– خلال الأيام اللي فاتت شفنا حملات عكس بعض على السوشيال ميديا، حملة تدعم بسنت، البنت اللي اتعرضت للاعتداء جنسي جماعي في ميت غمر، وحملة تانية عجيبة بتدعم المعتدين على هاشتاج يطالب بان مستقبلهم ميضيعش!
– النائب العام كان أعلن القبض على 7 متهمين، وفي التفاصيل انهم طاردوها وحاصروها باستخدام عربية وموتوسيكل، وإنهم اعتدوا عليها “بملامستهم جسدها ومواطن عفتها”، وده بيحول الموضوع لاعتداء جنسي مش تحرش بس.
– للأسف التبرير أو التشجيع اللي قدمه كتير من الناس بيقول أنه مجتمعنا في ازمة كبيرة في الرؤية للأخلاق ولدولة القانون، لأن البنت تلقت تهديدات مجرمة قانونيا من أسر المتهمين ومحاميهم انه هيترمي على وشها مية نار، وهتتعرض للملاحقة في بيتها، ده غير كل الخوض في شرفها وشرف أسرتها.
– النهاردة هنناقش القصة، وليه دعم البنت في القضية دي وغيرها هوا الواجب الأخلاقي والقانوني والمنطقي على الدولة والمجتمع؟
*****
– يوم 10 ديسمبر الحالي حصلت حادثة تحرش جماعي ارتكبها بشكل رئيسي 7 شباب بدأوا مطاردة بسنت في شارع بورسعيد في ميت غمر، وبعدين حصل تجمع أكبر حوالين المنطقة اللي منتظرينها فيها البعض بيقدره بانه وصل 300 شاب.
-بسنت هي طالبة في كلية زراعة جامعة عين شمس وبتسكن مع أهلها في ميت غمر، وفي اليوم ده كانت في طريقها للبيت.
– فيديوهات كاميرات المراقبة اللي موجودة في المحلات في الشارع بتظهر مشهد وحشي للشباب متجمعين حوالين البنت، وبحسب كلامها هربت الأول استخبت في محل لفترة وبعدين خرجت لما افتكرت انهم مشيو لقتهم لسه مستنيين وبعدين هربت لمعرض عربيات قدر يحميها وشباب ركبتها عربية، ومع ذلك استمر عدد من الشباب في مطاردة العربية.
– الحادثة اللي حصلت شبيهة باللي حصلت مع البنات في المنصورة في رأس السنة اللي فاتت، وزي حوادث تحرش جماعي بتحصل كثير للأسف في مصر في أكثر من مكان.
– يوم 13 ديسمبر وبعد عمل الفتاة بلاغ للشرطة قامت الشرطة بتفريغ كاميرات المراقبة في المنطقة، وحددت هوية مجموعة منهم وقبضت على 7 من الشباب المشاركين في التحرش الجماعي.
– يوم 14 ديسمبر النيابة تقرر حبس المتهمين 15 يوم على ذمة التحقيقات، وفي نفس اليوم بدأ أصدقاء وأقارب للشباب المتحرش المحبوسين يهددوا الفتاة، واللي نشرت سكرين شوت من التهديدات المرعبة دي، منها اللي هددها برش مياة نار على وشها ومنها اللي هددها بالقتل بالإضافة للشتيمة المعتادة والتشهير بيها.
– من هنا بدأ حملة تدوين واسعة من متضامنين مع المتهمين بالتحرش على شبكات التواصل الاجتماعي تهدد الفتاة بالقتل والحرق والتعرض لسلامتها الشخصية، وذلك في مقابل حملة تدوين تدعم حق الفتاة في محاسبة المتهمين.
– تطور مهم في القضية حصل يوم 15 ديسمبر وهو انه محامي المتهمين “هاني عبادة” تقمص دور مرتضى منصور، وطلع لايف على الفيسبوك، وهدد الفتاة وطلب منها التنازل على القضية، وقال انه سبب التحرش هو الملابس المثيرة اللي كانت بترتديها.
