من يومين وقع وزير الخارجية سامح شكري في الرياض بيان العلا، اللي فعليا بينهي المقاطعة من الرباعي السعودية – الإمارات – مصر – البحرين لقطر، وبيمهد لعودة العلاقات الكاملة مع قطر.
بعدها فورا شفنا زيارة من وزير المالية القطري إلى مصر، شارك مع وزير المالية المصري في افتتاح فندق سانت ريجيس باستثمار قطري.
بالتأكيد بنرحب بأي خطوة تخلي الدول العربية أقرب لبعضها، ده شيء إيجابي لصالح شعوب المنطقة، وتهدئة لأجواء مش المفروض تبقى موجودة.
لكن مع متابعة المصالحة وردود الفعل الرسمية والإعلامية، فاحنا لازم نسأل كان إيه من الأساس أسباب المقاطعة؟ وليه مصر قررت التصالح؟ وعلى أي أساس دولة كبيرة زي مصر بتدير علاقاتها وسياساتها الخارجية وبتقيم تحقق أو عدم تحقق أهدافها؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده.
*****
ايه اللي حصل؟
من نهاية نوفمبر اللي فات وفي كلام عن ضغوط أمريكية لرفع الحصار عن قطر، أيضا في كلام عن رفض إماراتي للمصالحة في ظل قبول سعودي وتردد مصري في الموضوع.
التوقيع تم في قمة مجلس التعاون الخليجي اللي حضرها أمير قطر لأول مرة منذ المقاطعة وبحضور جاريد كوشنر مبعوث ترامب للشرق الأوسط واللي لعب دور مهم بحسب مصادر متعددة في المصالحة دي بجانب الدور الكويتي المهم.
السعودية تحديداً هي أكتر الدول اللي سعت للمصالحة، لأسباب تتعلق بخسارة ترامب، وبتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر عن منطقة الخليج بسبب التوترات، ومن ناحية تانية محاولة خفض التعامل القطري مع إيران لأنه بسبب الحصار بقت قطر بتدفع ملايين الدولارات لاستخدام المجال الجوي الإيراني، وأسباب تانية كتيرة مش مجالنا هنا نتكلم عنها.
لكن الموقف المصري الرسمي كان مؤيد للمصالحة، سواء في ترحيب الرئيس بالجهود الكويتية في الموضوع، أو بحضور وزير الخارجية توقيعه على بيان العلا لاحقا.
والبيانات اللي صدرت عن الخارجية المصرية، كانت بيانات مقتضبة ومختصرة جداً، بتوافق على المصالحة وبتأكد التوقيع عليها، لكن بدون أي تفاصيل.
حتى صفحة الخارجية أو مجلس الوزراء المصري منشروش ولا صورة لوزير الخارجية سامح شكري أثناء مغادرته للسعودية أو عودته منها أو مشاركته في القمة، والصورة الوحيدة المنشورة ليه من الإعلام السعودي كانت صورة بعيدة من ظهره، بدون صورة مباشرة !
وتم نشر أخبار بعدها علطول عن وصول وزير “المالية” القطري للقاهرة، وافتتاحه فندق “سانت ريجس” بكورنيش النيل، بمشاركة وزير المالية المصري محمد معيط ووزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين، وتم نشر صور مجمعة للقاء وتصريحات إيجابية من وزير المالية المصري عن الاستثمارات القطرية، لكن برضه تغطية إعلامية كبيرة في القنوات المصرية.
*****
طيب لو ده أداء الخطاب الرسمي، الخطاب الإعلامي كان بيقول إيه؟
عندنا أحمد موسى مثلاً كان قبل المصالحة بيوم، عرض فديو للرئيس السيسي بيؤكد فيه رفض فكرة المصالحة، وقال “الكلام واضح، إنه مصر لن تتصالح. الرئيس قال، هتصالح على إيه؟ وأتصالح مع مين؟وأعمل إيه؟ ناس بتهد في البلد وبتقتل في الناس وعايزة تشرد الميت مليون، اتصالح على إيه؟”
بعد إعلان المصالحة ظهر أحمد موسى بشكل فيه نوع من التحدي، وإنه موقفه الشخصي هيفضل ضد قطر، وفي نفس الوقت بيقول إنه مصر لم تتنازل عن أي مطلب من ال 13 مطلب اللي قالتهم وقت الحصار، وده طبعاً مش حقيقي لأنه مش موجود في الوثيقة اللي وقعتها مصر ب اجتماع “قمة العلا”.
في حين عمرو أديب واللي هو شغال في قناة سعودية رحب بالمصالحة بعد سنوات من ترويج أن قطر داعمة للإرهاب.
وقال “أحب ما عيلنا وأنا قلت الكلام ده من 2014، إحنا مش غاويين صراع والمنطقة مش ناقصة صراعات، عاوزين علاقتنا تبقى علاقات جيدة، تتسم بالاحترام المتبادل ومحدش يتدخل في شؤون حد”، وإن مصر والبحرين والإمارات وضعوا الثقة في المملكة العربية السعودية للقيام بهذا الدور.
*****
في بداية المقاطعة اللي بدأت في يونيو 2017 اتفقت مصر مع الدول الثلاثة الأخرى على 13 مطلب من المفترض أن قطر تلبيهم عشان يتم إنهاء مقاطعتها، وبعد 3 سنين ونص من المقاطعة تم التصالح بدون التطرق لأي من المطالب دي نهائياً.
