائبة ذكرت في مقترحها إنه ده معمول بيه في أكثر 40 دولة حول العالم.
*****
إيه ردود الفعل على المقترح ده؟
– خلينا نقول في البداية إن مجرد وجود خطاب بيتفاعل مع قضية السجون والحبس الاحتياطي من داخل البرلمان ده شيء إيجابي من النائبة ومن حزبها، لأنها قضية بتتعامل معاها دوائر في الدولة بحالة من الإنكار الدائم.
– رغم مرور فترة على المقترح، إلا إنه لا النائبة ولا المجلس أعلنوا عن أي شيء يخصه ده بالإيجاب أو السلب، وبالتالي هو خد بس انتشار إعلامي فقط.
– والمقترح رغم إنه محصلش عليه أي رد رسمي، قدم نوع من الجدل الإيجابي على مواقع التواصل، وتحديداً بين أهالي المسجونين احتياطياً وسجناء الرأي، ودا شيء متفهم إلى حد كبير.
جزء كبير منهم شايف إنه المقترح ده غير إنساني وغير عادل، لناس غير مذنبة ولم ترتكب جريمة، وناس تانية بتتفاعل مع الموضوع باعتباره أفضل بكتير من الحبس وظروفه السيئة وربما يخلي كتير من المسجونين يعيشوا مع أهاليهم جزء من الحياة الطبيعية ويدبروا بشكل ما تكاليف حياتهم وضروراتها زي العلاج بدل من حبسهم.
– من ناحية تانية الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية، تفاعل مع الموضوع من زاوية تانية، إن المقترح ده ربما ميزته الوحيدة إنه بيقول في سجناء رأي داخل مصر، وده طبعاً شيء تنفيه الدولة أول بأول.
– علما بأن الدكتور حازم اتسجن بعد مشاركته كمتحدث في حملة الفريق عنان، وخرج مؤخرا مع اجراء احترازي هوا الإقامة الجبرية.
*****
ممكن نشوف إيه في المقترح دا؟
– الأزمة ممكن تكون إنه فيه نسبة خلط في المقترح، بين مسألة الرقابة من خلال السوار الإلكتروني لشخص “مذنب” أخد إجراءات تقاضي طبيعية وعادلة، وفي هذا الإطار الفكرة قد تكون معقولة، وفعلاً ممكن تحقق أهدافها لما بنتكلم عن فئات زي الغارمات أو الجنح أصحاب المدد القليلة، ومراعاة الأبعاد النفسية والاجتماعية في العقوبة.
– لكن هنرجع نقول إن دا مش متوافر بالكامل في قصة المحبوسين احتياطياً أو سجناء الرأي، اللي فيها محاولة استخدام شكلي للقانون لاستمرار “حبسهم بدون سقف” رغم إن دا مخالف للقانون نفسه، وبل إجراءات التقاضي غالباً ما تشوبها مشاكل بتهدر حقوقهم، لذلك لما بيجي الحديث عنهم بيكون صعب تجاهل كل دا والتركيز فقط مع فكرة “السوار الإلكتروني”.
– لذلك المقترح محتاج توضيح وتفصيل، وبما إن فيه حديث عن “سجناء الرأي” يا ريت يشمل المنظومة كلها اللي بتحاكهم لرأيهم، مش فقط “شكل العقاب أو طريقته”.
– كمان شيء مفهوم إن فيه جزء من الناس تعامل مع القضية بشكل مختلف شوية، في ظل تردي الأوضاع داخل أماكن الاحتجاز وتكدسها وفي ظل وباء خطير، وكمان في ظل الإهمال الطبي اللي بيكون جوا السجون، وبيشتكي منه أهالي السجناء دايماً، وإن تقديم الأجهزة الأمنية أي تنازل في مساحة صغيرة قد يريح أهالي كثير من السجناء دول، ويكون مقدمة لنقاش أوسع فيما بعد.
