– من أيام صوت الكونجرس الأمريكي بالأغلبية على قرار توجيه اتهامات رسمية للرئيس ترامب وتقديمه للمحاكمة ضمن الإجراءات القانونية لعزله، بعد أسابيع من النقاش حول القرار داخل مجلس وخارجه.
– ايه معنى القرار ده، وهل ترامب هيضطر يسيب السلطة فعلا؟ والإجراءات دي تعلمنا إيه؟
ايه اللي حصل؟
– مجبس النواب الأمريكي أنهى تحقيقاته بتوجيه اتهامين رسميا للرئيس ترامب، الأولى هي إساءة استخدام السلطة، ومحاولة الضغط على أوكرانيا لتشويه سمعة جو بايدن نائب الرئيس السابق باراك أوباما والمنافس الديمقراطي المحتمل لترامب في الانتخابات الرئاسية الجاية.
– حسب الاتهام ترامب علق مساعدات عسكرية بقيمة 400 مليون دولار لأوكرانيا، وطلب من الرئيس الأوكراني فتح تحقيقات فساد مع إبن بايدون (الديمقراطيين بيقولو إن مافيش أدلة على تورطه)، بهدف التأثير على وضع بايدون في الانتخابات الجاية، ووعد الرئيس الأوكراني بالإفراج على المساعدات، واستضافته في البيت الأبيض لو نفذ الطلب ده.
– التهمة التانية هي عرقلة عمل الكونغرس، لما منع مساعديه انهم يقولوا شهاداتهم أمام اللجنة القضائية بمجلس النواب، لما كانت بتحقق في التهمة الأولي.
– توجيه تهمة استغلال السلطة اللي حصل في مجلس النواب، بموافقة أغلبية 230 عضو، مقابل 197 عضو رفض القرار.
– أما تهمة عرقلة عمل الكونجرس فوافق عليها 229 نائب، واعترض عليها 198 نائب. كان لازم أي قرار من الاتنين دول يوافق عليه أكتر من نص النواب، وده اللي قدر يعمله الديموقراطيين، اللي معاهم أغلبية المقاعد (235 مقعد).
ايه اللي هيترتب على القرار ده؟
– قرار مجلس النواب هوا خطوة أولى لكن مش معناه عزل ترامب، لأن الإجراءات هي انه تتم الإحالة لمجلس الشيوخ عشان يحاكم الرئيس على الاتهامات اللي اتوجهتله، وبعدها يصوت على قرار العزل بالموافقة أو الرفض لكن بشرط أغلبية الثلثين.
-الديموقراطيين مش معاهم أغلبية في مجلس الشيوخ، وعدد الجمهوريين (حزب ترامب) في المجلس 53 عضو، ينما الديموقراطيين معاهم 45 مقعد، بالإضافة لعضوين مستقلين عادة بيصوتوا مع الديموقراطيين، يعني عشان إجراءات العزل تنجح لازم 20 عضو جمهوري يتخلو عن ترامب، وده صعب جدا، خصوصا في ظل وجود حسابات انتخابية عند السينتاورز الجمهوريين خوفا من غضب مؤيدي ترامب عليهم في انتخابات التجديد.
– في ظل الوضع ده، الجمهوريين عايزين يسرعوا إجراءات مجلس الشيوخ عشان يصوتوا ضد العزل ويقفلوا الموضوع، والديموقراطيين في المقابل عايزين يستخدموا حقهم في المسائلة بشكل تفصيلي.
– عشان كدا رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي قالت إنها مش هتبعت المواد الخاصة بمساءلة ترامب لمجلس الشيوخ “حتى تنظر في تفاصيل عملية المحاكمة”، وتتأكد من نزاهة تشكيل هيئة المحكمة اللي هتتشكل في مجلس الشيوخ. كمان اشترطت إن زعيم الديموقراطيين وزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ يجتمعوا ويحددوا إجراءات المحاكمة.
– كمان الديموقراطيين متمسكين باستدعاء 4 مسؤولين للشهادة أمام مجلس الشيوخ، من ضمنهم كبير موظفي البيت الأبيض بالإنابة ميك مولفاني ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، واللي ترامب رفض استجوابهم سابقا، واتهم بعرقلة العدالة بسبب الموقف ده.
هل لو اتعزل ترامب استقرار البلد هيتهز؟
– بالطبع لا، أمريكا بلد مؤسسات مش أفراد، وعندها قواعد دستورية تساعد على تطبيق العدالة، وفي نفس الوقت تحافظ على استقرار النظام الديمقراطي.
