– انتهت انتخابات نقابة الصحفيين اللي تمت الجمعة بعد اكتمال النصاب القانوني للجمعية العمومية للنقابة (25 % ).
– الانتخابات أسفرت عن المزيد من التراجع للتيار المحسوب على استقلال الصحافة. استمر ضياء رشوان في منصبه كنقيب الصحفيين.
– كل المرشحين المحسوبين على المعارضة أو الاستقلال خسروا، وعلى رأسهم عضو المجلس عمرو بدر رئيس لجنة الحريات، وخالد البلشي اللي تولى سابقا أيضا نفس اللجنة، والوحيد اللي فاز من هذا التيار كان محمد سعد عبدالحفيظ.
– النهاردة هنناقش ايه اللي ورا النتيجة دي؟ وايه تأثير ده علي وضع حرية الصحافة في مصر وعلى عامة المواطنين مش الصحفيين بس.
*****
– مجلس النقابة بيتكون من 12 عضو بيتم اجراء انتخابات التجديد النصفي علي نص المقاعد كل سنتين، الانتخابات دي اتأجلت أكثر من مرة بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني وبسبب تعقيدات قانونية وصحية بسبب أزمة كورونا.
– لكن في النهاية اتعملت الانتخابات وفاز ضيار رشوان بفترة تانية، علماً بأنه مستمر في الجمع بين منصب النقيب وبين منصبه كرئيس الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية، وعضو الهيئة الوطنية للصحافة.
– حصل ضياء رشوان على 1965 صوتًا، يعني حوالي نصف الأصوات، بينما حصل ستة منافسين ليه على النصف التاني. وواقعيا مكانش فيه منافسة جادة له، خاصة في ظل وجود انقسام بين المعارضين بين اللي قرروا يدعموا منافسه كارم يحيي وبين اللي قرروا دعم ضياء رشوان لأنه حسب رأيهم أنسب واحد يقدر يتفاوض مع الجهات الأمنية ويقدر يستخدم علاقاته للإفراج عن بعض الصحفيين المحبوسين.
– أيضار فاز عضو مجلس الشيوخ إبراهيم أبوكيلة من مؤسسة دار التحرير القومية، ومحمد خراجة (مؤسسة أخبار اليوم)، وحسين الزناتي (مؤسسة الأهرام)، بمقاعد العضوية فوق السن.
– أيضا فاز أيمن عبدالمجيد (مؤسسة روزاليوسف)، ودعاء النجار (مؤسسة التحرير)، ومحمد سعد عبدالحفيظ من صحيفة «الشروق» بمقاعد العضوية تحت السن.
– الانتخابات تمت تحت إشراف قضائي كامل بعض المرشحين اعترضوا على إجراءات اتطبقت لأول مرة في هذه الانتخابات بسبب إجراءات كورونا، زي ان الفرز تم في اللجان الفرعية مش تتجمع كل الصناديق بمكان واحد، وكمان جوا كل لجنة اتسمح بدخول 3 مندوبين بس، واتقدمت طلبات بإعادة الفرز، لكن بالمجمل محدش يقدر يقول إن ده كان مؤثر على النتيجة أو فيه دليل على تزوير في الأصوات.
– لكن تدخل الدولة كان واضح بأشكال تانية. دعم النقيب ضياء رشوان حصل عن طريق الإفراج عن 3 من الصحفيين المعتقلين قبل انتخابات النقابة مباشرة، لكن لما الكلام ده اتقال كتب بعدها على صفحته إن الدور ده واجبه وبيحصل طول الوقت ومش مرتبط بانتخابات وكتب بعض أسماء اللي ساهم مشكوراً في خروجهم.
– جزء مهم أخر من الحشد لضياء رشوان والقائمة المؤيدة للدولة في النقابة هو أنه رئيس الوزراء مصطفي مدبولي الشهر اللي فات أعلن عن زيادة بدل النقابة بنسبة 20% بتكلفة سنوية 60 مليون جنيه، ودعم صندوق المعاشات بالنقابة بعشرة ملايين جنيه، ودعم بدلات «إعانة البطالة» للصحفيين «المتعطلين»، بعشرين مليون جنيه، بتكلفة إجمالية 90 مليون جنيه، وده بداية من يوليو المقبل.
– مظهر تاني مهم هوا الحشد المباشر، اتكلم عنه محمود كامل عضو مجلس النقابة اللي قال في تصريحات لمدي مصر أنه تلقي شكاوي شفهية من عدد من الصحفيين بشأن ضغط إدارات المؤسسات الصحفية العاملين بها، عليهم للتصويت لقائمة بعينها باعتبارها تعليمات ضباط الأمن الوطني.
– لكن محمود لم يتقدم بشكوى رسمية ولا خد أي إجراء لأنه بحد تعبيره دي كلها شكاوي شفاهية مش رسمية.
– ده غير المؤسسات الصحفية الحكومية اللي جابت وجبات فاخرة لأعضائها رغم إنها مؤسسات تعاني من خسائر كبيرة، وكتلة أصوات الصحفيين في المؤسسات القومية دايما بتفرق جدا في النتيجة بحكم عددهم الضخم.
