– الأسبوع اللي فات وجه قاضي التحقيق في قسم ” الجرائم ضد الإنسانية” في المحكمة القضائية في باريس اتهامات لمسؤولين من شركتي “أميسيس” و”نيكسا تكنولوجي” في قضية بيع معدات مراقبة تكنولوجية للسلطات في مصر وليبيا سنة 2010.
– الاتهامات اللي اتوجهت لمسؤولي الشركتين كانت “التواطؤ في أعمال تعذيب واختفاءات قسرية فيما يتعلق بليبيا ومصر، على الرغم من مرور سنين على الصفقات دي.
– ليه التحقيقات دي بتحصل؟ وإيه المتوقع منها؟ وليه الإعلام عندنا مبيتكلمش عن الموضوع ده؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده.
– آخر مستجد كان يوم الخميس لما أعلنت وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن مصادر مطلعة على الملف إن تم توجيه تهمة “التواطؤ في أعمال تعذيب” إلى شركة “أميسيس” الفرنسية على خلفية الاشتباه في توفيرها معدات تجسس إلكتروني لنظام القذافي.
– المصادر دي قالت إن لائحة الاتهام وجهت إلى شركة الهندسة في 18 يونيو اللي فات، بعد فتح تحقيق قضائي سنة 2013 على خلفية اتهامها ببيع برنامج يسمح بتعقب معارضين ليبيين لنظام القذافي بين العامين 2007 و2011.
– يوم التلات 22 يونيو صدر بيان من الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، البيان اتكلم عن تحقيقين قضائيين منفصلين فتحتهم المحكمة القضائية في باريس بعد شكاوى من الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ورابطة حقوق الإنسان بدعم من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
– قاضي التحقيق وجه اتهامات بالتواطؤ في أعمال تعذيب لصالح النظام الليبي السابق لرئيس شركة ” أميسيس” فيليب فانييه، ووجه اتهامات برضه لكل من أوليفييه بوبو رئيس شركة ” نيكسا تكنولوجي”، ومديرها العام رينو روك ورئيسها السابق ستيفان ساليس، بالتواطؤ في أعمال تعذيب واختفاء قسري في مصر.
– ظهرت القضايا دي سنة 2011 مع بداية ثورات الربيع العربي بالتحقيق في الأمور المتعلقة بنظام القذافي في ليبيا، عبر تحقيق صحفي من جريدة ” وول ستريت جورنال” الأمريكية، لكن تم فتح تحقيقات جديدة سنة 2017 بيستهدف مسألة بيع شركة ” نيكسا” برنامج معلوماتي من صناعتها باسم ” سيريبرو” بيستخدم في تتبع المعارضين.
– الصفقة اللي عملتها شركة ” نيكسا” حصلت في مارس 2014، ونشرتها مجلة ” تيليغراما” في تحقيق صحفي عن بيع “نظام تنصت بقيمة عشرة ملايين يورو” لتتبع المعارضين في مصر.
– برنامج ” سيريبرو” اللي حصلت عليه مصر بيتيح تعقب الاتصالات الإلكترونية بشكل فوري لأي جهة مستهدفة انطلاقا من بريدها الإلكتروني أو رقم هاتفها، وبالتالي يسهل عملية رصد الاتصالات والرسائل في حال اختراق التليفون أو الايميل، وده نسخة محدثة من البرنامج اللي باعته شركة ” أميسيس” للنظام الليبي السابق واللي كان اسمه “ايغل”.
– وبحسب الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان التحقيق بيتضمن مراجعة العقود اللي اتعملت وبنودها، خاصة مع إثبات استخدام النظام في مصر للبرامج دي في تعقب المعارضين السلميين والتجسس عليهم وحبسهم لاحقًا، وهو ما يخالف الهدف المعلن لمكافحة الإرهاب.