المطالب دي كان منها نقاط واضحة جدا زي اغلاق قناة الجزيرة وكل المنصات الإعلامية التي تدعمها قطر، وخفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران، ومنها نقاط مش واضحة أوي زي تسليم أو طرد “عناصر إرهابية” في قطر، لكن بدون نشر قائمة أسماء معينة فمنقدرش نعرف هل حصل أم لا، ووقف اللي سموه بالتمويل القطري للإرهاب برضه بدون تحديد جهات أو مؤشرات معينة، وغيرها من المطالب.
السؤال دلوقتي هل قطر وقعت على الالتزام بالمطالب ال 13؟ واضح انه دي اختفت خالص، وواضح ان قناة الجزيرة موجودة وقطر تؤكد دعمها ليها. ليه لا الرئيس ولا الخارجية ولا أي جهة بتقول للشعب المصري أي حاجة عن ليه قاطعنا قطر بالظبط؟ وليه اتصالحنا معاها بالظبط؟
من المؤكد إن قائمة المطالب متحققتش، لكن وارد حصلت تفاهمات معينة غير معلنة على ملفات جزئية، مثلا كتير من قيادات الإخوان سافروا لتركيا وأخدوا جنسياتها ومبقوش في قطر خالص، وتركيا هي كمان في محاولات تفاهم بينها وبين مصر في الملف الليبي من فترة.
ووارد يحصل تغير في بعض السياسات الإعلامية على الطرفين، زي ما الاعلام المصري بدوره وقف خالص طريقة الهجوم غير الأخلاقي على جوانب شخصية بالأسرة الحاكمة القطرية، لكن دي كلها تفضل تخمينات وتحليلات.
أسئلة تانية مهمة، هل مصر بتاخد مواقفها بشكل مستقل، ولا بتنتظر قرارات وتحركات حلفائها الخليجيين “السعودية والإمارات”؟! مصر دولة كبيرة وسياستها الخارجية أكبر من انها تمشي بحسابات سياسية ضيقة.
خلينا نفتكر إنه المصالحة دي على قد مهي أضرت بقطر واقتصادها اللي قدر يصمد نتيجة الفوائض المالية الكبيرة، لكن عندنا تقدريات بوجود 300- 350 ألف مصري بيشتغلوا في قطر، ودفعوا تمن المقاطعة سواء بانهاء عمل بعضهم بشكل غير مباشر، لان الكل عارف ان قطر رغم انها مطردتش المصريين لكن أصبحت اجراءات نقل الشغل والزيارات صعبة جدا وبقى نادر جدا استقدام مصريين جدد للعمل بالقطاع الحكومي أو الخاص، فعدد العمالة المصرية تقلص، ده غير تحملهم تكاليف أكبر للسفر، أو من ناحية تانية تعرض بعضهم لمضايقات أمنية في مصر لمجرد عمله في قطر.
دول مكانش في اعتبار ليهم طول السنين اللي فاتوا؟ طيب هل تعهدت السعودية والإمارات توفر فرص عمل بديلة؟ طيب خسرنا قد إيه من الاستثمارات القطرية النشطة خلال السنين اللي فاتوا؟ والمتوقع يرجعلنا منها قد إيه؟
*****
اللي يهمنا بالمقام الأول هوا تأثير ده علينا احنا المصريين .. إيه مصير كتير من المصريين اللي تم تشويههم واتهامهم بالخيانة والعمالة لقطر؟
ايه مصير ناس اتحطت علي قوائم الإرهاب زي أبو تريكة؟ ايه مصير صحفيين اتسجنوا بسبب شغلهم مع الجزيرة أو مجرد طلعوهم علي القناة فقط؟ ايه مصير واحد زي معتز عبدالوهاب اللي هو منتج سينمائي الداخلية بتقول أنه بيعمل أفلام للجزيرة ولسه محبوس رغم ان مصر رشحت فيلمه لأوسكار الفيلم الأجنبي؟
وإيه مصير حرية الإعلام المصري؟ سواء الجزيرة هتغير سياساتها فعلا أو مش هتغيرها، المهم هوا مدى ثقة المصريين في إعلامهم . لو الثقة دي مفقودة هيدورو على المعلومة بأماكن تانية سواء السوشيال ميديا أو قنوات أخرى غير مصرية، لازم السلطة تتوقف عن محاولات احتكار المعلومة وحصار العمل الصحفي.
والسؤال الأهم هل مصر معندهاش رغبة تتصالح مع أبنائها دول اللي مرتكبوش جرايم عنف؟ نقدر نعدد قائمة طويلة من السجناء الصحفيين والمحامين والسياسيين السلميين من مختلف الاتجاهات اللي كلهم كانو بيشتغلوا جوا بلدهم، مش هما الأولى تحصل مصالحة معاهم؟
– كلها أسئلة محتاجة إجابات من مسؤولين رسميين ومطلوب من الدولة تتعامل كمسؤولة قدام الشعب سواء المؤيد للسلطة أو المعارض ليه، مش تدير اللجان الإلكترونية بجهاز السامسونج عشان يرددوا عبارة “نثق في حكمة القيادة السياسية”.
*****