– أيضاً كان من المؤثر غياب عدد كبير من الصحفيين كبار السن بسبب إجراءات كورونا، بينما كتير من الصحفيين الصغيرين بيكونو أقرب للاستجابة للي توجههم له إداراتهم.
*****
ايه تأثير ده علي وضع الصحافة في مصر؟
– النقابات المهنية كلها بتعاني من سلطة الدولة وتدخلها في إختيار كل حاجة بتحصل جوه النقابات، لكن نقابة الصحفيين حالة خاصة لأن شغلها مرتبط بشكل مباشر بالوضع السياسي لأي بلد ومدى الحرية والديمقراطية فيها، والخدمة اللي بتقدمها بتوصل لملايين المواطنين بشكل مباشر.
–
– مش عيب ولا مشكلة أن النقابة تدافع عن حقوق صحفييها المادية أمام الدولة، سواء في البدل أو في التأمينات الصحية أو في أحقيه الصحفيين في معاشات وتأمينات جيدة.
– لكن المشكلة أنه يتم استخدام البدل الشهري ده كبديل عن حرية الصحافة واستقلاليتها، ويبقى مفهوم كدة ان البدل هيزيد لو جه نقيب أقرب للدولة، ولكن لو انتخبتو معارض المالية هتقول معندش اعتمادات، فدي مشكلة كبيرة جدا.
– الجماعة الصحفية محتاجة تفكر جديا في الوضع الحالي ومألاته عليهم في المستقبل خاصة أنه الصحافة المصرية بتمر بأزمات كبيرة ما بين مؤسسات قومية غير مقروءه، وتغيرات عالمية في الصحافة الورقة كلها، محدش في مصر قادر يلحق بيها إلا الصحافة المستقلة واللي هي مقصية بشكل ما أو بأخر من النقابة ومن تمثيل الصحفيين، وكتير من مواقعها محجوبة بأوامر أمنية خارج القانون مش بأي حكم قضائي أو إداري.
– وأيضا ما بين تغير أشكال العمل الصحفي واللي بقت بتعتمد علي الصحافة الإلكترونية والتحقيقات والوسائط المتعددة (الفيديو) وغيرها من التحديات، بينما قانون النقابة لسه مش بيستوعب العاملين الجدد بالمجالات الجديدة دي.
– مفيش حل هيكون بإيد الصحفيين وحدهم، لكن على الأقل مادامت بتحصل انتخابات فيها الصحفي بيدي صوته ومحدش شايفه بيصوت لمين يبقى منطقي كل مهتم باستقلال المهنة وحرية الصحافة يفكر في أنسب الطرق للوصول لزمايله، وفي حلول مبتكرة تجمع بين المطالب المعيشية والخدمات ومطالب الحريات.
*****
– طبعا لا غني عن التأكيد عن الوضع الحرج للحريات النقابية بشكل عام في مصر و تابعنا اللي حصل في السنين الأخيرة للنقابات هنلاقي تجييش وحشد لمرشحين مدعومين من الأجهزة الأمنية، حصل ده في الانتخابات العمالية وبانتخابات المهندسين والأطباء وغيرها، والهدف الأول منع أي تنظيم مدني عشان الحكم الأمني عايز الناس تفضل أفراد كل واحد لوحده لا يقدروا ينظموا نفسهم، ولا ليهم (مُمثل) لمطالبهم الحقيقية يقدر يمارس الضغط الجماعي أو التفاوض، لأن ده معناه الشراكة، وده مش مطلوب بالحكم الأمني اللي عايز الكل “يسمع كلامه هوا بس
– حالة نقابة الصحفيين تحديدا الوضع ليه خصوصية، لأن الصحافة مفيدة لكل المجتمع مش قضية فئوية للصحفيين، من أصغر مواطن عنده مشكلة في الحي ونفسه مسؤول يشوفها ويحلها، وقضايا الفساد اللي بتكشفها الصحافة سواء فساد في مصنع لانشون أو فساد في تزوير انتخابات، ولحد أكبر القضايا الاقتصادية والسياسية.
– وللأسف مصر في مراكز متدنية جداً في مؤشرات حرية الصحافة والاعلام، ومن أعلى الدول في حبس الصحفيين في العالم، ومفيش تشويه لسمعة مصر أكتر من وجودنا في قاع التصنيفات دي.
– ده غير ان الإعلام اللي بتديره جروبات واتساب بيفقد المصداقية عند المشاهد وياما شفنا المشاهد المصري بيدور على أخبار في قنوات بالخارج لما ميلاقيش الخبر في أي قناة أو موقع مصري لو التعليمات اتأخرت.
– بالتالي الوضع السيء ده بيتطلب إعادة تفكير مننا كلنا من الحكومة، ومن المواطن العادي ومن الجماعة الصحفية بشكل خاص في مصر حوالين مألات الوضع ده ولإمتي ممكن يستمر كدة؟
*****