– وبالنسبة لليبيا استمع القضاة لضحايا تم تعذيبهم على إيد نظام القذافي بسبب برنامج التجسس ” ايغل” واللي دخل ليبيا في إطار العلاقة الجدية بين ساركوزي والقذافي واللي كان فيها رشاوي من القذافي لساركوزي في القضية الشهيرة اللي اتحكم فيها بإدانته.
– وأقرت أميسيس وقتها بأنها زودت نظام القذافي بـ “مادة تحليلية” متعلقة بـ”اتصالات الانترنت”، وقالت إن العقد اتوقع في إطار “تقارب دبلوماسي” مع ليبيا في ظل رئاسة نيكولا ساركوزي.
– كمان مع زيادة التحقيقات الخاصة ببرنامج ” سيريبرو” وشركة ” نيكسا” بدأت التحقيقات في عقود بيع للبرنامج ده للسعودية، وارتباطه بالتجسس على المعارضين والصحفيين والنشطاء خارج المملكة.
*******
هل دي أول مرة يتنشر فيها عن شراء تكنولوجيا للتجسس؟
– بشكل عام دي مش أول ولا آخر تحقيقات تتفتح أو يعلن عنها في فضايح تجسس ومراقبة للمعارضين في مصر أو الأنظمة العربية اللي مفيهاش ديمقراطية شبهنا.
– يمكن آخرها كان السنة اللي فاتت عن طريق لمنظمة العفو الدولية كشف عن برنامج تجسس إلكتروني ألماني، مستخدم في مصر لاستهداف ناشطين ومعارضين ومنظمات المجتمع المدني.
– كتبنا قبل كده عن برامج كتير اشترتها مصر بملايين الدولارات واليوروهات للتجسس سواء بشكل مباشر أو عن طريق دولة تانية بتنقلها التكنولوجيا زي الإمارات، منهم مثلاً البرنامج المشهور ” بيغاسوس” واللي طورته شركة NSO الإسرائيلية بتقدر من خلاله تكشف كل محتويات التليفون، بما فيها أجهزة الايفون اللي المفترض فيها نظام حماية أعلى.
– ونشرنا برضه قبل كده عن تحقيق للنيويورك تايمز في 2019، بيتكلم فيه عن برامج تجسس إسرائيلية وكانت بتستخدم تقنية إرسال رسايل إلكترونية أو تطبيقات مشبوهة لاختراق الهواتف وكشف الاتصالات، وده ثبت استخدامه في مصر لاستهداف معارضين بالاسم زي شادي الغزالي حرب وخالد داوود وحسن نافعة.
– التكنولوجيا دي اشترتها وزارة الاتصالات المصرية، لكن تم كشف السيرفر الرئيسي اللي بيتم إطلاق منه البرامج دي لاستهداف تليفونات المعارضين والصحفيين في مصر، وكان المقر بتاعه جهاز المخابرات العامة.
– خلينا نفكر بعض إنه الدستور بيمنع تماما التجسس على الهواتف والمراسلات، إلا بشرط وجود إذن قضائي مسبق متعلق باتهام محدد، لكن ده في مصر مبيتمش العمل بيه أبداً، ومفيش أي رقابة أو ضوابط عليه، وغالبا بنكتشف عقود برمجيات التجسس من خلال شغل تحقيقات الصحافة خارج مصر.
– مصر ليها تاريخ قديم في التجسس ده وبيتطور طول الوقت، نواب برلمان وصحفيين وسياسيين وقضاة وفنانين وشخصيات عامة كتير، كلهم بيكونوا تحت مراقبة التليفونات، بعضهم بيتم استهدافهم أكتر والتركيز معاهم أكتر في حال انخراطهم في النشاط السياسي وبالذات المعارض، ويمكن شهادة وزير داخلية مبارك حبيب العادلي بتقول كلام قريب من دا.
