– يوم السبت اللي فات كان التاريخ المحدد لقفل باب الترشيح لمجلس النواب رسمياً.
– نشرنا من حوالي شهر بوست مفصل عن انتخابات مجلس الشيوخ، والنهاردة للأسف بنشهد في مجلس النواب تكرار لنفس المشاهد المؤسفة، وظواهر جديدة سلبية بتفرغ الانتخابات من معناها بطريقة محصلتش في تاريخ مصر قبل كدة.
– هنتكلم معاكم بالتفصيل ايه نظام الانتخابات النيابية السنادي؟ وإيه اللي بيحصل في كواليسها لاختيار المرشحين؟ وإيه انعكاس اللي بيحصل علينا؟ وإيه اللي بايدنا نعمله كمواطنين؟
*****
ايه نظام انتخابات النواب؟
– الانتخابات الحالية الهدف منها انتخاب 568 نائب، نصهم فردي (284 نائب)، ونصهم بنظام القوائم المغلقة، ويتضاف عليهم تعيينات رئيس الجمهورية 5٪ من الأعضاء (28 عضو) يبقى الإجمالي 596.
– تم تقسيم الجمهورية لأربع قوائم جغرافية في القائمة هي:
1- دائرة القاهرة وجنوب ووسط الدلتا (100 مقعد) وتضم ست محافظات هي القاهرة والقليوبية والدقهلية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ.
2- دائرة الصعيد (100 مقعد) وفيها الجيزة وال10 محافظات الأخرى بالصعيد.
3- دائرة شرق الدلتا (42 مقعد) وفيها 7 محافظات هما الشرقية ودمياط ومحافظات القناة وشمال وجنوب سيناء.
4- دائرة غرب الدلتا (42 مقعد) وفيها الإسكندرية والبحيرة ومطروح.
– الانتخابات هتتم على مرحلتين: الأولى لمحافظات الجيزة والصعيد وشرق الدلتا، واللي هتتم من 21 – 23 أكتوبر للمصريين بالخارج ويومي 24 و 25 في الداخل، والإعادة بعد شهر تنتهي 24 نوفمبر.
المرحلة الثانية في محافظات القاهرة ووسط وشمال وغرب الدلتا، وهتتم في الخارج من 4-6 نوفمبر وفي الداخل 7 و 8 نوفمبر، والإعادة بعد شهر، ليكون آخر يوم بالانتخابات 9 ديسمبر.
*****
ليه كل الأحزاب المعارضة كانت رافضة نظام القوائم المغلقة؟
– نظام القوائم المغلقة هو نظام سيء جدا للانتخابات، ومبيتطبقش غير في 4 دول بس في العالم كله.
– لأنه معناه ان القائمة بتنجح كلها بغض النظر عن مين فيها أو ترتيبهم! يعني لو في قايمتين بيتنافسوا وواحدة خدت 51% والتانية خدت 49% فالقايمة الثانية تخسر كل المقاعد، والأولى تكسب كل المقاعد، يعني إهدار لأصوات نص الناخبين، وده نظام غير عادل تماماً انتخابياً، ولما يتضاف ليه تدخل الدولة كمان بيحول الموضوع لمجرد تعيينات.
– العرف في الأنظمة الديمقراطية أنه الانتخابات بنظم القائمة النسبية أو بالنظام الفردي، لكن القائمة المغلقة دي هي سمة الانتخابات في النظم الدكتاتورية.
*****
إزاي تم التحضير لإنتخابات مجلس النواب؟
زي ما حصل في انتخابات مجلس الشيوخ، الأجهزة الأمنية اللي هيا الأمن الوطني والمخابرات العامة كانت هي المسئولية عن صياغة الانتخابات، وتحديدا تشكيل القائمة الوطنية كان مسئول عنه بشكل مباشر الأمن الوطني.
– القائمة الموحدة دي ضمت 12 حزب معظمهم من الأحزاب المؤيدة للنظام وهما مستقبل وطن، الوفد، حماة الوطن، مصر الحديثة، الشعب الجمهورى، التجمع، إرادة جيل، الحرية المصرى، المؤتمر.
– بالإضافة لثلاث أحزاب من المحسوبين علي المعارضة وهما حزب الإصلاح والتنمية (محمد أنور السادات )، المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب العدل، ده بالإضافة لتنسيقية شباب الأحزاب اللي النظام واضح أنه قرر يضع فيها بعض الاستثمار السياسي في الفترة الأخيرة، وشفنا دخول أعضاء منها في حركة المحافظين ونواب المحافظين اللي فاتت ومجلس الشيوخ.