– لكن حتى النوع ده من المقترحات لا يوافق هوى العقلية الأمنية الحالية في محاولة تخفيف المعاناة ووقف النوع ده من التسلط بحبس مواطنين مرتكبوش أي ذنب غير تعبيرهم السلمي عن الرأي السياسي، ده غير ناس مش سياسيين أصلا واتاخدوا بالغلط في قضايا سياسية.
– وضروري نعرف إن دي مش أول مرة تطرح الفكرة، لأن في 2019 طرحت من قبل رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان السابق، وكذلك من رئيس محكمة الاستئناف المستشار سامح عبد الحكم، اللي تقدم في وقت سابق بمشروع قانون بدائل العقوبات المقيدة للحرية بالنسبة للقضايا البسيطة، ومحصلش أي تحرك في أي اتجاه.
*****
– وللأسباب دي المقترح أثار غضب بعض أهالي المعتقلين اللي شافوا فيه نوع من محاولة تقرير حقيقة إن أبنائهم مجرمين أو مستحقين لأي نوع من العقاب.
– والغريب هنا إنه لا النائبة ولا متحدث باسمها أو اسم حزبها حاول يقدم رد منطقي أو تفاعل مع النقاط والمخاوف اللي تم طرحها، على اعتبار إنه جزء من الأداء البرلماني أو المعارض “الجاد” إنه النائب أو الحزب اللي بيقدم مقترح، لازم يشرح أسبابه ولازم يرد على أي نقاط سلبية فيه تثيرها الحكومة أو الإعلام أو المجتمع المدني أو المواطنين اللي بيخدمهم، ودي نقطة سلبية ومش مفهوم سبب غياب التفاعل الجاد والرد بمنطق ولو حتى من باب تطوير المقترح عشان أفضل تحقيق للغرض منه.
– الحقيقة إن طول الوقت فيه مطالبات حقوقية بإيجاد بدائل للحبس الاحتياطي المفتوح اللي بيستخدم كعقوبة حالياً مع أدوات أخرى زي “تدوير القضايا”، ودي أشياء تستحق النقاش أيضاً داخل البرلمان، وكان فيه مطالبات حقوقية كتيرة بالتوسع في الإفراج الصحي، والتدابير الاحترازية وغيرها، خاصة في ظل وضع كورونا الاستثنائي، وفيه مقترحات بتوصل للحكومة من المجتمع المدني، لكن للأسف لا يتم التجاوب معها، بل التجاهل وفقط.
– نتمنى إنه المقترح يجد استجابة جادة، وفي نفس الوقت يُعاد النظر في تفاصيله لأنه فيه جانب إيجابي بالفعل حقيقي متعلق بفلسفة العقوبة وبيراعي جوانب اجتماعية ونفسية مهمة وتجاربها الدولية الناجحة موجودة لكن دا للي ثبت عليهم تهمة ما أو ضمن عقوبتهم المراقبة، لكن في الجزء المتعلق بسجناء الرأي محتاجين نتكلم بالدرجة الأولى عن مبدأ الحبس الاحتياطي المفتوح وإجراءات التقاضي للسياسيين لو فيه نوايا جادة لأي إصلاح في الملف دا.
*****
– وبعيد عن المقترح ده وتفاصيله وردود الفعل عليه، فالحقيقة نتمنى وبنطالب دايماً إنه يتم الاستماع لصوت العقل، ويحصل تدخل في ملف سجناء، وعندنا أمثلة كتير أوي لأشخاص مرتكبوش جرائم غير تعبيرهم عن رأيهم أو محاولة العمل السياسي السلمي، زي “مجموعة الأمل” اللي كانو عايزين بس يتشرحوا للانتخابات، دي أمور لصالح المجتمع والدولة مش جرايم، خصوصا في بلد بتواجه أزمات كبيرة بتهددها وغير منطقي إنها متحاولش تلم شتات المجتمع في ظل حاجتنا لجهود كل المصريين.
*****