– النهاردة صدر آخر عدد من صحف المساء، والأخبار المسائي، والأهرام المسائي، الصادرة عن مؤسسات دار التحرير للطبع والنشر، أخبار اليوم، الأهرام على الترتيب.
– القرار كانت أصدرته الهيئة الوطنية للصحافة قبل أسبوع تحويل 3 إصدارات من الجرائد القومية المطبوعة لاصدارات الكترونية وده اعتبارا من منتصف الشهر الحالي.
– القرارات دي في حد ذاتها ممكن تتشاف أنها قرارات جيدة لتوفير اهدار النفقات، خاصة مع التحول اللي موجود في العالم في العشر سنين الأخيرة لللتركيز علي المحتوي الصحفي الالكتروني، وشفنا صحف عالمية ألغت أو خفضت من طبعها الورقي، لكن طبعا في سياقنا المصري الموضوع محتاج نظرة أبعد من كده شويه.
– ليه الجرائد القومية بتخسر ؟ وازاي ممكن تكسب ؟ ده محور كلامنا النهاردة عن الصحافة الحكومية في مصر؟
ليه الجرائد القومية بتخسر؟
– وقف اصدار النسخ الورقية للجرائد العريقة دي كان متوقع وخاصة مع الخسائر الضخمة المستمرة، وهو اتجاه موجود من سنوات بسبب تغير سوق الإعلان في مصر واتجاهه أكثر للتركيز علي المحتوي الالكتروني وعلي السوشيال ميديا.
– تكلفة إصدار الصحف القومية دي حوالي 8 جنية للجرنال الورقي و12 جنية للأسبوعي للنسخة الواحدة بحسب الهيئة الوطنية للصحافة، طبعا التكلفة دي تضاعفت بالأساس عشان التعويم وزيادة أسعار استيراد الورق وبالتالي زيادة كلفة الطباعة.
– الجرائد القومية في مصر حوالي 55 اصدار من مجلات وصحف بتصدر من 8 مؤسسات مختلفة وبيتشغل فيها ما يقرب من 20 ألف موظف ما بين صحفيين واداريين.
– الصحف دي بتوزع كميات قليلة جدا، كل الجرائد الورقية في مصر بتبيع دلوقتي حوالي 300 ألف نسخة في حين أنه الرقم ده في 2011 كان 2 مليون نسخة ، الانخفاض الحاد والمستمر ده بسبب عدد من الأسباب منها الوضع بتاع الصحافة من حيث حرية التعبير واللي بقت فيها كل الجرائد قومية أو غير قومية كوبي بيست من بعضها ، الوضع السياسي اللي مش مخلي الناس مهتمة بالسياسة أو بالاقتصاد بالإضافة طبعا لأنه الناس بقت بتعتمد بشكل أكبر علي السوشيال ميديا والمواقع في الحصول علي أخبارها.
– ديون المؤسسات القومية في مصر حوالي 19 مليار جنية ودي ديون متراكمة من سنوات بدون أي خطط تطوير حقيقة.
– الجرائد والمجلات القومية دي تاريخيا كانت في جزء منها ترضية للجماعة الصحفية وخاصة مع المزايا اللي بتيجي معاها زي دخول النقابة، لكن زمان بوجود هامش حريات وبوجود صحفيين مهنيين كان فيه محتوى مفيد للجمهور، وبيتم الاقبال عليه، لكن مع الوقت وغياب التطوير ومغادرة كتير من الكفاءات للعمل بالصحف الخاصة أو القنوات تكلست وتحولت لمكان فيه بطالة مقنعة بينشر بيانات حكومية ولا يقدم أي صحافة حقيقية.
– أغلب الصحف القومية عندها أصول مالية كبيرة، ومطابع وأراضي غير مستغلة في أماكن مميزة، وشركات دعاية وإعلان. لكن إدارة غير المتخصصين ليها خلاها توصل للوضع ده.
– لكن أوضح سبب بيخلي الصحف كلها تخسر وتحديدا الصحف القومية، هو بالتأكيد إن مفيش محتوى بيتقدم. الصحف القومية معروفة من زمان إن مساحة أي آراء مختلفة فيها قليلة جداً، وبالتالي هي أقرب لنشرة دعاية للحكومة طول الوقت، وحتى التغطية الخبرية فيها منقوصة ومتأخرة وبتخضع لرقابة ومصداقيتها أقل. ومع وفرة الإنترنت والسوشيال ميديا، ومعرفة الأخبار في لحظتها طبيعي الناس تتجاهل شراء الجرائد.