– الدستور الأمريكي بيقول إنه في حالة حصول شيء يمنع الرئيس من أداء مهامه، يتولى نائبه الرئاسة بشكل مؤقت، ويكمل الفترة الرئاسة لحد ما يجي معاد الانتخابات التالية، والنائب ده بيتم إعلانه وانتخابه مع الرئيس من الأول.
– ترامب هو تالت رئيس يواجه اتهامات ممكن تؤدي للعزل، وسبقه جونسون سنة 1868، وبيل كلينتون سنة 1998، لكن مجلس الشيوخ مقررش إدانة أي منهم، ولم يسبق إن أي رئيس أمريكي اتعزل من خلال الإجراءات دي.
– أما ريتشارد نيكسون اللي حصلت في عهده فضيحة ووترجيت، فاستقال قبل ما تتم مسائلته، لأن إدانته كانت واضحة تماماً، ونواب حزبه أبلغوه أنهم هيصوتوا ضده، وده مسببش أي مشكلة في (استقرار) البلد!
ليه الديمقراطيين ماشين في الإجراءات رغم علمهم إن الجمهوريين هيرفضوا عزل ترامب في مجلس الشيوخ؟
– الديمقراطيين شايفين إنه حتى لو ما ترامب متعزلش، فهما لازم يلتزموا بدورهم في منع الرئيس من تجاوز صلاحياته واستخدام الأدوات الدستورية اللي في اديهم بما فيها محاسبة الرئيس واتهامه وإمكانية عزله.
– جانب تاني مهم هوا استخدام عملية المحاكمة في الدعاية الانتخابية لانتخابات الرئاسة الأمريكية في 2020، واللي جزء منها هو محاولة اضعاف شعبية ترامب عند جمهوره بنشر صورة انه شخص بيتجاوز صلاحياته، وبيتعاون مع دول خارجية ضد الديمقراطية الأمريكية سواء روسيا قبل كده أو أوكرانيا.
– في المقابل، ترامب قال “ما يحدث ضدي ليس إجراءات عزل بل (إنقلاب)!”، وقال إنه هينزل الانتخابات القادمة عشان يفوز بفترة رئاسية تانية ويواجه “مؤامرة” الديمقراطيين، ولحد دلوقتي قدر يجمع تبرعات كبيرة جداً لحملته الانتخابية تحت شعار لا تتركني وحيداً أمام محاولة عزلي، وبيحاول يحشد تأييد النواب والقاعدة الشعبية المؤيدة لحزبه بالشكل ده.
– وأياً كانت نهاية قضية العزل، والدوافع الحقيقية لكل الأطراف، لكن كل المشهد ده بيورينا قد إيه أهمية وجود صلاحيات دستورية متوازنة تخلي الرئيس قدامه مؤسسات تانية توقفه عند حده لو خرج عن حدود عمله أو انتهك الدستور أو الديمقراطية.
– بالتأكيد الديمقراطية الأمريكية مش مثالية، وفيها أوجه نقد حقيقية، لكن الواقع إن ترامب ميقدرش يصدر قرار بحل الكونجرس، أو يعلن الدعوة لانتخابات برلمانية جديدة، وميقدرش يعتقل منافسيه في الانتخابات أو قادة الحزب المعارض ليه، ومقدرش يمنع تحقيقات القضاء ضده في قضية التخابر مع روسيا واللي فيها تم سجن بعض أقرب معاونيه ورجاله ومقدرش يحميهم وكان آخره يتضامن معاهم على تويتر، وميقدرش يمنع الإعلام ينتقده ويسخر منه كمان، وشفنا صحفي بيرد عليه وجها لوجه ويروح بيته بعدها عادي.
– الدول اللي الرئيس فيها بينتهك الدستور بشكل مستمر، ومسموحله إنه بقرار فردي يسلم قطعة أرض من البلد لدولة تانية، وبيعتقل المعارضين ليه، وبيمنع حرية الإعلام، عمرها ماهتبقى دول مستقرة ومتقدمة لأنه طول الوقت اللي بييجي على راس السلطة مفيش شيء يمنعه عن تجاوز صلاحياته، مفيش برلمان منتخب بنزاهة يراقبه أو يحاسبه، ولا إعلام يحقق ويكشف حقيقة اللي بيحصل، ولا مؤسسات قضائية مستقلة تقدر توقف أي إجراء غير سليم. الدول بتتبني بسيادة القانون وبالحرية وبالمساواة وبالعدالة وبالفصل بين السلطات.