– لكن الجديد إنه في مجموعة ظواهر خاصة بالانتخابات دي هنستعرضها:
– أولاً:
الأزمة الكبيرة في إدارة القائمة دي كانت في تقسيم المقاعد بين مستقبل وطن والأحزاب الأخرى واللي حرفياً كان مليان مهازل، أكبر مثال فيها اللي حصل في حزب الوفد، واللي نظرياً هو أقدم حزب، وحزب مؤيد للسلطة ومعندوش خلافات تذكر معاها، حزب الوفد كان يطمح في 40 مقعد من ال 284 مقعد، واللي هو رقم مش كبير أوي، لكن اللي حصل إنه اتعرض عليه 14 مقعد فقط منهم 6 بس من الوفد والباقي أعضاء في مستقبل وطن هيغيروا الصفة الحزبية وينضموا بالفرض لحزب الوفد، ودي طبعاً مهزلة وفضيحة سياسية لأي حزب!
– ده خلى الهيئة العليا للحزب تجتمع وتاخد قرار الانسحاب من قائمة مستقبل وطن، وتقرر إجراء انتخابات مبكرة علي رئاسة الحزب في بداية الشهر الجاي، واللي هو عملياً بينهي وجود بهاء أبو شقة في رئاسة الوفد، لكن في اللحظات الأخيرة مرشحي الوفد قدموا في القايمة بدون وضوح لموقف الصفة الحزبية لحد اللحظة دي.
– ثانياً:
عندنا كمان ظاهرة سيئة جداً وغريبة جداً، وهي التوريثات العائلية، يعني مثلاً كان جزء من اعتراضات الهيئة العليا في حزب الوفد هو إصرار بهاء أبو شقة على وضع بنته “أميرة” ضمن الترشيحات، وبالفرض المباشر مش بترشيحات الحزب للكفاءات والكوادر.
نواب ورجال أعمال كتير جابوا ولادهم عشان يستفيدوا عملياً من الكوتة، سواء الشباب أو ذوي الإعاقة، وطبعاً كوتة المرأة اللي هي 50% من إجمالي القايمة.
– بقى عندنا ناس معندهاش أي تاريخ معروف للعمل السياسي لكن هيبقوا نواب في البرلمان لأسباب عائلية بحتة، وعن طريق القايمة، يعني عملياً محدش هينتخبهم، مثلاً سحر (طلعت مصطفى)، وأميرة (بهاء أبو شقة)، ومحمد (تيسير مطر)، ماهيتاب (محمد عبدالهادي)، عباس (السادات)، وغيرهم كثير جداً.
– ثالثاً: ظاهرة النائب المتنقل:
– نتيجة العيب في النظام الانتخابي والدوائر الكبيرة، حصل خلل في التمثيل السياسي للمحافظات، مثلاً في مرشحين كتير من القاهرة والجيزة، وفي النهاية تمثيل القاهرة والجيزة جغرافياً ليه حدود، فالحل اللي لجأت ليه الأجهزة وحزب مستقبل وطن إنهم ينقلوا محلات الإقامة للمرشحين لمحافظات تانية، بعضهم ليه أصول فعلاً في المحافظات دي، وبعضهم ميعرفهاش نهائياً، والأمثلة على ده كتير:
– محمد الجارحي أمين شباب مستقبل وطن نازل كمرشح عن محافظة الفيوم وهو متربطوش علاقة بالمحافظة نهائياً لكن ده حصل بسبب الزحام في قايمة الجيزة.
نفس الوضع مع علاء عصام عضو تنسيقية شباب الأحزاب اللي نزل كمرشح عن أسيوط رغم إن محل إقامته وإقامة عيلته الجيزة.
نفس الأمر مع مصطفى بكري اللي هو كان نائب عن حلوان لفترات طويلة في حياته، هنلاقيه مرشح في قائمة الجيزة بدل القاهرة، والأمثلة كتير على المشاكل من النوع ده، واللي سببها مشكلة النظام الانتخابي وطريقة إدارة الانتخابات من الأجهزة، واللي للأسف بيظلم محافظات كتير إنه يبقى ليها عدد أقل من النواب.