ازاي ممكن نطور الصحف القومية ؟
– الحقيقة أنه الصحافة الورقية كلها حول العالم بتواجه تحدي، وفوق ده الوضع بالنسبة للصحف القومية المصرية صعب جدا، كبر عدد المؤسسات والعاملين فيها بيخلي أي محاولة للتطوير لازم يكون لها تكلفة مالية كبيرة، لكن ولأن الصحافة شيء شديد الأهمية لأي مجتمع فلازم تكون موجودة.
– بالتالي الخطوات اللازمة لتطوير الصحافة في مصر مش الصحافة القومية فقط لازم أولها هو الوصول لحل بمسألة مدي تدخل الأجهزة الأمنية في المحتوي الصحفي.
– شوفنا من 2015 بداية احتكار أوسع للدولة والأجهزة السيادية للمجال الإعلامي وبقت الصحافة والاعلام كلها عبارة عن سكريبت واحد بيتوزع علي الجميع، وبالتالي الناس مع الوقت فقدت ثقتها في الصحافة والاعلام، وحتى العديد من الوسائل دي فقدت القدرة إنها تقدم تسلية أو إفادة بمحتوى غير سياسي خالص.
– خطة تطوير الصحافة القومية أو الصحافة بشكل عام لازم يكون فيها الخطوات دي :
1- رفع ايد الدولة والأجهزة السيادية عن الصحافة وإتاحة قدر أكبر من حرية التعبير والابداع.
2- إعادة هيكلة الصحف دي بما يضمن تولي صحفيين أكفاء للمناصب فيها مش تكون بالاختيارات الأمنية.
3- تطوير المحتوي الصحفي في الإصدارات الورقية والالكترونية للصحافة، الإصدار الالكتروني ده ممكن يكون مصدر دخل عبر الإعلانات الالكترونية أو محتوى الفيديو على قناة يوتيوب.
– ده غير إن فيه فنون صحفية للمحتوى الورقي تخليه يتميز بعيد عن السباق لسرعة النشر اللي مكانها الالكتروني، زي: أ- مقالات الرأي المميزة لكتاب ومثقفين كبار.ب- التحقيقات الاستقصائية اللي ممكن تاخد شهور وسنين لكشف مواضيع تهم المجتمع أو قضايا فساد. ج- التحليل المتعمق للأخبار بزوايا جديدة. د- انفرادات خبرية حصرية خارج التغطيات الخبرية المعتادة اللي أكيد الانترنت أسرع فيها. هـ التصميمات المبتكرة لشكل ومحتوى العنواين اللي بتخلي العدد نفسه تذكاري زي ما بعض العناوين الرياضية لجريدة المساء الجمهور فاكرها لحد دلوقتي
4- وضع خطة لهيلكة ديون المؤسسات القومية والتخفيض التدريجي لعدد العاملين الإداريين غير الصحفيين في المؤسسات دي واللي هما نسبة معتبرة من العاملين.
5- وضع خطة لاستغلال الأصول الكثير غير المستغلة للمؤسسات الصحفية القومية دي، سواء من خلال الهيئة الوطنية للصحافة أو من خلال الصندوق السيادي، بشرط إنها تتوجه لصالح المؤسسات نفسها وبشراكة العاملين ونقابة الصحفيين.
– لو حصلت الخطوات دي مع الوقت حنلاقي الصحافة ليها دور فعال في مصر وده فائدة للجميع لأنه الصحافة هي أحد ركائز محاربة الفساد والمشاركة المجتمعية في محاربة الفساد.
– الدعم اللي بتتلقاه الصحف القومية، ومخليها تستمر، مش جي غير من أموال الشعب ودافعي الضرائب، وعشان كده لما يكون المواطن فوق تحمله من جيبه الخساير دي كلها، كمان مش بيحصل خدمة صحفية محترمة، يبقى الأمر محتاج رقابة ومحاسبة.
– مهنة الصحافة في مصر محتاجة إنقاذ عشان المجتمع يستفاد منها بجد، وده مش هيحصل غير بالحرية، ومنع حبس الصحفيين ورفع السيطرة الأمنية اللي قتلت صناعة الإعلام، وإلا فالقرار ده عمره ما هيوقف نزيف الخساير.