– التسجيلات دي بعضها بيستخدم كمبرر للحبس، وبعضها بيستخدم في التهديد والابتزاز بالسلوك الشخصي وشفنا ده اتكرر كتير قبل كده مع فنانين وسياسيين، وده للأسف سلوك قديم للأجهزة الأمنية من وقت قضية انحراف المخابرات الشهيرة برئاسة صلاح نصر.
– الدولة اللي بتحترم القانون والدستور مبتتجسسش إلا على أشخاص بيرتكبوا جرايم ومخالفات حقيقية للقانون وبإذن قضائي، لكن مبتطاردش أصحاب الرأي والمعارضين وتتجسس على حياتهم واتصالاتهم الشخصية طول الوقت.
– وللأسف ده أحيانًا بيكون سبب في حبس ناس وإيذائهم لشهور وسنين، وبتكاليف مالية عالية جداً لشراء كل برمجيات التجسس دي، وكمان تكلفة لاستهداف كل تليفون بتقنية حديثة لوحده، وده مختلف عن التجسس التقليدي بتاع زمان على التليفونات الأرضي.
– ممكن البعض يقول مهو طبيعي أي جهاز أمني في العالم بيتجسس على التليفونات وبيرصد الأنشطة الإرهابية، وده حقيقي طبعًا وصحيح، لكن زي ما قلنا في قانون ودستور بينظم النوع ده من العمليات عشان ميحصلش تجاوز من الشخص اللي يقدر يخترق التليفونات والحياة الخاصة للناس، وشفنا قبل كده برضه مكالمات تليفونية كتير كانت بتتذاع على الهواء عشان تنال من أشخاص ليهم رأي معارض، وده شيء في قمة انتهاك الحرية والكرامة الشخصية لكل بني آدم.
– للأسف بسبب تكميم أفواه الإعلام وعدم وجود أي هامش حرية مش بنسمع عن التحقيقات دي في وسائل الإعلام المصرية، وكأن القضية الموجودة في فرنسا دي حاليا مش موجودة.
– جانب آخر مفروض نسأل فين البرلمان من اللي بيحصل دا، مش المفروض النواب يسألوا عن تفاصيل القضايا المثارة دي، أو حتى يبقى فيه رد حكومي قدام المجلس، لكن الصمت والتجاهل من جانب البرلمان والحكومة هما الاستراتيجية في التعامل مع الموقف دا.
– الدول اللي كل سنة أو اتنين يطلع تحقيق يثبت تورطها في تعقب معارضينها ببرمجيات تجسس وانتهاك حرمة الحياة الخاصة بلا أي سند قانوني وبفلوس ضرايب المواطنين، لا يمكن يكون من حقها تستغرب ليه بتتوصف في أوساط صحفية وسياسية عالمية على إنها “دولة قمعية وديكتاتورية”، ويتقال ده تشويه لسمعة البلد.
– الحقيقة إن الكل لازم يقف ضد الممارسات دي، لأنها لو بتستخدم دلوقتي ضد خصومك، هيلف اليوم وتستخدم ضدك، وشوفنا دا كتير مع ناس كانوا مقربين من السلطة، لذا الوقوف ضد انتهاكات حياة الناس الشخصية وحريتهم شيء مش رفاهية أبدا.
– نتمنى إننا نعيش في دولة قانون مفيهاش الرقابة الأمنية إلا على اللي بيقوموا بجرائم حقيقية زي الإرهابيين، ويكون وفقاً للدستور والقانون، ويبقى من حق كل مواطن وأي حد بيشتغل في المجال العام إنه ميحسش بالرقابة الدايمة على حياته الشخصية.
**”بكتيبتين أعمل النت دايرة مقفولة”.. فيسبوك يغلق حسابات لشركة مصرية**
دولة التسجيل للجميع والابتزاز عند الحاجة
** تجسس واختراق موبايلات ولجان إلكترونية وحجب.. فيه وسيلة غير أخلاقية مستعملهاش السلطة في الحرب على الانترنت؟ **