– رابعاً: تسعيرة الكرسي:
– من الظواهر الفريدة جداً في الانتخابات الحالية هو الحجم الكبير لرجال الأعمال في نظام القايمة، وده مش بس عشان الترضيات الاجتماعية، لأ عشان في أحزاب قررت تبيع مقاعد القايمة للي يدفع أكتر، لأنه كرسي مضمون نجاحه بدون تعب أو شعبية حقيقية، فبقى في مزاد في كتير من الأحزاب وعلى راسهم مستقبل وطن والوفد والشعب الجمهوري على مين يدفع أكتر عشان ياخد المقعد، والمزاد بدأ ب 3 مليون ووصل لأرقام فلكية يقال 40 و 50 مليون جنيه من بعض رجال الأعمال الكبار في بعض مقاعد القايمة، وده طبعاً عمل أزمات كبيرة في مستقبل وطن نفسه اللي حصل فيه استقالات كتيرة بسبب المتاجرة دي، أو في حزب الوفد اللي رئيس الحزب كان عامل المزاد علني (اللي يدفع أكتر هياخد الكرسي) وهنشوف في تشكيل المجلس ده أغلبية كبيرة جداً من رجال الأعمال اللي بيحاولوا يدافعوا عن مصالحهم ووضعهم الاجتماعي وامتيازاتهم، لكن ملهمش اهتمام بمشاكل المواطنين ولا قضاياهم.
– خامساً: استبعادات كاملة:
– انتخابات النواب غاب فيها أي تمثيل يذكر لحزب النور، رغم تأييده للنظام الحالي وعدم افتعاله أي مشاكل أو اعتراضات حتى في ظل القبض على بعض أعضائهم وممارسة تضييقات عليهم في انتخابات الشيوخ اللي مفازوش فيها بأي مقعد، وفي الأغلب النهج ده مستمر معاهم في مجلس النواب، ومنعرفش هل كده انتهى دور حزب النور في النظام الحالي وهيغادروا السياسة كلها ويرجعوا للدعوة بس، ولا ده وضع مؤقت أو وارد يحصل تغيير باللحظة الأخيرة.
– نفس الأمر حصل مع حزب الغد اللي بيرأسه موسى مصطفى موسى، المرشح اللي نزل قدام السيسي في انتخابات الرئاسة 2018 بعد انسحاب كل المرشحين، واللي كان هو وحزبه متصورين إنهم هياخدوا نسبة مقاعد كبيرة كترضية عن دور “المحلل” ده، لكن النتيجة إنهم خدوا صفر مقاعد في الشيوخ، وصفر مقاعد في قوائم النواب ووارد مياخدوش مقاعد في الفردي، وده ملوش تفسير سياسي واضح رغم استمرار دعم الحزب للنظام، لكن الواضح إنه دورهم انتهى.
– سادساً: محاولة المنافسة:
– من الأول خالص حصل مشهد غير مسبوق بالقبض على مجموعة “قضية الأمل” السنة اللي فاتت، وبنعيد التذكير انهم أعضاء أحزاب سياسية حاولوا بس يجتمعوا لعمل قائمة انتخابية اسمها “قائمة الأمل”، فاتسجنوا من وقتها!
أبرز الأسماء زياد العليمي النائب السابق وعضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي، وحسام مؤنس مدير حملة حمدين صباحي سابقا، ده غير ناس ملهاش أي علاقة اتضافت للقضية زي رجل الأعمال والخبير الاقتصادي عمر الشنيطي.
– حصلت مؤخرا محاولات لتشكيل قوائم منافسة، منهم محاولة برعاية اللواء طارق المهدي محافظ الاسكندرية السابق، لكن مش معروف مين التكتلات اللي كان بيعتمد عليها، لكن المحاولة الأبرز شوية كانت برعاية حزب المحافظين اللي بيرأسه رجل الأعمال أكمل قرطام، وشكلوا قائمة اسمها “الاختيار” مع 4 أحزاب هم: الاتحاد (اللي بيرأسه حسام بدراوي)، مصر المستقبل، حراس الثورة، العربي الناصري. لكن من الواضح إنه المحاولة دي منجحتش إلا في قايمة غرب الدلتا فقط.
– المختلف في الانتخابات دي عن الشيوخ هو مشاركة أكبر من أحزاب المعارضة (الحركة المدنية الديمقراطية) في الانتخابات، سواء مع قائمة مستقبل وطن، زي المصري الديمقراطي والعدل والإصلاح والتنمية، واللي مبررهم إنه المشاركة والاشتباك أفضل من المشاهدة، وإنه ده ممكن في المستقبل يحسن الوضع السياسي بشكل عام حتى لو خدوا مقاعد قليلة.
– أما باقي أحزاب الحركة المدنية زي ” الدستور – العيش والحرية – الكرامة – التحالف الشعبي) اللي كانت قاطعت الشيوخ قررت المشاركة في الانتخابات، وكان في محاولة للانضمام لمحاولة قائمة المحافظين لكن فشلت، وهي أحزاب معندهاش قدرات مالية تساعدها على عمل قايمة لوحدها، وقررت تدخل الانتخابات على المقاعد الفردية لكن بعدد مش كبير ومش منتظر إنها تكون مشاركة مؤثرة.