– بعدها طلع هدد تاني وقال أنه الفتاة لن تتعرض لإنتقام الأهل لو تنازلت على البلاغ !
– في مقطع ثالث هدد بنشر صورها التي حصل عليها من حساب إنستجرام مغلق، وأنه يمتلك فيديوهات خاصة للفتاة.
– طبعا الأسلوب ده من محامي يستدعي تدخل النيابة العامة، لانها تهمة مكتملة الأركان فيها تهديدات واضحة وصريحة وسب وقذف وغيره من تهم لازم المحامي يحاسب عليها، ولازم كمان نقابة المحاميين كانت تقف وتتصدى للأسلوب ده اللي فيه تشهير وتحريض مباشر، لكن نقابة المحاميين ميشغلهاش النوع ده من القضايا طبعاً.
*****
ليه الحادثة دي تريند ؟
– بسنت بشجاعة أخدت تاخد الخطوات القانونية والعلنية، وكمان أسرتها بتدعمها بشكل كامل.
– للأسف بعد نشر البنت للتهديدات اللي وصلت لها ناس كثير للأسف كتبت للتعاطف مع الشباب اللي اتقبض عليها، واتعمل جروب على الفيسبوك الناس بتتكلم فيه أنه الشباب حيضيع مستقبلهم وكل الكلام ده.
– وللأسف الكلام ده مش أول مرة يتقال من قطاعات كبيرة في المجتمع، بالعكس ده مبرر بيتقال دايماً في أي حادثة تحرش، لبس البنت هي السبب، وأكيد سلوكها وأخلاقها سيئة، وأكيد هيس استفزتهم بلبسها، وليه الولاد يتحبسوا ويتبهدلوا عشان واحدة لابسة لبس برة معاييرهم الأخلاقية ؟! إلى أخره من سلسلة التبريرات المتخلفة والمنحطة اللي بتتقال مع كل حادثة تحرش.
– عشان كده مش غريب إنه في حادثة ميت غمر اللي فيها تحرش من مئات الشباب بفتاة، يتقال نفس المبررات ويتمارس فيها نفس الأداء، لبسها وأخلاقها والشباب ضحية الاستفزاز.
– وطبعاً بنلاقي تبجح غير طبيعي من أهالي المتهمين بالتحرش، بإنه مستقبل ولادهم هيضيع. طيب والبنت اللي تعيش في حالة إرهاب وخوف من المشي في الشارع وإنها في أي لحظة معرضة لاعتداء أو تحرش جماعي أو اتعرضت بالفعل، هتفكر في مستقبلها وتعيش بشكل طبيعي إزاي ؟؟ وليه الأهالي دي مش بتعترف إن ولادها عندهم مشكلة حقيقية نتيجة سوء تربية وقلة متابعة وسوء سلوك محتاج تقويم وإعادة تأهيل لأنهم خطر على المجتمع ؟!
– مهو لما كل متحرش أو معتدي جنسيا يتعاقب عقوبة مناسبة، ويحصله إعادة تأهيل سلوك نفسي، ساعتها هنبقى بنعالج مشكلة حقيقية في المجتمع، وبننقذ مستقبلهم فعلاً من تحولهم لمجرمين ومغتصبين وخطر أكبر على المجتمع!
*****
– التحرش مشكلة كبيرة جدا في مصر، سنة 2017 ومن بين 18 مدينة كبرى في العالم، احتلت القاهرة المركز اﻷول كأكثر المدن خطرًا على النساء. وده وفق إحصائية عملتها مؤسسة تومسون رويترز.
– ووفق دراسة سابقة للأمم المتحدة: 99% من نساء مصر اتعرضوا للتحرش، و91% من نساء مصر مش بيحسوا بالأمان في الشوارع المصرية.