*****
إيه خطورة اللي بيحصل؟
– مجلس النواب مفروض انه وسيلة “الديمقراطية التمثيلية” لعامة المواطنين، اللي عبرها يقدروا يمثلوا مصالحهم، وينتخبوا اللي يوعدهم بالضغط لصالح قرارات وقوانين معينة سواء تخص محافظاتهم أو تخص مصر كلها.
– مجلس النواب هوا أداة التشريع والرقابة، وسلطاته تصل لعزل الوزراء وحتى محاسبة الرئيس، لكن للأسف كل ده بيتم تفريغه من محتواه.
– الضرر مش بس على عامة المواطنين اللي بيتم استبعادهم من الشراكة بالقرارات الخاصة بيهم، وده بالتزامن مع غياب انتخابات المحليات، كمان الضرر على السلطة نفسها اللي ممكن تلاقي نفسها أمام احتجاجات في الشارع زي ما حصل في العديد من القرى مؤخرا لإن الناس مش لاقية قناة رسمية سلمية توصل بيها صوتها.
*****
نشارك ولا نقاطع؟
– موقفنا الثابت في صفحة الموقف المصري كان هو الدعوة للمشاركة في أي انتخابات باعتبارها الوسيلة المتاحة امام المواطن الفرد يعمل أي فعل إيجابي، مادامت المقاطعة مش بتمثل أي فايدة واضحة أو تقدر توصل رسالة سياسية في الظروف دي.
قولنا ده وقت الانتخابات الرئاسية لما دعينا للمشاركة وإبطال الأصوات، وقولنا ده وقت التعديلات الدستورية لما دعينا للمشاركة والتصويت بلا.
– لكن الوضع الحالي للانتخابات دي غير معهود، والقائمة الرسمية هتكون بالتزكية أصلا، وحتى لو كان بعض أعضاء القائمة دي ناس كويسة ده مش بيغير من الإطار العام لكونها تعيينات باختيارات أمنية مش مستنية أصوات، ويمكن الوضع في الدوائر الفردية يكون فيه شوية منافسة رغم الدعم اللي هياخده مرشحين مستقبل وطن سواء من الجهات الحكومية أو من شراء الأصوات وتوزيع الكراتين.
– ووارد بالفردي يكون في مرشحين مستقلين كويسين وشوفنا في الانتخابات اللي فاتت مثال على ده النائب أحمد طنطاوي، واللي المرة دي دايرته اتغيرت والانتخابات أصعب بالنسبة له. في الانتخابات دي بندعو كل المصريين أنهم ينتخبوا أحمد طنطاوي وأي نموذج زيه في الفردي بيعبر عن المصريين ووطموحاتهم في التغيير والعدالة.
– لذلك بندعو كل المصريين للتقييم الشخصي للمشاركة من عدمها حسب المرشحين على الفردي في دايرتك، لو شفت ان المرشح شخص كويس يستحق الدعم انزل وشارك واديله صوتك ولو من باب تكون عملت اللي عليك، ولو ملقتش مرشحين تثق فيهم متنزلش، وهنحاول في صفحة الموقف المصري نقدم قريبا اقتراحات لبعض المرشحين الجيدين والمحترمين.
– كنا نتمنى أننا نشوف انتخابات حرة فيها أكثر من قائمة إنتخابية بتتنافس بنزاهة، وأحزاب كتير كلها ليها حرية الحركة وعقد مؤتمرات ومساحات متساوية للدعاية، ولحد ما بلدنا تتغير فيها طريقة إدارة الأمور كلنا محتاجين نفكر في الطرق المناسبة للمشاركة السياسية السلمية الآمنة ولو من باب مجرد بقاء التنظيمات والأفراد المُسيسين انتظارا لوقت تتغير فيه الظروف للأفضل بأي طريقة، ونتمنى أن الطريقة دي تكون استجابة للإصلاح من داخل النظام يجنب بلدنا كتير من مخاطر انسداد الطرق السياسية السلمية الطبيعية، وأول الخطوات هيا إطلاق سراح السجناء السياسيين السلميين من مختلف التيارات.
وفي سياق الكلام عن البرلمان لازم فورا أول خطوة تحصل هيا إطلاق سراح سجناء قضية الأمل، عشان الناس تحس إن فعلا فيه أي أمل بتغيير إيجابي.