– كل المصريين تقريبا شاهدين وعارفين اللي بيحصل في الشوارع من هجمات المتحرشين، وبيشوفو البنات في الرسايل اللي بتجيلهم بمواقع التواصل. كل أنواع التحرش الجسدي واللفظي والإلكتروني مش هيردع أصحابه غير نشر ثقافة إن هذا السلوك مش هيكون مقبول يعدي بعد كده، مهما كان مين.
– وطبعا عشان الموضوع مش تفضل من الرجال، لكن من حق كل امرأة (والدتك – أختك – مراتك.. أو غيرهم) في بلدنا تبقى حاسة بالأمان، خصوصا ان المرأة بتمارس أدوار هامة جدا داخل وخارج بيتها، و30% من الأسر المصرية تنفق عليها المرأة المعيلة، بالتأكيد متستحقش ضغوط زايدة ومستمرة.
وده دور الدولة وأيضا دور مؤسسات مجتمع مدني شغالة بكفاءة على الملف من سنين وكل الشكر والتقدير ليهم، وكمان دورنا كل واحد فينا.
– زي ما قلنا قبل كده، مفيش بنت أو ست في مصر مهما كانت طبقتها الاجتماعية ( ساكنة في كومباوند – أو في قرية )، أو ملابسها ( محجبة – منقبة – بتلبس أي لبس ) إلا وليها تجربة كضحية أحد أنواع التحرش سواء في الشارع أو مكان الدراسة أو مكان العمل ! وده الحقيقة مؤشر مؤسف نقيس بيه تحضر المجتمع واحترامه للسيدات.
– مراتك أو بنتك أو أختك أو أمك، كلهم كسيدات معرضين تماماً للوقائع المؤسفة دي، وللأسف بدل ميلاقوا الدعم من أسرهم، كتير جداً منهم بيخافوا يقولولهم عشان اللوم ميقعش عليهم هما.
– لازم ندعم بناتنا واخواتنا ونقف في ظهرهم عشان يخدوا حقوقهم من المتحرشين والمغتصبين وأي حد بينتهك جسدهم.
– وبالمناسبة كتير وأغلب السيدات والبنات بتخاف من إنها تبلغ بشكل رسمي ضد الاعتداء اللي بتتعرضله، عشان بتتواجه بكمية عوائق غير عادية من أول اللي بيتهمها بحب الشهرة أو اللي بيبرر الاعتداء أو الظباط وأفراد الداخلية اللي بيكملو ببعض التحرش اللفظي وعدم التعاون، أو أهالي البنات اللي بيضغطو عليهم لسحب القضايا والبلاغات لأنها فضيحة، أو تسريب معلوماتهم وحياتهم الشخصية للناس كلها لأن مفيش قانون ومؤسسات بتحمي بياناتهم، أو لأنهم بيتعرضو لتهديدات من أهالي المتحرشين والمغتصبين اللي بيعتبروا انه الطبيعي الراجل يتحرش ويغتصب والست مطالبة بس بالسكوت والتحمل وكإن مفيش حاجة حصلت، أو من العدالة بشكل عام اللي في الاخر ممكن متنصفهاش أو تعاقبها وتذلها زي ما حصل مثلاً مع بنات الفيرمونت اللي قدمو بلاغات ضد اغتصابهم فتم حبسهم !
– كل الشكر للنيابة العامة والشرطة على التحرك السريع نسبيا في الحادثة دي، ونتمنى إنه يتم طول الوقت إجراءات حقيقية ورادعة للأنواع دي من المجرمين سواء المتحرشين أو أهاليهم أو اللي بيحرضوا ضد السيدات والفتيات وبيخوفوهم من ممارسة حياتهم بحرية.
– ونتمنى كمان إنه تحصل تعديلات وإجراءات قانونية وسياسية عشان تتفعل حماية الستات في البلد دي بشكل حقيقي وملموس.
*****